الألعاب التّربوية من أهم الوسائل التعليمية التي يمكنها أن تجسّد المفاهيم المجرّدة لدى الطفل وتقربها منه في شكل محسوس بالنّظر خاصّة؛ لنعوّده على الملاحظة أولا، والاستنتاج ثانيا، و التطبيق ثالثا، رجاء اكتسابه الحقائق و المفاهيم والقواعد العلمية والفنية. و مع التقدم الذي شهده المجال الصناعي تزايد الاهتمام بالألعاب التربوية فظهرت إلى الوجود الألعاب البصرية والسّمعية، والثابتة والمتحركة، والفردية والجماعية، حتى صار امتلاك هذه الألعاب في المؤسسات التعليمية أحد معايير التنافس بينها بعيدا عن درجة تحقيقها الأهداف التربوية.


والكتاب الذي نقدّمه في هذا المجال صورة مصغّرة عن هذا الاهتمام الذي تجسّد عبر296 صفحة بتسعة فصول موزعة على المنوال التالي:
 الألعاب التربوية ( الفصل الأول، ص 23 – 36 )
تضمن هذا الفصل مفهوم الألعاب التربوية حيث عرض جملة من التعاريف التي توصل إليها الباحثون في المجال التربوي، مستنتجا من خلالها أهم صفات هذه الألعاب. ثم يتطرق إلى الأهداف التي تحققها الألعاب التربوية، وأهمها: الألعاب التربوية أداة تعلـّم، تنمي الجوانب المعرفية، والاجتماعية، و الفكرية، و تتيح الفرصة أمام الفرد للتّعرف على قدراته الطبيعية، لتبيّن وظائف الألعاب التّربوية، ومنها: أنها أداة تربوية تساعد في تفاعل الطفل مع عناصر البيئة ومكوّناتها، وتقرب المفاهيم بغية إدراكها، وتكشف الفروق الفردية، كما أنها تعلم الأطفال قواعد السلوك و أساليب التّواصل...
يلي ذلك إبراز دور المعلم في تعامله بيداغوجيا مع اللّعب التربوي مجسدا في الخطوات التي يعتمدها لـحصر الألعاب المتوفرة في البيئة المحلية، والتخطيط لاستغلالها وفق الأهداف الموضوعة لها، وتحديد لوازمها المعنوية ( مفردات لغوية، أمثال، قصص قصائد..) والمادية( أدوات منزلية، زراعية، أدوات البناء والتركيب..) إضافة إلى ابتكارها باستغلال مواهب المتعلمين، ثم اختيار الوقت والمكان المناسبين لتنفيذ اللعبة وصولا إلى إيضاح دور النشاط العلمي في إثراء حياة التلميذ وتحقيقه بهدف غرس حب الاستطلاع فيه وتمكينه من عمليات التحليل والتعليل والقياس والاستدلال.


 اللـّعب في مرحلة الطفولة (الفصل الثاني، ص 37 –72 )
إذا كان اللـّعب وسيطا تربويا يمكـّن الطفل من التـّكوين النّفسي و وضع أسس النشاط التعليمي التربوي؛ فإن هذا الفصل من خلال أهدافه يعتبر اللعب أداة لتطوير الطفل حركيا، حتى يصل إلى الاتـّزان الذي يساعده على التـّعلم و الاستكشاف بتنشيط القدرات العقلية، كما يعتبر اللعب أداة تعويض وتعبير؛ لأن الطفل الذي لا يستطيع القيام ببعض الأفعال فإنه يمارسها مع اللـّعب خاصة إذا سمع كلاما لا يروقه، أو ضرب عقابا له حيث يخاطب لعبته بما يريد قوله أو فعله للكبار تعبيرا عن عدم رضاه. و هذا ما يتيح له فرصة التعبير عما بداخله من جهة، والتواصل مع الغير من جهة أخرى.
ويمكّن اللـّعب الكبار من اكتشاف مشكلات الصغار حين يراقبونهم و هم يلعبون. و ما دامت اللعبة أداة بيد الطفل تخدمه و تنميه؛ فإن اختيارها يخضع لشروط، أهمها: أن تكون بألوان زاهية جذابة، قابلة للغسل، غير حادة الأطراف، مناسبة لمستوى الطفل، وتمكـّنه من تقليد الكبار. و من الألعاب التي تنمي الحركات الجسمية و العمليات العقلية في رياض الأطفال والأقسام التحضيرية: ألعاب المراجيح، ألعاب الطين و الرمل، ألعاب الفك و التركيب و الأشغال اليدوية و غيرها.
من هنا يكمن دور المعلم المربي في التخطيط ورسم الأهداف واختيار اللعب التي تحققها لبناء شخصية الطفل في أبعادها الجسمية، العقلية، والوجدانية تحقيقا للاتـّزان النفسي و التكيّف الاجتماعي. ويصل المؤلف في النهاية إلى تصنيف الألعاب وفقا لقيمتها التربوية مقترحا بعضا من الألعاب التربوية في الرياضيات واللغة والأشغال اليدوية.

 تربية الطفل المبدع ( الفصل الثالث، ص 73 – 120 )
يعرف العالم اليوم معضلات جمّة تقتضي استخدام الفكر الخلاق المبدع القادر على إيجاد العلاقات بين الأشياء و الظواهر، لذا كان اهتمام العديد من الدول – المتقدمة خاصّة – بالمفكرين الذين ينتجون الأفكار و يجسدونها في شكل آليات تساعد على تنفيذ الأفكار والحلول الكفيلة بالتصدي للعراقيل و المشاكل التي تحول دون تقدم الأمم. وفي هذا الصدد يندرج الفصل بتناوله مفاهيم الإبداع ( الخلق ) ومكوناته مبينا مراحلها الأربع (الإعداد، الاحتضان، مرحلة الإلهام، و مرحلة التحقيق) ليتطرق بعدها إلى خصائص المبدع (الخالق) و منها: حّب الاستطلاع، الرغبة في التقصي، و مرونة التفكير، و الثقة بالنفس، و القدرة على التحليل و التركيب، وعدم العمل ضد المعايير الاجتماعية، وغيرها. ثم ينتقل إلى عرض معوقات الإبداع ( الخلق ) التي تظهر في: الأسرة، والمدرسة، والمجتمع، مبيّنا طريقتي الإبداع ( الخلق) من خلال: برامج تدريبية قصيرة المدى، وأخرى طويلة المدى. كما يقدّم أساليب الكشف عن المتفوقين و الموهوبين عبر مرحلتي: الترشح، و الاختبارات التي تشمل: اختبار الذكاء الفردي، و الذكاء الجمعي، و الاستعداد المدرسي وغيرها.
و بعد كشــف المتفوقيــن والموهوبين، يعرض أساليب تدريسهم لتنمية قدراتهم اعتمادا على نشاطات مفتوحة تستخدم فيها الأسئلة المتباعدة، والتقصّي والاكتشاف، وكذا الألغاز و الألعاب التربوية، بمراعاة البيئة المدرسية التي يقدم فيها جملة من المقترحات التي تدخل في: تخطيط الدراسة، و الأنشطة المدرسية، والأبنية المدرسية، فضلا عن أساليب التعامل مع المتمدرسين.
و بعد هذا كله، يركز الكاتب على الدور الخاص بالوالدين في تربية الطفل سواء أكان من ذوي القدرات العقلية المحدودة، أم من المتفوقين. ليصل إلى استراتيجيات تدريس المتفوقين المتمثلة في: المسائل الأكثر صعوبة، و اختصار المنهج و خطواته، إثرائه. ثم يختم بجملة من القضايا التربوية المهمة و هي: الإسراع في تطبيق المناهج للوصول إلى مستوى أعلى، و هذا بواسطة: الالتحاق المبكر برياض الأطفال، و تخطي الصفوف الدراسية، و إنهاء صفين دراسيين في عام واحد، والإسراع في مادة دراسية واحدة، مع اعتماد التقييم الموضوعي لأعمال المتفوقين وفق مقاييس متـّفق عليها، باستثناء أنشطة الإثراء و الدّعم التي لا تخضع للتقييم و التقدير؛ كونها خارجة عن المنهج العادي.

 الألعاب (الفصل الرابع، ص 121 – 138)
خصّص هذا الفصل لاقتراح جملة من الألعاب المتنوعة، وهي: ألعاب عيدان الثقاب في شكلين مختلفين، و ألعاب مساحة في شكل واحد باعتماد عيدان الثقاب، و لعبة مطابقة العدد بالصورة و العكس، و تمثلت في مجموعة من الورود المرقمة يتم فيها توصيل الصورة بالجملة المناسبة من خلال ضبط الأعداد، و لعبة السلم العددي التي تصلح للتلاميذ فوق 6 سنوات، ولعبة المهارات الحسابية باعتماد أعواد الثقاب، و تصلح للتلاميذ الذين بلغوا 8 سنوات فما فوق، و لعبة الترتيب و هي لعبة تنمّي التفكير و الإدراك المكاني، و تصلح للتلاميذ الذين بلغوا 6 سنوات فما فوق. وهكذا وردت ألعاب البرج، و النقود، و جمع و طرح الأعداد، و لعبة القطار، والمربعات، و الثعلب و الإوزات، مشفوعة بأعمار الأطفال المناسبة لها، و ملحقة بطرائق لعبها.
الألغاز والأحاجي (الفصل الخامس، ص 139 – 150 )
يقدم هذا الفصل مجموعة من الألغاز و الأحاجي التي يتفاوت مستواها بحسب أعمار التلاميذ من 6 إلى 15 سنة. و قد تمثلت في الأوزان و الأشكال الهندسية وقياس الزّمن، ومعرفة العدد، و إيجاد الجذر، و إزالة المستطيل، و قابلية القسمة، و لغز حكم الإعدام، و شرط الأميرة، و الطريق الأقصر، و الميزان ذي الكفتين، و القهوة و الشاي... وغيرها، وتقديم ملاحظات و إرشادات و شروط في البعض الآخر، لتيسير الوصول إلى الحلول المطلوبة، مع الإشارة إلى العمر الزّمني للتلاميذ في كل لغز أو أحجية.

 الاستقصائيات (الفصل السادس، ص 151 – 168 )
اعتمد الاستقصاء في هذا الفصل لتعويد التلاميذ على البحث بغية تنمية التفكير، باستخدام الملاحظة الدقيقة لكسب المعرفة اللازمة من خلال كل لعبة. و قد تمثلت هذه الألعاب في حساب عدد المربعات، و حساب النتائج باعتماد الأعداد الحسابية، لوضع الإشارات المختلفة في العملية الواحدة للوصول إلى النتيجة المدوّنة، و قد تنوعت أشكال العمليات من اعتماد الرقم الواحد المكرر، و مجموعة الأرقام المختلفة، إلى عرض مسائل تحتاج إلى إعمال الفكر و تطبيق القوانين الحسابية، مع اعتماد بعض الأنماط و الأشكال، و مجموع مربعات الأعداد، والمتتاليات، والأعداد المنعكسة التي تقرأ من اليمين إلى اليسار، و من اليسار إلى اليمين، دون تغيير في القيمة، و كذا اعتماد بعض الصّفات التي صارت ألقابا لشخصيات عبر التاريخ. و قد ألحقت – و بطرائق مختلفة – ببعض المطالب و الملاحظات و الطرائق والأسئلة، لمساعدة التلاميذ على دقة الملاحظة، و العمل في الاتجاه السليم لإيجاد الحلول وكسب المعرفة.
الأنشطة الترّبوية (الفصل السابع، ص 169 – 202 )
يقدم هذا الفصل مجموعة من الأنشطة التربوية التي تدعم التفكير و الحيّل في إيجاد طرائق الحلول، و هذه الأنشطة تتمثل في الجانب الحسابي: الكسر المناسب، عدد المثلثات، العدد الدّوري، العدد المكرر، تصنيف الأعداد الأولية وكيفية التحقق منها، إيجاد الأعداد المنعكسة، حساب الارتفاع بطريقتي الظل و المرآة، جمع عدد من منزلتين مع عكسه و كشف قابلية قسمته على (11)، مربع عدد مكوّن من منزلتين و آحاده (5)، خصائص غير عادية للأعداد، استراتيجيه ضرب عدد مكوّن من منزلتين بآخر مكوّن من منزلتين، و طرائق الحصول على نتائج متماثلة، الأخطاء الجبرية، حل مسألة اعتمادا على تفريغ سائل بين أواني مختلفة السّعة للوصول إلى تقسيم متساو، ليصل في النهاية إلى عملية اعتمد فيها على الحروف الأبجدية و ما يقابلها من قيم عددية وإجراء العمليات الحسابية بإجراء التعويض، مع بعض الاقتراحات والحلول التي تمثل البدائل والملاحظات بحسب طبيعة كل عمل.

 الألعاب التربوية الحياتية (الفصل الثامن، ص 203 – 236 )
الألعاب التربوية أنشطة يمكن أن تتم داخل المدرسة أو خارجها، بصفة فردية أو جماعية تحت قيادة شخص له قدرة التوجيه سواء أكان المشرف مدرسا أم ولي أمر. بحيث يختار اللعبة المناسبة في المكان والوقت المناسبين مع مراعاة سن التلميذ. فإذا توفرت هذه الشروط فإن اللعبة تبعث المتعة في سن المتعلم، وتدفعه إلى إثبات مهاراته. و مما ينبغي مراعاته في اختيار اللعبة التربوية: أن تتناسب الكلمات و النّصوص والمسائل مع قدرات التلاميذ، و أن تتنوع لتكون مشوقة غير مملـّة، وأن تتدرج من حيث المستوى من الأسهل إلى الأصعـب ليكسـب التلميـذ فـي الألعـاب الأولى ثقة في نفسه يواجه بها الصعاب التي قد تعترضه في الألعاب الصعبة، وأن ترتبط هذه الألعاب والنشاطات بحياة التلميذ العملية و التعليمية، ولا عيب في توجيه التلاميذ إلى استخدام المعاجم اللغوية والعلمية بعد تعليمهم وتعويدهم على استخدامها. إن هذا الفصل يعرض مجموعة من الألعاب التربوية التي تنمي فكر التلميذ و ذكاءه، كلعبة الأعداد الصحيحة، و الأشكال الهندسية، لعبة التركيب والتحليل، ولعبة العمليات الحسابية الأربع، وغيرها. و قد ذيلت هذه الألعاب بتبيان طرائق تنفيذها..

 أنشطة تقويمية لتنمية التفكير (الفصل التاسع، ص 237 – 260 )
يعرض هذا الفصل مجموعة من الألعاب ذات الطابع الرياضي الهندسي واللغوي منها: لعبة تحديد الشّاذ من الأشكال الهندسية ، ومهارة الملاحظة، والمترادفات والأضداد ، ولعبة متتاليات الأرقام ، ومصفوفة الأشكال الهندسية و علاقة الكلمات ببعضها، وكذا العلاقات بين المجموعات كالاحتواء و التقاطع، و الرسوم البيانية باختلاف أشكالها: التمثيل بالأعمدة، المدرج التكراري، المنحنى التكراري، المنحني المتجمع الصاعد، و غيرها.
و قد اعتمد في تقديم هذه الألعاب على سلاسل من الأشكال الهندسية المتنوعة بحسب طبيعة كل لعبة، و على مصفوفات لغوية تمثل البدائل المقترحة لاختيار الجواب المناسب من متعدّد، مع تقديم الحلول المناسبة لبعض الألعاب.

أهمية الكتاب و قيمته
يبدو الكتاب ذا أهمية كبرى بالنظر إلى المادة المتضمنة في فصوله، وإلى اهتمامه بتنمية ذكاء المتعلمين ومدّهم بالمهارات اللازمة ودفعهم عبر الألعاب المقترحة لمختلف الأعمار والمستويات إلى الملاحظة الدقيقة، والاستقصاء، فضلا عن تعويدهم التفكير الصائب المنتج والاعتماد على النفس وإيجاد الحلول التي تولّد فيهم رغبة التعلـّم، وتمدهم بالطاقة اللازمة لمواجهة صعوبات الدراسة والحياة.
و هو صورة للجهد الكبير الذي بذله صاحبه في الاستقصاء و التحري من خلال عودته إلى عديد المراجع العربية والأجنبية، التي لا تقل عن في مجموعها عن 65 كتابا، إضافة إلى الإجابات والحلول التربوية والإجرائية المقترحة في أواخر صفحاته.