الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > منتدى اللغات الحية > اللغة العربية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2013-11-08, 15:48 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

a2 جَمعيّة "الضّاد": دعوةُ عيّوش إلى "التّدريجِ" تُهدّد استِقرارِ البِلاد



جَمعيّة "الضّاد": دعوةُ عيّوش إلى "التّدريجِ" تُهدّد استِقرارِ البِلاد



رشيد أكشار " هبة بريس

تتوالى ردود الأفعال المستنكرة و المُنددة بالمذكرة الغريبة التي رفعتها مؤسسة "زاكورة" للتربية لصاحبها نور الدين عيوش، و المتضمنة لتوصيات باعتماد "الدارجة" المغربية كلغة تدريس في المؤسسات التعليمية بالمغرب، مع إلغاء دور الدين في تربية الناشئة بمؤسسات التعليم الأولي.

جمعية "الضاد" المدافعة عن اللغة العربية أصدرت بيانا شديد اللهجة في رد فعل متوقع، "يستنكر و يشجب الطرح المغلوط لتفسير تراجع التعليم" بالمغرب، داعيا إلى البحث عن "شمّاعات" غير العربية و الدين لتعليق فشل التعليم عليها، و المُتمثلة في "تراكم مجموعة من الأخطاء و السياسات غير المضبوطة" التي استحكمت في واقع التعليم ببلادنا.

اعتبرت الجمعية اعتماد الدارجة و تقليص دور الدين محاولة لـ"تثبيت المخطط الفرنكوفوني"، الرامي إلى "القضاء على اللغة العربية و الدين الاسلامي"، و "تقويض بنية المجتمع المغربي". كما لم يخف البيان تخوّفه من أن تؤدي هذه المذكرة التي لاقت استنكارا واسعا إلى "فتح باب فتنة و زعزعة استقرار البلاد و أمنها و تماسكها"، على اعتبار أن توصياتها تستهدف "أحد المكونات الأساسية للهوية المغربية".

استغربت الجمعية أن تتناول المذكرة توصيات تتناقض و روح الدستور المغربي الذي صوَّت عليه المغاربة، و الذي كرس و نص بالتأكيد على هوية المغاربة الغوية و دعم تدريس اللغة العربية و تثبيت الهوية الدينية الإسلامية على مستوى المؤسسات التعليمية، مطالبا بـ "ضرورة تفعيل مشروع أكاديمية محمد السادس للغة العربية و إخراج نصوصهاالتنظيمية".

جدير بالذكر أن كشف عيّوش عن فحوى المذكرة أثار استغراب الرأي العام المغربي، و اعتبرته العديد من المنابر الإعلامية دعوة صريحة إلى "المسخ" التربوي، فيما تناولته صفحات فايسبوكية بكثير من التهكم و السخرية على اعتبار الحرج الذي سينجم عن اعتماد مصطلحات لطالما اعتبرتها المؤسسات التعليمية "سوقيّة" ممنوعة من التداول داخل المؤسسات التربوية، فيما ستجد طريقها بشكل قانوني - حالة تنفيذ هذه التوصيات- إلى المؤسسات التعليمية.






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=691378
التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2013-11-09, 17:48 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: جَمعيّة "الضّاد": دعوةُ عيّوش إلى "التّدريجِ" تُهدّد استِقرارِ البِلاد


أحبتي...وبدأت تستيقظ فلول ضرب اللغة العربية في العمق...
وجدت من الأنسب أن أتقاسم هذا الموضوع في هذه الصفحة ...فإليكم الموضوع كما طرحه صاحبه:


اللغة المغربية: تمغربيت ديالنا. الدارجة هي بلادنا وهي تمغربيت نيشان وبلا زواق!


المختار لغزيوي


الهوية المغربية هوية مختلطة لا شك في ذلك, تأسست على الفسيفساء الكبرى المشكلة لزليجنا الوطني, من سواد إفريقيا واسمرارها إلى العيون الخضراء القادمة من الشمال الأندلسي, مرورا باألوان الطيف الكثيرة الموجودة في مغربنا. ومن يفرض على تمغربيت أن تتكلم لغة واحدة أي العربية بحجة أن بقية لغاتها هي مدخل للفرقة يستكثر علينا هذا التنوع ويريد حصرنا في زاوية ضيقة واحدة.

نعم نرفضها, ونعم, نعلن من خلال نقاشات مثل هاته أنها زاوية لا مستقبل لها أبدا في بلد مثل المغرب. لذلك لا مفر من النقاش.

الحديث عن الدارجة حديث ذو شجون, ومن فتح النقاش مجددا حولها وحول ضرورة جعلها لغة التعليم الأولى للصغار في مقدم حياتهم الدراسية لأنها لغتهم الأمة, أقدم على فعل جد متميز فتح به هذا النقاش مجددا الذي اعتقد الكثيرون بسبب السب والشتم والقمع أنهم أقفلوه.

دارجتنا هي لغتنا, والمغربية ديالنا هي كلامنا الأول اللي تعلمناه من عند مواتنا

وأن نكتب به في الجرائد اليوم أو أن نختار الفصحى للتعبير عن آرائنا وأخبارنا ومواقفنا موضوع كبير جدا, وشاسع شساعة هذا المغرب الذي يبدو للعديدين غير قابل للخندقة في لهجة واحدة, لذلك لا نقول اللهجة المغربية, بل نقول اللغة المغربية, ولذلك ننتصر لها لأنها تجمع كل لغات البلاد, ولأنها وحدها القادرة على استحقاق إسمها :اللغة المغربية

طبعا الأمر ليس بالسهولة التي نتصورها, وقد رأينا ردود الفعل التي أعقبت طرح نور الدين عيوش مجددا حول توصيات الندوة بخصوص التعليم. لطن التشنج الذي عبر عنه الكثيرون والذي وصل حد المساس بشخص الرجل واتهامه بأنه أداة في مؤامرة ضخمة على المغرب, وأنه بوابة فتنة إلى آخر هراء كبير ما أنزل الله به من سلطان, كل هذا لاينبغي أن يمنعنا من طرح الموضوع مرة أخرى, ودعوة الغاضبين المتشنجين أصحاب الأطروحات الهاربة إلى التخوين والشخصنة إلى النقاش من أجل الوصول يوما ما إلى بر مشترك حول هذا الموضوع الحساس جدا.

دارجتنا هي اللغة الأولى, واللغة الأم, وشنو كنتعلموه من بعد كيبقا لغات ثانية

ثم لابد أن نجتا مرحلة التخوين هاته لك يندخل مرحلة أرقى شيئا ما هي مرحلة الإنصات والاستماع لبعضنا البعض. أراهن ونراهن جميعا على أن أغلبية من ذهبوا لكي يدبجوا بعض الخطوط والأسطر حول الموضوع لم يطلعوا على توصيات الندوة, ولا يعرفون أنها مجرد استمرار لنشاط بدأ منذ وقت سابق لمؤسسة زاكورة, فتح الجدل حول الموضوع, واعتبر أن سؤال اللغة الهوية هو سؤال مطروح على المغاربة اليوم من الممكن التعامل معه تعاملا واحدا من إُثنين: إما أن نطرحه بعلم ونقول فيه وعنه كل شيء, ونطالب المسؤولين بتحمل مسؤولياتهم.

أو أن نختار الحل الأسهل: أن نقول إن العربية هي لغة القرآن, وهي لغة مقدسة, وأن من يناقشها يناقش الدين, وأنه سيذهب لامحالة إلى الجحيم, وهناك سيجد شياطين كثيرة وووسائل تعذيب عديدة, وسيلاقي من العناء والعنت الشيء الكثير. هنا سنقفل الموضوع بكل سهولة, وسنقول "أستغفر الله العظيم", لأننا جميعا نريد الذهاب إلى الجنة والاستمتاع بالحور العين ووديان الخمر وما إليه من المسائل الجيدة في الآخرة, لكن هذا الأمر لن يمنع موضوع اللغة من البقاء مطروحا وبحدة أكبر, خاصة وأن لاعلاقة تجمع بين لغة كانت تتحدثها قريش في لحظة من لحظات التاريخ وبين صحة إسلام بعضنا من عدمها بعد أن يطرح هذا الموضوع.








دارجتنا المراية ديالنا, ونهار نقدرو نشوفو فيها غادي نمشيو للقدام

ثم هناك السؤال الشاسع : آش من دارجة بغيتو؟ دارجة العروبية ولا دارجة المدينة؟ دارجة فاس ولا دارجة تطوان؟ دارجة العيون ولا دارجة وجدة؟
السؤال وجيه ولا شك في ذلك, ومعه سؤال آخر أكبر يهم اللغة الأمازيغية وهل يمكنها أن تدخل رفقة هاته التمظهرات العديدة لدارجة المغرب ضمن اللغة المغربية ككل؟

الجواب بكل سهولة تصل حد استسهال لا مكان له في موضوع معقد مثل هذا هو : نعم, يمكن أن نفتح النقاش حول الموضوع, ويمكن لخبراء اللغة عندنا أن يشتغلوا على المشترك بين طل أنواع الدارجة هاته للوصول إلى لغتنا المغربية.

ومع السؤال سؤال آخر: هل هي اللغة الوسطى الشهيرة التي يتحدث عنها العديدون والقائمة على المزج بين العربية والدارجة ؟

إذا كان الأمر سيريح الخائفين الآن, سنقول لهم نعم, لكننا لن نعفيهم من ضرورة استقلال أكبر للغتنا المغربية في المستقبل من التطورات, ولا نرى أي داع يجعلنا منحصرين في لغة لا يفهمها الكثيرون منا لكن الكل مصر على جعلها لغتنا الأم مهما وقع ومهما قيل.

دارجتنا هي بلادنا. والمغربية هي تمغربيت نيشان وبلا زواق

الهوية المغربية هوية مختلطة لا شك في ذلك, تأسست على الفسيفساء الكبرى المشكلة لزليجنا الوطني, من سواد إفريقيا واسمرارها إلى العيون الخضراء القادمة من الشمال الأندلسي, مرورا باألوان الطيف الكثيرة الموجودة في مغربنا. ومن يفرض على تمغربيت أن تتكلم لغة واحدة أي العربية بحجة أن بقية لغاتها هي مدخل للفرقة يستكثر علينا هذا التنوع ويريد حصرنا في زاوية ضيقة واحدة.

نعم نرفضها, ونعم, نعلن من خلال نقاشات مثل هاته أنها زاوية لا مستقبل لها أبدا في بلد مثل المغرب. لذلك لا مفر من النقاش


=======================


أحبتي...

ما رأيكم في اللغة الجديدة التي طلعت علينا ؟؟؟اللغة المغربية ؟؟؟

ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله







التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2013-11-11, 10:31 رقم المشاركة : 3
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: جَمعيّة "الضّاد": دعوةُ عيّوش إلى "التّدريجِ" تُهدّد استِقرارِ البِلاد


كما أضيف تقاسم موضوع آخر هو سهم من السهام المسمومة التي تطعن في اللغة العربية

==========



لمَ الخوف من الدارجة المغربية؟


محمد بودهان
السبت 09 نونبر 2013 - 21:38
عادت مسألة الدارجة إلى دائرة النقاش من جديد بعد أن رفع السيد نور الدين عيوش مذكرة إلى الديوان الملكي، يدعو فيها إلى استعمال الدارجة في التعليم. وكما كان منتظرا، فإن الردود، بدل ان تناقش موقف السيد عيوش وتحلله لإبراز ما تدعي أنه ينطوي عليه من تضليل ومغالطات، انطلقت، وبكل جزم ووثوق، من نظرية المؤامرة (التي تفسر كل شيء وبكل سهولة) لتربط موقفه بالاستعمار والعداء للعربية، كما في رد السيد امحمد الخليفة، بعنوان "دعوتك لاعتماد الدارجة موقف استعماري شاذ"، المنشور بموقع "اليوم 24" بتاريخ 7 نونبر 2013 ، ومقالي السيد حماد القباج، "المستلبون واللغة العربية"،والسيد بلال التليدي، "مذكرة عيوش وأسلوب الاستدراج"، المنشوريْن بموقع "هسبريس" يومي 6 و7 نونبر 2013.
بمناسبة هذه الإثارة الجديدة لمسألة الدارجة، أجد الفرصة مواتية لتبيان التناقصات التي يقع فيها المدافعون عن الفصحى والمعارضون للدارجة، ومناقشة أسباب رفضها ومنعها من المدرسة والكتابة.
فهم يؤكدون أن هذه الدارجة لهجة عربية،وتشكل جزءا من اللسان العربي، وبالتالي فهي تنتمي إلى اللغة العربية التي تفرعت عنها واشتقت منها.لكن بمجرد ما يسمعون أن هناك دعوة إلى تدريس الدارجة وتأهيلها لتكون لغة كتابة، ينتفضون ويثورون ويصيحون: هذه مؤامرة، معلنين عن رفضهم المطلق لدخول الدارجة إلى المدرسة، مستعرضين ترسانة من الأوصاف التحقيرية التي يلصقونها بهذه الدارجة، ليبرروا إبقاءها بعيدة عن التأهيل المدرسيوتهييئها لتكون لغة تعليم وكتابة.فهي، كما يكررون، مجرد لهجة عامّية ومتخلفة لا تشبه العربية الفصحى في رقيها وأسلوبها وتراثها الضخم والغزير.
لكن ما أن يسمعوا من يقول بأن الدارجة ليست لهجة عربية، بل هي نظام لغوي مستقل عنها، لأن موطنها التاريخي الأصلي هو شمال إفريقيا وليس شبه الجزيرة العربية، كما هو الحال بالنسبة للعربية الفصحى، وهو ما يعطي لهذه اللغة هويتها الأمازيغية غير العربية،ما أن يسمعوا ذلك حتى يثوروا وينتفضوا ويصيحوا: هذه مؤامرة، معلنين رفضهم المطلق أن تكون للدارجة هوية أخرى غير الهوية العربية التي ينسبونها لها، مع استعراض ترسانة من "الأدلة" التي "تثبت" أنها لغة عربية كاملة العروبة، وليست ذات هوية أمازيغية أبدا.
فتجدهم يلجؤون إلى الطريقة "الخشيمية" (نسبة إلى منظّر العروبة لدى القذافي البائد، علي فهمي خشيم الذي رد اللغة الأمازيغية إلى العربية) لرد كل لفظ أمازيغيوغير عربي في الدارجة إلى أصل عربي، مثل القول بأن "دير" (افعل) أصله "أدار"؛و"نوض" (قم، انهض) من "نهض"؛و"سقسي" (اسأل) أصله "استقصى؛و"لبريا" (رسالة) تسمى كذلك لأن أصلها هو الفعل العربي (برى)، أي أعد وسوّى القلم الذي تكتب به الرسائل... وهلم جرا. وقد يقولون يوما بأن "أغيول" (الحمار بالأمازيغية) كلمة مشتقة من لفظ "الغلة"، التي كانت عادة ماتنقل على ظهر الحمار من المزارع إلى الأسواق.
مع أن هذا النوع من الهوس العربمانيArabomanie (عادة رد كل شيء إلى أصول عربية)، وحتى لو افترضنا أن أصل كل كلمات الدارجة عربي، هو غير مجدٍ في إثبات أن الدارجة لغة عربية، لأن الأمر لا يتعلق بالمعجم والمفردات، بل يتجاوزه إلى روح اللغة التي تكمن في تراكيبها ونظامها النحوي والصرفي، وحروف المعاني وأدوات الربط والاستفهام والشرط والزمان والمكان...
لكن ـ وهذا هو بيت القصيد ـ إذا كانت الدارجة لغة عربية، فلماذا يرفض هؤلاء المدافعون عن الفصحى تنميتها والعناية بها لتكون لغة كتابة تعلّم في المدرسة؟ لماذا لا يدعون إلى تأهيلها وتطويرها والانتقال بها من الاستعمال الشفوي إلى الاستعمال الكتابي، لقطع الطريق على الذين يقولون بأن العربية لغة نصف ميتة أو نصف حية لأنها لا تستعمل في التخاطب والتداول الشفوي؟ أليست الدارجة، ما داموا يصرون على أنها لهجة عربية، هي فرصة إنقاذ العربية وإخراجها من حالة الغيبوبة التي توجد فيها منذ أن انقطعت صلتها بالتداول الشفوي، أي بالحياة؟ فلماذا لا يعملون إذن على تطوير الدارجة لتطوير العربية نفسها ما دامت هي نفسها لغة عربية كما يقولون ويؤكدون؟
وتطوير العربية انطلاقا من تطوير الدارجة لن ينتج لغة أخرى ليست عربية ما دام أن الدارجة، حسب زعمهم، هي لغة عربية. أماأن هذه اللغة ستكون مختلفة في بعض مظاهرها المعجمية والتركيبية عن العربية الفصحى، فهذا شيء تعرفه وتعيشه العربية نفسها منذ عقود، ولم يحتجوا على ذلك ولم يرفضوه. فاللغة العربية الحديثة، لغة الصحافة والكتابة والمدرسة، مختلفة في معجمها وأسلوبها وجزء من تراكيبها، عما ما كانت عليه قبل القرن التاسع عشر. بل هناك من يذهب إلى القول بأنها لغة غريبة عن العربية الحقيقية والأصلية. وحول هذا الموضوع يقول المرحوم عبد السلام ياسين: «وها هي بين أيدينا لغة عربية عصرية لاييكية في صحف الإعلام والمجلات المصورة والإذاعات والتلفزيونات.
لغة ركيكة المباني، مترجمة المعاني، فاسدة النحو، قعيدة الصرف، ما بينها وبين لغة القرآن المبينة من قرابة إلا صلة اللفظ والحرف. لغة عصرية جسم، تسكنه روح دخيلة تتململ لاييكيتها وتتخبط المسكون، فلا تسمع من همس العربية إلا أنينا وحنينا إلى سالف عزها، يوم كانت لغة الدين والدنيا، لا ينفصل الدين والدنيا شقين وتعبيرين.» (عبد السلام ياسين، "حوار مع صديق أمازيغي"، مطبوعات الأفق، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1997، صفحة 87).
فلماذا هذه الازدواجية وهذا الكيل بمكيالين في التعامل مع الدارجة المغربية؟
يصرون على أنها لغة عربية، لكنهم يرفضون أن يعاملوها كما يعاملون العربية. ألا يعني هذا التناقض أن لديهم قناعة لاشعورية بأنها لغة أمازيغية وليست عربية، لهذا يعارضون أن تعامل كالعربية، مثلما يعارضون أن تستفيد الأمازيغية من نفس الامتيازات التي تبقى حكرا على العربية؟
مع أنه لو تعاملوا مع الدارجة كلغة أمازيغية،لأن موطن نشأتها هو البلاد الأمازيغية وليس البلاد العربية، لكانوا أمام "عدو" واحد هو الأمازيغية، سواء في صيغتها الأصلية أو في صيغتها الدارجة، ولما شتتوا جهودهم في مواجهة عدوين اثنين، الأمازيغية والدارجة.
في الحقيقة، تفسير هذه الازدواجية، في الموقف من الدارجة، يكمن في الدور الذي تقوم به في تعريب الشعب المغربي. فلأن الدارجة موجودة في الشارع والبيت والمعمل والمقهى والتلفزيون، فإن اعتبارها لغة عربية يساهم في تعريب المغاربة أفضل بكثير من دور المدرسة، التي تلقن لغة عربية ليس لها تأثير كبير على تعريب المغاربة، لأنها لغة غير موجودة في التداول وفي الحياة. أما إذا كانت الدارجة عربية، كما يؤكدون، وإذا كان غالبية المغاربة يتحدثونها ويستعملونها، فالنتيجة أن غالبية المغاربة عرب لأن اللغة التي يستعملونها لغة عربية. وإذا أضفنا إلى هذا "المعطى" نسبة الأمية التي تفوق خمسين في المائة (50%)، ندرك نجاعة استعمال الدارجة لتعريب المغاربة، لأن الأميين جميعهم مقتنعون بأنهم عرب، اعتقادا منهم أن لغتهم عربية. وقد سبق للمندوبية السامية للتخطيط أن نشرتفي 2007 إحصائيات ـ مشكوك في صحتها طبعا ـ تقول إن نسبة المتحدثين بالأمازيغية في المغرب لا تتجاوز الثلاثين في المائة (30%)، وهو ما يجعل منهم "أقلية" في مقابل أزيد من سبعين في المائة (70%) الذين يتحدثون بـ"العربية"، والذين يشكلون "الأغلبية" العربية".وهذا عكس ما لو اعترف بالدارجة كلغة أمازيغية،وهو ما سينتج عنه مباشرة أن المغرب بلد أمازيغي أرضا ولغة.
هكذا تكون الدارجة قد نجحت إذن في تعريب الشعب المغربي. وهو ما فشلت فيه العربية الفصحى، وذلك لأن هذه الأخيرة:
ـ لغة لا وجود لها في التداول، ولا حضور لها في الحياة اليومية، وبالتالي فهي لا تمس الأميين الذين يشكلون الأغلبية.
ـ أعطت نتائج عكسية بالنسبة لعدد كبير من الأمازيغيين، الذين فرضت عليهم العربية قصد تعريبهم. لكنهم، عكس ذلك، سيستعملونها للدفاع عن أمازيغيتهم وللتعبير عن تعلقهم بهويتهم الأمازيغية. لهذا نجد أن الرواد المؤسسين للحركة الأمازيغية كانوا جميعهم يتقنون العربية ويكتبون بها بياناتهم ويسطرون بها مطالبهم الأمازيغية. لقد انقلب السحر على الساحر.
هذا هو الدور الحقيقي، الأول والخطير، للدارجة المغربية باعتبارها لغة عربية: نشر الوعي الزائف وترسيخ القناعة الكاذبة،وخصوصا لدى الأميين، بأن المغاربةشعب عربي، دولتهم عربية وحكامهم عرب.

أما دورها الثاني فيتمثل في الحفاظ على نسبة الأمية مرتفعة بالمغرب، حتى تنجح هذه الدارجة في القيام بدروها الأول، الخاص بتعريب الشعب المغربي.ولهذا إذا كانت الأمية متفشية بنسبة مرتفعة بالمغرب،فإن ذلك شيء طبيعي ومنطقي، لأن لغة التعليم ـ المضاد للأمية ـ لغة لا علاقة لها بالحياة حيث يعيش الأميون.
ولهذا تبقى لغة المدرسة، أي العربية الفصحى، لغة نخبوية لا يجيدها ـ وللكتابة والقراءة فقط ـ إلا عدد محدود من المغاربة. مع أنه لو طُورت الدارجة وأهّلت لتصبح لغة تعليمية، باعتبارها لغة عربية كما يدعون، لقضي على الأمية في مدة معقولة. لماذا؟ لأن محاربة الأمية تعني، في الدول التي تحترم لغات شعوبها، تعليم الكتابة والقراءة للمعنيين بذلك،وبلغة هم أصلا يعرفونها ويستعملونها ويتواصلون بها، مثل الدارجة المغربية، حيث سيكون الأمي، لو كانت الدارجة لغة تعليمية، ليس من لا يتقن هذه اللغة الدارجة، بل فقط من لا يتقن الكتابة والقراءة بها. أما وأن العربية هي المعترف بها كلغة مع إقصاء للدارجة، رغم اعتبارها لغة عربية، فإن محو الأمية بالمغرب لا يعني تعليم الكتابة والقراءة بالعربية، بل يعني تعليم لغة جديدة، هي العربية الفصحى، لتحل محل الدارجة التي هي لغة الأمي. ولهذا فإن الشرط الأوللنجاح محو الأمية بالمغرب،هو محو الدارجة، وكذلك الأمازيغية بالنسبة للناطقين بها.
هكذا تنتشر الأمية بالمغرب، وينتشر معها الجهل والتخلف، لأن لسان الشعب (الأمازيغية وصنوتها الدارجة) مقطوع، مع أن هذا اللسان هو الأداة الضرورية لاكتساب العلم والمعرفة. فالمفارقة الغريبة هي أن اللغة العربية لا تعتبر لغة إلا إذا لم يكن أحد يتكلمها ويستعملها في حياته.أي أنه لا يعترف بها كلغة إلا إذا كانت ميتة ولا تستعمل في التداول ولا في الحياة. أما إذا كانت مستعملة في صيغتها الدارجةـ باعتبارها لهجة عربية حسب الاعتقاد الشائع ـ كلغة تعليمية ومدرسية، فهي ليست لغة عربية صالحة لذلك. فكيف للغة تكون عربية وغير عربية في نفس الوقت. إنها إحدى مفارقات التفكير العربماني.
من جهة أخرى، أدى تحقير الدارجة ومحاربتها عن طريق ما يسمى "محو الأمية"،إلى شيوع دارجة سمجة فيها الكثير من الصنعة والتكلف، شوهاها وأفقداها تلقائيتها وجمالها وعمقها، وشوها في نفس الوقت، نتيجة لذلك، العربية الفصحى التي تريد أن تحل محل هذه الدارجة،عبر "محو الأمية" التي هي محو لهذه الدارجة نفسها. مع أن حلول العربية محل الدارجةأمر مستحيل استحالة مطلقة وليس نسبية، لأن العربية لغة كتابة وليست لغة تداول شفوي مثل الدارجة. فالاعتقاد أن القضاء على الأمية سيجعل من العربية لغة تستعمل في التداول الشفوي، كما يردد ذلك السيد موسى الشامي رئيس "الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية" (انظر مقاله على الرابط: http://hespress.com/writers/76508.html) وغيره من مجانين العروبة، فكرة عامّية تنم عن جهل تام بطبيعة وماهية اللغة بصفة عامة، وباللغة العربية بصفة خاصة.فحتىلو أن المغاربة أصبحوا جميعهم حاصلين على دكتوراه الدولة في اللغة العربية وآدابها، فإنهم لن يستعملوا هذه اللغة أبدا في التخاطب الشفوي بينهم، لا في المغرب ولا في أي مكان في الدنيا.
إنها إذن لفكرة خاطئة وساذجة الاعتقاد أن بإمكان العربية أن تحل محل الدارجة بفضل التعليم والقضاء على الأمية. مع أن الممكن والواقعي والمفيد للعربية نفسها، هو أن تحل الدارجة محل الفصحى، بعد تأهيلها لذلك، وليس العكس.
أما السبب السياسي للتخوف من ترقية الدارجة، فهو التخوف من ترقية الشعب الذي سيصبح له لسان معترف به(اللغة الدارجة)، يستعمله في المطالبة بحقوقه، وفي الاحتجاج على الاستبداد والفساد.لهذا يرفض المسؤولون السياسيون فكرة تأهيل الدارجة، لأن لغة السلطة لن تبقى هي اللغة التي لا يعرفها الشعب، والتي تستعمل، نتيجة جهل الشعب بها، كآلية أخرى للاستبداد، بل ستكون هي لغته الدارجة، وهو ما يحرره ويحل عقدة لسانه.
والسبب الآخرلرفض تأهيل الدارجة، هو التخوف من لغة مغربية أصيلة تعبر عن الاستقلال الهوياتي واللغوي للمغرب. وهو ما يرفضه العروبيون الذين يجعلون من تبعيتهم للمشرق العربي علة وجودهم.
وهناك سبب آخر للتخوف من الدارجة، هو أن ترقيتها ستؤدي مباشرة إلى تراجع العربية،بل قد تؤدي إلى اختفائها إذا أصبحت الدارجة لغة تعليمية ومدرسية، لأن الأولى، عكس الثانية، لغة نصف حية أو نصف ميتة،لا تستعمل إلا في الكتابةفقط، الشيء الذي يوفر الفرص للدارجة لتجاوز العربية والتفوق عليها. فالعربية لها الهيمنةاللغوية فقط لأنه لا يسمح للغات الوطنية (الدارجة والأمازيغية) أن تنافسها، وذلك بالاستفادة من نفس فرص النمو والتطور المتوفرة للعربية وحدها.
إن توصية "جمعية زاكورة للقروض الصغرى والتربية"، التي يرأسها السيد نور الدين عيوش، والتي (التوصية) تدعو إلى اعتماد الدارجة كلغة للتدريس، إذا نظرنا إليها بموضوعية ونزاهة وعلمية ووطنية ـ نعم أقول ووطنية ـ، وبعيدا عن نظرية المؤامرة الجاهزة، فسنجد أنها تقترح حلا حقيقيا لمعضلة التعليم والأمية والتخلف ببلادنا، يمكن أن يخرجها من الدائرة المفرغة التي تكبّل المغربوتفرض عليه الدوران داخلها: التدريس بلغة غير نافعة يعطي تكوينا غير نافع، وهو ما ينتج تخلفا اجتماعيا واقتصاديا، يعيد بدوره إنتاج نفس المستوى الضعيف والمتخلف من التكوين.فالسبب يصبح نتيجة، والنتيجة تتحول بدورها إلى سبب. وهكذاتغلق بإحكام الدائرة المفرغة التي لا يمكن التخلص منها إلا بتكسير إحدى حلقاتها، التي هي لغة التدريس، أي العربية الفصحى التي هي مصدر كل شرور التعليم بالمغرب.
اعتماد لغة الشعب،بعد تهييئها وتأهيلها لذلك،كلغة للمدرسة، هو شرط ضروري لإصلاح التعليم ببلادنا. وهو ما سيساهم، نتيجة تحسين وتجويد النظام التعليمي، في توفير شروط التنمية والتقدم. والتاريخ شاهد على الدور الفعال لاستعمال لغة الشعب في تحقيق النهوض والتقدم: فالنهضة الأوروبية سبقتها نهضة لغوية تمثلت في التخلي عن لغة النخبة التي لم تكن تستعمل إلا في الكتابة، مثلها مثل اللغة العربية، واستبدالها بالعامّية التي يتخاطب بها الشعب، كالعامّية الإيطالية، والعامّية الفرنسية، والعامّية البرتغالية، والعامّية الألمانية عندما ترجم بها "مارتن لوثر" الإنجيل في 1521.
كما أن كل الدراسات التي تناولت العلاقة بين اللغة والتنمية، تثبت وتؤكد أنه لا يمكن تحقيق تنمية حقيقية إلا باستعمال لغة الأم في المدرسة. والحال أن مدرستنا تستعمل العربية الفصحى التي ليست بلغة الأم لأي مغربي، مع إقصاء للغة الأم الحقيقية للمغاربة التي هي الأمازيغية وبنتها الدارجة. وبالتالي فإن الدعوة إلى استعمال الدارجة كلغة للتدريس ـ بعد تأهيلها لذلك كما قلت ـ، هي دعوة لتجاوز عوائق التنمية والنهوض، واقتراح سبل تحقيق هذه التنمية وهذا النهوض. لهذا فإن موقف السيد عيوش، الذي اعتبره معارضوه استعماريا ومعاديا للعربية، هو موقف وطني نزيه وصادق






