نشبك اليد في اليد ونبني وطن الغد
يمكن ان يكون الجدل صعبا في وجهة نظر تقر بان المغرب اكثر ترابطا فيما كان عليه في اي فترة تاريخية ماضية ،لكن هذا المعطى لا يجدي نفعا في ظل تحريك نزاعات ونضالات للتوصل الى الهيمة او المساواة ، فالحراك الامازيغي في حد ذاته هو بحث عن اعادة ترميز للثقافة والهوية الامازغتين في بعدها الوطني والكوني.
فالبعث العرقي للامازيغ هو حضور مرتهن بالهوية الطوعية ذات الاصول السلالية كأيديولوجية تكسر الهيمنة العروبية ،وثورة على العضوية الطبقية المتجدرة بكل انماطها،ثم هي رفض للتموقع في المستويات الدنيا للنظام الاجتماعي السائد.
فالاثنية بكل تلويناتها بما فيها العرقية يمكن ان تكون فعلا سائبا عندما تتأصل على الاختلاف من خلال فكرة اساسها "صنع الاختلاف "والتفنن في تمطيط معاييره المحادية للمجتمع التعددي .
وحتى لا تطبع النمطية القيمية وجهة نظرنا ،فإننا نقر اولا بالتمايز الثقافي في ظل اي مكون اجتماعي متعدد الروافد او ذو رافد أحادي ان لم نقل بان هناك تنوعات وسيطية ضمن عضوية الطبقة العرقية الواحدة.
اننا بمغرب المواطنة نبحث عن صيرورة الاندماج العرقي والثقافي في ظل تحديث المجتمع كوسيلة لقطع التمايزات العرقية والتباينات الثقافية ،ثم نبحث عن القواسم المشتركة بمعايير تسمح بتجاوز مفهموم "السلالة" و "القرابة" و "الدم" الى تاصيل الكفاءة الثقافية المواطنة .
في السنوات الاخيرة تم اختراع منظومة الثقافة الامازيغية وهو عمل نيته سياسية مبيتة تنطوي على ثنائية جوهرية بين التماثل والاختلاف وبين الادماج والإقصاء ،لكن المرجعية التاريخية تقر على مقولة مفادها "كونك عضوا في جماعة معينة لا يمنع في ان تكون عضوا في كثلة شمولية مواطنة ".
العيب فينا بتبنينا لمفهوم الاقصاء في حياتنا الجماعية ،العيب في اجدادنا في ممارساتهم القومية وانسياقهم مع عروبية المشرق ،العيب في سياستنا والتي حدت من الحقوق اللغوية " الامازيغية"وجميع الحقوق القائمة ضمن الدولة المغربية المواطنة،واعتبار الارث التاريخي للامازيغ ما هو الا فولكلور يقدم كوجبة سياحية خارجية او داخلية.
اليوم وفي ظل دستور جرئ اعترف باللغة الامازيغية كلغة رسمية دون مساواتها " بالتعريف" كاللغة العربية وتركها نكرة تستوجب الافادة بخبر التفعيل يغنيها عن "ال" ، لانستوثق من صدق ذلك في حياتنا الجماعية الا من خلال شعاع رفع اليد والوصاية عن امازيغ المواطنة والتفويض لهم بجمع شتات التاريخ المنسي للامازيغ،ولن يكون هذا التوجه مستقيما الا عبر عدة اليات وتساؤلات موجهة للعملية:
v -هل العملية في بعدها التنظيري هي استهلاك سياسي ام احقاق حق الامازيغ في الهندسة الاجتماعية للدولة المغربية المواطنة؟
v هل توسيع وعاء الحرية بالمغرب يستغله الامازيغ بحده الادنى او الاقصى؟وما هي تجلياته الايجابية والسلبية ؟
v هل يمكن اعتبار ازداوجية "العلم الوطني الرسمي" وشعار"الامازيغ" مس بالهوية الوطنية؟ام هي مرحلة تاريخية جنينية لفعل الحراك الامازيغي؟
لا اخفيكم القول فالمجتع المدني/السياسي المغربي بكل مشاربه حقق طفرة نوعية في هذا الجدال من خلال توزيع الادوار ولو بشكل عفوي بين متشدد ومعتدل ونفعي.
فالمتشدد في افكاره لا يبارح مكانه ويتقمص دور المظلوم/المنبوذ /المقصي ،حتى يستجدي عطف الاخرين (داخليا/خارجيا) بشكل يفسد به فرحة الامازيغ المواطنة ،ويدفع بهم الى خندق العدمية والسوداوية.
اما المعتدل كفئة تشتغل ضمن منظور وطني اساسه الادماج الاجتماعي وخدمة اللغة الامازيغية في بعدها الوطني والقاري والعالمي،فهو يؤمن بالاختلاف والتنوع ويبحث عن فرض الذات بشكل يحترم الاخر"الحاضر" بكل تجلياته.
فيما يلتحف النفعي بحصد المواقع ولعب الادوار البراغماتية الموكولة اليه في ظل سياسة الكسب والخسران، مع المراهنة دائما على المتوالية الرابحة.
ان عملية استبدال العلم الوطني برسميته ومرجعيته التاريخية في الاحتفالات الامازيغية هي عملية قفز على السلوك المدني والمواطنة والأعراف الدولية ،فإذا كانت العملية عملية تمييز للامازيغ-"بالوان معينة وحرف تيفناغ "- على وجه العموم في المجتمع ،فإنها تؤسس لمنظور فئوي تجاه فئة اخرى مما يجعل كل فئة تتحصن وتزداد نبرة خطاباتها ومطالبها الفصائلية. اننا ندعو الى وحدة اساسها الاجتماعي ارض المغرب وسماؤه وهواؤه كملكية مشتركة تعترف بالذات والآخر ،تعترف بالمواطنة الحقة للجميع ،تعترف بأخطاء الماضي والحاضر.ولن يتأتى هذا إلا من خلال تأسيس فعل تواصلي مندمج ضمن النظرة الشمولية لمغرب المواطنة الحقة.
نشبك اليد في اليد ونبني وطن الغد ، بمغرب واحد للمواطنة ،وطموح جماعي حداثي واحد ،ونقول بأعلى اصواتنا لا للإقصاء ،لا للتهميش كيف ما كان المقصود به...