2012-06-29, 09:02
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | الإمام الشافعي..."شاري كوارة" | الإمام الشافعي..."شاري كوارة"
الخميس, 28 يونيو 2012 14:02 كان يوم أربعاء استثنائيا، أول يوم يصادف دخولي المدرسي، اعتراني شعور ممزوج بالخوف والرهبة. غادرت «الديبو»، وهو أكبر مستودع لبيع الخشب بالمغرب، ذلك الفضاء المترامي قرب القاعدة الجوية الأمريكية. تجمع سكاني تحت الخيام، الماشية، مشهد ريفي جميل·
تجشمت عناء الانتقال من فضاء إلى آخر. مدرسة «الإمام الشافعي» المعروفة في سيدي يحيى الغرب بلقب «النقابة»، ولا أدرى إلى حدود الآن من أطلق عليها هذا اللقب. ربما يكون المعلم سي بوبكر، الذي كان متخصصا في جلد التلاميذ· مكان جديد علي، تختلف هندسته وبنيته عما ألفته.
فضاء محدود بأسوار إسمنتية، ونوافذ حديدية، حد بصري بعد أن ألفت الخيمة التي كانت تمتلئ في بعض الأحيان بعبيدات الرمى بقيادة الحسن ولد العطار، وامتدادها لأجد نفسي وسط مدرسة تحدها الجدران.
اقتربت ويدي في يد أمي «صفية» رحمها الله، التي لم يسبق لها قط أن ارتدت «الجلابة» وكانت تكتفي فقط «بالجلطيطة»، فقلت لها «الوالدة سأرسب هذه السنة»، فأجابتي «محنا على فالك أولدي»، بعد ذلك هرعنا وسط الساحة. كان الدخول إلى القسم صعبا، سرحت بناظري باحثا عن أوجه الشبه مع خيمتنا، التي كان يعشقها «المحروك الرحواني» كلما حل فيها المغني الشهير الحسن ولد العطار، مرفوقا بجويليل ولد عروبة، وفصلي الذي كان يوجد بالقرب من القيادة التي كان يقودها القائد الدليمي، شقيق الجنرال الدليمي. لم تثرني إلا المحبرة، أردت استكشاف أمرها، لكن وقعت الطامة الكبرى، واندلق الحبر، وتلطخت ثيابي ومعها الطاولة، فكان أول تعارف بيني وبين المعلمة «خديجة» لم أعد أذكر لقبها، هو «طرشة مخيرة» هوت بها علي. تداركت الأمر، محاولا تحسين سلوكي. اعتدت تدريجيا على المكان، فصارت مدرسة «النقابة» بيتي الثاني.
فمقابل وجبة دسمة بمطبخ المدرسة، أصبحت مجبرا رفقة زميلي ادريس مزيود على تنظيف جميع أقسام المدرسة عندما يغادرها التلاميذ والمعلمون.
«فبا محمود» حارس المدرسة رحمة الله عليه، هو صاحب هذه «الصفقة» الأكل مقابل تنظيف الأقسام· وحتى المعلم سي بوزيد، عودنا على حمل وإيصال خبزه إلى فران حومته، مقابل «شدق تاع الخبز».
منذ ذاك الحين، بدأت الأمور تأخذ منحى آخر، الذهاب إلى المدرسة من أولوياتي، المواظبة على تنظيف الأقسام واجب من واجباتي، والحصول على الوجبة الدسمة مكافأتي، لتمر أيام الأسبوع الدراسي على الوتيرة نفسها، إلا يوم الثلاثاء الذي يصادف السوق الأسبوعي لمدينة سيدي يحيى الغرب، فكان لصباحه طعم آخر، إذ تصبح مدرستي الحلوة التي أستعد لتأسيس جمعية قدمائها، القلب النابض للسوق نفسه، فعلى جانبها حيث كان يرقد «إيهو»، وهو رجل طاعن في السن، وكان يخيفنا نظرا لشكله الرث، كانت العربات تقف محملة بالسلع، وغالبا ما كنا نسترق النظر بالخارج، نستلذ أصوات الأبواق، وأشرطة غناء المرحوم «ادريس الزيطي» و»الحسن ولد العطار» و»حيدة»، وإعلانات الباعة لسلعهم، ونحن داخل الفصل. وبعد الخروج من المدرسة نتحول من تلاميذ إلى مشروع «تجار». هناك من يبيع السجائر بالتقسيط، وهناك من يبيع «ميكة كحلة»، غير أنني فضلت بيع الدلاح، إذ كنت أتجول بسوق «الثلاث» الأسبوعي، وأنا أصيح بأعلى صوتي «شاري كوارة»، وبعد البيع تكون الوجهة «مول الكفتة» أو «الرباطي مول الإسفنج»·
قد تكون ذكريات مدرسة النقابة راسخة في ذاكرتي، مازلت أتذكر معلميها، سي بريطب وأمولود ولمين والعربي السالمي وبوبكر، لكن هناك ذكرى راسخة لا تنفك تغادرني، يوم علقت النتائج النهائية للتعليم الابتدائي «الشهادة»، فهرعت من «الديبو» الذي تحول اليوم إلى منازل سكنية، مرورا بزبالة ولد المختارية، جريا إلى المدرسة، وبعد بحث مضن، وجدت رقمي معلقا، وهو 236، تملكتني فرحة عارمة، فقفزت في الهواء، منتشيا بالنجاح، لم أشعر إلا وسروالي قد تمزق نصفين، دون أن أكون مرتديا «الثبان».
عبدالله الكوزي | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=571834 |
| |