2013-02-14, 19:17
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | "اجمـع تمـرك آمـول التـمـر" | مـعـلـم في الأرياف: "اجمـع تمـرك آمـول التـمـر" الأربعاء, 13 فبراير 2013 00:00 زاوية يكتبها الزملاء الصحافيون والمراسلون بالتناوب ترصد واقع التدريس بالوسط القروي من خلال شهادات حية لمدرسين ومدرسات ينحتون الصخر لإنجاح هذا الشيء الذي اسمه "مدرسة النجاح"..فتحية لهم ولهن. كان حارس المدرسة يتابع حركات وسكنات المدير وكان يعلم عنه الكبيرة والصغيرة. ظروف عمله وطريقة تعامل المدير معه، جعلته يفتح عينيه ويترصد عثراته ويضبط ثغراته. في الأيام الأخيرة أحس الحارس بأن أمورا كثيرة تقع بمحيط المؤسسة دون أن يكشفها. حلف بأغلظ الأيمان بينه وبين نفسه أن يفك شفرتها. انتقل الحارس للعمل بهذه المؤسسة قادما إليها من نواحي الصويرة. كان لا يزال عازبا. استقر بها وبدأ يمارس مهام الحراسة والنظافة والسخرة وكل ما يطلبه منه المدير. لم يكن الحارس يتضايق من ذلك، بل كان نشيطا وفرحا بعمله، وكان كثيرا ما يسعد حين يطلب منه المدرسون تهييئ الشاي بالمطعم المدرسي. كان المدرسون العاملون بهذه المدرسة يشترون السكر والشاي والنعناع وكانوا يطلبون من الحارس من حين لآخر "حرق شي براد حار"، يجتمعون بالقاعة المخصصة للمطعم المدرسي.
اعتاد المدرسون احتساء الشاي الحار خلال فترة الاستراحة للترويح عنهم من جهة وللتغلب على حريق الأعصاب التي يتسبب فيها التلاميذ من جهة ثانية. وكان المدير نفسه يشاركهم من حين لآخر جلسة احتساء كؤوس الشاي المنعنع.
في أواخر سنوات الثمانينات كانت المطاعم المدرسية تستفيد من إعانات تونس والعراق. وكانت هذه المطاعم تتوفر على الزبدة المعلبة والحليب المجفف والتمور وزيت الزيتون. كان التلاميذ يقبلون عليها لجودتها العالية. وكان الحارس يتكلف رفقة سيدة بالسهر على توزيع حصص الزبدة وزيت الزيتون والتمر على التلاميذ وفق برنامج يسهر على وضعه مدير المؤسسة.
وظل الحارس وفيا لوعده مفتحا عينيه ليكتشف في ما بعد أن المدير يقوم من حين لآخر بالتصرف في مواد المطعم المدرسي. وتوصل إلى أنه يقوم بتخزين، من حين لأخر، كميات منها وينقلها إلى منزلهالوظيفي. لم يكن الحارس المحتاج يستفيد من أي شيء، بل كان المدير يضع معه الحروف على النقط ويحاسبه على ما تبقى من حصص التلاميذ، إذ كان هناك منهم من لا تعجبه الزبدة لوجود رائحة قوية تنفر الكثير منهم منها.
لم يعجب تصرف المدير الحارس واغتاظ من تصرفاته، فهو الأولى والأحوج إلى الاستفادة من مواد المطعم، فهو شاب عازب ودخله على قد الحال. بدأت تصرفاته مع المدير تتغير، إذ أصبح يمتنع عن تنفيذ بعض الأوامر التي تبدو له لا علاقة لها باختصاصاته، كتنظيف القاعات والذهاب إلى السوق لشراء بعد الأغراض الخاصة لأسرة المدير.
لم يعجب تصرف الحارس المدير، فبدأ يشدد عليه الخناق. بدأ يسأل عن وجوده من حين لآخر. وطلب منه البقاء بساحة المدرسة للسهر على النظام أثناء دخول وخروج التلاميذ. بدأت العلاقة تسوء بينهما. بل وتطورت إلى الأسوأ. وراسل المدير النيابة الإقليمية، مخبرا إياها بتصرفات الحارس ورفضه القيام ببعض الأعمال التي تدخل في صلب اختصاصاته.
توصل الحارس بتنبيه من النائب الإقليمي الذي طلب منه الامتثال لأوامر رئيسه وإلا سيضطر إلى اتخاذ إجراءات زجرية في حقه. كتم الحارس غيظه وحلف أن يرد الصاع صاعين للمدير، سيما أنه يضطر إلى السفر من حين لآخر للعودة عند أهله.
وقبل عطلة الطور الثاني من السنة الدراسية، بدأ المدير يتهيأ للسفر. طلب من الحارس البحث له على علب كرتونية. نفذ الحارس ما طلب منه. وفي آخر يوم من أيام الدراسة، أخبر المدير الحارس بأنه سيسافر مساء اليوم ذاته وطلب منه أن يعينه في نقل العلب الكرتونية إلى محطة الطاكسيات. الحارس يعلم جيدا محتوى هذه العلب. لم تصدر عنه أي ملاحظة، بل ساعده في نقلها إلى المحطة عبر عربة مدفوعة.
ولما وصلا إلى محطة الطاكسيات، طلب المدير من الحارس نقل العلب ووضعها في الصندوق الخلفي لسيارة الأجرة. حمل الحارس أكبر العلب وقبل أن يصل إلى الصندوق، سقط متعمدا وترك العلبة تسقط، حيث تناثر محتواها فوق الإسفلت. انتبه سائق السيارة وقال: "اجمع تمرك آمول التمر". أحمد ذو الرشاد (الجديدة) | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=624501 آخر تعديل abo fatima يوم 2013-02-14 في 19:23. |
| |