2013-03-17, 19:23
|
رقم المشاركة : 1 |
 إحصائية
العضو | | | 
|  التمظهر والأصالة. موضوع للمناقشة.
|  |
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
إخوتي أخواتي في المنتدى
أسعدني مستوى منتداكم و شرفني أن أنتمي لأسرتكم وأن أفيد بكل ما هو متميز ، وقد حاولت إدراج الموضوع المقتطف بعنوان "التمظهر والأصالة" في منتدى مواضيع للنقاش، لكن يبدو أنني لست مخولا لإدراج مواضيع فيه، وها انذا أدرج الموضوع في هذا المنتدى العام على أمل أن يثير نقاشا صحيا نستفيد منه كافة.
تحياتي وقراءة ممتعة.
حذر القرآن الكريم، بكثير من الآيات، سلوك النفاق كشكل يختبئ تحته الزيف الاجتماعي، لتبرير مصالح مادية، أو هيمنة الوجه الاجتماعي، وتجسيد الشكل كأسلوب لإشاعة الأنا، بغض النظر من ان هذه الأنا قد تكتسح الذوات الأخرى، وأشخاصا بمثل هذا النموذج، غالبا ما يمتلكون لباقة مناسبة, ويمسكون ثقافة جيدة، إضافة إلى ذكاء ومكر وسعة من الحيلة تخدمهم. يقومون بتوظيفها لصالح مسارهم، وتفاعلاتهم الاجتماعية، ومن الواضح أن المجتمع العراقي قد بلي بهذه الظاهرة، وصارت من ضمن تفاعلاته اليومية، ليس على نطاق شعبي وحسب، وإنما كانت راسخة أيضا في المراكز العليا للأشخاص الذين يمثلون توجهات مختلفة, أو أنهم يدعون بها، وغالبا هؤلاء من طبقة المضاربين أو التجار أو ممن له منصب وظيفي في إحدى مرافق الدولة، أو ممن يعمل كمدعي بأنه ممثل لإحدى المؤسسات المهمة، أو كمتستر بالدين.
والحقيقة ان تأصيل الشكل يعد مظهرا ثقافيا من ضمن الثقافة العربية المتخلفة منذ عقود زمنية موغلة بالقدم، فالشكل الاجتماعي الذي يتواءم مع مفاهيم الآخرين له الأهمية القصوى من وجهة نظر الإنسان العربي عموما والعراقي على وجه الخصوص، وكان ذلك يقوده بصورة طبيعية لأن يرتكب الأفعال اللا إنسانية في بيئته ومحيطه الاجتماعي.
وما كان ليغل ابنته المولودة له في التراب بعملية الوأد قبل الإسلام، أو انه يقبل أن يعطي أبنته من ضمن الفصل العشائري أبان العهد الإقطاعي، لولا أن المحيط الاجتماعي يضغط عليه بقوة عنيفة.
ولكي يكون له الشكل المحترم، وكذلك في الامور الاخرى على هذه الرؤية، سواء في التعاملات والمواقف والسلوك، وعموما فإن الشكل يمثل للعربي الهدف الذي له الأهمية القصوى بغض النظر عن المضمون، مهما كان زائفا أو حقيقيا طالما يؤدي إلى الهدف الذي ينعت ( بالأسمى)، وهو الشكل الاجتماعي الخارجي، وقد وجد للشكل مجاله الأوسع في النفاق والمراءاة، حيث يجري التأكيد على أسلوب الشعائر بالمحافظة على تدرّجها بتفاصيل دقيقة وكأنها هي الهدف المبتغى، وهذه الشعائر متنوعة كالمآتم، والاعراس والختان، والمصالحة عند الخصومات.
وليس ما تحمله هذه الامور من معان راقية وأهداف سامية كمحتوى فكري إنساني يعني فيما يعنيه في السلوك والعمل والتصرفات.
وهكذا توارث الأبناء عن الآباء فكرة الشكل المجوف, الذي يعد في حقيقته, ترديد توالي, أو عادة من العادات( هكذا وجدنا آباءنا...)
أي ليست هناك رؤى ذاتية أو احساس فردي أو جمعي أو اعادة نظر وجدانية عقلانية, تعطي طابعها في المسائل الدينية أو التاريخية او في العادات، هذا إضافة إلى ان بعض المدعين بالثقافة او غيرها يغض النظر عن الأخطاء الاجتماعية بحجة انفضاض الناس من حولهم، أو ان العامة تتشكل بمجملها حول مرجعيات عشائرية قبلية.
فلا يمكن تغيير مفاهيمها مالم تسري العملية الثقافية في مسار لا يمس النفس القبلي، وما درج عليه المجتمع، ولا يجرح الشعور العام المتشكل فيه، وهكذا نجد المفهوم العشائري يتخذ له مفهومه الخاص في الحق والباطل على غرار( أدعي بالباطل حتى يأتيك الحق ) أو أن المسألة لا تعدو كونها مغالبة كلام أو ملاسنة، أي تغليب الشكل المتفق عليه منذ أزمان، وقد تأصل هذا الشكل في عهود الإقطاعية على وجه الخصوص، وذلك لأن جميع مرجعيات الأحاديث والأدلة والبراهين التي يدلي بها المتحدثون في الدواوين أو المظايف أثناء سمرهم, أو المناسبات أو اجتماعهم على مشكلة.
هي سير الشيوخ او تاريخهم، تأريخ رؤساء العشائر وتفاعلاتهم، ثم استنباط الأحكام المناسبة من تلك السير، وهكذا نرى في الأوقات الراهنة كثير من الأشخاص يحافظون على الشكل , ثم يضعون حاجز بين ما يؤمنون به من عقائد وبين أساليب عملهم، وهذا لا يعدو عن المحافظة على الشكل الاجتماعي المجرد، الذي يفتقد إلى الإيمان الحقيقي بتلك العقائد الدينية، التي تعني الصدق والعدالة والانسانية، والعمل بحسب رؤيتهم، إنما هو شطارة شطّار، تبررها ظروف العيش الصعبة أو الحاجة والعوز المادي.
وقد غدى المنظور الحديث للشكل أنما يتمثل بالوجه المادي، وبما يمتلك الشخص من حاجات، كالبيت والسيارة وأموال جاهزة لأي فرصة استغلال، وعلى أي وجه كان، حتى أنهم يبررون الربا , كما يبررون التجاوز على الأموال العامة، فكثير من الأشخاص يؤجرون الدولارات تحايلا على المنع الشرعي، وتحدث أشياء غريبة في مسائل الرهن السكني، وجزاءات البيع والشراء، وألاعيب مكاتب الدلالية وسماسرة المحاكم والمحاماة، رغم أن تلك الدلاليات وغالب المحلات والبقاليات وغيرها تتخذ أسماء دينية، ويمارس أصحابها أعمالهم بخلاف تلك المسميات.
والحقيقة الدينية بغض النظر عن المعاملات التي هي سلوك عام وواضح , فأن الأيمان الحقيقي هو التزام شخصي, بين العبد والخالق جلّت قدرته.
وفضل الله سبحانه وتعالى ان يقوم العبد بالعبادات المنبعثة من ذاته, كصلاة الليل والنوافل بشكل عام، بما فيها من دعاء وقنوت وتصدق، وجميع أفعال الخير عدى الصلاة الواجبة فقد تكون سرية أو علنية، فيما يكون الآذان المعلن الوحيد الذي لا يحتمل السر، فأن لم يكن من المسجد، فالعبد وان كان منفردا فأنه يسمع نفسه أو أهل بيته على الأقل .
والأحاديث المنقولة عن السيرة النبوية الشريفة وكذلك أقوال أهل البيت عليهم السلام، تدل بما لا يقبل الشك من إن العبادة وأفعال البر بعمومها تصل إلى الدرجة المثلى، إذ كانت مخبئة بالكتمان والسرية .
وهي تفقد قيمتها المعنوية كلما اقتربت من العلن، وقد تتآكل إن تلاها أذى أو ضرر، أو أنها أهلت للتفاخر والوجاهة وإشاعة الأنا، وهذا ما يحدث غالبا في أطعام الطعام دون النية المخلصة بكونه لوجه الله.
ولعل بعض هذا الإطعام يعرض الفقراء إلى المهانة في اغلب الحالات، إذ أن المكان له الأهمية القصوى ويلعب دورا مهما لاستقطاب فعل الخير، أن كان فيه تشهير أمام الملأ من الناس، كأن يكون في محلات مكشوفة وعلى طريق السابلة، يكون أقرب إلى الرياء منه إلى البر والإحسان، لما ينطوي عليه من الحرج وما يتخذه المساكين من تعفف واستنكاف، وهو بالتالي يعلم الأشخاص الدناءة ويفقدهم الثقة بأنفسهم، وتسفيه الكرامة الإنسانية التي حباها الله جلت قدرته بالخلافة على الأرض.
فإن كانت السياسات قد حاولت وبشكل منظم تسفيه الإنسان العراقي من خلال العيش الضنك, وحرمانه من ابسط حقوق المواطنة، فعلى الأقل أن يكون له متنفس من خلال التكافل الاجتماعي، وفق الطرح الإسلامي، وان يعاد النظر بكل الأساليب التي تبغي أفعال الخير، على مستوى التطور النفسي والثقافي للإنسان في الزمن الراهن، فالذي كان يقبله في حقبة سابقة لا يقبله الآن، إلا بما يتلاءم مع مستواه الحضاري ووعيه بذاته، ووفق المرآة الاجتماعية التي يرى نفسه فيها.
والحقيقة إن اغلب من يحصلون على المساعدات او أعمال الخير، هم قلة ممن لهم الجاهزية، وممن لا يبالون بهذه المعاني الراقية، وهم من النماذج التي ذكرناها في بداية هذا الحديث، وفي نهاية القول فإن التمظهر الديني يعد إساءة مفرطة بحق الدين، وليس على الله أمراً أبغض من النفاق، حيث يصطف مع سوء الاعمال مثل صنوان، أو وجهان لمسلك واحد.
|
: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=631871 | التوقيع | | الاساءة العميقة لا تحتاج الرد في غالب الأحيان، فالصبر الجميل يفرغها من محتواها عاجلا أم آجلا.
أستاد من أجل الحقيقة
| آخر تعديل أستاذ من أجل الحقيقة يوم 2013-03-17 في 19:25. |
|
|  |
فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ :
مسابقة استوقفتني آية
|
ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج
