تحياتي استاذي الكريم
لم يتم الاستنجاد بمفهوم القيم في المدرسة المغربية عبر مسلك الميثاق الوطني للتربية والتكوين ،وتصريف الاجراة الميدانية لتوجهات القيم بدعامات الكتاب الابيض الا صفقة ترتضي اضافة نوعية للعمل التربوي .
من تم طفت على الساحة التربوية مقاربة تستدمج التدريس وفق بيداغوجيا الكفيات باستحضار لقيم المجتمع كعملية يراد منها خلق طفرة وظيفية بالمجتمع.
ولكي نكشف اللثام عن مصطلح القيم فلابد ان نعرج اولا على وضع تعريف مختصر لها، دون الدخول في خلاف القول حول القصد من دلالة القيم بحمولاتها.
ففي الشق اللغوي فكلمة قيمة جمعها قيم ،فهي بدون حامل نقصد بها الثمن ،ومن حيث الاصطلاح فيتحدد مفهومها من خلال ارتباطها دائما بمحمول اضافي ينقلها من "الثمن "الى المثل /الاخلاق/السلوكات ...
فاول مبدا للقيم بالمغرب يستمد من الدين، ومن دستور المملكة المغربية حين ينص ان المغرب دولة اسلامية ،من تم فعند الحديث عن القيم نستوثق من كلامنا هذا انها قيم العقيدة الاسلامية ،بيد ان امر القيم لا يتوقف عند العقيدة بل يوسع الدائرة اتساعا وعمقا من حيث قيم المواطنة وهي النسخة الكاشفة عن الثقافة الاجتماعية والاخلاقية الدينية /والسلوكات المدنية كقيمة كونية/عالمية ترتضي الحقوق الفاضلة في ظل العمل بالواجب....
لا اختلف معك استاذي ان التوجهات الكبرى للمدرسة المغربية قد اغفلت مفهوم القيم من التصريح به كعنصر ركيز،لكن الغاية من ذلك بريئة بحيث ان استضمار مفهوم القيم مرده الى تجدر القيم كسلوك ملازم للمواطنين "التقليديين"،
وبتصفحنا لسلسة" اقرا "للراحل احمد بوكماخ نقف عند امر القيم ومدى حضورها القوي في نصوصه القرائية ومن نماذج ذلك نص – الله يرانا/الثرثار ومحب الاختصار/ المدينة النحاسية ....
فاذا ما حللنا نص "الله يرانا" وهو الذي يحكي ان الاب اراد السرقة وامر الابن باخباره عند رؤية صاحب الحقل ،لكن الابن اعلم الاب دون وجود اي شخص فلما ساله الاب عن الدواعي ،اجابه الابن ان الله هو الذي يرانا ...
اليست هذه قيم اخلاقية ؟اليست هذه العملية تدفع بالمتعلم بالتفكير في المساءلة الدنيوية /الاخروية؟اليس هذا النص "وضعية –مشكلة تستوجب الاجابة عن التعليمة ؟وهي وجوبية امتلاك الاخلاق الحميدة لباء الوطن،وقيم القناعة والكسب الحلال.....
ففي الدعوة الى المغربة هي قيم تروم نحو ترسيخ الهوية المغربية كبنية تستوجب التفاعل مع التنوع العرقي/ الاثني بتذويب المفارقات اللغوية وقبول الاختلاف والتسامح ....
فاذا كان ملمح مواصفات المتعلم المستضمرة بعد مغرب الاستقلال يتحدد بحده الادنى في امتلاك المتعلم لقدرة القراءة ومهارات حسابية ، دون اغفال للقيم الدينية الحاضرة وبقوة المرحلة التاريخية كمحرك ديناميكي للقضايا الوطنية والانسانية ،فاننا بعد الميثاق الوطني للتربية والتكوين /الكتاب الابيض/ القرارات/ التنظيمات الاطار ...قد اسرفنا في التمطيط المعياري لمواصفات القيم الواجبة التحقق "القيم الدينية/التضامن/القيم البيئية/القيم الصحية /النزاهة /الايادي البيضاء....فأشكل الامر على"الاساتذة" و"التلاميذ" وضاعت المعرفة بين المصطلح وكيفية تمريره وتصريفه بامرسلس...
ان التحولات العالمية كقيمة رقمية سريعة القت بمواصفاتنا -"كما تم التنصيص عليها " -على الهوامش ،فلم نستطع قفزة في العشرية الميثاق ولا وثبة في ثلاثية البرنامج الاستعجالي ،بل اختلطت الاوراق علينا واصبحنا نحن الى الماضي ونبخس ذواتنا في الحاضر/المستقبل...
ان الاحباط الذي اصاب المنظومة التربوية ،هو احباط للاختيارات الاولية التي اغرقت في التنظير المعياري والمقارنات الشاذة ،فاصبحنا من ذوي الاعراف لا نحن في جنة الاصفياء ولا في النار مع ابي جهل...
ان اعتبار القيم بفهم الثمن له الامر الذي لوح بنا الى القول" مما نتج عنه استقالة جماعية من المدرسة" فالمدرسة لم تعد تساهم في الترقي الاجتماعي اذا هي غير موجودة؟؟؟ له الخطا الذي نكص عملية التعلم ،له التوجه الذي قزم المدرسة العمومية وجعلها تعيش ازمة قيم ...
ان القيم ليست هبة تسقط على التلاميذ اسقاط العنوة ،بل القيم ممارسة حياتية من قلب الاسرة والجماعة /المحيط الاجتماعي ،فعل سلوكي داخل المؤسسة المدرسية ،بناء متكامل يستحضر الواقعية /العالمية /الكونية ...في ظل انفتاح يعتز بالذات العارفة بمقابل الاخر المجهول الضاغط ....
فاذا ما وضعنا حدا للخلافات السياسية بحجبها عن التاثير في البرامج /المناهج المدرسية ،وترك المعارف لوظيفة المدرسة ،فاننا قد قمنا بعملية تحصين المدرسة من الخلاف العقيم ،ودفعنا بها الى تكوين المواطن الصالح القابل لذاته ووطنه ...
فاذا عرجنا بالمقود نحو طرق التدريس/المناهج /المعينات الديداكتيكية ...نلحظ مدى السلحفات التي نراهن عليها في السباق ،فالشخصية كقيمة بنائية للمتعلم تنتكس بين اسوار مدارسنا العتيدة في العنف بشتى الوانه ،فحدث به ولا تخجل ...فالدفع بالوسائل السمعية البصرية كانها العصا السحرية لكل اشكال لم تكن تعويذته فالحة مادام الامر سلعة اعلامية موجهة للخارج...ولم يسلم الامر التهميش بعمدية او جهلا بالعوالم الرقمية....