مندوبية التخطيط تسجّل تزايد الفقر في صفوف الطبقة المتوسطة

هسبريس - محمد الراجي
الثلاثاء 11 يونيو 2013 - 16:00
قال المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي علمي، إنّ المغرب، على غرار عدد من البلدان الصاعدة والسائرة في طريق النموّ، عرف تقدما على مستوى النمو الاقتصادي والتنمية البشرية، وهو ما أفضى إلى إحداث تحوّل عميق في السياق الاجتماعي للبحث وإنتاج المعلومة الاحصائية حول موضوع الفقر والهشاشة.

واستدلّ الحليمي، أثناء مداخلته في اللقاء الذي نظمته جامعة أوكسفورد الأمريكية حول الفقر والتنمية البشرية، ببعض المؤشرات التي قال إنها مصدرُ تطوّر هذا السياق، مثل تحقيق المغرب لنموّ اقتصادي سنوي يناهز 5%، وتخصيص ما يفوق 50 % من الميزانية العامة للقطاعات الاجتماعية، واعتماد مقاربة تشاركية ومتعددة الأبعاد في تصوّر وتنفيذ برامج كبيرة تهدف إلى استئصال العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفقر بالعالم القروي والهشاشة بالوسط الحضري، معتبرا مبادرة التنمية البشرية "ورشا ملكيا كبيرا، يُعتبر المشروعَ الأكثر تجسيدا لهذه البرامج الكبيرة".

في السياق ذاته قال الحليمي، إنّ أهداف الألفية للتنمية قد تحققت بفضل هذه الظروف بالمغرب، أو توجد في طريقها نحو التحقق، مستدلاّ على ذلك بالدراسات التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط بتعاون مع البنك الدولي، "إذ يواصل مؤشر الفقر النقدي، حسب العتبة الوطنية انخفاضه ليصل في وقت قريب إلى مستوى سيفقد أهمّيته من حيث التحليل الاحصائي".

في المقابل، سجّلت الدراسات التي أنجزتها المندوبية تزايدا في الفقر الذاتي الذي يطال، إضافة إلى الفقراء والأشخاص في وضعية الهشاشة، شريحة من الفئات الاجتماعية ذات دخْل متوسّط. وتشير الدراسات إلى أنه، وعلى الرغم من أنّ مستوى الفوارق الاجتماعية لم يعرف بشكل عامّ تدهورا، كما هو الحال في العديد من البلدان الصاعدة، إلا أنّ الشعور بحالة الفقر آخذ في التوسّع بالمدن الأكثر دينامية من الناحية الاقتصادية، حيث لا تقوى العلاقات الاجتماعية التقليدية على إخفاء هذه الفوارق الاجتماعية.

الدراسات التي أعدّتها المندوبية السامية للتخطيط سجّلت أيضا أنّ هذا التطور يرافقه عموما بروز حاجيات مادية وثقافية جديدة في المجتمع المغربي، ويمنح، ضمن أشكال التعبير عن هذه الاحتياجات، وزنا متعاظما لفاعلين جدد من المجتمع المدني، ولا سيما الشباب والنساء، إذ "أنّ أبعادَ الولوج إلى خدمات الماء والكهرباء والتعليم الابتدائي، مثلا، والتي أصبحت اليوم شبه معممة، تفقد كليا أو جزئيا حضورها من بين العوامل المرجعية في قياس الفقر، وذلك لفائدة عوامل جديدة، مثل التكافؤ بين الجنسين وحقوق المرأة وإشراك المجتمع المدني في تدبير الشأن العامّ".

واعتبرت الدراسات أن حق الفتيات في احترام السن القانوني للزواج، على سبيل المثال، أو التكافؤ بين الجنسين وإشراك الشباب والمجتمع المدني في تدبير الشأن العام، اللذين كرسهما الدستور، أصبحا من المتطلبات الجديدة التي يشكل عدم الاستجابة لها مصدر لجيل جديد من الإحباط، وهذا ينطبق أيضا على عدد من عوامل عدم تكافؤ الفرص من قبيل مستوى ولوج الأطفال للتعليم الأولي، على سبيل المثال، الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بمستوى الهدر المدرسي في أسلاك أخرى من التعليم وبمستوى هشاشة الشغل الذي يتطلع إليه هؤلاء الأطفال.

وأضاف الحليمي في تدخّله أنه على ضوء هذه المعطيات بدأت المندوبية السامية للتخطيط، منذ عام 2008، إغناء للمقاربة النقدية للدخل، العمل بمقاربة متعددة الأبعاد في تحاليلها لظواهر الفقر والهشاشة والفوارق الاجتماعية، واستغلال البحوث الإحصائية من أجل تحديد الأبعاد التي هي في أصل هذه الظواهر وإعادة إنتاجها الاجتماعي، وذلك عن طريق استخدام مناهج مباشرة، تطبق على معطيات إحصاء السكان وعلى المعطيات المحصل عليها من خلال البحوث، مما يمكن من مدّ صانعي السياسات بأداة مفيدة لمسلسل الاستهداف المجالي للسياسات الرامية إلى محاربة هذا النوع من الفقر.