خواطر فريدة من نوعها أيها الشاعر أبو مهدي، لي عظيم الشرف أن أشرب عبيرها من حين لآخر ، وسأعود من دون أي شك لأمارس طقوس القراءة لمنشوراتك هذه بين الفينة والأخرى ، عواشر مبروكة وكل عام وحضرتك أقرب إلى الله

4/طوق الياسمين
شكراً..
لطوقِ الياسَمينْ
وضحكتِ لي ..
وظننتُ أنّكِ تعرفينْ
معنى سوارِ الياسمينْ
يأتي بهِ رجلٌ إليكِ ..
ظننتُ أنّك تُدرآينْ ..
.. وجلستِ في رآنٍ رآينْ
تتمشين
وتُنقِّطين العطرَ من قارورةٍ
وتدمدمينْ
لحناً فرنسيَّ الرنينْ
لحناً آأيّامي حزينْ
قَدماكِ في الخُفِّ المُقَصَّبِ ..
جَدولانِ منَ الحنينْ
وقصدتِ دولابَ الملابسِ ..
تَقلعينَ .. وترتدينْ
وطلبتِ أن أختارَ ماذا تلبسينْ
أَفَلي إذنْ ؟
أَفَلي إذنْ تتجمَّلينْ ؟
ووقفتُ .. في دوّامةِ الألوانِ ملتهبَ الجبينْ
الأسودُ المكشوفُ من آتفيهِ .. هل تتردّدينْ ؟
لكنّهُ لونٌ حزينْ !
لونٌ آأيّامي حزينْ
ولبستِهِ .. وربطتِ طوقَ الياسمينْ
وظننتُ أنّكِ تَعرفينْ ..
معنى سوارَ الياسمينْ
يأتي بهِ رجلٌ إليكِ ..
ظننتُ أنّكِ تُدرآينْ ..
*
هذا المساءْ ..
بحانةٍ صُغرى رأيتُكِ ترقصينْ
تتكسَّرينَ على زنودِ المُعجَبينْ
تتكسَّرينْ ..
وتُدَمدمينْ ..
في أُذنِ فارسِكِ الأمينْ
لحناً فرنسيَّ الرنينْ ..
لحناً آأيّامي حزينْ ..
وبدأتُ أآتشفُ اليقينْ
وعرفتُ أنّكِ للسّوى تتجمَّلينْ
ولهُ ترُشِّينَ العطورَ ..
وتقلعينَ .. وترتدينْ ..
ولمحتُ طوقَ الياسمينْ ..
في الأرضِ مكتومَ الأنينْ
آالجُثَّةِ البيضاءَ .. تدفعُهُ جموعُ الراقصينْ
ويهمُّ فارسُكِ الجميلُ بأخذِه ..
فتُمانعينْ ..
وتُقَهقِهينْ ..
" لا شيءَ يستدعي انحناءَكَ ..
ذاكَ طوقُ الياسمينْ .. يتبع ان شاء الله / ابو المهدي

(5)
قصيدة الحزن
علَّمَني حُبُّكِ أن أحزن
وأنا مُحتَاجٌ منذُ عصور
لامرأةٍ تَجعَلَني أحزن
لامرأةٍ أبكي بينَ ذراعيها
مثلَ العُصفُور..
لامرأةٍ تَجمعُ أجزائي
آشظايا البللورِ المكسور
علَّمني حُبّكِ .. سيِّدتي
أسوأَ عادات
علّمني أفتحُ فنجاني
في الليلةِ آلافَ المرّات
وأجرّبُ طبَّ العطّارينَ ..
وأطرقُ بابَ العرّافات
علّمني .. أخرجُ من بيتي
لأمشِّط أرصفةَ الطُرقات
وأطاردَ وجهكِ ..
في الأمطارِ، وفي أضواءِ السيّارات
وأطاردَ طيفكِ ..
حتّى .. حتّى ..
في أوراقِ الإعلانات ..
علّمني حُبّكِ ..
آيفَ أهيمُ على وَجهي ساعات
بَحثاً عن شِعرٍ غَجَريٍّ
تحسُدُهُ آُلُّ الغَجريّات
بحثاً عن وجهٍ .. عن صوتٍ ..
هوَ آُلُّ الأوجهِ والأصوات
*
أدخلني حبُّكِ سيِّدتي
مُدُنَ الأحزان
وأنا من قبلكِ لم أدخل
مُدُنَ الأحزان ..
لم أعرِف أبداً .. أن الدمعَ هو الإنسان
أن الإنسانَ بلا حزنٍ..
ذآرى إنسان ..
علّمني حبكِ ..
أن أتصرَّفَ آالصّبيان
أن أرسمَ وجهك ..
بالطبشورِ على الحيطان
وعلى أشرعةِ الصَّيادين ..
على الأجراسِ ..
على الصُّلبان ..
علّمني حبكِ ..
آيف الحبُّ يغيّرُ خارطةَ الأزمان
علّمني .. أنِّي حينَ أُحِبُّ
تكُفُّ الأرضُ عن الدوران ..
علّمني حُبك أشياءً ..
ما آانت أبداً في الحُسبان
فقرأتُ أقاصيصَ الأطفالِ ..
دخلتُ قصورَ ملوكِ الجان
وحلمتُ بأن تتزوجني
بنتُ السلطان
تلكَ العيناها .. أصفى من ماء الخُلجان
تلك الشفتاها .. أشهى من زهرِ الرُّمان
وحلمتُ بأني أخطِفُها ..
مثلَ الفُرسان ..
علَّمني حُبُّكِ ، يا سيِّدتي ، ما الهذيان
علّمني .. آيفَ يمرُّ العُمر ..
ولا تأتي بنتُ السلطان ..
علمني حبك ..
آيف أحبك في آل الأشياء
في الشجر العاري ..
في الأوراق اليابسة الصفراء
في الجو الماطر ، في الأنواء
في أصغر مقهى ..
نشرب فيه ، مساءً ، قهوتنا السوداء
علمني حبك أن آوي ..
لفنادق ليس لها أسماء ..
وآنائس ليس لها أسماء ..
ومقاه ليس لها أسماء ..
علمني حبك ..
آيف الليل يضخم أحزان الغرباء
علمني .. آيف أرى بيروت
إمرأة .. طاغية الإغراء
إمرأة .. تلبس آل مساء
أجمل ما تملك من أزياء
وترش العطر .. على نهديها ..
للبحارة والأمراء ..
علمني حبك ..
أن أبكي من غير بكاء
علمني .. آيف ينام الحزن
آغلام مقطوع القدمين
في طرق " الروشة " و " الحمراء "
علّمني حُبُّكِ أن أحزن ..
وأنا مُحتَاجٌ منذُ عصور
لامرأةٍ .. تَجعَلَني أحزن
لامرأةٍ .. أبكي بينَ ذراعيها ..
مثلَ العُصفُور ..
لامرأةٍ .. تَجمعُ أجزائي
آشظايا البللورِ المكسور

(6 )
قارئة الفنجان
جَلَسَت .. والخوفُ بعينيها
تتأمَّلُ فنجاني المقلوب
قالت :
يا ولدي .. لا تَحزَن
فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب
يا ولدي
قد ماتَ شهيداً ..
من ماتَ على دينِ المحبوب
فنجانك .. دنيا مرعبةٌ
وحياتُكَ أسفارٌ وحروب ..
ستُحِبُّ آثيراً يا ولدي ..
وتموتُ آثيراً يا ولدي ..
وستعشقُ آُلَّ نساءِ الأرض ..
وتَرجِعُ آالملكِ المغلوب ..
*
بحياتك يا ولدي ، امرأةٌ ..
عيناها ، سبحانَ المعبود
فمُها .. مرسومٌ آالعنقود
ضحكتُها ، موسيقى و ورود
لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ ..
وطريقكَ مسدودٌ .. مسدود
فحبيبةُ قلبكَ .. يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
والقصرُ آبيرٌ يا ولدي
وآلابٌ تحرسُهُ .. وجنود
وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ ..
من يدخُلُ حُجرتها مفقود ..
من يطلبُ يَدَها .. من يَدنو ..
من سورِ حديقتها مفقود
من حاولَ فكَّ ضفائرها
يا ولدي ..
مفقود .. مفقود .. مفقود ..
*
بصَّرتُ .. ونجَّمت آثيراً
لكنّي .. لم أقرأ أبداً
فنجاناً يشبهُ فنجانك
لم أعرف أبداً يا ولدي
أحزاناً تشبهُ أحزانك
مقدُورُكَ .. أن تمشي أبداً
في الحُبِّ .. على حدِّ الخنجر
وتَظلَّ وحيداً آالأصداف
وتظلَّ حزيناً آالصفصاف
مقدوركَ أن تمضي أبداً
في بحرِ الحُبِّ بغيرِ قُلوع
وتُحبُّ .. ملايينَ المَرَّاتِ ..
وترجعُ آالملكِ المخلوع ..

يتبع عما قريب ان شاء الله/ عيد مبارك سعيد / ابو المهدي