منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   القران الكريم (https://www.profvb.com/vb/f40.html)
-   -   التقديم والـتأخير في القرآن (https://www.profvb.com/vb/t106148.html)

abo fatima 2012-10-04 18:57

التقديم والـتأخير في القرآن
 
التقديم والـتأخير في القرآن
يترابط سياق العديد من اللغات بترتيب مفرداتها، حيث تحمل الرتبة المسندة للكلمة داخل التركيب وظائف نحوية أودلالية مختلفة. إذ قد يؤدي تغيير الترتيب، في الفرنسية مثلا إلى خلط من القول، لكن العربية لا تؤسس نسقها الوظيفي على نظام التركيب فقط، بل هناك العديد من القرائن التي تحدد وظائف الكلمات. والتي بمكن تحديدها في:
ـ الخاصية الإعرابية التي تكشف عن كثير من العلاقات الوظيفية الرابطة بين الكلمات.
ـ خصائص الترابط التركيبي التي ينعكس أغلبها في صورة قرائن صرفية أوإعرابية مثل علاقات المطابقة والربط والتضاد.
وقد وفرت هذه الخصائص للجملة مرونة تركيبية واضحة في رصف الكلمات. وتحمل هذه الحركة التحويلية بعدا دلاليا كامنا وراء إعادة ترتيب الكلمات. فقد ذهب الزمخشري إلى أن الغرض الأساسي من التقديم هوالاختصاص، أي اختصاص الركن المقدم بالحدث نحو: (إياك نعبد وإياك نستعين).وقد تابعه في هذا الرأي العديد من البلاغيين والمفسرين.
لكن الرأي الذي سار عليه غالبية النحاة هوالذي عبر عليه إمامهم بقوله: «كأنهم إنما يقدمون الذي بيانه أهم لهم وهم بيانه أعنى، وإن كانا جميعا يهمانهم ويعنيانهم. ومن هذا النوع من التقديم قوله تعالى «قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» فقدم الفعل (آمنا على الجار والمجرور وأخّر توكلنا عن الجار والمجرور وذلك كما قال الزركشي «الإيمان لما لم يكن منحصراً في الإيمان بالله بل لا بد معه من رسله وملائكته وكتبه واليوم الأخر وغيره مما يتوقف صحة الإيمان عليه، بخلاف التوكل فإنه لا يجوز إلا على الله وحده لتفرده بالقدرة والعلم القديمين الباقيين، قدّم الجار والمجرور فيه ليؤذن باختصاص التوكل من العبد على الله دون غيره لأن غيره لا يملك ضراً ولا نفعاً فيتوكل عليه».
ولذا، فإن خانة الصدارة لا تحمل وظيفة شكلية في تحديد نمط الجملة فقط ، بل تضاف إليها وظيفة دلالية تتمثل في تركيز الاهتمام والعناية على الركن الذي يشغلها. وعبر عنه الجرجاني بقوله: «واعلم أنا لم نجدهم اعتمدوا فيه شيئا يجري مجرى الأصل غير العناية والاهـتمام». والأمثلة على ذلك كثيرة: «أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ» و«إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ» و«إِلَيْهِ أَدْعُووَإِلَيْهِ مَآَبِ» و«إلَى رَبّكَ يَومئذٍ المَساق».
ونخلص من هذا إلى أن الموقع الصدري يحمل أدوارا شكلية تتمثل في تحديد نمط الجملة اسمية كانت أوفعلية، ودلالية تبرز في الاهتمام والاعتناء بالكلمة المتصدرة، وتركيبية تظهر في قوة العنصر المقدم عامليا وتأثيره في باقي الكلمات .
وهكذا يتميز نظام الجملة العربية بمرونة تركيبية. حيث نلحظ نوعا من الحرية النسبية في ترتيب الكلمات داخل نمطي التركيب العربي. وقد أتاح لها هذه الإمكانية كون العربية لغة إعراب، إذ أسندت للعلامة الإعرابية أدوارا وظيفية في التمييز بين المعاني التركيبية. إلا أن هذه الحرية، بالرغم من وجود هذه العلامة، تخضع لضوابط وقيود مستمدة من النصوص المسموعة عن العرب، لأنه ليس كل ما يركب يصح فيه التقديم والتأخير. إذ العبارة إنما تدل على المعنى بوضع مخصوص فإن بدل ذلك الوضع والترتيب زالت تلك الدلالة. وأهم هذه القيود هي: أمــن اللــبــس وحــفـــظ الــــمـراتـب بين المكونات.
فالقرآن يقدم الألفاظ ويؤخرها حسبما يقتضيه المقام فقد يكون سياق الكلام مثلاً متدرجاً حسب: القدم والأولية في الوجود : فيرتب ذكر الكلمات على هذا الأساس فيبدأ بالأقدم ثم الذي يليه وهكذا نحو «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» فخلق الجن قبل خلق الإنس بدليل قوله تعالى: «وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ» فذكر الجن أولاً ثم ذكر الإنس بعدهم. ومن ذلك تقديم عاد على ثمود «وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ»، والليل والنهار «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ». وقد يكون التقديم بحسب الفضل والشرف منه تقديم الله سبحانه في الذكر، كقوله تعالى : «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا».
وقد يكون التقديم بحسب الرتبة مثل الجباه والجنوب والظهور في قوله تعالى « يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ».
وكما قال فاضل السامرائي أن هذه النماذج» تدل دلالة واضحة على أن التعبير القرآني تعبير مقصود كل لفظ فيه وضع وضعاً فنياً مقصوداً وأنه لم يقدم لفظة على لفظة إلا لغرض يقتضيه السياق. وقد روعي في ذلك التعبير القرآني كله ونظر إليه نظرة واحدة شاملة».

خادم المنتدى 2013-12-11 09:24

رد: التقديم والـتأخير في القرآن
 

*******************
شكرا لك على هذا الموضوع
*******************************


الساعة الآن 06:21

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd