منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   مجرد رأي: التعليم... الخصوصي رهين العمومي (https://www.profvb.com/vb/t106701.html)

abo fatima 2012-10-12 23:10

مجرد رأي: التعليم... الخصوصي رهين العمومي
 




مجرد رأي: التعليم... الخصوصي رهين العمومي

الأربعاء, 10 أكتوبر 2012 15:51




رحم الله زمنا كانت فيه المدارس الخصوصية تشكل ملاذا للفاشلين من التلاميذ بعد أن تكون قد نبذتهم المدرسة العمومية التي بقيت منذ منتصف الستينات من القرن الماضي، صامدة كالطود في شموخ لا يلين أمام توالي الضربات من كل الجهات؛ النقص في الإمدادات، التراجع في الإنفاق وتواتر الاختلالات. وكانت بداية هذا التوجه مع القرار السياسي الذي دشنه وزير التعليم الدكتور بنهيمة سنة 65 ، وهو التوجه الذي أمكن اعتباره منذ ذلك الحين تكريسا رسميا لبداية شيوع النظرة التبخيسية تجاه التعليم العمومي. وإذا كانت الضغوط المالية والإكراهات الاقتصادية هي التي أدت بالدولة إلى اختيار طريق التراجع في الإنفاق على التعليم العمومي، فإن العوامل نفسها هي ما سيؤدي بالملك الحسن الثاني إلى التعبير عن رغبته في حذف مجانية التعليم العمومي. لكن إصرار الأحزاب السياسية والهيآت النقابية على التمسك بمبدأ المجانية باعتبارها مكسبا شعبيا وخيارا وطنيا وجد لخدمة أبناء مختلف فئات المجتمع المغربي، هو ما سيحبط مختلف محاولات الإجهاز على مبدأ المجانية ولو كانت صادرة عن أعلى قمة في هرم الدولة آنذاك.
إلا أن رد الفعل الرسمي كان قويا غاضبا وحاسما؛ فقد تم الإقرار بخوصصة التعليم حسب توجه ينبني على مقومات وأسس جديدة تمكنه من القدرة على المنافسة والصمود في وجه المدرسة العمومية، وذلك في مقابل ما سيطرأ على هذه الأخيرة من تراجع ممنهج على مختلف المستويات المادية والرمزية إمعانا من أصحاب القرار في تهميشها حتى يتوجه الناس بأبنائهم إلى المدارس الخصوصية عن اختيار طوعي. إن إفراغ المدرسة العمومية من محتواها العلمي وعمقها التربوي وبعدها الرمزي هو السبيل إلى أن تفقد المشروعية الاجتماعية التي هي أساس ثقة الناس بها، ويتحقق تبعا لذلك الهدف من تشجيع الدولة للقطاع الخاص كي يسهم في تخفيف العبء المالي الذي تعانيه بقدر ما يتوسع مجاله وتنفتح أبوابه مشرعة أمام أطماع المستثمرين.
وهكذا ولد القطاع الخاص بالحقل التعليمي مسنودا بقرارات سياسية قوية استجابة لإكراهات اقتصادية وسياسية معينة، ولقي من الحظوة في الرعاية والدعم في الاستثمار ما جعل هذا النمط من التعليم أشبه ما يكون بالطفل المدلل الذي لا حدود لمطالبه ولا قيود لتصرفه ولا ضوابط لسلوكه، ولذلك وجد فيه المستثمرون ما يلبي حاجتهم من استغلال فرص الاستفادة من مشروع وفير الربح بدون رقيب ولا حسيب، لذلك تكالبت عليه أيادي الرأسمالية المضارباتية، والنزعات الإقطاعية المتخلفة، حتى أضحى اليوم اللوبي المهيمن على القطاع لا يتردد في تجاوز الحدود المسموح بها في الكتاب المدرسي والمناهج المقررة، وفي خرق سافر للقوانين المنصوص عليها سواء القانون المنظم للقطاع أو دفتر التحملات. ومن ذلك أن معظم أرباب المدارس الخاصة لا ينضبطون لمقتضيات القانون 06.00 المنظم للقطاع، لأنهم ألفوا ألا يمتثلوا للمذكرات التنظيمية سواء تلك التي تحمل رقم 1 لسنة 2002، أو التي تحمل رقم 109 لسنة 2008، فكيف لهم اليوم أن ينصاعوا لمقتضيات مقرر الوزير الحالي لقطاع التربية والتعليم الذي يقضي بتوقيف العمل مؤقتا بمقتضيات المذكرة 109 فيحكمون على أنفسهم بالحرمان النهائي من الاستفادة من مصدر الغنى الوفير والربح الغزير الذي ألفوا التمتع به على حساب المدرسة المغربية العمومية التي يستنزفون طاقة خيرة أطرها وأكفأ مربيها بزهيد الأجور.
والواقع أن التعليم الخصوصي يحتاج من الدولة إلى مراجعة جذرية ضمن استراتيجية شاملة للمنظومة التعليمية ككل من أجل إعادة هيكلته ووضعه في السياق التربوي المنسجم مع النسق التعليمي المغربي بشكل عام، وهذا ما يدعونا إلى العودة إلى هذا الموضوع في محور خاص.

المكي ناشيد, باحث تربوي


الساعة الآن 09:01

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd