منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   حول المضاربة بالمراقبة المستمرة في بورصة المدارس الخصوصية (https://www.profvb.com/vb/t110446.html)

abo fatima 2012-12-06 20:02

حول المضاربة بالمراقبة المستمرة في بورصة المدارس الخصوصية
 
حول المضاربة بالمراقبة المستمرة في بورصة المدارس الخصوصية



عبد النبي الحري
الأربعاء 05 دجنبر 2012 - 14:43
تلعب المراقبة المستمرة دورا مهما في حياة المتمدرس، سواء كان طفلا أو مراهقا، أو شابا بالتعليم العالي، نظرا لما تقدمه من إمكانات قابلة للقياس والمعاينة، تمكن من تصحيح النقائص، وتحسين الأداء، والارتقاء بالتعلمات، وتثبيت المكتسبات، وهي بالإضافة إلى ذلك تمكن التلاميذ الذين تنتظرهم امتحانات إشهادية، وفي مقدمتها الامتحان الوطني الموحد للباكلوريا، من الاستعداد المبكر والجيد والملائم.
ومن دون إطالة الحديث عما تكتسيه هذه العملية التقويمية-التربوية من أهمية في جودة المنظومة التربوية، خاصة إذا تمت بأساليب بيداغوجية علمية وسليمة، تنبني على أسس تعاقدية واضحة بين المدرس والمتمدرس، بما يضمن شفافيتها ونزاهتها وتحقيقها لمبدأ تكافؤ الفرص بين كل المتعلمين؛ فإن المتتبع لا يمكنه إلا أن يصاب بهول الصدمة أمام الإحصاءات والأرقام والمقارنات التي قدمتها وزارة التربية الوطنية، خلال مناقشة "لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب" الميزانية الخاصة بالوزارة يوم الأربعاء 21 نونبر 2012، حيث لن يحتاج المرء إلى بذل جهد كبير للوقوف على ما تعرفه عملية المراقبة المستمرة من تمريغ للمبادئ التربوية النبيلة التي قامت على أساسها، والأهداف البيداغوجية السامية التي وجدت من أجل تحقيقها، نتيجة المضاربة بها في بورصة المدارس الخصوصية وسوق الدروس الليلية.
تظهر الأرقام، التي وردت في تقرير الوزارة، أن عددا كبيرا من المؤسسات التعليمية الخصوصية يصل الفرق عند تلامذتها بين نقط المراقبة المستمرة ونقط الامتحان الوطني إلى خمسة عشرة نقطة(15 نقطة)، مما يعني أن المعدل الأدنى في هذه المؤسسات في كافة مواد المراقبة المستمرة هو 15 وأن المعدل الأعلى المحصل عليه في امتحان الباكلوريا الموحد لا يتجاوز في أحسن الحالات نقطة خمس نقط (5/20)!!!
والغريب في الأمر أن المؤسسات التعليمية الخصوصية التي حصلت على نتائج متدنية في امتحانات الباكلوريا، واحتلت المراتب الأخيرة على الصعيد الوطني، برسم الموسم الدراسي 2011-2012 ، هي التي تتميز بفروقات صارخة في أداء المترشحين يتجاوز أكثر من فارق 10 نقط.
إن هذا التباين الكبير بين نتائج المراقبة المستمرة ونتائج الامتحان الوطني الموحد يثير مجموعة من التساؤلات المشروعة دفعت الوزارة ذاتها إلى "درجة التشكيك في ما إذا كانت هذه الظاهرة تؤشر على كون فروض المراقبة المستمرة بدأت تحيد وتزيغ عن أهدافها التربوية والبيداغوجية لتحقيق أهداف أخرى تخرج عن نطاق روح هذه الممارسة التقويمية، وترتبط أساسا بدوافع يغذيها السعي وراء الرفع من معدلات ونسب النجاح".
لكن تقرير الوزارة لم يتجاوز حدود توصيف الظاهرة والتساؤل حول أسبابها إلى تحليلها في مختلف أبعادها وانعكاساتها الخطيرة على مصداقية العملية التربوية ببلادنا. لذلك ورغم توفرها على الإمكانات الإدارية والبشرية التي تمكنها من التحري والبحث اعتمادا على قدراتها الذاتية، نجدها لجأت للأسلوب التقليدي من خلال مراسلة المؤسسات التعليمية، التي تستفحل فيها هذه الظاهرة بشكل ملفت للانتباه، واستفسارها حول الأسباب والعوامل التي يمكن أن تبرر وضعيتها الشاذة، وتنتظر الوزارة أجوبة المؤسسات المعنية لتتخذ بناء على ما ورد فيها من تفسيرات وتبريرات الإجراءات اللازمة !.
إن هذه الظاهرة تقتضي نظرة شمولية وعميقة؛ لأن المطلوب من الوزارة الوصية ليس فقط وصف الظاهر وتحرير المراسلات والاستفسارات وشكوى الواقع المقاوم للإصلاح في الجلسات البرلمانية أو من خلال الوسائل الإعلامية؛ وإنما المنتظر هو التحليل العلمي والهادئ، الذي ينأى بنفسه عن كل القرارات "الاستعجالية" والمتسرعة، واللجوء لبعض الحلول السهلة، كحذف مكون المراقبة المستمرة من نظام امتحان الباكلوريا، من دون التأكد فعلا من فائدة هذا الإجراء في حل المشكلة المطروحة، وعدم تسببه في خلق مشاكل تربوية أخرى، قد لا ننتبه لخطورتها في ظل ما يعرفه سوق الدروس الخصوصية من مضاربات ومقامرات بنقط المراقبة المستمرة، وما ينتجه ذلك من ضغوط آنية على الوزارة الوصية.
وفي هذا الإطار يتعين على وزارة التربية الوطنية أن تتحلى بالشجاعة السياسية الكافية لتواجه أسماك القرش القوية في قطاع التعليم الخصوصي، بذل التركيز على الحلقة الأضعف في هذا المجال ممثلة في أساتذة التعليم العمومي، واتهامهم ببيع النقط للتلاميذ، بصيغة تعميمية ومن دون تسمية الأسماء بمسمياتها والإقرار بأن الأمر يتعلق بقلة قليلة. وحتى هذه القلة تملك الوزارة من الآليات والوسائل للتعامل القانوني معها والحد من تجاوزاتها اعتمادا على الدليل الواضح والحجة الدامغة بدل الاكتفاء بلغة الشكوى والتشهير التي تمس بمصداقية كافة مكونات الأسرة التعليمية ببلادنا،وفي مقدمتهم الوزرة الوصية.


الساعة الآن 20:59

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd