وهنا أخذ الشيخ
"عبد الرحمن
" يرتجف
... وأخذت أوصاله ترتعد
!!... وما كان منه إلا أن وضـع إصبعه في فمه
... وتقيأ كل ما شربه وأكله
– في بيت هذا الطالب الفاجر
– على السجادة في وسط الغرفة
!!... ثم أجهش بالبكاء
... وأرسل عينيه بالدموع .
.. وعلا صوته بالنحيب
!!...
لقد كان يبكي بحرقة شديدة
... ويقول مخاطبا ذلك الشاب الفاجر : ألا تخاف الله يا رجل
؟!!! أنا صائم وفي أيام رمضان المباركة
... وتدعوني إلى بيتك لتضحك علي
!!... أعلى الخمر اُفطر
؟؟!!... أما تخاف الله
؟!!... جئتك ضيفا فهل ما فعلتَهُ معي من أصول الضيافة العربية فضلا عن الإسلامية
؟!!... لقد ضيعتم فلسطين بهذه الأخلاق
!!... وضيعتم القدس بابتعادكم عن الإسلام وتقليدكم للغرب
...
سكت الشيخ
"عبد الرحمن
" قليلا ليسترد أنفاسه
... ثم تابع قائلا :
أنا أشهد أن الغربيين أشرف منك أيها العربي
!!... إنهم يحذرونني من أي شيء يحتوي على الخمرة ولحم الخنزير
... .بينما أنت أيها العربي المسلم اسما فقط تخدعني وتضع لي الخمر سرا في كوبي الذي أشرب منه
!!... وأين تفعل ذلك
؟!!... في بيتك وأمام الناس ليضحكوا مني ويهزءوا بي
!!! ... عليك من الله ما تســـتحق
... عليك من الله ما تسـتحق.
.. واُسقط في يد صاحب الدار ... وتوجهت أنظار الحاضرين تجاهه كالسهام الحارقة... لقد كانت تلك الكلمات الصادرة عن الشيخ كأنها رصاصات موجهة إليه ... فلم يملك إلا أن قال بنبرة منكسرة ... وقد علا الخجل وجهه:
أرجوك ... أرجوك سامحني ... انا لم اقصد إهانتك ... لقد كانت مجرد فكرة شيطانية ... إنك تعلم مقدار حبي واحترامي لك ... إنني والله أحبك يا شيخ !!... أحبّـك من كل قلبي !!...
وساد صمتٌ مطبق لفترة ... وقطعه صوت صاحب الدار وهو يقول :
أرجوك يا شـيخ اجلس على كرسيك ... وسأنظف السجادة بنفسي !!... وأنت تناول بقية فطورك ... أرجوك كفّ عن البكاء ... أنا المذنب !!... أنا المخطئ !!... وذنبي كبير !!... أرجوك سامحني وأعطني رأسك لأقبله !!... أرجوك سامحني !!...
وساد صمتٌ مطبق ... قطعه صوت الشيخ والدموع تترقرق من عينيه قائلا :
كيف أسامح من ارتكب منكرا ؟!!... وسقاني الخمرة وهو يعلم أنها حرام !!...
وتفاجأ جميــع الحاضرين بالشيخ "عبد الرحمن" وهو يسجد على الأرض مناجيا ربه تعالى قائلا في سجوده ومناجاته :