منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

تدريس الأمازيغية بين الحقوقي والتربوي

http://www.arrif.com.images.free.fr/...1114221316.jpg

أدرجت اللغة الأمازيغية كمادة دراسية في المستوى الأول بمنظومتنا التربوية بشكل رسمي منذ الموسم الدراسي 2003/2004، لكن بالرغم من كل السنوات التي مرت إلى حدود الآن لم تتحقق كثيرا كل الطموحات والغايات كما وكيفا والتي سطرت منذ بداية العملية بل أصبح الفشل يحدق في كل وقت وحين بالمبادرات التي نجحت في هذا الإطار، وأصبح اليأس يدب شيئا فشيئا إلى نفوس إلى المدرسين أصحاب هذه المبادرات نظرا لعدم تقدير أعمالهم ومنجزاتهم في مجال تدريس الأمازيغية.
فمازالت قضية تدريس اللغة الأمازيغية لم تحصل بعد على الإجماع الكافي لدى الكثير من الأوساط المجتمعية، ولازلنا بعيدين عن ترسيخ مصالحة حقيقية وواعية بين الأمازيغية كلغة وكثقافة وكقيم وبين مختلف الفئات والأوساط بما فيهم الفاعلين التربويين. هذا ما يتبين لنا من خلال المناقشات التي تحدث بين الحين والآخر أثناء اللقاءات التربوية وفي المنتديات وحتى أصداء الصالونات الخاصة التي تحضرها النخبة المغربية. يحصل هذا بالرغم من الوثائق والأعمال التكوينية التي تراكمت في مجال تعليم وتعلم اللغة الأمازيغية. تبقى الأسئلة المطروحة هنا: هل مرد ذلك إلى رفض العقلية المغربية لكل جديد وخصوصا حينما يتعلق الأمر بموضوع من قبيل الأمازيغية ؟ هل تعود بعض الإخفاقات المسجلة على صعيد تدريس الأمازيغية إلى الإخفاقات التي يعاني منها نظامنا التربوي ككل كما سجلها تقرير البنك الدولي الأخير وكذلك تقارير المجلس الأعلى للتعليم؟
شخصيا أعتقد أن الأمر يعود إلى خلل كبير في الاستراتيجية العامة المتبعة منذ سنوات بشأن إدراج الأمازيغية في المدرسة العمومية المغربية: غياب مدارس نموذجية، نوعية التكوين وظروفه ومحتواه، أنماط المكونين، طريقة إعداد الكتب المدرسية، أنماط المكلفين بالتأطير التربوي داخل الأقسام الدراسية، موسمية اللقاءات المخصصة لتقويم الحصيلة...الخ. كما أن الخلل الأكبر يعود إلى عدم العمل على ترسيخ قناعة لدى العموم بشأن الدواعي الحقوقية القانونية والنفسية التربوية التي تعزز ضرورة حضور اللغة الأمازيغية كلغة أم ضمن البرامج والمناهج التربوية المغربية.
تعتبر اللغة الأمازيغية واحدة من اللغات التي يحتضنها النسيج اللغوي المغربي أي أنها جزء وطرف من التعددية اللغوية والثقافية التي تحفل بها السوق اللسانية المغربية. ومن المعلوم أن هذه التعددية معترف بها ومصانة بموجب مجموعة من الاتفاقيات الدولية، ومنها: ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعتمد سنة 1948 واللذان يجعلان من محاربة التمييز وإقرار المساواة في المعاملة من مهام القانون الإنساني الدولي، الاتفاقية الدولية لإلغاء جميع أشكال التمييز المتبناة من طرف هيئة الأمم المتحدة سنة 1965، إعلان الأمم المتحدة المتعلق بحقوق الأفراد المنتمين إلى الأقليات الوطنية والإثنية والدينية واللغوية المتبنى من طرف الجمعية العامة في دجنبر 1992 حيث ألحت المادة الثانية منه على الحق في التعبير عن الخصوصيات الثقافية وتنمية لغتها وثقافتها...
على الصعيد التربوي، تمثل الأمازيغية كلغة أم قيمة رمزية بالنسبة للفرد لأنها تلعب دورا مصيريا في تكوينه وتطوره المعرفي وفي علاقاته النفسية والوجدانية مع محيطه المباشر كما في تنشئته الاجتماعية، وتعتبر بمثابة اللغة التي يربط بها الفرد علاقات المودة والألفة مع الاخرين لأنها لسان القوم الذي يفتتح به الفرد علاقته بالعالم ويعطيه معنى ويكون علاقته بالآخرين المحيطين به.
ويمكن تعريف اللغة الأم من وجهة نظر لسانية بأنها اللغة التي يعرف ويتعلم بها الفرد بشكل جيد وبواسطتها يتقن الكفاية اللغوية والكفاية التواصلية معا. ويكاد يتفق الجميع على أن الطفل يتمكن بواسطة لغته الأم من تنمية المكتسبات الأولية المفاهيمية واللغوية واكتساب التعلمات الأساسية في مجالات القراءة والكتابة والحساب. إلى ذلك، يضمن استعمال اللغة الأم في المجال التربوي استمرارية النمو الوجداني والحركي والمعرفي لدى الطفل الأمازيغي.
من جانب اخر، ينسجم مشروع تعليم وتعلم اللغة الأمازيغية تماما مع توصيات منظمة اليونسكو التي أوصت الدورة الثانية عشرة من مؤتمرها العام المنعقدة سنة 1962 الدول الأعضاء بضرورة اعتماد اللغات الأم ضمن الأنظمة التربوية ضمانا لنجاح التلاميذ في مساراتهم الدراسية.