عُصفورَ الحُولَةِ يا سائلْ
عن دِينِ السِّكينِ القاتلْ
وأبو لؤلؤةٍ يعرفُهُ، والجُرحُ العُمَريُّ الذاهلْ
تاريخٌ.. والوسْمُ خياناتْ
ونداءٌ حارٌّ محزونٌ
من شرفةِ قلبٍ مكلومٍ،
يتعالى في أفْقِ الثَّاراتْ:
السيفُ هو السيفُ العربيّ
والغَدرُ هو الغَدرُ العربيّ
والعُذرُ هو العُذرُ العربيّ
وتداعَت حُمَّى النكْباتْ
فَتسرَّبَ وعدٌ مَمْهورٌ: حُرِّيَّاتْ
-صَهَرَتْهُ جِمارُ التسويفْ-
لِشقوقِ ضمائرَ صَوَّحَها مَوتُ الغيْماتْ
يا وعدًا بالمُدُنِ الجَذْلَى.. ضاعَ الميقاتْ
***
القَطْرُ الخائنُ يسَّاقطُ حِمَمًا هوجاءْ
نيرانُ الحِقدِ غَدتْ تُنبي
عن عجزِ قواميسِ الإطفاءْ
يا قافلةَ العُربِ أنيبي
عن باديةِ الشامِ أجيبي
لهفةَ سؤلِ المُهرِ الرَّاجي
نورَ الفجرِ الطالعِ يومًا
من أجفانِ الليلِ الدَّاجي
مِن أغوارِ الثَّكْلِ يَهِلّ
مِن أحداقِ اليُتمِ يُطلّ
فتُهيلُ عليهِ ذئابُ الفقدِ
ترابَ الغُربةِ والإقصاءْ
يا لونَ جهادٍ في فَلواتِ الفُرقَةِ ضَلّ،
يرمي مِن جَعبتِهِ الداءْ:
وطنًا هجرَتْهُ الأفياءْ.
في بحرِ سرابٍ يسقيهِ عطشُ الصحراءْ؛
ما عادَ الحُلْمُ الوطنيُّ الزاهي
تَنُّورًا يلثُمُ وجْهَ الأرغفةِ السمراءْ
أو شهقةَ أمنٍ في رئةِ المُدُنِ الجَرداءْ
***
ماتتْ أزهارٌ واحْتَرَقَ البُستانْ
وتَعاورَ سَمعَ الليلِ السّاجي
مَوصولِ الأشجانْ؛
زَأْرُ الأشباحِ وترتيلُ العِصيانْ
مِن جُمجمةِ الطفلِ انثالتْ
أحلامٌ بين الأكفانْ
ما عادَ الحِلْمُ يُراوِدُنا
أو يَقْطُنُ ذاكرةَ الإنسانْ
في تابوتِ الموتِ القاني:
يخبو الجُورِيُّ الوَسْنانْ
ودماءٌ راعفةٌ تجري،
وحليبٌ يَقْتَحِمُ الشريانْ
ما أصعبَ جُرحًا يُخفيهِ
ابنُ أبيكَ بِغِمْدِ الأرزاءْ!
***
(يا سَوسَنةَ المطرِ الدَّامي)
يا تهويماتِ الأحلامِ
لا تنتظري قَطْرَ النَّخوةْ
لا تعتنقي عزمَ الإخوةْ
فالإخوةُ باتوا أعداءْ،
والطَّوْطَمُ قَلبُ الأهواءْ
مَن ذا ينضو عن آفاقِ
الشامِ عباءتَها السوداءْ؟
مَن ذا يُطفي طوقَ النارِ
يُحاصِرُها فوق الرَّمْضاءْ؟
طافَ الكَرْزُ النَّازِفُ ليلًا
يَسْقي أحلامَ الأبناءْ
مَن للبيدرِ بالأفراحِ وبالحنَّاءْ؟
يا عُشبَ الأرضِ قدِ اشتدَّتْ
مِنجَلَةُ القَتْلِ الرَّعناءْ،
للثورةِ قلبٌ مشبوبٌ يا شامي حُبًّا وفِداءْ
والفَجرُ يُلَوِّحُ في صَخَبٍ؛
هُبِّي صُدِّي الأعداءْ
***
الشاعرة ثريا نبوي