منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى النقاش والحوار الهادف (https://www.profvb.com/vb/f65.html)
-   -   خردة (https://www.profvb.com/vb/t115278.html)

عبد الحفيظ كورجيت 2013-02-24 19:10

خردة
 
لا تكاد تخلو مدينة أو قرية على طول البلاد وعرضها من سوق للأشياء المستعملة من ملابس وأثاث وقطع غيار وغيره من كل ما يخطر على البال. وكله بال(بترقيق الباء أو تفخيمها). رواد هذه الأسواق أناس من كل الطبقات فنحن في المغرب نحبّ كل ما هو أجنبي حتى وإن كان مستعملا( ديال برّا) ولهذا فنحن سواسية أمام الخردة.نمشي مزهوين في ثياب الغير ونطهو في ماعون الغير ونجلس على كراسي الغير و نتواصل بهواتف خردة ونتصل بالنت بحواسيب جلّها من خردة . ولأن أصحاب المال اكتشفوا أن الخردة احتلت وسط المدينة فقد قرّروا زَرع أسواقهم العصرية على بعد أميال .

حتى السيارات التي تجوب شوارعنا جُلّها مستعملة اقتنيناها بعد أن عافها أبناء العم سام واستغنوا عنها. ورغم قبول جُلِّنا ركوب الخردة دون استياء فقد استكثرت علينا وزارتنا العزيزة الأمر وفرضت التعشير بأضعاف ثمن الشراء.

وتفعيلا لمقتضيات الدستور المعدل فقد حرصت الجهات المعنية على تحقيق المساواة بين السيارات. فالخردة واحدة وإن تعددت السنوات . فبعد إعفاء دام لعقود أصبح من اللازم على سيارات الخردة التي تجاوزت ربع قرن أن تؤِدي ثمن الصّويرَة كغيرها من المركبات الشابات.

حافلات النقل العمومي هي الأخرى تأبى أن تشُذ عن القاعدة .فهناك شركات انخرطت في الحملة "الخردستانية" وأبت إلاّ أن تقتني من الخارج مركبات تحتضر فكانت النتيجة أن هرم أسطولها قبل الفطام وصار ركوب الحافلات محفوفا بالمخاطر.

حتى الطائرات خردة عندنا. ألم يشتر وزير مغربي أزرق في بداية السبعينات من القرن الماضي طائرات قديمة وصبغها ليقدمها على أساس أنها جديدة؟ ورغم أن الهدهد أتى بالخبر اليقين فقد بقي معالي الوزير في أمان لأنه كان من هيئة الطيور و لأن صاحب الشأن حينها لم يكن سليمان.

حتى البيداغوجيا سُوّقت خردة.فقد ظهرت بيداغوجيا الأهداف في 1935 واستقدمها القائمون على الشأن التربوي عندنا في 1991 وصرفوا أموالا طائلة لتنزيلها عبر لقاءات تربوية-"تغذوية". انتهى بها المطاف إلى النسيان بعد أن تم استيراد بضاعة كزافيي روجرز التي سحبها الوزير المعني من السوق ربما بحجة الشك في المكونات أو انتهاء تاريخ الصلاحية. أو لأنها تسببت في الحساسية لبعض المستهلكين الذين لم يحسنوا قراءة"الكاتالوك" واختلط عليهم الحابل بالنابل فكان الهضم العسير بسبب جهل طريقة التحضير و عدم احترام المقادير.

وحتى الأدوية دخلت سوق خردستان من وهران دون اكتراث بحياة الإنسان. وتطلع علينا الأخبار كل حين باكتشاف مخازن للأدوية الفاسدة.

لم تنج حتى الأفكار من سوق الخردة. فهناك نظريات وإيديولوجيات تخلى عنها أصحابها وأغلقوا مصانعها عندهم بعدما أصابها الركود والإفلاس وأعلنوا انتهاء صلاحيتها ومع ذلك فما زال عندنا من يزوقها و ويسوقها على أن فيها الخلاص في معرض حديثه عن الحداثة والأممية وتبشيره بالمستقبل المشرق البعيد عن الظلامية . هل تولد الحداثة من رحم الرثاثة؟

عبـد العـزيـز 2013-02-25 10:09

رد: خردة
 
مادمنا لانصنع ولانبدع ولانخترع ولانجتهد فسنبقى نستهلك في الخردة إلى إشعار آخر...

شخصيا لاأخفيك أن خردة غيرنا أحسن وأفضل وأقوى من منتوجاتنا المنمقة والمزوقة...

شكرا جزيلا على الطرح المميز والوصف الدقيق لواقعنا المرير...


عمر أبو صهيب 2013-02-25 15:10

رد: خردة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبـد العـزيـز (المشاركة 627746)
مادمنا لانصنع ولانبدع ولانخترع ولانجتهد فسنبقى نستهلك في الخردة إلى إشعار آخر...

شخصيا لاأخفيك أن خردة غيرنا أحسن وأفضل وأقوى من منتوجاتنا المنمقة والمزوقة...

شكرا جزيلا على الطرح المميز والوصف الدقيق لواقعنا المرير...


لا فض فوك أخي عبد العزيز
فسيارة مستعملة من خردتهم أفضل من سيارة من تجميع محلي ...
و لكن عندما يتعلق الأمر بالقيم و الأفكار و المعتقدات فلا أرى الأمر كذلك

عبد الحفيظ كورجيت 2013-02-26 14:56

رد: خردة
 
شكرا للأستاذين عمر وعبد العزيز على تفاعلهما

نزيه لحسن 2013-02-26 15:57

رد: خردة
 
وبعدما علم الغرب بحسن استهلاكنا للبقايا و الخردة ، تنبه للأمر و أعاد النظر في شأن طريقة التصدير ، و أصبح كل شيء بمقابل " محترم " .... ولنسأل أفواج إخواننا القادمين من اسبانيا و نرى حجم المعاناة التي يواجهونها و هم يحاولون الحصول على السلعة المناسبة !

بل إن بعضهم - أٌقصد الغربيين - ممن غير الحرفة ، و أصبح تاجرا ميسورا بفضل الخردة ، وخاصة السيارات التي أنشئت لأجلها الأسواق المؤدية للضرائب .

أما قديما ، فقد كان الغرب ينشرح جدا حين الإقبال على أفكاره و لغته ، و يعتبره نصرا كالفتح الإسلامي !! .....أما اليوم فقد صار يفهم نوايا اللصوص و السماسرة ، و أخذ يخطط للربح من وراء نشر الأنوار و الحضارة المتآكلة .. وصار يبعث بالمبشرين ، و الوسائل ، و خدمات طبع المطبوعات و المؤلفات ، و تهييء حقل التجارب ... والكل بالمقابل الذي يؤديه المواطن طبعا .

عموما ، وكما قال أغلب الإخوان الكرام ، و دون الإحتماء من حر الشمس بواسطة غربال مثقوب ، تظل خرداتهم المادية أجمل و أحسن للإستعمال من بضاعتنا ... اللهم فيما يخص المبادئ الروحية و اللغوية و الأخلاقية التي لا يمكن مجاراتهم في شأنها مهما كان الحال أو صار .

شكرا على الموضوع الوجيه .


الساعة الآن 08:59

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd