منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   القصة (https://www.profvb.com/vb/f214.html)
-   -   حياة، لم تُعش.. (https://www.profvb.com/vb/t102908.html)

المشاكسة 2012-08-09 13:37

حياة، لم تُعش..
 
اعتكفت، مرة أخرى في احدى زوايا غرفة النوم، لا يؤنسها في وحدتها سوى سجادة وسبحة،تطيل سجودها لتعذب شيطان الزمن وتبكي...علّ الدموع تبوح بما يعجز اللسان عن نطقه...
تأخذ من لحظات تأملها الطويلة استراحة، فترسم على وجهها ابتسامة مصطنعة، لتتفقد طفليها الحبيبين،فتخدر مشاعرها برهة وهي تقبل جبين النائمَين...لتعود، وهي تتضرع لله أن يلهمها جرعة أخرى من صبر طلقها ثلاثا.
نامت برهة، أو لعل جسدها المنهك أوحى لها بذلك،ثم تنبهت لصوت الباب يفتح،سرت في أوصالها الرعشة اللعينة تلك،وأخذ قلبها يدق بسرعة...سمعت صوته المبحوح يلعن ويعربد كالعادة،فدفنت رأسها بين الوسائد حذر البكاء...
دخل زوجها محمر العينين ثملا، وهو يلعن البلاد والعباد،اقترب منها يسحبها من السرير ويطالبها أن تكون امرأة...أن تجهز له وجبة لن يأكلها، لكنه يمعن في التعذيب لإذلالها...تذعن خوفا على أبنائها والفضيحة، وتتوسله أن يهدأ، فما يزيده ذلك الا تعنثا...
تمر سويعات قليلة قبل أن يستسلم السكير لنومة وليدة الموت،لتنهض من جديد نحو سجادتها والسبحة، تحكي لهما عذاب السنين...
يمر شريط حياتها برقا أمام عينين جميلتين أذبلهما دوام السهروغزارة الدمع، فتتذكر حياة سابقة وحبا أول...تتذكر كيف كان زواجها محض الواجب، كبرت وتوظفت، فتزوجت، تلك سنة الحياة، فرض عليها ان تترك من تحب لأنها في مجتمع محافظ...يحافظ على حكم الاعدام لجنس دون آخر...تزوجت راضية وفي نفسها قناعة الحب بعد الزواج، فأسلمت نفسها لزوج حنون طيب،بسيط التفكير...هكذا كان قبل أن تطفو على السطح مراهقة الكهولة، فيقرر أن يعاقر الخمر متأخرا،ويقرر أن لا واجب يربطه بزوجته، ليقطع بها وبأبنائه كل صلة...يغيب نهارا في العمل، وليلا مع أصدقاء السوء...
تحاول جاهدة ان ترسم له في خلدها ذكرى محبة صافية فلا تستطيع،لتغلف حرقتها بالدعاء والصلاة.
لم تكرهه رغم تقصيره في كل شيء...فراتبه بالكاد يكفي نزواته الجديدة، وقدرته على إرضائها صارت معدومة تماما، ليعوضها بكثرة الصراخ والتعنث...لكنها صبرت، صبرت من أجل فلذتين من كبدها نذرت لأجلهما بقايا روح...
كبر الأبناء، وصار لكل منهما حياته بعيدا عنها،ومات الزوج...لتبقى، مرة أخرى، وحيدة بين جدران باردة،لا يؤنس وحدتها سوى سجادة وسبحة...تطيل السجود لتعذب شيطان الزمن وتبكي...أن لم تعش لأجلها قط.

المشاكسة 2012-08-09 13:47

رد: حياة، لم تُعش..
 
عذرا...لقد وضعت القصة في باب القصص المنقولة بالخطأ، القصة ليست منقولة، أرجو من المشرفين نقلها نحو باب الابداعات الحصرية، شكرا..

omoaminjihad2 2012-08-10 04:18

رد: حياة، لم تُعش..
 
قصة جميلة..........وحزينة..........
اتمنى لك التوفيق في ابداعاتك..........

رشيد زايزون 2012-08-10 07:44

رد: حياة، لم تُعش..
 
لغة راقية ، لمسات أدبية عالية ، قوة في التعبير ، هكذا هي منشوراتك أستاذتي الفاضلة المشاكسة ، من خلال قرائتي للنص القصصي خرجت بمجموعة من الملاحظات والاستنتاجات الذهبية التي جاءت ضمنيا في قصتك كرسالات نبيلة ، فالتمسك بالله كفيل بأن يهب للحياة لذتها وطعهما المبحوث عنه وإن كان العيش في محيط نكد يحيل دون العيش الكريم ، والصبر على الإبتلاء والقناعة بالقدر يجعل المسلم جريئا على مواجهة الغذ، ويجعله قابلا وهو في أعلى درجات الرضى على خسارة مايصعب خسرانه من ولد ومال وصحة وسعادة باعتبارهم أساس العيش الكريم ، فهذا بالتفصيل ما وقع مع بطلتك أستاذتي الفاضلة ، حيث عرفت يقينا أن الكرامة لن تجدها عن السكير - لارحمه الله - أو حتى عند الأولاد الذين تخلو عنها كما جاء في نهاية القصة ،بل التجأت مهرولة تطلب العوض من الرزاق ذو القوة المتين و ممن ملكت أيديه السموات والأرض....شكرا أستاذتي على الإدراج ذو الرسالة النبيلة ، التي استفزتني للرد والمشاركة فيها ، وأحيطك علما أني قد نقلت المشاركة لقسمها في المواضيع الحصرية استجابة لطلبك أعلاه....مودتي لأستاذتي

المشاكسة 2012-08-10 16:20

رد: حياة، لم تُعش..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة omoaminjihad2 (المشاركة 580156)
قصة جميلة..........وحزينة..........
اتمنى لك التوفيق في ابداعاتك..........

للأسف هي قصة حقيقية يا بيضاء القلب...شكرا أختي


الساعة الآن 23:36

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd