الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات الــــتــــربـــــويــــة الــــعــــــامــــة > منتدى المكتبة التربوية العامة > المواضيع التربوية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2014-03-16, 07:29 رقم المشاركة : 6
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مقالات تربوية


الحياة المدرسية : بين إلزامية برنامج العمل وتفعيل مشروع المؤسسة

إناعتماد استراتيجية المشروع ضمن أولويات الشأن العام، وتبني برنامج عملمسطر سلفا، ومبني على أسس متينة ترتكز على التربية و البيئة الاجتماعية، هوضرورة و مطلب ملح لكل عمل منظم يندرج ضمن قضايا المجتمع، بل قد تفرضالمرحلة أن يكون ضمن مبادئ وأسس العمل الناجح ضرورة توفر برنامج عمل ومشروعمؤسسة، كيفما كان هذا العمل :

سياسي، تربوي، ثقافي، اجتماعي....و للتدقيق أكثر، فإن الحياة المدرسيةتتطلب التمييز بين أدوار كل من البرنامج و المشروع، كما تحتم وجود برنامجعمل ومشروع مؤسسة قادر على تحقيق الأهداف المسطرة، كتنمية الجانبالمؤسساتي، التعاوني، والاجتماعي، الشيء الذي يفرض إشراك كل مكونات الجسمالتربوي، وبإسهام الفاعلين والشركاء . فإذا كان البرنامج هو سلسلة منالمكونات التي ترتكز على أسس المبادرة، وتخدم أبعاد العمل التشاركي وتراعيالبيئة الاجتماعية كأولوية، بالإضافة إلى الجوانب النفسية والتربويةالتكوينية الهادفة إلى تنزيل سليم يتلاءم والاحتياجات الضرورية للفئةالمستهدفة، فمن اللازم إذن أن يرتكز البرنامج على المجال البيئي، كما يجبأن يخدم النمو العقلي والجانب المهاراتي والمعرفي للطفل.

إنتنفيد البرنامج، تحيينه وأجرأته باستمرار، يفرض اعتماد المنهاج الذيتسيرعليه مختلف المكونات على كافة الأصعدة:الفكرية والثقافية والاجتماعيةوالتربوية لتحقيق الأهداف المرجوة، الغايات و المرامي، مما يجعله يضم فيشموليته مجموعة مبادرات قضايا الشأن العام التي تندرج ضمن مسمى التربيةالمدنية .

وإذاكان المشروع التربوي هو الأداة التي تخدم جوانب شخصية الطفل في جانبهاالشمولي: وجداني، حركي، تربوي، تعليمي، فالطابع التكاملي لكل من البرنامجوالمشروع هو الكفيلبالتنزيل السليم لمشروع المؤسسة وتسطير الخطة الناجحة،فتتطلب عملية الإنجاز تفعيل الأدوار، وإشراك جميع مكونات الحياةالمدرسية،مما يجعل المشروع يندرج ضمن الجانب التعاوني المؤسساتي، فهومسعى مرتبطبفترة زمنية محددة يروم الوصول إلى نتيجة حتمية مرتبطة بقدرةوإمكانيةتحقيق الغايات والأهداف الكبرى، لكن نجاحه يفرض تلاحم وانسجامثلاث مراحل: الإعداد، التنفيذ، الانتهاء .

يتضح جليا الفرق بين المفهومين، فالبرنامج يحتوي مجموعة من العناصر والمكونات،ويتطلب تحقيقه تفعيل القدرات، وتجنيد الكفاءات والمهارات، فالعلاقةتكامليةبين البرنامج و المشروع، وإذا تناولنا موضوع الحياة المدرسيةفلابد منالتأكيد على ارتباطها بعناصر ثلاث: التربية، البيئة، المعرفة .

بالتأكيد فإن الحياة المدرسية مرحلة بناء وتكوين الطاقات، دعم المعارف و السلوكاتوالمهارات، وتعبئة الموارد البشرية، بصنع نخب وتأهيلها لأجل الانخراط فيالبيئة الاجتماعية، والعمل على إعادة بناء مجتمع مدني قادر على المساهمة فيتسيير قضايا الشأن العام .

عبد الحفيظ زياني





    رد مع اقتباس
قديم 2014-03-16, 07:34 رقم المشاركة : 7
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مقالات تربوية


اللعب عند الأطفال: مقاربة سيكولوجية
مصطفى مزياني
أستاذ التعليم الابتدائي
إن للعب دور أساس في تنمية مختلف جوانب شخصيات الأطفال، الحسية الحركية و العقلية والوجدانية واللغوية والاجتماعية ... فهو يؤهلهم لاكتساب القدرة على احترام النظام وقوانين الجماعة، كما يدفعهم إلى تبني قيم التعاون والتضامن وضبط النفس والصبر واحترام الآخر...ولقد تعددت التفسيرات التي أعطيت للعب الأطفال بتعدد النظريات والمدارس السيكولوجية التي اهتمت بهذه الممارسة. لذا سنحاول تقديم مقاربة مركزة لهذا الموضوع عبر الإجابة على الأسئلة التالية : ما الذي نقصده باللعب؟ و كيف يسهم اللعب في تنمية جوانب الشخصية عند الطفل؟ وما هي أهم النظريات السيكولوجية التي اهتمت بتفسير اللعب؟ وما علاقة اللعب بالتعلم؟
اللعب هو نشاط جسمي وعقلي ونفسي تلقائي لا يصدر تحت أي إكراه أو ضغط خارجي¹، وهو يعتبر وسيلة أساسية لتنشئة الأطفال وإدماجهم في محيطهم الاجتماعي. فعبر اللعب يستضمر الطفل القوانين والمعايير المتحكمة في إقامة علاقات اجتماعية متوازنة وسليمة مع الآخرين. إن هذه الممارسة تعتبر « وسيلة للتنشئة و إدماج الطفل في بيئته، فاللعب يجعل الطفل فردا مشاركا في الجماعة، ويطور فهمه للغة وللنظام الاجتماعي، كما يمكنه من إدماج مفهوم المعيار بإدراكه أن العلاقة مع الآخرين تحكمها معايير و يجعله مساهما فعالا في سيرورة تعلمه»².
إن مدرسة علم النفس التقليدية لم تعر أي اهتمام باللعب ولم تعطه أي قيمة، فبالنسبة لها يعتبر تسلية فقط وتزجية للوقت. حيث يرى أصحاب هذه المدرسة، كما يؤكد ذلك بياجيه³، أن اللعب خال من المعنى التربوي. كما أن البحث في موضوع اللعب من طرف المربين التقلديين لم ينل ما يستحقه من العناية والاهتمام. ومما لا ريب فيه أن « المربين التقليديين، من رابلي إلى روسو مرورا بمونتنيي و لوك، قد أشاروا إلى أهمية لعب الأطفال، غير أنهم لم يستطيعوا أن يقوموا بأبحاث عميقة في هذا المجال.»4
غير أن الأبحاث المعاصرة، ورغم قلتها، أكدت أهمية اللعب ودوره المحوري في تنمية جميع جوانب الشخصية عند الطفل. فكما ينمي الجوانب الحسية الحركية والعقلية، ينمي كذلك الجوانب الانفعالية والاجتماعية و اللغوية...و لعل تنمية هذه المجالات المؤلفة للشخصية هو الذي يحفز ميولات ومواهب الأطفال نحو التفتق والتفتح، ويمكنهم من القدرة على الخلق و الإبداع.
فعلى المستوى الحركي؛ ينشط اللعب الأجهزة العضوية للجسم ويقوي العضلات و يكسب اللياقة البدنية. وعلى المستوى العقلي؛ يساعد الطفل على إدراك عالمه الخارجي وينمي مهاراته العقلية، ويؤهله للقيام بالاستكشاف و البحث عن المعلومات بنفسه. وعلى المستوى اللغوي؛ تزداد حصيلة الطفل المعرفية واللغوية باكتساب كلمات وتركيبات لغوية جديدة تؤهله أكثر للتواصل والانفتاح. وعلى المستوى الاجتماعي؛ يتعلم الطفل النظام و يحترم نواميس الجماعة، ويتبنى قيم التعاون و التضامن و التنافس الشريف، وإقامة علاقات اجتماعية متوازنة و فعالة مع الآخرين. أما على المستوى الانفعالي؛ فإن اللعب يدرب الطفل على ضبط النفس و الصبر، والإحساس بشعور الآخرين و العمل على تقديرهم واحترامهم...
ولقد تعددت النظريات التي عملت على تفسير اللعب، حيث أن كل نظرية تفسره ارتباطا بمرجعياتها وأسسها العلمية، وكذا النتائج المتوصل إليها.غير أنه سنتطرق هنا إلى النظريات البارزة في هذا الصدد.
أما نظرية الطاقة الزائدة؛ التي ظهرت في أواخر القرن 19، والتي وضع أسسها الفيلسوف الأنجليزي هربرت سبنسر، تفسر اللعب على أنه صرف لطاقة زائدة عند الطفل. فهذا الأخير وبعد أن يقوم بواجباته وأعماله اليومية تبقى لديه طاقة زائدة يعمل على توظيفها في اللعب. فبالنسبة لهذه النظرية، اللعب هو توظيف واستغلال لطاقة زائدة ومتبقية. إلا أن هذه النظرية تعرضت لانتقادات مهمة، من بينها، عدم إعطاء الأهمية للدور النشط الذي يقوم به اللعب في عملية النمو، كما أنها تغض الطرف عن الظروف الاجتماعية و الاقتصادية و تأثير المحيط في إثارة حيوية الطفل و نشاطه في اتجاه صحيح و إيجابي.
والنظرية التنفيسية؛ أو نظرية مدرسة التحليل النفسي الفرودية ترى أن اللعب هو تعبير رمزي عن رغبات محبطة أو لاشعورية، ممارسته تؤدي إلى إشباع هذه الرغبات و بالتالي تجاوز التوتر و القلق. فبواسطة اللعب مثلا يتغلب الطفل على مخاوفه. «فالطفل الذي يخاف أطباء الأسنان يكثر من الألعاب التي يمثل فيها دور طبيب الأسنان»5. وبهذه الطريقة يتغلب على خوفه بلعب دور الشخص أو الموقف الذي يخيفه. غير أن اقتصار هذه النظرية على مجرد التنفيس لا يكفي لتفسير اللعب.
نظرية الإعداد للحياة؛ رائدها العالم السيكولوجي كارل جروس، الذي يعتبر بأن للعب وظيفة غريزية، كما أنه إعداد للكائن الحي من أجل مواجهة تقلبات المستقبل. فمثلا تطارد القطط أثناء اللعب هو تمرين على مطاردة و اصطياد الفرائس في مستقبل الأيام. أما بالنسبة للإنسان فهو «يحتاج أكثر من غيره إلى اللعب لأن تركيبه الجسمي أكثر تعقيدا وأعماله في المستقبل أكثر أهمية واتساعا»6. غير أن هذه النظرية تعرضت بدورها للنقد، لأن كارل جروس يركز فقط على دور اللعب في تطوير الغرائز دون أن ينتبه إلى أهمية الجوانب الرمزية و التخيلية فيه.
ويعتبر كارل جروس من الباحثين الأوائل الذين اهتموا بدراسة اللعب، فمن خلال تتبعه لألعاب الحيوانات التي يعتبرها ممارسة غريزية، يخلص إلى أن الأطفال بدورهم يلعبون من أجل تطوير وظائف مستقبلية مرتبطة بهم. فاللعب بالدمى بالنسبة للفتيات مثلا، هو إبراز وتطوير لوظيفة /غريزة الأمومة. إلا أن ما أغفله جروس هو الجانب التخيلي و الرمزي في اللعب.
إن التمثل الرمزي والتخيلي للواقع هو الذي يشكل الأهمية الكبيرة للعب الأطفال، وبواسطته يحققون حاجاتهم النفسية دون خضوع لمستلزمات واعتبارات الواقع الاجتماعي، فاللعب الرمزي « في محتواه تفتح و ازدهار للنفس و إدراك للمنى، معارضة له في هذه الحالة للفكر العقلاني المتطبع بالطابع الاجتماعي الذي يكيف النفس إلى الواقع ويعبر عن الحقائق المشتركة »7.
إذن فاللعب كممارسة حسحركية ورمزية يجعل الطفل ينقل الواقع إلى ما يتفق والحاجات المعقدة التي تتطلبها نفسيته. و اللعب كذلك هو جهد متواصل من أجل تجاوز الواقع و إبداع أنشطة جديدة متنوعة. إنه عمل لا ينتهي ورغبة لا نستطيع إيقافها. بكلمة واحدة«لعب أطفالنا هو تعبير، قبل كل شيء، عن تعالي إنساني، بدونه لن يكون الإنسان سوى حيوان كالحيوانات الأخرى»8.
ويبدأ اللعب بشكل جلي وواضح منذ البدايات الأولى للطفولة، فهو يبدأ بالمحاكاة imitation. فالطفل يحاكي نفسه قبل أي شيء آخر، يحاكي نفسه و هو نائم، وهو يأكل، وهو يمد أو يأخذ شيئا خياليا. بعد ذلك يحاكي الأشخاص الذين يعيش إلى جانبهم، يحاكي والده وهو يقرأ الجريدة أو يحاكي أمه وهي تقوم بأشغال البيت ... إن هذا التصرف الإنساني (المحاكاة) يضيف إلى العالم الحاضر والمعيشي والحقيقي عالما خياليا، إنه عالم الممكنات.
إن الخلط بين الحقيقي والمتخيل، بين الواقعي والرمزي في اللعب يعتبر بالنسبة لجون شاطو ضرورة لإشباع الحاجات وتحقيق الأماني9. فهذا الخلط مستساغ ومقبول بالنسبة للطفل، بل إن هذا الأخير لا يفهم الفرق الذي يفترضه الهزل من الجد. واللعب بالمحاكاة هو وسيلة لفهم ومعرفة تصرفات ووجهات نظر الآخرين. إنه سلاح ضد التمركز حول الذات égocentrisme و إعداد لمراحل طفولية مقبلة .
وحول علاقة اللعب بالتعلم فإننا نلاحظ عند تقديمنا لأنشطة تعلمية باعتماد اللعب أن الأطفال يبدون اهتماما كبيرا ورغبة جامحة فيما يتعلمونه. و لقد «وظفته ماريا منتسوري ضمن طريقتها التعليمية على اعتبار أنه يوفر حرية كبيرة لتنمية فعالية التدريب الحسحركي في عملية اكتساب المعارف»10.و يعمل اللعب كذلك كوسيط تربوي على تفتح شخصية الطفل و تنميتها و بواسطته يتعلم بشكل فعال و يحقق نتائج مهمة .غير أن ذلك لن يتم سوى باعتماد ألعاب تربوية منظمة و مخطط لها . حيث يعتبر دور المدرس أساسيا في هذا الأسلوب من التعلم، و ذلك بدءا باختيار ألعاب لها أهداف تربوية تتناسب و قدرات و حاجات الأطفال ، و توضيح قواعد اللعبة، وترتيب المجموعات، وتحديد الأدوار، و تقديم المساعدة كلما تطلب الموقف ذلك.
إن للعب عدة أهداف ومزايا تربوية، فهو يعمل على إشباع حاجات الأطفال و رغباتهم، كما يحقق لهم توازنهم النفسي والاجتماعي. و بشكل عام فإن اللعب يعمل على تفتح الشخصية و تنميتها من أجل الاكتشاف والخلق و الإبداع. لذا فإن على الآباء والمربين و المسؤولين، أولا و قبل كل شيء، أن تحصل لديهم اتجاهات و مواقف إيجابية تجاه اللعب و ذلك بهدف تشجيع الناشئة على ممارسته.





    رد مع اقتباس
قديم 2014-03-16, 07:37 رقم المشاركة : 8
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مقالات تربوية


المنهاج التربوي المغربي وسؤال الثقافة العلمية
- الكتاب المدرسي نموذجا -
خالد زروال
مفتش التعليم الابتدائي
إن موضوع التربية في علاقته بسؤال الثقافة العلمية يتموضع في إطار يتأرجح بين الإنتاج الرمزي المولد للأنساق التربوية المتضمنة للمرجعيات المجردة الطامحة لخلق جيل قادر على سبر أغوار التفكير العلمي في أفق خلق شروط تنمية حقيقية، وبين القوالب المادية الحسية التي تحول زخم النظرية إلى حقيقة سارية المفعول. والفرق بين اللحظتين يكمن أساسا في مؤشرات درجة التشبع بمبادئ العلم والعقل، التي تقاس بها تاريخية (historicité) أمة من الأمم.
فإلى أي حد يبدو منهاجنا التربوي المغربي، من خلال الكتاب المدرسي، مهيئا لخلق تلك القوالب المادية الحسية القادرة على تحويل زخم النظرية إلى حقيقة سارية المفعول؟ وبالتالي إلى أي حد يبدو كتابنا المدرسي هذا قادرا على الإسهام في إرساء معالم تفكير علمي عند ناشئتنا ؟
إنه الإشكال الذي حاولنا مقاربته بالدراسة والتحليل لحالة تربوية اشتغلنا خلالها على الكتاب المدرسي عبر مقتطف نص قرائي، طامحين من وراء دراستنا هاته إبراز بعض الصعوبات التي لا زال يواجهها منهاجنا المغربي في تقليص الهوة بين طموحه النظري، الذي يروم ترسيخ ثقافة علمية في صفوف مخرجات هذا المنهاج، وبين المقاومة التي قد يبديها واقع الممارسة البيداغوجية. ولعل هذه المقالة تحاول أن تلامس بعض جوانب تلك المقاومة وأسبابها.
في فقرة مقتطفة من نص قرائي تكميلي بعنوان "عقد من ورق" من كتاب مرشدي في اللغة العربية للسنة الثانية ابتدائي[1]، وردت العبارات التالية:
"نأتي بمجموعة أوراق ملونة أو صور من مجلات قديمة. نقوم بتقطيع أشكال هندسية كالآتي:
- مثلث قاعدته 1 سم وارتفاعه 4 سم.
- مستطيل طوله 4 سم وعرضه 1 سم.
بعد حصولنا على أعداد كثيرة من هذه الأشكال، نبدأ في تلفيف القطع بواسطة مؤخرة عود الثقاب على أساس أن نلف شكل المثلث من جهة القاعدة، ونلصق الجزء الأخير للشكل في الأخير باللصاق لنحصل على هذا الشكل وهو عبارة عن عقيق".
يبين هذا النص القرائي مدى الطفرة النوعية التي حققها الكتاب المدرسي، مستجيبا لرؤية حديثة تربط المعرفة بمجال التطبيق والاشتغال اليدوي، حيث أن التلميذ، بعد استيعاب هذا النص، سيكون مطالبا بالاشتغال اليدوي عليه، محولا مضامينه إلى أشكال هندسية متجانسة يبني من خلالها معنى معينا وملموسا (عقد من ورق). كما نسجل كذلك، عبر سيرورة المعرفة والتطبيق هاته حضور نظرة إبستيمولوجية واعية في إدراك المعرفة ككل متناغم، وذلك عبر إزالة الحواجز بين مكوناتها، حيث يمد النص جسورا بين تعلمات مكون القراءة ومكتسبات مادة الرياضيات. ولعل في ذلك المد محاولة لتجاوز المشاكل الجوهرية التي ظلت المعرفة تعانيها من خلال الفصل بين مكوناتها، أو ما يسميه إدغار موران: التخصص المغلق، الذي يمنع رؤية الشمولي حيث يقوم التخصص بتجزيئه إلى قطع مفصولة عن بعضها البعض[2].
غير أن كل تلك المحاسن التي نسجلها للنص لن تحجب عنا بعض المفارقات، التي لاحظناها عند دراستنا لهذه الحالة، بين الطريقة التي وردت بها بعض المفاهيم العلمية في هذا النص الموجه لتلاميذ السنة الثانية ابتدائي وبين التصور الإبستيمولوجي لبناء هذه المفاهيم.
1- في بناء المفاهيم العلمية
ورد في موسوعة روزنتال الفلسفية أن المفهوم هو شكل من أشكال انعكاس العالم في العقل، يمكن به معرفة الظواهر والعمليات وتعميم جوانبها وصفاتها الجوهرية، وهو نتاج معرفة متطورة تاريخيا ترتفع من الأدنى إلى الأعلى[3].
نستخلص من خلال قراءتنا الإبستيمولوجية لهذا التعريف أن المفهوم، والمعرفة العلمية بشكل عام، يحكمهما منطقان اثنان:
« المنطق الأول، دياكروني تاريخي[4]: ذلك أن المعرفة لها منبعها وسيرورتها التاريخية، وهو المسار الإبستيمولوجي الذي ينبغي أخذه بعين الاعتبار أثناء تقديم أي معرفة للمتعلم. فالمفهوم تصور للعالم، لكنه ليس بالجامد أو النهائي، بل هو متحول ومتغير من مستوى أقل تعقيد إلى مستوى أكثر تعقيدا وتجريدا. بعبارة أخرى، فالمفهوم العلمي هو انبناء تاريخي وتكوين مستمر وليس مجرد معطى ميتا فيزيقي ينزل مرة واحدة في ذهن المتعلم، بل هو موضوع يتدفق تدريجيا وبشكل يزداد اتساعا وعمقا وتكاملا في سيرورة ومسار حلزونيين.
« المنطق الثاني، سانكروني بنيوي[5]: تفيد القراءة الإبستيمولوجية لتاريخ العلم، منذ نظرية المعرفة مرورا بفلسفة العلم وصولا إلى الإبستيمولوجيا المعاصرة، أن المفهوم هو انعكاس للعالم ولظواهره في العقل وتعميم لها، بدءا بالملاحظة ثم التجريب والتحقق، وهذا ما يعرف بالمنطق الصوري.
عبر هذين المنطقين، تنتظم المفاهيم لدى الطفل بشكل علمي عبر احترام تجربته الذاتية وتراكماته السابقة (المنطق التاريخي)، ومن خلال قيامه بملاحظات ومناولات ملموسة لظاهرة معرفية معينة، ثم مناقشتها قصد التحقق منها بشكل يجعلها تثبت في ذهنه (المنطق الصوري).
إذن، وفي ضوء هذا التحديد الإبستيمولوجي للمفهوم، سنحاول، من خلال متن النص القرائي الذي بين أيدينا، أن نسائل مدى قدرة الكتاب المدرسي ومنهاجنا المغربي على بناء المفاهيم لدى تلامذتنا وفق المنطقين الإبستيمولوجيين السابقين الذكر.
2- أي مقاربة للمفاهيم العلمية يقدمها الكتاب المدرسي ؟
يتضح من خلال قراءتنا للنص القرائي (عقد من ورق) أن المطلوب من متعلم السنة الثانية من التعليم الابتدائي هو الإتيان بأوراق ملونة، ثم محاولة تقطيع أشكال هندسية كالآتي:
- مثلث قاعدته 1 سم وارتفاعه 4 سم.
- مستطيل طوله 4 سم وعرضه 1 سم.
ثم يقوم بتلفيف هذه القطع بواسطة مؤخرة عود الثقاب على أساس لف شكل المثلث من جهة القاعدة.
نستخلص من خلال هذه التعليمة أن المهمة بالغة التعقيد: فمجرد إطلالة سريعة في مقرر مادة الرياضيات للسنة الثانية ابتدائي تطلعنا على أن تلميذ هذا المستوى لن يكون قادرا، في نهاية السنة، على أكثر من الاستئناس ببعض الأشكال الهندسية، مما يدعونا للتساؤل: كيف يمكن لهذا التلميذ، وهو يقرأ هذا النص، أن يستوعب مفاهيم من قبيل ارتفاع وقاعدة المثلث ؟ كيف يمكن لهذا المفهوم الانبناء في ظل غياب الشرط التاريخي اللازم ؟ إن تنزيله لأول مرة بهذه الطريقة، عبر نص قرائي تكميلي خارج مكون الرياضيات، لهو مبعث على مساءلة كتابنا المدرسي بشكل خاص، ومن خلاله منهاجنا التربوي بشكل عام، ومدى احتكامه إلى المعايير الإبستيمولوجية في تقديم المفاهيم. وبالتالي، إلى أي حد يبدو هذا المنهاج قادرا على زرع روح التفكير العلمي في ناشئتنا، في مرحلة جد حساسة من تاريخ بنيتها الذهنية ؟
التساؤل يعظم والإشكال يستفحل عندما نواصل قراءة هذا النص التكميلي لنكتشف أن المطلوب من المتعلم أن يحول ما قرأه إلى تطبيقات هندسية ؟! إذ كيف يمكن لمتعلم لم يستوعب نصا أن يحوله من مستوى القراءة إلى مستوى الفعل والتشكيل الهندسي ؟! كيف لمتعلم وجد نفسه فجأة، ولأول مرة، أمام مفاهيم هندسية من قبيل "الارتفاع"، "القاعدة"، "الطول"، «العرض"... أقحمت قسرا خارج تاريخه الذهني، أن يحولها إلى أشكال هندسية دقيقة القياس على ورقة وهو لا زال يحاول التموقع في فضاء قسمه ؟! إن الأمر هنا يتعلق بأعلى درجات تعميم المفاهيم، فالمعروف أن تطبيق المفهوم درجة متقدمة من تعميمه، لابد أن تسبقه مراحل الملاحظة والاكتشاف ثم التجريب والتحقق عبر مناولات ملموسة، وهو ما لم يتوفر لتلميذ السنة الثانية في مجال مفاهيم الهندسة.
ومن هذا المنطلق يبدو لنا غياب ذلك المنطق الصوري الذي تحدثنا عنه كأساس في بناء المعارف والمفاهيم. وهو الغياب الذي سجلناه كذلك بخصوص المنطق التاريخي، حين أكدنا على كون مفهوم الارتفاع والقاعدة وغيرهما هي مفاهيم أقحمت بجرأة غريبة في هذا النص القرائي دون سابق إخبار، فتلميذ السنة الثانية لم يدرك بعد أبسط خصائص مفهوم المثلث كشكل هندسي: يتكون من ثلاثة أضلاع، فكيف له أن يدرك خصائص أكثر تجريد من قبيل الارتفاع والقاعدة ؟! والنتيجة أن هذه الخصائص ستظل بالنسبة له بدون معنى، وسوف تؤثث ذاكرته دون أن تجد لها مقاما في بنيته الذهنية. ومن ثم، يستحيل تحويلها إلى رسوم هندسية باعتبار هذه الرسوم أعلى درجات تعميم مفهوم المثلث بكل خصائصه: الأضلاع، الارتفاع، القاعدة.
استنتاجات وحلول مقترحة
نستنتج أن إدراج هذا النص داخل مكون القراءة للسنة الثانية لم يخل من مجازفة، إذ لميقم على الأسس العلمية والإبستيمولوجية الكافية. كما يبدو كذلك أن الأستاذ الذي سيقدم على تقديم هذا النص دون تصرف ديداكتيكي، بشكل يلائم مستوى متعلميه - كما هو الشأن بالنسبة للأستاذة التي عايناها خلال التدريب الميداني الأخير- غير واع بالأسس الإبستيمولوجية للمعرفة مثلما أوردناها في التقديم النظري لهذه الدراسة، الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل وبإلحاح: أي دور يمكن أن يقدمه أستاذ التعليم الابتدائي في بناء المفاهيم لدى الطفل المغربي؟ وبالتالي في زرع بذور التفكير العلمي لدى هذا الطفل؟ الأمر الذي يعطينا الشرعية في تساؤل آخر حول مستوى التكوين الأكاديمي والبيداغوجي لهذا الأستاذ ؟!
إن الرهان على ترسيخ الثقافة العلمية في فضاءاتنا المدرسية، في أفق توجيه ثلثي تلامذتنا نحو الشعب العلمية، رهان لا يمكن كسبه إلا من خلال احترام المداخل الإبستيمولوجية لتشكل المعرفة العلمية التاريخي منها والصوري، وهو ما يقتضي:
« إعادة النظر في المفاهيم المقدمة بمدرستنا الابتدائية وطريقة تقديمها، كما يقتضي بالضرورة إعادة النظر في مواصفات فئة التدريس بهذه المدرسة، وتمكينها من تكوين أساسي متين يجمع بين ما هو أكاديمي وما هو بيداغوجي. وفي هذا الإطار، نثمن طموح المخطط الاستعجالي في إلحاق مراكز التكوين بالتعليم الجامعي، حيث ضرورة مرور الطلبة الأساتذة بمسالك علوم التربية.
« تأهيل فضاءاتنا المدرسية بشكل يجعلها تنمي في ناشئتنا آليات التفكير العلمي من ملاحظة واكتشاف وتجريب وتحقق. وقبل هذا وذاك، لابد من إعادة التفكير في الحياة المدرسية من أجل خلق مناخ للنقد وإعمال العقل، وذلك بانخراط الجميع: فاعلون تربويون، مجتمع مدني... في أفق صناعة اللحظة التاريخية الملائمة لتجاوز الاختلال والانفصام الواضح في مناهجنا التربوية بين الأنساق النظرية الطامحة لركوب ناصية العلم، وبين القوالب المادية الحسية الكفيلة بتحويل زخم النظرية إلى حقيقة سارية المفعول. فالأمر إذن يحيلنا على مطلب سوسيولوجي كبير، مفاده أنه لتوجيه تلامذتنا نحو الشعب العلمية الضامنة لكسب رهان التنمية، لابد من تغيير في النسق الثقافي لمجتمعنا من نسق يكرس قيم التقليد والحفظ والتعليم القائم على تأثيث الذاكرة، إلى نسق ثقافي أساسه النقد والتفكير العلمي الموجه بعملية التوليد المستمر للأسئلة، حيث لا تنمية بدون فكر ولا نهضة بدون عقل ناهض على حد تعبير المفكر والإبستيمولوجي المغربي الكبير محمد عابد الجابري.

الهوامش:
[1]-مجموعة من المؤلفين، مرشدي في اللغة العربية للسنة الثانية الابتدائية، منشورات أفريقيا الشرق، 2009.
2-موران إدغار، المعارف السبع الضرورية لتربية المستقبل، الفصل الثاني: مبادئ من أجل معرفة ملائمة، ترجمة لزرق عزيز والحجوجي منير، دار توبقال للنشر واليونسكو، ص 40.
3-عامر عبد الحق، عالم المفاهيم عند الطفل، مجلة الرسالة التربوية، الرباط، منشورات مركز تكوين مفتشي التعليم، العدد 17، 1984، ص 81، عن موسوعة روزنتال، ب. يودين، الموسوعة الفلسفية ترجمة سمير كرم، د الطبيعة ط 2، بيروت، 1980.
4-بنعبد العالي عبد السلام ويفوت سالم، درس الإبستيمولوجيا، الطبعة الأولى، الدار البيضاء، دار توبقال للنشر، 1985، ص 57.
5-المرجع السابق، ص 58.
المصدر

كراسات تربوية، الصادقي العماري الصديق واخرون، مطبعة بنلفقيه، الرشيدية،2013،ص 56.





    رد مع اقتباس
قديم 2014-03-16, 07:39 رقم المشاركة : 9
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مقالات تربوية


التربية على المواطنة
وحقوق الانسان
مشروع تكوين مواطن الغد

الصديق الصادقي العماري
باحث في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا
.توطئة

إنأزمةالقيمتعدمنالسماتالواضحةفيالعصرالحاضر،نتيجة

لطغيانالمادةعلى ماحولهامنقيمومبادئ،
فالتقدم
الباهرالذيوصلإليهالإنسانلميحقق
له
التوازنالنفسي الذييبتغيه،بلإنه ساعد على
اهتزازالقيم وضحالتهابداخله فأصبح كلماي
همه
المادة فحسب٬فهو لايرىإلاذاته،ولايسمع إلاصوته٬ ونتيجةلهذاضعفت القيم التي تحافظ على الترابط الاجتماعي.
مما أدى إلى تفشي مشاكل اجتماعية كثيرة مثل الانحراف
وتعاطي للمخدرات بكل أنواعها٬ وتفكك الأسر نتيجة
الطلاق و الأمية و البطالة وطغيان أسلوب العنف٬
ومشاكل أخرى كالتشرد والتسول والعدوانية والفردانية
لأن الأفراد أصبحوا لا يهتمون إلا بما يخدم
مصالحهم الشخصية٬ وكذا الغش و الرشوة

و المحسوبية.
وبالتالي أصبحت الحاجة ماسة إلى التربية على القيم
و المبادئ الأساسية التي تنظم العلاقات الانسانية
بين الأفراد. وتعد المدرسة أحد الأجزاء الأساسية للمجتمع٬
والتي تقوم بفعل التربية و التكوين٬ من أجل تأهيل المتعلم
لكي يكون قادرا على الاندماج في هذا المجتمع عبر
مجموعة من الوظائف الايجابية والسلوكات المدنية الفعالة.
وهذا الهدف الأسمى لن يتحقق٬ في نظرنا٬ إلا باعتماد فلسفة
تربوية تقوم على برامج ومناهج حية تستهدف ترسيخ
قيم المواطنة و السلوك المدني وقيم حقوق الانسان
٬ يكون لها ﺁثار إيجابة على الفرد والمجتمع.

فما هي علاقة التربية بمنظومة القيم؟ وكيف تساهم التربية
على قيم المواطنة وقيم حقوق الانسان في تكوين متعلم اليوم٬
وتأهيله ليصبح مواطن الغد؟ وهل يكفي اعتماد هذه
التربية القيمية في البرامج و المناهج التعليمية
للحكم على سلوك المتعلم بالاستقامة و الصلاح بما يجعله
مستقبلا مواطنا صالحا؟ أم أن هناك إجراءات أخرى أساسية
إضافة إلى الفلسفة التربوية المعتمدة؟

2.التربية و منظومة القيم : أية علاقة؟
إن القيم ضرورية لتحقيق السعادة للفرد والمجتمع،
وتنظيم سلوك الناس، مما ييسر العيش الهادئ الكريم
ويحفظ الحقوق، ويمنع الطغيان والاعتداء، فهي تعمل
على تحقيق المجتمع المتعاون على الخير، وتجعل المسؤولية
بين الفرد والمجتمع تبادلية وتضامنية ومتوازية،
تحفظ للجماعة مصلحتها، وقوة تماسكها، وللفرد حريته،
وبدون القيم تنحط الجماعة البشرية إلى مرتبة الحيوانية
ويكفي ٬للتدليل على ذلك٬ أن نتصور مجتمعا خاليا من
الصدق والأمانة، والإخلاص، والعطف على العاجز والفقير،
وحب الخير، لاشك أن هذا المجتمع لا يمكن أن يستقيم
له أمر من دون وجود تربية على قيم و أخلاق نبيلة.

فالقيم ترتبط بواقع الحياة اليومية ارتباطا وثيقا، لأنها
ينبغي أن تكون في الحقل، والمصنع، والمدرسة، والأسرة،
بحيث يظهر الإخلاص في العمل والصدق في القول والفعل،
والثقة والوفاء ومحاربة التواكل، والتهاون٬ كما ينبغي
أن تجسد هذه القيم لتكون سلوكا إيجابيا في المجتمع،
تحقق الخير له وللإنسانية جمعاء ولن يتحقق ذلك
إلا عبر قاطرة مبنية على أسس وركائز متينة قوامها
البرامج و المناهج الحية و الأطر و المؤسسات التي تقوم
بوظيفة التربية و التكوين و الترشيد لا التدريس فقط.
ومما يدل على ارتباط القيم بواقع الحياة اليومية،
و الذي تسعى المدرسة إلى تمتينه و تعزيزه٬ أننا
لا يمكن أن نتصور الصدق إلا في إنسان صادق،
والوفاء إلا من إنسان وفي. وبالتالي فإن التربية على القيم
و الأخلاق تعد غاية كبرى من غايات المدرسة
المغربية الراهنة
.

لذلك أكد الميثاق الوطني للتربية والتكوين على جعل
المتعلم في قلب الاهتمام و التفكير و الفعل أثناء العملية
التعليمية التعلمية٬ والأخذ بعين الاعتبار خصوصياته
الفردية داخل جماعة الفصل غير المتجانسة٬ من أجل
العمل على إنجاحه في الحياة٬ وتأهيله للتوافق مع محيطه
في كل فترات ومراحل تربيته وتكوينه، وذلك بفضل ما
يكتسبه من كفايات ضرورية لإحقاق النجاح والتوافق٬
ضمن منظومة من القيم الوطنية والعقدية والكونية. كالتالي
:

" يهتدى نظام التربية والتكوين للمملكة المغربية بمبادئ
العقيدة الإسلامية
وقيمهاالرامية لتكوين المواطن المتصف
بالاستقامة والصلاح، المتسم بالاعتدال والتسامح،
الشغوف بطلب العلم والمعرفة، في أرحب آفاقها،
والمتوقد
للاطلاع والإبداع المطبوع بروح المبادرة الإيجابية
والإنتاج النافع "
.[1] كما يضيف:" يلتحم النطام
التربوي للمملكة المغربية بكيانها العريق القائم على
ثوابت ومقدسات يجليها الايمان بالله وحب الوطن
والتمسك بالملكية الدستورية٬ عليها يربى المواطنون
مشبعين بالرغبة في المشاركة الايجابية في الشأن
العام و الخاص وهم واعون أتم الوعي بواجباتهم
وحقوقهم٬ متمكنون من التواصل باللغة العربية٬ لغة
البلاد الرسمية٬ تعبيرا وكتابة٬ متفتحون على اللغات
الأكثر انتشارا في العالم٬ متشبعون بروح الحوار٬
وقبول الاختلاف٬ وتبني الممارسة الديمقراطية٬ في
ظل دولة الحق و القانون."[2]
كذلك "ينطلق إصلاح
نظام التربية و التكوين من جعل المتعلم بوجع عام
٬ و الطفل على الأخص في قلب الاهتمام و التفكير
و الفعل خلال العملية التربوية التكوينية. وذلك بتوفير
الشروط وفتح السبل أمام أطفال المغرب ليصلقوا ملكاتهم٬
ويكونون متفتحين مؤهلين وقادرين على التعلم مدى
الحياة ".[3]

إلا أننا في هذه الورقة سنقتصر على التطرق إلى
قيم المواطنة و السلوك المدني و قيم حقوق الانسان
ودورها في تربية وتكوين متعلم اليوم ليكون مواطن
الغد
بما تحمله الكلمة من معنى٬ قادرا على تحمل
المسؤولية ومواجهة الصعاب الحياتية بكل قوة وعزم
و إرادة من أجل خدمة نفسه و أهله و وطنه. وهذا الاقتصار
لا يعني أن القيم الأخرى ليست لها أهمية أو أن دورها
في تأهل المتعلم أقل من القيم الأولى و لكن لكون المجال
لا يتسع.

3. التربية على قيم حقوق الإنسان
إن تعزيز مبادئ وقيم حقوق الإنسان من داخل العملية
التعليمية التعلمية، وفي إطار الممارسة التربوية، هو ما
ينعت اليوم ب"التربية على حقوق الإنسان"، وهو اتجاه
لا يقصد تعليم معارف وتصورات حول حقوق الإنسان
للأطفال والمتعلمين فقط، بقدر ما يرمي إلى تأسيس القيم
التي ترتبط بتلك الحقوق.
والتربيةعلىحقوقالإنسانهيكلنوعمنالتعلميساعد علىبناءالمعارفوالمهاراتوالمواقفوالسلوكاتالمتعلقة بحقوق
الإنسان. وهذا النوع من التربية يساعد المتعلمين
علىإدماجقيمحقوقالإنسان،منقبيلالاحترام
والمساواة وغيرها،
فيحياتهماليوميةعلىنحوأفضل. ويشجع
هذا النوع من التربية كذلكعلىاستخدامحقوق الإنسانكإطارمرجعيفيعلاقاتنامعالآخرين. كماأنها تشجعناعلىفحصمواقفناوسلوكاتناالخاصةبشكلنقدي، وبالتاليعلىتحويلهامنأجلتعزيزالسلموالوئامالاجتماعي واحترامحقوقالجميع.

ليست التربية على حقوق الإنسان تربية معرفية، بل هي
تربية قيمية بالدرجة الأولى؛ فاهتمام هذه التربية
بالجانب المعرفي لا يعد قصدا نهائيا من هذه التربية،
فهي تتوجه بالأساس إلى سلوك المتعلمين. وإذا ما تبين
أحيانا أن هناك اهتماما بالمحتوى المعرفي، فإن مثل
هذا الاهتمام لا يتجاوز كونه مدخلا أساسيا للمرور
إلى قناعات المتعلم وسلوكاته.

لا تكتفي هذه التربية الحقوقية بحشد الذهن بمعلومات
حول الكرامة والحرية والمساواة والاختلاف، وغير ذلك
من الحقوق؛ بل إنها تقوم أيضا على تمكين المتعلم
من ممارسة تلك الحقوق، وأن يؤمن بها وجدانيا،
وأن يعترف بها كحقوق للآخرين، وأن يحترمها كمبادئ
ذات قيمة عليا. إنها ليست تربية معارف للتعلم فقط،
وإنما هي تربية قيم للحياة والمعيشة.

يتعلق الأمر إذن، بتكوين شخصية الطفل المتعلم٬ على
أساس نظرته إلى الحياة٬ ووجدانه٬ ومشاعره
٬ وفق ما
تقتضيه ثقافة حقوق الإنسان من ممارسات وعلاقات بين
الأفراد، ثم بين الفرد والمجتمع. فالتربية على حقوق
الإنسان تهدف
في السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية
إلى بناء مشاعر الثقة والتسامح والتضامن الاجتماعيين.
فهذه المشاعر هي أساس كل الثقة المرتبطة بحقوق الإنسان
.
وهكذا جاز اعتبار حقوق الإنسان تربية عمل أكثر مما
هي تربية نظر، وذلك من حيث إن الغرض المتوخى منها
هو مساعدة المتعلمين على تعرف وفهم الحقوق والواجبات
٬ بغية تطبيق مبادئ حقوق الإنسان على أكمل نظام في
وجودنا البشري
. مما يتطلب من المدرسين أن يفعلوا ما
هو أكثر من مجرد ترديد درس محفوظ لكي تدب الحياة
في هذه الأفكار٬ عندئذ يمكن للمدرسين وللتلاميذ ممارسة
هذه المبادئ بدلا من تدريسها بمجرد الفم أو محاكاتها
.

يتضح إذن، أن تعليم مبادئ و أخلاق حقوق الإنسان المتعلمين
يعني تأسيس هذه الحقوق كقيم على مستوى الوعي والوجدان والمشاعر، وكسلوكات عملية على مستوى الممارسة.
وينطلق هذا التعليم القيمي السلوكي من أقرب مجال له،
وهو حجرة الدرس، والبيئة المدرسية، ومن ثمة يؤسس
تعزيز حقوق الإنسان، في الفضاء المجتمعي العام خارج
المدرسة، في البيت، في الشارع، في مختلف المرافق،
ومع مختلف الفئات الاجتماعية. ولعل ذلك ما يسمح
باستنتاج أن التربية على حقوق الإنسان ترمي إلى
تكوين المواطن المتشبع بالقيم الديمقراطية ومبادئ
حقوق الإنسان، القادر على ممارستها في سلوكه اليومي
من خلال تمسكه بحقوقه واحترامه لحقوق غيره،
والحريص على حقوق ومصالح المجتمع بقدر حرصه
على حقوقه ودفاعه عنها٬ عبر أدائه لواجبه بكل أمانة
و إتقان
.

بهذا المعنى، إذن، نجد أنفسنا أمام مشروع ليس بيداغوجيا
خالصا، ولا تربويا صرفا، وإنما هو مشروع سوسيوثقافي.
إنه مشروع تحديث العقل ثقافيا، وتنمية وضع الإنسان
اجتماعيا، وتنوير القيم في أفق عقلاني إنساني تحرري
يقر الحق ويحترم الواجب، وإقامة ذلك على نظام سياسي
ديمقراطي ينسجم وهذا الثقافي التنويري الإنساني، ويكون
مع حقوق الإنسان لا ضدها.

4.التربية على المواطنة والسلوك المدني
يمكنتعريفالمواطنةلغةبأنهاتشتقمنكلمةالوطن،وهوالمنزل الذييقيمفيهالإنسانوالجمعأوطان،ويقال وطن بالمكان وأوطن به أي أقام أوطنه اتخذه وطناوأوطنفلانأرضكذا،أياتخذهامحلاومسكنابقيمفيه.[4]
لتتمة المقال في القراء من هنا
المصدر
كراسات تربوية، الصادقي العماري الصديق واخرون، مطبعة بنلفقيه، الرشيدية،2013،ص 40.