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2013-11-11, 10:38 رقم المشاركة : 4
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: جَمعيّة "الضّاد": دعوةُ عيّوش إلى "التّدريجِ" تُهدّد استِقرارِ البِلاد


ولكن...رغم السيل العارم من الأقلام المسمومة التي تنخر في جسم اللغة العربية ،هناك أقلام تأبى إلا أن تشهد بقوة اللغة العربية وقدرتها وتمكينها ...
يسعدني أن أقتبس لكم هذه المشاركة



سيرورةُ ٱكتساب اللُّغة وأُسطورةُ "لسانِ الأُمّ"


عبد الجليل الكور
السبت 09 نونبر 2013 - 21:35
يَتبنّى خُصومُ «اللِّسان العربيّ» خطّةً ماكرةً في تنقُّصه تقوم على إتيانِ استدلال ذي طابع علميّ يَتمثّل في أنّ الأمر لا يَتعلّق فقط بـ«لسان معياريّ»، وإنّما أيضا بـ«لسان مُصْطنَع» سَوّاه اللُّغويُّون بشكل مُناسب للغرض، ممّا يجعله لسانا مُنْقطعا عن «اللّهجات العاميّة» ومحصورا في التّعليم المدرسيّ والاستعمال الإداريّ-الرَّسميّ. وبالتّالي، فإنّه ليس «لسانا طبيعيّا» يُكتسَب كـ«لسانِ أُمٍّ» فيَتكلَّمُه النّاسُ بصفته «لسانَهم الأوّل». تُرى، ما حقيقةُ هذا الاستدلال من النّاحية العلميّة؟ وهل «اللِّسان العربيّ» يَختصّ بكل تلكـ الصفات الكفيلة، لو صحَّتْ، بجعله لسانا نُخبويّا ومحدودا؟
لا بُدّ، ٱبتداءً، من التّنبيه على أنّ أُولئكـ الخصوم يُمارسون - بوعي أو من دونه- نوعا من «التّضليل المُتعالِم» من حيث إنّهم يَعتمدون بعض النُّتَف والمُختصَرات التي تُتيح لهم تنقُّص «اللِّسان العربيّ» وتبخيسَه بالشكل الذي يَفسح المجال للألسن التي ترتبط بها، في الواقع، مَصالحُهم الماديّة و/أو الرمزيّة. وإنّهم، في حرصم على التّضليل، ليَغْفُلون عن ثلاثةِ أُمور أساسيّة: أوّلُها أنّهم لا يُحقِّقون، بما يكفي، في علاقةِ «اللِّسان المعياريّ» بما يُسمّى «لسانَ الأُمّ» (بمعنى «اللِّسان المنسوب إلى الأُمّ والمُتّصل بها» ؛ وليس «اللِّسان الأُمّ»، بمعنى «اللِّسان الأصل»، كما هو شائع!) ؛ وثانيهما أنّهم يعتمدون مفهوم "اللِّسان" كـ«نموذج أمثل» لا يكاد يُوجد إلّا في أذهان بعض "اللِّسانيِّاتيِّين" (أقصد «الباحثين المُتخصِّصين في "اللِّسانيّات"») الذين لم يُصحِّحوا بعدُ نصيبَهم من المعرفة على ضوء المُكتسبات المُستجدّة بالخصوص في "الاجتماعيّات" و"الإنْسيّات" ؛ وثالثُها أنّهم يَنْسَوْن أنّ فصلَهم «اللِّسانَ العربيَّ» عن لهجاته (بل إنكار عُروبتها تماما!) لا يَستقيم إلّا بافتراض أنّه ٱستثناءٌ بين أبرز ألسُن العالَم التي يَظُنّونها قائمةً من دون لهجات (لهجات تكون مُباينةً، بهذا القدر أو ذاكـ، لكل لسان على حِدَةٍ)، وهو ما يَفضح غرضَهم المُتمثِّل بالتّحديد في جعل «اللِّسان العربيّ» يبدو كأنّه لا يُكتسَب إطلاقا كـ«لسان أوّل»!
ولعلّ مِمّا يَجدُر الانتباه إليه، بهذا الصدد، أنّ "اللِّسانيّات" لم تَعُدْ علمًا مُهيمنًا على «عُلوم الإنسان» كما كانت إلى حدود السبعينيّات من القرن الماضي، إذْ أنّها «لم يَعُدْ لها لدى أحدٍ دَوْرُ العلم القائد الذي ظُنَّ سابقا أنّه بالإمكان أن يُعطى لها»[1]. ولهذا انتقلت الرِّيادة إلى بعض فُروعها مثل «التّداوُليّات» و«تحليل الخطاب» و«البلاغيّات الحجاجيّة» في انفتاحها على مُختلِف المُكتسبَات في «فلسفة اللُّغة» و«فلسفة الذِّهْن» و«عُلوم التّعرُّف» و، من ثَمّ، «الاجتماعيّات» و«الإنْسيّات» بشكل عامّ.
وليس معنى ذلكـ أبدًا القدح في علميّة "اللِّسانيّات" بإطلاق، وإنّما معناه تأكيد أنّ «الواقع اللُّغويّ» لا يَقبل أن يُختزَل في "اللِّسان" الذي اصطنعه رُوّاد "اللِّسانيّات" موضوعا للدِّراسة العلميّة فأبْعَدوا (ولو مُؤقَّتا) "الكلام" وكل ما يَنتمي إلى «اللِّسانيّات الخارجيّة»[2]. فـ"اللِّسان" بوصفه "قِطْعةً" من «الكُتْلة السَديميّة» للواقع اللُّغويّ المُتغيِّر والمُتحرِّكـ باستمرار لا يَشمل، في تزامُنه الآنيّ، كل التّلوُّنات والتّموُّجات التي يَأتي بها المُتكلِّمون في مُمارَستهم التّواصُليّة والتّخاطُبيّة والتي تجعل "اللُّغة" على ألسنتهم مُستوياتٍ مُتفاوتةً ومُتداخلةً من "التّغالُب" بواسطة "الكلام" في سياقاتٍ شديدةِ التّنوُّع ومَقاماتٍ بالغةِ التّعقُّد[3].
ولأنّ واقع المُمارَسة اللُّغويّة يَتجاوز بكثير ما يُريد له "اللِّسانيّاتيُّون" أن يكون «اللِّسان-المعيار» (أو، أحسن، «اللِّسان-المِـثال»)، فإنّ استعمالات الكلام داخل جماعةٍ لُغويّةٍ مُعيَّنة لا تَقبل أن تُوصَف في حدود «لسان معياريّ» يَفرض نفسَه على المُتكلِّمين منذ نشأتهم الأُولى من خلال ما يُسمى «لسانَ الأُمّ» الذي يُتصوَّر مُماثلا أو مُساويًا له. ولعلّ هذا ما يُستشَفُّ من قول "أُندري مارتيني": «كل أمريكيٍّ يَتكلَّم لهجةً ما، لهجةَ بُوسطن أو لهجةَ نيويوركـ أو لهجةَ شيكاغو أو، إذَا سافر كثيرا، لهجةً هجينةً نوعا ما، من دون أن يَشعُر أبدًا بأنّه يَتكلّم لُغةً أُخرى غير الإنجليزيّة الأمريكيّة بشكل مقبول تماما في كل مَقاماتِ الحياة. ويُذكِّر هذا الوضعُ بما يَحدُث في باريس وفي المَراكز الحَضريّة بفرنسا غير الجنوبيّة حيث هناكـ تنويعاتٌ كثيرةٌ للفرنسيّة تبدو، على لسان النّاس المُتعلِّمين، مقبولةً إلى حدِّ أنّ ما يُميِّز بعضَها عن بعض يَمُرُّ عموما من دون أن يُدرَكـ. وعلى نحو تقريبيّ، تُقابِل اللّهجات الأمريكيّة ما يُسمّى الفرنسيّات المَحليّة، وليس إطلاقا العاميّات بفرنسا، ولا أيضا اللّهجات الألمانيّة أو الإيطاليّة، التي هي مُتباينة جدًّا فيما بينها بما لا يُتيح التّفاهُم من ناحيةٍ إلى أُخرى على مستوى التُّراب الوطنيّ.»[4]. والأمر نفسُه كَشَف عنه "وليم لابُوڤ" الذي قام، بالخصوص في دراسته عن «اللُّغة في أحياء السُّود المُهمَّشة»[5]، بتبيان أنّ الأمريكيّ الأسود في الأحياء الشعبيّة المُهمَّشة يَستعمل – بالمُقارَنة مع «الإنجليزيّة المعياريّة» - لُغةً "مُنْكسرةً" (أو، أحسن، "مَكْسُورة" تماما مثل صفة "دارجة" عندنا بمعنى "مُعْوَجّة"!). وبالتالي، فإنّ "لابُوڤ" يُؤكِّد أنّه من السُّخْف أن يُقال بأنّ «اللُّغة الدّارجة» لدى السُّود تُعدّ نظاما لُغويّا مُنفصلا عن نسق "الإنجليزيّة" بصفته نسقا يَشمل في الواقع عدّة "لُغيَّات" (أو لهجات) مُتباينة بهذا القدر أو ذاكـ.
ولذلكـ، فإنّ ما يَنبغي تبيُّنه هو أنّ موضوع اكتساب اللُّغة يَتجاوز مجال «اللِّسانيّات التّزامُنيّة» ويندرج بالأحرى في مجال يَشمل، إلى جانب «علم النّفس التّعرُّفيّ» و«علم نفس النّمُو اللُّغويّ»، عُلوما مثل "الاجتماعيّات" و"الإنْسيّات". ولهذا، نجد "ﭙيير بُورديو" قد أكّد أنّه «ما دام اللِّسانيّاتيُّون يَجهلون الحدّ المُكوِّن لعِلْمهم، فَلن يكون لهم من خيار آخر سوى أن يَبحثوا يائسين ضمن اللِّسان عمّا هو مُسجَّلٌ في العلاقات الاجتماعيّة حيث يَشتغل، أو أن يُمارسوا علم الاجتماع وَهُم لا يَشعُرون، أيْ مع خطر أن يَكتشفوا في النّحو نفسه ما جَلَبَتْهُ إليه بلا وعي اجتماعيّاتُ اللِّسانيّاتيّ العفويّة.»[6].
وكونُ هُواةِ "التّضليل" بشأن «اللِّسان العربيّ» يَظُنّون أنّ "اللِّسانيّات" – كما يفهمونها- هي العلم المُناسب لتمكينهم من غرضهم لا يَترُكـ أمامهم أيَّ فُرصةٍ للالتفات إلى كل تلكـ المُقتضيات التي تُوجب بالغ التّبيُّن في الاعتماد على مُكتسبَات البُحوث "اللِّسانيّاتيّة"، وبالخصوص حينما يَتعلّق الأمر بوقائع التّغيُّر اللُّغويّ والتّفاوُت اللُّغويّ ونزاعات المشروعيّة اللُّغويّة المُتعلِّقة بكل الجماعات اللُّغويّة.
وهكذا، فإنّ الحديث عن اكتساب اللُّغة على أساس ما يُسمّى «لسان الأُمّ» يُعَدّ، على أقل تقدير، غير مُناسب. ذلكـ بأنّ واقع التّداوُل اللُّغويّ يَشهد أنّ "اللِّسان" الذي يَفرض نفسه، عادةً، بصفته «لسانَ الأُمّ» لا يصير كذلكـ إلّا في المدى الذي يكون لسانًا غالِبا/مُسيطرا على مُستوى المجتمع كُلّه، وهو ما يجعله في بعض المجتمعات «لسانَ الأب» وليس «لسان الأُمّ»[7]. ومن هُنا، فإنّ ما ﭐعْتِيد أن يُسمّى «لسان الأُمّ» يَتحدّد في الواقع العمليّ والتّداوُليّ باعتباره «اللِّسان الغالِب/المُسيطر» اجتماعيّا وثقافيّا واقتصاديّا على النّحو الذي يَفرضه كـ«لسان أوّل» قد يَحظى بعناية مُؤسَّسيّة ورسميّة تُقيمه كـ«لسان معياريّ» (أو «لُغة فُصحى») يَتميّز في مُقابل "العامِّيّات" التي لا تُعدّ دارجةً ومُبتذلةً إلّا في ارتباطها بـ«عامّة النّاس» كفئات تَشمل غير المُتعلِّمين وغير المُسيطرين اجتماعيّا وثقافيّا و، من ثّم، المَغْلوبين رمزيّا.
إنّ «اللِّسان ٱلأوّل»، بما هو كذلكـ، ليس ٱمتيازًا إلّا مِن حيث أهميّتُه في تيسير التّنشئة الأُولى والتّمهيد للتنشئة النِّظاميّة التي صارت، في إطار المجتمعات المُعاصرة، مُتعلِّقةً بـ"ٱلمدرسة" حيث يُعادُ إنتاجُه تهذيبًا وتنقيحًا في صُورةِ «لسانٍ معياريٍّ» هو في الواقع، كما يُؤكِّد "بُورديو"، «لُغة مشروعةٌ» تُعبِّر عن ٱشتغالِ آلياتِ "ٱلسيطرة" ٱجتماعيًّا وثقافيًّا في ٱرتباطها بـ«ٱلعنف الرمزيّ»، أكثر مِمّا تُعبِّر عن «لسان ٱلأُمِّ» في أَوّليَّته وعفويَّته المُفترَضتين ؛ بحيث ليس هناكـ لِسانٌ يُعلَّم في "ٱلمدرسة" يَستحِقّ أنْ يُسمّى «لسانَ ٱلأُمِّ» تمييزًا وتفضيلًا. ولهذا، فإنَّ «لُغةَ ٱلأكثريّة» لا تكون أبدًا واحدةً ومُحْتَتِنةً إلّا في المدى الذي تشتغل مُؤسَّساتُ "ٱلدّولة" (وعلى رأسها "ٱلمدرسة" و"وسائل ٱلإعلام الجماهيريّ") بتنميطِ وترسيخِ «ٱللِّسان ٱلمعياريِّ» بما هو «لُغةٌ مشروعةٌ» يُفترَض فيها أنْ تضمن لأكثريّةِ المُواطنين «كفاءةَ الكلام» المُناسِب واللائق الذي تَتحدَّد بالنِّسبة إليه، ودُونَه، «رَطانةُ ٱلْعَوَامّ» الذين قد يكونون بالفعل هُمْ الأكثريّة في بلدٍ لم يُنْجِزْ بعدُ ٱلِانقلابَ المُتعلِّق بتعميم «ٱلتّعليم ٱلمدرسيّ» (الذي يرتبط به «التّأْهيل الألفبائيّ»). فـ«لُغة الأكثريَّة» تبقى مُتكاثِرةً ومُتبايِنةً في واقع التّداوُل اللُّغويّ على النّحو الذي يَجعلُ الحديث عن لسانٍ بعينه كما لو كان واحدًا ومُحتتِنًا حديثًا يُغْفِلُ أنَّ "ٱللُّغةَ" لانهائيّةٌ من الفُرُوق والتّغايُرات ٱلِاستعماليَّة بفعل التّفاوُت الحاصل في شُروط الوُجود وٱلفعل ٱلبَشريَّيْن و، أيضا، لكون "ٱلتّعليم ٱلمدرسيّ" هو وحده الذي يُحاوِل تقليلَ وتلْطيفَ تلكـ الفُرُوق والتّغايُرات من خلال تثبيت وترسيخ «ٱللِّسان المعياريّ».
من البَيِّن، إذًا، أنّ اكتساب (واستعمال) "اللُّغة" في المُجتمعات المعاصرة قد صار، منذ قيام «الدّوْلة-الأُمّة» (أو، أحسن، «الدّولة القُطْريّة»)، مُرتبطا بالسياسة العُموميّة للدّولة، حيث نجد أنّ «اللِّسان المعياريّ» قد أصبح يُعرَض (ويُفرَض) في مُختلِف فضاءات المَجال العُموميّ (وسائل الإعلام والاتِّصال، لوحات الإشارة والعَرْض بالشّارع، دُور الاحتضان الأوَّليّ للأطفال، المدرسة). وبالتالي، فإذَا كانت "اللُّغة" فيما مضى لا تُتداوَل في المجتمع إلّا بقدر ما ترتبط بقبيلةٍ أو مجموعات مُتغلِّبة سياسيّا أو مُسيطرة اجتماعيّا واقتصاديّا وثقافيّا، فإنّ تداوُلها الآن قد اتَّخذ طابع «الإكراه السياسيّ» من خلال تفعيل رَسميّة «اللِّسان المعياريّ» والعمل على ضبطه ونشره على مُستوى كل الجهات الخاضعة لنُفوذ "الدّوْلة".
وليس يخفى أنّ وُجود «اللِّسان العربيّ» في وسائل الإعلام والاتِّصال (الإذاعة، التّلْفزة، الانترنت) يجعل تلِّقيَه واكتسابَه من قِبَل الأطفال يَحدُثان فعليّا منذ السنوات الأُولى حيث إنّ مُعظم الصغار يَتشربّون أصوات ومفردات "العربيّة" من خلال مُتابعتهم اليوميّة وإدمانهم على برامج الأطفال كما تَعرضها، منذ عُقود خَلَتْ، القنوات التّلْفزيّة. ولذا، فمن يَقول بأنّ «اللِّسان العربيّ» لا يُكتسَب كلسان أوّل وأنّه ليس له مُتكلِّمون أصْليّون إنّما يَنسى، جهلا أو عَمْدًا، أنّه لسانٌ لم يَسبق قطّ أن تأتّى له أن يُلامس أسماع وأبصار ملايين النّاس منذ الطّفولة الأُولى كما هو حالُه الآن. وبالتالي، فإنّ الاحتجاج بذريعة «لسان الأُمّ» ضدّ «اللِّسان العربيّ» احتجاجٌ باطلٌ علميّا وواقعيّا بحيث لا يُصرّ عليه إلّا من لم يُسْعفه الاستناد إلى شيء آخر لفهم و/أو تفسير واقع التّعدُّد والتّغيُّر اللُّغويَّين والاقتدار، من ثَمّ، على تعليل واقع التّفاوُت والتّغالُب على المُستويين اللُّغويّ والثّقافيّ حتّى داخل نفس الجماعة اللُّغويّة.
وإنّ كون الفرد الواحد لا يَملكـ أن يُوقف تيّارات التّغيُّر والتّبايُن التي تتجاذب أحوالَه في الكلام، وكونَ النّاس عموما لا يشتركون في اللُّغة بالتّساوي التامّ، لأمران يُوجبان الانتباه إلى أنّ اكتساب أيِّ لسان يَخضع لمجموع الشروط المُحدِّدة لوُجود البشر وفعلهم في هذا العالَم، وهي شُروط مُتغيِّرةٌ ومُتفاوتةٌ بالشكل الذي يَقتضي ألّا يكون ثمة نُزُوعٌ فعليّ نحو التّوحُّد أو التّساوي في اكتساب (واستعمال) لسانٍ ما إلّا بقدر ما يُجتهَد جماعيّا وموضوعيّا في ترشيد أنماط التّعامُل مع مُختلِف تلكـ الشروط الضروريّة.
وفي جميع الأحوال، فإنّ كلامَ أيِّ امْرِئ على «اللسان العَربيّ» لا يُؤخَذ به إلّا بِناءً على اجتماع شُروط ثلاثة فيه: أن يكون مُتْقِـنًا له ومُتَفَقِّهًا فيه إلى أبعدِ حدٍّ مُمكن ؛ وأن يكون مُلِـمًّا بمُختلف مُكتسبَات العُلوم المُعاصرة في تكامُلها ؛ وألّا تكون له مَصلحةٌ مُعلَنةٌ أو مُضمَرةٌ في تنقُّص هذا اللِّسان لترجيح كِفّة غيره عليه. وفقط بهذه الشُّروط يُمكن اعتبار ما يقوله فُلانٌ أو عُلانٌ عن «اللِّسان العربيّ». وعليه، فإنّ التحدِّي قائمٌ بهذا المعنى في وجه كل الذين يَتهجّمون على «اللِّسان العربيّ»، ليس فقط لكيْ يَنهضوا بمُقتضيات البحث العلميّ فيما يُرسلونه من أحكام بشأنه، بل أيضا لكيْ يُثبتوا أنّ العجز المُفترَض في هذا اللِّسان يُعدّ جوهريّا وبنيويّا بما أنّه قد وُفِّرت له موضوعيّا كل شُروط الاكتساب والاستعمال فَلَم يُفْلح في الوفاء بأغراض مُستعملِيه على غرار الألسن المُهيمنة عالميّا (وهيهات أن يَستجيب "المُبطلون" لهذا التحدِّي المُزدوِج!).
ومن ثَمّ، ينبغي أن يكون بيِّنا أنّ تكاثُر المُتقولِّين على «اللِّسان العربيّ» ليس دليلا ضدّه، وإنّما هو بالأحرى دليلٌ لصالحه من حيث إنّه لسانٌ يُزعجهم وُجودُه واستمرارُه (على الرَّغم من عَراقته المُتَّصلة بالحاضر على نحو لا يكاد يُضاهيه أيُّ لسان آخر من هذه الجهة!)، وتُغيظُهم حيويّتُه التي لا تُجاريه فيها مُعظَم الألسُن السّائدة عالميّا. وليس هذا إلّا لأنّه لسانٌ لَابَسته "الرُّوح" التي تُنْطِـق أصلا الكائنات والتي تَستديم الحياة لبعضها إلى حين. أَلَيْس «اللِّسان العربيُّ» لسانَ الوحي الخاتَم الذي تَكفَّل الحقُّ بحفظه إلى يوم الدِّين؟! فكيف يُراد للِسانٍ هذا شأنُه – على الأقلّ بين المُسلمين- أن يكون مجرد لسان عاديٍّ يُترَكُـ لتَفعَل به صُروف الزَّمان وتَعبث به عامّةُ النّاس كما تشاء؟!
وأكيدٌ أنّ الذين يُغيظُهم ربطُ «اللِّسان العربيّ» بنصِّ «القُرآن الكريم» و«الحديث الشّريف» لن يزدادوا إلّا صَلفًا في تشبُّثهم بلَوْكـ ما أَلِفوه من التُّهَم السخيفة والشُّبَه المكرورة، لأنّهم لا يَقُومون إلّا كما يقوم من أُشرب في قلبه أنّ "العقل" و"الوحي" ضدّان وأنّ أيّ مُحاوَلة للجمع بينهما ليست سوى استنجاد بحُجّة السُّلطان لتسويغ ما لا سند له في الواقع الموضوعيّ الذي يَنْفكّـ، حسب ظنّهم، عن كل ما هو "غيبيّ" أو "فوقيّ"!
ومن كان ذاكـ حالَه، فإنّه يُطالَب بالبَرْهنة علميّا على أنّ "اللُّغة" في عالَم البشر وضعٌ عقليٌّ محضٌ وأنّ استعمالَها مقطوعٌ تماما عن كل الشُّروط التّداوُليّة في تحديدها لاشتغال «السِّحر الاجتماعيّ» الذي يُولِّد أشكال السيطرة الثقافيّة وما يَرتبط بها من «عُنف رمزيّ» يَتحوَّل من جَرّائه كل ما هو "اعتباطيّ" إلى شيء يبدو بصفات "الطبيعيّ" و"البَديهيّ" (من دون أدنى حاجة إلى أيّ تدخُّل سُلْطويّ). فهل يستجيب "المُبْطلون" فيَأتون – في تحَدٍّ ثالث- ببُرهان بيِّن على أنّ ما يَسعون لفَرْضه عُموميّا من "اللُّغة" بريءٌ تماما من آثار «السِّحر الاجتماعيّ» الذي يَنْسون (أو يَتناسون) أنّه هو وحده الذي يُزيِّن لهم ما تَشتهيه أهواؤُهم فلا يتوانون عن تبريره حتّى يكتسي لباسَ «المصلحة العامة»؟!
هوامش:
[1] اُنظر:
- Oswald Ducrot et Jean-Marie Schaeffer, Nouveau Dictionnaire encyclopédique des sciences des langage, éd. Du Seuil, coll. Points/Essais, Paris, 1995, p. 7.
[2] اُنظر:
- Louis-Jean Calvet, Essais de linguistique : la langue est-elle l’invention des linguistes ?, éd. Plon, 2004.
[3] اُنظر:
- Pierre Bourdieu, Ce que Parler veut dire, éd. Fayard, Paris, 1982.
[4] اُنظر:
- André Martinet, Eléments de linguistique générale, éditions Armand Colin, coll. Cursus [1960], 5e dition, Paris, 2012, p. 162.
[5] اُنظر:
- William Labov, ******** in the inner City: studies in the Black English Vernacular, University of Pennsylvania Press, 1972, p. 37-38; traduit par Alain Kihm, éd. De Minuit, Paris, 1978, p. 72-73.
[6] اُنظر:
- Pierre Bourdieu, Ce que Parler veut dire, éd. Fayard, Paris, 1982, p. 14-15.
[7] اُنظر:
- Louis-Jean Calvet, la guerre des langues et les politiques linguistiques, [Payot, 1987], Hachette, Paris, 2005, chap. 6.
وراجع: لويس جون كالفي، حرب اللغات والسياسات اللغوية، ترجمة د. حسن حمزة، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، ط 1، 2008، الفصل السادس، بالخصوص ص. 148-158.







التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2013-11-13, 16:14 رقم المشاركة : 5
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: جَمعيّة "الضّاد": دعوةُ عيّوش إلى "التّدريجِ" تُهدّد استِقرارِ البِلاد


ما رأيكم يا إخوتي الأستاذيين والأستاذيات في هذه الحرب الضروس التي أشعلت فتيلها ضد اللغة العربية؟؟؟
أرجو التفاعل مع الحدث...بتعبير عن موقف






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 20:27 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd