منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   منظومتنا التعليمية وفق مفاهيم جديدة: وجهة نظر تربوية (https://www.profvb.com/vb/t103590.html)

abo fatima 2012-08-27 20:29

منظومتنا التعليمية وفق مفاهيم جديدة: وجهة نظر تربوية
 
منظومتنا التعليمية وفق مفاهيم جديدة: وجهة نظر تربوية
ذ.حفيظ الإدريسي

نستهل الدخول المدرسي لهذا الموسم كالمعتاد بوجهة نظر تربوية ليس من الضروري أن تتفق أو تتعارض مع وجهات النظر التي انتبهت وما تزال منتبهة إلى ما وصل إليه الوضع التعليمي ببلادنا دون أن تقف عند حدود ذلك الانتباه؛ و إنما حاول أصحابها تقديم أجوبة تربوية لبعض المشاكل و الإشكاليات المقلقة التي يتخبط فيها عالم التربية والتكوين بالمغرب كل وفق الزاوية التي ينظر بها إلى ذلك العالم الذي لن تستقيم أحواله إلا بفتح حوار عميق يتمفصل حول كل الهموم والاهتمامات؛ ويأخذ بعين الاعتبار مصلحة الوطن التي تأتي فوق كل اعتبار.. لن نسير في اتجاه التذكير بواقع التعليم المغربي المؤلم؛ والذي آلمنا كثيرا هو الانتساب إليه في هذه الظرفية التي أسندت فيها الأمور إلى غير أهلها: فمنذ متى كان يقرر المقاول في مضامين كراسة المعلم و التلميذ معا؟ ومنذ متى كان التعليم رهين مذكرات مزاجية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها كانت بعيدة كل البعد عن الواقع المعاش داخل الصف؟

إن قضية التربية أسمى من أن تختزل في مجرد مسألة مادية أو تقنية صرفة؛ كما لم تكن بتلك البساطة التي يتصورها البعض؛ إنها قضية وجود ومصير أمة، وهذا الكلام لسنا بصدد إثباته أو تنبيه الغافلين إلى ضرورة الوعي به..بيد أننا نتوخى من وراء كتابة هذه الأسطر البسيطة تسليط أضواء كاشفة و من خلال سلسلة من الحلقات التربوية التي ستنشر تباعا على مشهدنا التعليمي، والبداية اخترنا لها أن تكون مفاهيمية بالأساس، وتهم إدخال تعديلات معرفية على بعض المفاهيم المهيكلة لحقلنا التربوي و التعليمي.

ذلك أن من بين التحديات الخطيرة التي تواجهها المدرسة المغربية في الوقت الراهن، هي مدى قدرتها على مواجهة ظواهر وسلوكات جديدة أفرزتها تحولات مجتمعية عديدة، وأخطر تلك الظواهر تتجلى في انتشار مظاهر الانحراف، والتطرف والإقصاء في البيئة التربوية؛ ودون الخوض في أسباب تلك الظواهر، سأكتفي بطرح بعض المفاهيم التي أعتقد أن ترسيخها في منظومتنا التربوية من شأنه أن يساهم في بناء علاقات جديدة بين الفاعلين التربويين أساسها التسامح والانفتاح والتعايش مع الآخر؛ ومن بين أهم تلك المفاهيم هو السعي نحو بناء تصورات جديدة حول بعض القضايا كالمعرفة والتربية ومفهوم الذات والآخر:

1 – نحو مفهوم جديد للمعرفة:

مازالت مدرستنا وللأسف الشديد ترتكز على ثنائية الخطأ والصواب، أي أن المعرفة هي إدراك مطابق للواقع إدراكا يقينيا، قد يقود نحو انتشار مواقف إطلاقية تقصي الرأي الأخر على اعتبار على ما نملكه هو الصواب، وما يعتـقده الآخر هو الخطأ. في وقت كان لزاما على المدرسة أن تؤسس لمفهوم جديد للمعرفة ينبني على تنسيبها، أي أن المعرفة والحقيقة نسبيتين، فالحقيقة ليست صورة مطابقة للواقع بل هي إدراك معين للواقع ذلك أن نفس الأحداث تدرك من طرف أشخاص بطرق مختلفة، وما نعتـقده اليوم حقيقة قد يحتمل الخطأ غدا. إن إدخال مفهوم النسبية إلى منظومتنا التربوية ومناهجنا الدراسية من شأنه تعزيز قيم الحوار واحترام أفكار الغير والإنصات إلى الآخر، والتفاعل الإيجابي معه ومع أفكاره، دون أن يلغي هذا كله القدرة على الإقناع والاقتناع.

2 – نحو مفهوم جديد للتربية

إن أسمى التعريفات للتربية هي أن يتعلم الإنسان "كيف يكون حيا؟؟" وعلى مدرستنا أن تؤسس علاقتها حول هذا المفهوم؛ فالمدرسة يجب عليها أن تزود المتعلم بكل الحاجيات التي تمكنه من أن يحيا حياة سعيدة، أي أن تتجاوز وظيفة الشحن والتلقين واعتبار المتعلم كائنا سلبيا وناقصا، إلى أنشطة أوسع تركز على قيم التمدن والتواصل والتفاعل مع الآخرين، كما يجب أن يجد التلميذ داخل المدرسة كل التصورات الرحبة والمنفتحة التي تجعله يحس أنه جزء من تيار حياة متدفقة بدون انقطاع وأن مستقبله سيكون أفضل من ماضيه. كما يشترط على المشتغلين في الحقل المدرسي والفاعلين التربويين أن يتوفروا على القدر الكافي من القدرة على احترام رغبات المتعلمين؛ ذلك أن للمتعلم عالمه الخاص به، وميولات واهتمامات معينة يجب أن نحترمها كما نحترم غروب الشمس.

3 – نحو مفهوم للذات والآخر

نلاحظ ومع الأسف الشديد مدى استشراء النزعة الفردية، والقيم والسلوكات المرتكزة حول الذات واللامبالاة إزاء الغير. إن انتشار هذه النزعة يقلل من حظوظ التفاهم والتواصل مع الغير؛ فبالرغم من تقدم مختلف المعارف البشرية وتوفر وسائل الاتصال فإن ذلك لم يؤدي إلى تعزيز التفاهم بين الأفراد والجماعات، بل ازدادت حدة عزلة الفرد داخل مجتمعه، أو داخل المؤسسات التربوية. يجب إذا على منظومتنا التربوية أن تؤسس لمفهوم جديد للذات لا ينفصل عن الآخر. وهذا من شأنه أن يحقق الهدف الأسمى للتربية والتكوين، وهو أن يعيش الفرد حياة سعيدة مبنية على قيم الديمقراطية والمسؤولية واحترام الآخرين والتعاون معهم في أفق بناء مجتمع يحب نفسه ويحب غيره.





الساعة الآن 19:14

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd