منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - أيها المتاجرون بقضية المرأة ألا تخجلون*!! إسماعيل العلوي

أيها المتاجرون بقضية المرأة ألا تخجلون*!!
إسماعيل العلوي

غالبا ما أتجنب الحديث في المناسبات أو بسبب المناسبات، لكن هذه "السوق القائمة" بمناسبة 8 مارس استفزتني كثيرا، فالكل صار صاحب أفضال على المرأة المغربية، فالكل صار اليوم من كبار المدافعين عن المرأة وحقوقها، والكل -هنا رجالا ونساء- يتسابقون على منابر الإعلام لتقديم الحصيلة، فمنطق المناسبات والحملات والبهرجة هو ما يحكمنا للأسف، وغدا ستظل دار لقمان على حالها.

والسؤال إذا كان الجميع مع المرأة وحقوقها، فمن المسؤول عن وضعية المرأة الكارثية في بلدنا؟ من المسؤول عن أميتها وجهلها؟ من المسؤول عن تهميشها وإقصائها؟ من المسؤول عن التحرش بها وتعنيفها؟ من المسؤول عن استغلاهها والمتاجرة بها؟ إذا كانت الدولة والشارع والمجتمع المدني والقوى السياسية والنخب الفكرية والعلمية والدينية كلها متفقة على إنصاف المرأة فمن يظلمها إذن؟ كائنات مريخية أم هي كائنات ابن كيران الأسطورية؟ أسئلة تستدعي التوقف، وتكشف حجم التناقض العجيب والانفصام الغريب في شخصياتنا و"الشيزوفرينيا" الجماعية التي أصابتنا، وعمق النفاق الذي نعانيه بشكل مزمن. فأمام الكاميرات والأضواء الكل يمثل دور التقدمي ويرتدي قناع "الجنتلمان" المتحضر، فينتقي العبارات، ويتحدث بلطف بالغ ورومانسية مفرطة عن "المرأة الملاك"، فإذا انطفأت الأضواء أشبعها إهانة وانتقاصا، وقد تمتد يد بعض اللؤماء إليها بالعنف وألسنتهم بالتحرش، ويكفي أن تصغي إلى البرامج الاجتماعية في القنوات الإذاعية الخاصة، لتعلم حجم المعاناة التي تعيشها المرأة المغربية في صمت رهيب، تستوي في ذلك الأمية والمتعلمة، المتزوجة والمطلقة، الحضرية والقروية، فالمغربيات من مختلف الطبقات يعانين، وتتعدد أشكال المعاناة وتتنوع، لكن يوحدهن جميعا الخوف وعدم الاستقرار وعدم الإحساس بالأمان، وعدم الثقة في النفس والاعتزاز بها.

بكل تأكيد لن تنصف المرأة ما لم تتغير نظرة المجتمع الدونية لها، وإذا لم تحارب نظرة الاستعلاء الذكورية ونظرة الاستضعاف الأنثوية، وإذا لم تتربى أجيالنا الناشئة على حب المرأة واحترام المرأة وتكريم المرأة، في برامجنا التعليمية والتربوية، إذا لم يفعل القانون بحزم ضد المتحرشين والمعنفين والمغتصبين، إذا لم تقم هيئات المجتمع المدني بدورها الكامل في التوعية والتثقيف والتعبئة، إذا لم يقم الإعلام بدوره في فضح شبكات الاستغلال الراقي للمرأة وترفيع قدر المرأة، إذا لم يتوقف "مرتزقة المعاناة" و"تجار المصائب والكوارث" من المتاجرة بتعاسة النساء في المغرب، وبيعها في المنتديات الدولية مقابل مناصب ومنح ومساعدات، وإذا لم تخرج قضية المرأة من دائرة الصراعات الحزبوية والرهانات الانتخابية، والمطاحنات والمزايدات السياسية، فنحن لم نضع القدم على الطريق الصحيح.

ولأن تصحيح وضعية المرأة هو المستقبل، هو مغرب الغد، هو التقدم، هو الديمقراطية، هو الحرية، هو أن نكون أو لا نكون، ولأن إنصاف المرأة هو الاختيار بين مجتمع معطوب نفسيا مهزوز روحيا، يفرخ المجرمين والمخدرين واللامبالين، وبين مجتمع سوي سليم ينجب الوطنيين النزهاء النبهاء الإيجابيين. أقول بكل صراحة ووضوح ينبغي أن يتوقف هذا الصراع مع الذات، ينبغي أن نتصالح مع ذواتنا ومع قيم مجتمعنا، وأن نقول كفى من المتاجرة بقضايا المرأة، وأن نصرخ جميعا بهذه المناسبة ألا تخجلون أيها المتاجرون بقضية المرأة؟

*مع خالص التحية للمكافحات والمناضلات حقا لتحسين وضعية المرأة بكل صدق ومسؤولية، وكامل الإكبار لجهودهن الدؤوبة.