منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى الإدارة التربوية (https://www.profvb.com/vb/f27.html)
-   -   ملف «الإدارة التربوية» بين الفئوية والوحدوية (https://www.profvb.com/vb/t122512.html)

abo fatima 2013-06-19 08:35

ملف «الإدارة التربوية» بين الفئوية والوحدوية
 
ملف «الإدارة التربوية» بين الفئوية والوحدوية









لا شك أنّ للإدارة التربوية دورا محوريا في المنظومة التعليمية باعتبارها الجهازَ الضابط للوسط المدرسيّ على جميع الأصعدة، لذلك فإنّ مسؤولياتها ما فتئت تتنوع و
تتعاظم بفعل المهامّ المُتعدّدة، التــي يتداخل فيها الإداري بالتربوي والأمنــي بالبشري.. بــل إن امتداداتها العمودية وتبعيتها لكل مــــن النيابة والأكاديميــة والوزارة الوصية جعلها مصبّاً لسيول مسترسلة مــن المذكرات والقرارات، ما زاد فـــي إرباك وتعقيــد مهامّها وصعوبة القيام بواجباتها، ودفع أغلب مكوناتها، بعـــد نفاد صبرها، إلى الدخول اتباعا فــي احتجاجات فئوية بهدف إلى إسماع صوتها والدفاع عن ملفاتها المطلبية في مواجهة الجحود والتنكر لتضحياتها.
إنّ المُتمعّن في النقاشات والكتابــات وأدبيات وزارة التربية الوطنية لـَيُلاحظ المعنى المتداوَل الــذي يُقصــَد -عن جهل أو تجاهل- بالإدارة التربوية فئة المدراء -مع استثناء مدير الابتدائي الذي يجسد لوحده بغير وجه حق، الإدارة التربوية- ما يحمل في طياته لبسا وغموضا وخطأ واضحا، بل إقصاءً لباقي الفئات والمكونات المشاركة في تسيير دواليب الإدارة التربوية وتدبير الحياة المدرسية، بمساهمتها في تسخير ووضع خبراتها وإمكانات المؤسسة في خدمة المتمدرسين ورهن إشارة الطاقم التربوي لمباشرة عمله، وتفاعلها مع المحيط الاجتماعيّ، من خلال إرساء بنيات الاستقبال والتواصل مع آباء وأولياء أمــــور التلاميذ وجمعيات المجتمع المدني، ومع باقي المرتفقين المُتردّدين على المؤسسة.
وإذا كانت الإدارة التربوية، بمفهومها الشامل هذا، تتقاسم مشقة وعنـــاء تدبير وإدارة الوسط المدرسي، فإنّ النضالات التجزيئية التـــي خاضتها بعـــض فئاتها، والتي خرجت منها بخفي حنين، ما عدا بعض الوعـــود المعسولة المُرصّعة بالاقتطاعات من الأجور، قد أبانت عن ضعف وعجز كبيرَين وعدم القدرة على رصّ الصفوف وتبني مقاربة شمولية ووحدوية قادرة على المساهمة بقيمة مضافة لإصلاح الإدارة التربوية، باعتبارها أحدَ أهمّ أوراش «رتق» منظومتنا التعليمية، من جهة، وكفيلة، من جهة أخرى، بفرض مطالبها المشروعة ضمن ملفّ منسجم ومُتـّزن ومتكامل يحتضن كل الفئات، على اعتبار الإدارة التربوية بنية إذا اختلّ عنصر منها اختلت بكاملها.
لا يختلف اثنان على أنّ المدرسة المغربية لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا بوجود إدارة تربوية محنكة تتفاعل عناصرها بكامل الدّقة والانسجام، وتمتلك ما يكفي من الخبرة والكفاءة، لذا فالحاجة ماسّة إلى إصلاحات عميقة، إنْ على مستوى الأوضاع المادية والاجتماعية لنسائها ورجالها، أو على المستوى المهنيّ والمراس اليومي، حتى تتمكن مـــن مواجهة التحدّيات واحتواء تناقضات الوسط المدرســـي ومحيطـــه الاجتماعي وتحسين جودة الخدمات وأداء الأدوار المنوطة بها على الوجه المطلوب. غيــر أنه لا يمكن تصـــور أي إصلاح للإدارة التربوية في ظلّ إقصاء بعض فئاتها، لذا فلا مناص من تعاطي القيّمين على شؤوننا مع هذا الملف، في شموليته ووحدويته، إذا كانت الرغبة في الإصلاح صادقة، ولا خيار أمام نساء ورجال الإدارة التربوية إلا بإعادة بناء وترتيب البيت الداخلي ليتسع لكل مكوناته، مع التأسيس لعمل منظم وعقلاني وجادّ يدفع في اتجاه ترسيخ ثقافة الحق والواجب، ورد الاعتبار إلى الطاقم الإداري في أفق تمكينه من المساهمة بفعالية في إعادة بناء مدرسة وطنية قوامها الجودة وتكافؤ الفرص، بدَل التشتت وتقزيم الذات والتشرذم، الذي لا يمكن أن تجنيّ منه الإدارة التربوية إلا السّراب والعقاب.
وتحضرني في هذا الصّدد حكاية الثيران الثلاثة حين تخلى اثنان منها عن «زميلهما» الثور الأبيض للأسد الجائع كوجبة تكفيه لذلك اليوم، وظنا أنهما قد أفلتا بجلديهما.. وفي اليوم التالي عاد الأسد ليفترس الثور الأصفر بتواطؤ مع الثور الأسود.. ولمّا جاء دور هذا الأخير في اليوم الثالث، وأحسّ بدنو ساعته، قال قولته المأثورة: «أكِلتُ يوم أكِل الثور الأبيض»..
إنّ انسلاخ بعض الفئات عن الإدارة التربوية الأم، بغضّ النظر عـــن دفوعاتها و مُبرّراتها، مسألة غيــر أخلاقية -خاصــة بالنسبة للسباقين إلى تأسيس « فرقــة الخوارج «- ومغامرة غير محسوبة العواقــب، إذ من غير المعقول أن يتم تصحيح مسارها بإصلاح فئوي أو جزئي، لأن الإدارة التربوية -كما أسلفنا- هي كلّ لا يتجزأ، وفي حاجة إلى مقاربة شمولية، عــــدا إذا كان القصد مـــن إصلاحها يُختزل فـــي السلالم والأجور والتعويضات.. زد على ذلك أن التفييء ينمّ عن سذاجة كبيرة من الناحية الإستراتيجية، بل حتى البراغماتية النفعية نفسها، ولن يفيد في إصلاح منظومتنا التعليمية عامة، والإدارة التربوية علــى وجه الخصوص، بقدْر ما سيُكرّس الصــراع والشقاق بين فئات هذه الأخيرة ويجعل بأسَها بينها، وصدَق من قال: «مـــن يـــزرع الرّيح يحصد العاصفة»..
لقد آن الأوان لنساء ورجال الإدارة التربوية لرصّ صفوفهم وجمع كلمتهم وتنظيم أنفسهم في إطار وحدوي قادر على فرض ملف متكامل ومُستوفٍ لكل الشّروط، كما آن الأوان لتعاطي أهل الحلّ والعقد مــع هذا الملف بعيدا عن التجزيء، وباعتماد مقاربة شمولية كفيلة بضمان إصـــلاح حقيقيّ للإدارة التربوية ورد الاعتبار للعاملين بها، في أفق تدبير أفضل للوسط المدرسي وتحسين جودة أداء المدرسة المغربية.


محمد أوعلي
رجل تعليم



  • المساء التربوي


الساعة الآن 09:16

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd