منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

خفافيش الوفا

لوح محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، طويلا بعصا فضح الموظفين الأشباح بوزارته، رغم أن الأمر لا يقتضي أي تلويح أو تهديد معلن أو مبطن، مادام الأمر يتعلق، في البداية والنهاية، بتطبيق مضامين منشور حكومي يحث القطاعات الحكومية ومؤسسات القطاع العام على تفعيل إجراءات صارمة لـ"محاصرة التغيب غير المشروع عن العمل"، عبر تفعيل المقتضيات والمساطر القانونية المقترنة بهذه الممارسة.
إن منشور رئيس الحكومة عدد 2012/26 لم يشر في أي من فقراته إلى مسطرة التلويح من بعيد، وتكرار هذا التلويح في مناسبة رسمية ودونها، بشكل يبعث على "الشك" ويفرغ الإجراء الحكومي من مضمونه، بل أشار، بشكل واضح، إلى الإسراع بمحاصرة الموظفين المشكوك في أمرهم، أو تحوم حولهم شبهة التغيب عن العمل، خارج ما تسمح به القوانين، وتطبيق الإجراءات الزجرية وفق القوانين، سواء ضدهم، أو ضد من يساعدهم في ذلك بأي شكل من الأشــكال.
فبعد لائحة السكنيات الوظيفية التي تحسب إلى سيرة الوفا، رغم ما شابها من اختلالات غير مقصودة في بعض الأحيان، كانت أسرة التعليم تنتظر أن ينتقل وزيرها إلى الخطوة اللائحة في مسيرة التصدي إلى التجاوزات غير القانونية ومظاهر الفساد واختلالات تدبير العهود السابقة، لا أن يشنف مسامعها، في كل مرة، بأفعال مبنية إلى المجهول، في وقت يواصل الفساد بناء أعشاش له في زوايا واحدة من أكبر القطاعات الحكومية بالمغرب ويقدر موظفوها بــــــــــالآلاف.
صحيح أن صعوبات كبيرة تكتنف عمليات تسليط "البروجيكتورات" على خفافيش الوزارة وفضحها أمام الرأي العام الوطني بالأسماء وأرقام التأجير، لأن الأمر يشبه، في النهاية، النبش في كبة من النحل، قد تصيب المقترب منها بلسعات قد تكون قاتلة في بعض الأحيان، لكن ما يبعث الاطمئنان فعلا أن الوفا "قدها وقدود" كما يقول إخواننا المصريون، وبرهن فعلا، رغم هفواته المتسرعة، أنه يستطيع زعزعة قلاع الريع الوظيفي من تحت المستفيدين والمستفيدات منه، ولو كلفه ذلك منصبه الوزاري على حد تعبيره إلى أقرب مقربيه.
مع الوفا، فقط، سمعنا بلوائح أسماء المستفيدين من السكنيات الوظيفية والموظفين الأشباح وأصحاب التعويضات الخيالية ومحترفي "الزرود" و"العراضات" والسفريات، كما بدأنا نسمع عن الريع النقابي والتفرغات غير القانونية وجميع أنواع "التشلهيب" التي تعج بها وزارة تعنى، يا حسرة، بالتربية والتعليم والتكوين والمستقبل.