آخر تعديل خادم المنتدى يوم 2014-03-16 في 07:58.
    رد مع اقتباس
قديم 2014-03-16, 08:00 رقم المشاركة : 10
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مقالات تربوية


أي أفق تربوي وبيداغوجي لمغرب المستقبل؟

الحسن اللحية
أستاذ علوم التربية-الرباط
.................................................. ....
لابد من الإشارة إلى أن ما سمي (بإلغاء) (بيداغوجيا) الإدماج كان أمرا ملتبسا لأن المذكرة الصادرة في الأمر تنص على توقيفها في السلك الثانوي الإعدادي، بينما تترك المجال مفتوحا أمام التأويل في السلك الابتدائي لاقتران الاشتغال بها بمجلس المؤسسة.
لقد كان و ما يزال السؤال مفتوحا حول تبنيها أو إلغائها، وحول ماهيتها ما إذا كانت بيداغوجيا في ذاتها أم لا.
صحيح أنها خلقت حولها بلبلة بين الرافض لها و القابل بها و المتبني لها و المريد لشيوخها و المستفيد من إمكاناتها ...إلخ؛ غير أن الأمر لم يبلغ درجة الحوار الفكري بشأنها، و لربما أنها أصبحت الحل الوحيد والتصور الأوحد بالنسبة للكثيرين من أشياعها و غير مشايعها فبدأ النقد كأنه جرما أو كفرا.
نشير إلى أننا حاورناها منذ 2006 و نشرنا بصددها مقالات كثيرة ، ثم واصلنا نقدنا لها في سنة 2008 و 2009 و 2011/2012 . و الخلاصات الكبرى التي استخلصناها كانت كثيرة. و لعلم القارئ، فإن التفكير التربوي في علوم التربية يتوقف عند تصور كبير يقول بأن التفكير في التربية يتقاسمه توجهان؛ واحد من بينهما يهتم بالتفكير في التربية مثل فلسفة التربية و سوسيولوجيا التربية و السيكولوجيا من خلال الحقول المعروفة كالتعلم و النمو مهما كانت المدرسة السيكولوجية. و التوجه الثاني يهتم بالتفكير حول التربية و هنا نجد التقويم والاقتصاد التربوي و السياسات التربوية ...إلخ.
والباحث في (بيداغوجيا) الإدماج سيجدها من الصنف الثاني لا الصنف الأول للأسباب الفكرية التالية:
أولا: لا تنطلق (بيداغوجيا) الإدماج من أي أساس فلسفي أو سوسيولوجي أو سيكولوجي واضح رغم ادعائها بأنها تنتمي إلى السوسيوبنائية؛ ومعنى ذلك أن براديغمها الفكري سيظل اختباريا تجريبيا بالضرورة: عدة تقويمية تجرب في هذا البلد أو ذاك بنفس الطريقة.
ثانيا: التنميط و الشمولية، وهي خاصية تلازمها أينما حلت وارتحلت ، فهي لا تقيم الفوارق بين البلدان والأطفال و الثقافات ؛ بل تنتج و تعيد عدتها وتصورها الفوق دولتي حيثما كانت. إنها بيداغوجيا فوق دولتية، فوق الأوطان وعابرة للبلدان لا تميز بين هذا وذاك من حيث آلية التقويم والتصنيف التقويمي. وذلك ما جعل المدرسين والمدرسات والمديرين والمديرات منشغلين بملء الجداول والمبيانات، أي تحولوا إلى مصانع للتقويم كما يقول البيداغوجي الفرنسي دوفتشي، بدل الانشغال بالبناء وتنمية الذات والبعد الإنساني والعلائقي و التواصلي والقيمي.
ثالثا: إن هم (بيداغوجيا) الإدماج الوحيد و الأوحد هو التقويم، وهذا معناه أنها لا تمتلك سؤال التربية ولا سؤال البيداغوجيا. فهي لا تعي نفسها كتصور للتربية أو في التربية، و بالتالي لن تكون بيداغوجيا تعمل العلم في التربية، أي تستحضر السيكولوجيا (التعلم والنمو وتنمية الذكاء...) أو السوسيولوجيا (التنشئة الاجتماعية والفوارق وتكافؤ الفرص والأنظمة الثقافية ...إلخ) أو الفلسفة ( سؤال الإنسان والمصير والغاية والقيم ...إلخ). فنزعتها التقويمية تغيب كل شيء من أجل تصنيف مسبق وضع قبل أن يلج الطفل إلى المدرسة.
رابعا: تقدم بيداغوجيا الإدماج نفسها كإستراتيجية في محاربة الأمية الوظيفية، ومرة تقول بأنها إستراتيجية في تعلم الكتابة والقراءة والحساب، وهي بذلك تصنف نفسها بنفسها في خانة المشتغلين على التسرب الدراسي ومحاربة الأمية. و يتضح ذلك بكونها تضع نفسها كأداة في يد منظمات دولية تشتغل على محاربة الأمية الوظيفية. و قد عينت نفسها كبيداغوجيا للفقراء، كبيداغوجيا لدول لم تعمم التمدرس و لا تتوفر على نظام تربوي قائم.
خامسا: يجعلنا هذا التصور الأخير الذي عينت به نفسها إلى أنها تتلاءم و اقتصاد الهشاشة، هذا الاقتصاد الذي يقوم على l’insertion وليس l’intégration. ولعل هذين المفهومين هما لحمة بيداغوجيا الإدماج.
سادسا: إن الانشغال بالهشاشة والكتابة والقراءة والحساب، والانشغال بالعدة التقويمية والتخطيط الشامل والأحادية والنمطية جعلها تغفل القيم والسؤال حول الإنسان؛ وذلك ما جعلها تتعرى أمام وضعيات قيمية وثقافية وذهنية ومخيالية لأنها ببساطة تنزع نحو المهارة اليديوية والإنجازية القابلة للملاحظة، وبالتالي القابلة للتقويم، وهو ما جعلنا نصنفها ضمن السلوكية الواطسنية الجديدة. فالكائن الذي يتعلم هو في المغرب أو غيره من البلدان مطلوب منه أن يبلغ سلما إنجازيا معينا لتحكم عليه هي بالتعلم.
سابعا: ما يلاحظ أن (بيداغوجيا) الإدماج لا تعير اهتماما بالنمو و لا بالذكاءات المتعددة ولا باستراتيجيات التعلم لدى الأطفال و لا بالموقع الاجتماعي و الثقافي الذي ينحدرون منه. كما لا تفكر في المعاقين و لا المتأخرين ذهنيا و لا الذين لا يملكون أي رأسمال ثقافي ...إلخ. لقد كان و مايزال همها هو بناء وضعية تقويمية، وضعية مستهدفة، وضعية إدماجية واحدة موحدة بالنسبة للجميع حيثما كانوا، وكان العلاج واحدا موحدا.
ثامنا: إن لغة بيداغوجيا الإدماج وجهازها المفاهيمي بعيد عن لغة التربية لأنه يمتح من التدبير والاقتصاد والهندسة أكثر مما يمتح من النظريات السيكولوجية والسوسيولوجية والفلسفية. فأنت تجد لغتها تتحدث بحيادية عن المعرفة واللغة والقيم، كما تجعل المعرفة والأشخاص موارد كباقي الموارد العينية ...إلخ. ولعل هذا الجانب وحده يجعلها موضوع تأمل فكري يعري عن وجهها اللاتربوي واللابيداغوجي بشكل عام.
تلكم أهم انتقاداتنا لها منذ 2006 إلى اليوم.فكم كلفتنا هذه الآلة التقويمية؟ وماذا كلفتنا بالتحديد؟ إن التكلفة في التربية على وجه التحديد ،كما يقول كانط، تكون زمنية، أي أن زمن التكلفة هو زمن مستقبلي. هل كان المغرب حقل تجربة؟ هل كان أبناء المغرب فئران واطسن؟ من نحن المغاربة ونحن نتبنى (بيداغوجيا) الإدماج؟ عن أي مستقبل تربوي نتحدث ونحن نشتغل بها؟ عن أي إنسان مغربي نتحدث ونحن نجعلها جزءا من تصوراتنا للمغربي؟...إلخ
إن التكلفة لن يجيب عنها الافتحاص لأن هناك زمن ضائع لا يدخل في خانات الافتحاصات إلا إذا كان للمسؤول وعيا بالزمن وبالمستقبل معا. وبناء عليه فإن الافتحاص لن يرد الزمن الضائع و لن يجعل المغاربة يعون المستقبل بوعيهم للقضية التربوية والبيداغوجية.
يبدو لي أنه من ملامح الوعي بمصير المغرب، بمستقبل المغرب هو الاستدراك، استدراك الزمن الضائع لنلج الحاضر في حاضريته و المستقبل كزمن آت يمحو الحاضر و يعطيه معنى، وهو ما يغيب غيابا كليا منذ أن (ألغيت) هذه (البيداغوجيا). وبلغة أخرى إن زمن ما بعد (بيداغوجيا) الإدماج لم يكن ملحا و كأن المغاربة ينتظرون الإله المخلص ليوحي لهم بحل بيداغوجي جديد. إنهم ينتظرون، يقفون، يتوقفون دونما طرح السؤال: أي حالة بيداغوجية نحن عليها الآن في مؤسساتنا التعليمية و التكوينية و التفتيشية؟ ودون البحث عن المسؤول عن حالة الانتظار الكبرى هاته فإن السؤال حول المستقبل البيداغوجي لم يطرح بعد. فمنا من ينتظر كعادته ومنا من لا يبالي بخطورة الأمر ومنا يحارب الديناصورات بسيوف خشبية ومنا من يغترب في الحدائق، وحده الوطن ينتظر المحاربين من أجله.
وخلاصة القول فإن غياب المستقبل التربوي والبيداغوجي يعني غياب الإنسان الذي نريده، بل غياب الإنسان المغربي. وانبعاث المستقبل التربوي والبيداغوجي لا يكون إلا بحوار بين مفكري ومفكرات وباحثي وباحثات المغرب، فهؤلاء وحدهم هم من يعرف لماذا ينبغي أن نكون مغاربة وأن يكون للمغرب مستقبلا.
لا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن (بديل) بيداغوجي في المغرب هكذا بجرة قلم، وبتسرع دون تأمل و تفكير عميق ونقاش أكاديمي ومعرفي مستفز للجميع. فكل حديث عن البديل البيداغوجي دون تفكير طويل و عميق سيجعلنا نكرر أخطاء الماضي المتراكمة منذ عقود، بل سيجعل أمر البديل البيداغوجي كما لو كان سلعة تقتنى اقتناء كالأكلات الجاهزة والبناءات المفككة، ومن جانب آخر فإن أي حديث عن البديل البيداغوجي لا يطرح ضمن تصور تربوي إشكالي فلسفي عام سيختزل الأمر في الفهم التقنوي والتبسيطي والاختزالي للقضية البيداغوجية، إن لم يكن هذا التصور الأداتي بالذات هو السائد في المغرب منذ بيداغوجيا الأهداف وصولا إلى (بيداغوجيا الإدماج).
إن ما تغافلته التصورات البيداغوجية (إن وجدت) في المغرب منذ عهد بيداغوجيا الأهداف إلى اليوم هو البحث عن التصور الفلسفي والإبستيمولوجي والبراديغمي الذي تستند إليه هذه البيداغوجيا أو تلك كي تتملكها من جهة الأسس والخلفيات والأفق و الغاية والجانب الابيستيمولوجي.
لقد جعل هذا الغياب أو هذا الفهم التقني من البيداغوجيا – كيفما كانت هذه البيداغوجيا- مجرد تقنية أو أداة محايدة تكون في متناول الجميع، و بالتالي يمكن نقلها من مفتش(ة) إلى غيره، ومن مكون(ة) إلى غيره، ومن مكون(ة) إلى طالب(ة) أستاذ(ة) وهكذا دواليك.
وبالإجمال يمكن نقلها من هنا إلى هناك بيسر و دون عناء كما تنقل الأشياء العينية من مكان إلى مكان. ولعل هذا الجانب هو ما جعل الكثير من المهتمين بالتكوين والتفتيش يتحدثون عن الميدان و أدوات الاشتغال في الميدان كما لو كان الأمر يتعلق بنقل معدات البناء من عارف إلى جاهل و اختزال الذات أو دور الذات العارفة في النقل المحايد و الوساطة النزيهة بين هذا وذاك. إنه لأمر مؤلم، وإنه لتصور وضعاني مغرق في الحيادية و الموضوعية التي وسمت بدايات القرن التاسع عشر الأوربي، وهو الأمر الذي لا يستقيم و خصوصية المجال الإنساني كما يفهم اليوم في إبستيمولوجيا العلوم الانسانية عامة.
إن هذا التصور المبستر المختزل الأدواتي–إن صح التعبير- والإجرائي حصرا جعل علاقة الذات بالبيداغوجيا علاقة محايدة (أسطورة الموضوعية)؛ أي أن الذات العارفة (ذات المكون(ة) والمفتش(ة) والطالب(ة) والمدرس(ة)...إلخ) لا تعنيها البيداغوجيا إلا كأدوات للاشتغال في لحظة الاشتغال، أو بمعنى آخر أن البيداغوجيا لا تهم المفتش(ة) والمكون(ة) والمدرس(ة) إلا حينما يفتح حجرة الدرس أو ما شابهها، ثم تنتهي علاقته بها حينما يغادرها. وها هنا علينا أن نستحضر أسئلة غاستون باشلار للعلماء، في هذا الباب بالقياس، وهم يتوجهون صباحا إلى المختبر أو يعودون منه مساء (التحليل النفسي للمعرفة العلمية).
إن مثل هذا الفهم السطحي للبيداغوجيا جعل الجميع يستسهلها ويصبح منظرا فيها أو خبيرا في مكاتب دراسية بيداغوجية خاصة (بيداغوجيا الوصفات). والمعنى المقصود هنا هو أن البيداغوجيا تساوي أدوات و إجراءات محددة، وأن إتقانها يعني إتقان تلك البيداغوجيا وبلوغ مرادها. أليس هذا هو واقع حال البيداغوجيا في المغرب منذ عقود من الزمن؟ أليس هذا التصور هو القتل الفعلي للتفكير البيداغوجي بالذات؟ أليست هذه الممارسة هي التي تقف أمام كل تفكير في السؤال التاريخي منذ القرن الثامن عشر: ماذا نعني بالبيداغوجيا؟
ذلك هو التصور الخاطئ الذي ساد المغرب منذ بيداغوجيا الأهداف إلى اليوم. ونكرر هنا أنه تصور اختزالي و تبسيطي وأداتي و وضعي (يقيم الفصل بين الذات و الموضوع، بين الذات العارفة و البيداغوجيا المتبناة)، واختباري لأنه لا يؤمن بالتأمل في الممارسة وفي الذات العارفة والمتلقية، وتجريبي لأنه يمجد الممارسة دون وعي بها، فيجعل الحقيقة في التجربة، في الميدان بلغة الممارسين اليوم. وأما الذات العارفة لا يهمها وضع ذاتها في منطوق الخطاب والفكر والممارسة، ولا يعنيها كل ذلك لا من قريب ولا من بعيد، لا يعنيها لا وضع الذات ولا وضع المعرفة. وهكذا تصير الذات العارفة ذاتا تايلورية محكوم عليها بالوظيفية المطلقة دون معرفة بما تقوم به ولا تصور لديها للغاية النهائية من وظيفتيها؛ فهي ذات مأمورة من طرف المهندس تقوم بمهام لا تعيها.
إذن، فما الذي جعل ممارستنا البيداغوجية في المغرب اختبارية وتبسيطية وتجريبية واختزالية و وضعية لا تتجاوز بدايات القرن التاسع عشر في آخر المطاف؟
إن أول سبيل لتلمس الإجابة عن سؤالنا أعلاه يتمثل في غموض ما نعنيه في المغرب بعلوم التربية. فهذا التخصص وحده كان عليه أن يوضح الالتباسات التي تطال المشكل البيداغوجي في المغرب منذ أن تأسست مراكز التكوين بعامة. ونعني هنا بعلوم التربية تحديدا فلسفة التربية وسوسيولوجيا التربية والسيكولوجيا وما عدا هذه التخصصات أو الحقول المعرفية الكبرى يكون كل انتماء لعلوم التربية بالتبني لا بالشرعية المعرفية. فهذه التخصصات هي التي تهمها إشكالات كثيرة منها: ما معنى التربية ؟ وما معنى البيداغوجيا؟ و لماذا ينبغى أن يرتبط التعلم والتنشئة الاجتماعية أو بناء الذات بالبيداغوجيا والتربية، أو لنقل كما يسميها المفكرون الكبار (كانط، أوغست كونت، دوركهايم ...إلخ) أن يرتبط كل ذلك بعلم التدريس أو علم التربية؟
ها هنا كان على الخطاب التربوي والبيداغوجي أن يشتغل على ارتباط البيداغوجيا بالتعلم والتنشئة الاجتماعية، وأن يبين بأن البيداغوجيا تهم الذات المتعلمة في جميع أبعادها لتنشئة إنسان ما، و بالتالي فإن الخطاب البيداغوجي هو خطاب في الإنسان و ليس خطابا أداتيا اختباريا لا علاقة له بالمدرس(ة) والطفل(ة) والمكون(ة) و المفتش(ة). و بتعبير أدق فإن كل خطاب بيداغوجي هو خطاب في تربية الإنسان في آخر التحليل.
إذن سيكون خطاب علوم التربية هو أن يفتح للذات العارفة إمكانية أن تكون مسؤولة عن الخطاب البيداغوجي والتربوي مسؤولية فكرية وقيمية ومصيرية مادام خطاب البيداغوجيا خطابا في الإنسان. وهذا معناه أن الخطاب البيداغوجي ليس خطابا محايدا، وليس خطابا موضوعيا... إنه خطاب من أجل غاية فلسفية في آخر المطاف مهما كانت خلفيته السيكولوجية أو السوسيولوجية.
فالخلاصة الأولى التي نستخلصها من هذه النقطة أن الخطاب البيداغوجي المتهافت على الحياد والأداتية والنزعة الإجرائية الفجة – الذي يستسهل البدائل البيداغوجية- لم يكن يعي خلفياته في علوم التربية ولا غائياته وأسسه الفلسفية، ولذلك ساد التبسيط وغابت الاختيارات الفكرية والحوار الفكري وانتعش فكر الهذيان التجريبي واستسهال خطاب علوم التربية.
والنقطة الثانية في تقديرنا لتفسير هذا التبسيط المعمم في الخطاب البيداغوجي منذ بيداغوجيا الأهداف إلى اليوم هو غياب التصور الفلسفي العام للتربية في المغرب. ماذا نعني بتربية الإنسان المغربي؟ ومن أين لنا بهذا التصور؟ وهل كل من نظر لنموذج بيداغوجي ما في المغرب كان يطرح تصورا فلسفيا للتربية؟ و أي فلسفة في التربية ينبغي أن ترشدنا إلى ذلك؟
يبدو أن السؤال حول التربية ظل غائبا منذ الاستقلال إلى اليوم رغم ما قد يعترض علينا البعض به من وجود بعض الوثائق الرسمية كالميثاق الوطني للتربية والتكوين أو الاجتهادات المعزولة هنا وهناك منذ كتاب الأستاذ الكبير محمد عابد الجابري حول التعليم وصولا إلى اجتهاد الأستاذ محمد بوبكري في فلسفة التربية.
فالملاحظ أن الوثائق الرسمية كالميثاق لم تبلغ درجة كبيرة من النضج الفلسفي لتطرح تصورا لماهية التربية. كما أن الاجتهادات المذكورة ظلت محصورة لأن المطلب الثقافي والسياسي في المغرب لا يحبذ الأطروحات والنقد الجريء، بل لا يستقبل الخطاب الفلسفي في التربية بترحيب وضيافة كبيرين.
تحدثنا فيما سبق عن ارتباط البدائل البيداغوجية بالتصور التربوي أولا، وهو ما يعني إيجاد رؤية فلسفية عامة، ثم البحث في ماهيتها التربوية التي تتوافق وفهمنا للدولة أو الوطن؛ وهذا معناه أن التفكير في التربية هو تفكير في ماهية الدولة أو ماهية الوطن. ثم يلي ذلك التفكير في ماهية البيداغوجيا أو الاختيارات البيداغوجية، وما سيترتب عنها من تصورات للمتعلم(ة) و المربي(ة)/المدرس(ة)، ومن برامج ومناهج أو بلغة شاملة الكيريكيلوم بمتطلباته ومستلزماته.
هكذا سنكون أمام تصور استنباطي شمولي يبدأ بالتربية ليفكر في الدولة/الوطن، والمواطن/الإنسان الغاية، وينتهي به المآل في حجرة الدرس. غير أن هذا التفكير ليس خطيا أو تفكيرا جامدا كما سنرى ، بل هو تفكير دينامي يتغير وفق الحاجات والتطورات عملا بمبدإ التعديل كما يقول إيمانويل كانط، في كتابه عن التربية، لأن التعديل يبيح لمفكري التربية إعادة النظر جذريا في غاياتهم لتكون الغاية الثابتة هي المستقبل و الإنسان و الإنسانية.
إن التصور العام الذي نفترض الانطلاق منه هو أن التربية لا تكون إلا من أجل ألمستقبل أو لنقل إن المستقبل هو أساس التربية، و أن الحاضر ما هو إلا عتبة من أجل المستقبل ( كما يقول سبنسر). فكيف ينبغي أن تكون التربية عتبة لدولة أو وطن في المستقبل؟
تطرح التربية من أجل المستقبل قضايا كبرى منها قضية الماضي والموروث، وهي قضية خاصة ودقيقة تقوم على القطائع. فالمستقبل لا يمكنه أن يكرس الماضي دون انفصال عنه كماض. ثم إن تربية تكرس الماضي هي تربية ترتكن إلى الانغلاق مجسدة في ماض شعب أو قبيلة أو ثقافة أو عرق. ومن هنا كان لزاما أن تكون التربية من أجل المستقبل هي تهيئ الشعب للمستقبل لا اجترار التربية على العوائد و الاعتقادات والطقوس والذهنيات...إلخ باسم الهوية.
إن أسوأ تربية هي أن تظل المدرسة والمؤسسات التعليمية تجتر الماضي دون أن تعيه، فتقع بذلك خارج منطق التقدم والمستقبل . فالمدرسة المطلوبة هي المدرسة من أجل الحياة كما يقول جون ديوي. فإذا ما درست المهن والحرف فلكي لاتكرر ما قام به الأجداد بصفاء ونقاء، وإنما أن تبين كيف تتطور المهن وتتطور العقليات والحاجات والثقافات لتصبح المهنة موضوع تفكير تربوي يخضع للتاريخ و له تاريخيته. فتربية مثل هذه التربية تستعد لقبول التغير والتطور و الانفتاح على المستقبل على عكس ما تردده الزوايا مثلا من أوراد تتكرر لازمانيا ولا تخضع لمنطق التغيير و التحول والتبدل، و لا تهيئ الناس لاستقبال التغيير والتحول. فهي أوراد خارج التاريخ لأنها لا تفكر فيما ينبغي أن يكون عليه المجتمع و الإنسان، وما تفرضه الحضارة الإنسانية من تغير وتحول.
يتحدث كانط بخصوص هذه النقطة في كتابه عن التربية عن سيئي التربية، وهو لا يعني المدرس(ة) السيئ التكوين فقط؛ ذلك المدرس(ة) الذي يختبئ في التعليم كالمحارب الفاشل، وإنما يقصد بذلك تربية الآباء للأبناء وجميع المؤسسات التي تجتر تربية ماضوية أو نفعية همها التكيف مع الواقع دون مستقبل.
فمثل هذه التربية تصدر عن أوامر لا تعيها. فالأب يريد من الابن أن يكون نسخة عنه كما هو الحال في الزاوية و المدرسة . وبناء على ذلك فإن التربية من أجل الحياة و من أجل المستقبل ليست تربية لقساوسة يعيدون التاريخ الطاهر، كما أن التعليم ليس ملجأ لتفريج جحافل الأتباع.
إن التربية هي المستقبل في تحولاته، مستقبل شعب أو مستقبل دولة أو مستقبل وطن. ومن يتوخى المستقبل عليه أن يبتغي غاية قصوى هي الإنسان. ومن تم تكون الغاية الأساسية الوحيدة هي التربية من أجل الإنسانية كلها.
ولبلوغ ذلك فإن هذه التربية لا تنطلق من تكريس نزوعات عرقية أو دينية أو ثقافية أو حضارية، حتى لا تسقط في اللا إنسانية كالبربرية والوحشية وأسطورة الحضارة المتفوقة والعرق المتفوق و الثقافة المتفوقة ...إلخ.
إن التربية من أجل الإنسان والإنسانية يكون تاريخها هو الإنسانية جمعاء، وهي مؤمنة بالتاريخ الشمولي للإنسانية. وهذا معناه أنه لا وجود لشعب أو عرق أو ثقافة كانت تربيتها في الماضي أحسن من غيرها أو هي التربية الوحيدة التي يجب أن تقوم عليها التربية أو هي مثال التربية في جميع الأزمنة.
إن التربية هي تقدم الشعوب نحو الإنسانية و حالما تنتفي هذه الغاية تصبح التربية تربية للمذاهب والأعراق وتباين الحضارات و صراعها.
فالمستقبل الذي يستهدف الغاية الإنسانية في التربية يستحضر التاريخ العام للإنسانية كلها، ويتأمل التجارب الإنسانية في التربية حتى يجد الطريق التي تجعل المستقبل إنسانيا للإنسانية.
هكذا تكون التربية مختبرا تأمليا للإنسانية لأنها تستحضر النسبية و تعددية التجارب والانفتاح على العالم كله وتتنكر لأسطورة الإنسان الكامل.
إن جعل الإنسانية غاية للتربية يعني الاشتغال على قيم إنسانية كبرى تخضع للتعديل الدائم، ومن تم كان من الضروري أن تكون مهمة التربية من اختصاص المفكرين والباحثين في جميع المجالات لا من اختصاص الحكام. فالمفكرون والباحثون هم من يستطيعون إدراك المستقبل و ما ينبغي أن يكون عليه المستقبل إنسانيا.
غير أن التربية من أجل الإنسانية لا تنفي التربية من أجل بناء الدولة أو الوطن. كما لا تتعارض الوطنية و الكوسموبليت (المواطنة الكونية) حتى لا تنقلب الوطنية إلى شوفينية. وهكذا تتبدل المعادلة من التربية على المستقبل الإنساني إلى تربية على مستقبل وطن إنساني للإنسانية كلها.
يشتق لفظ الوطن من اللفظ اللاتيني pater : الأب، والوطن هو الدولة التي ولدنا فيها أو التي ننتمي إليها كمواطنين. يقول أحد الدبلوماسيين الفرنسيين في القرن التاسع عشر: إن كلمة الوطن وحدها تمارس سحرا خاصا. ولا ينبغي لهذا الحب آن يغطي عن الحقيقة والعدالة.
تتأتى الهوية الوطنية نتيجة تطور تاريخي لشعب عوض تطور مبدأ مطلق. فهي شعور يوازي الشعور الديني يتضمن الانتماء والمنشأ و المولد و الانحدار من أرض. إنه الشعور العميق الذي يميز الشعوب، غير القابل للانمحاء لأننا عشنا هنا معا منذ قرون خلت، ولنا نفس الأذواق و مررنا من نفس المحن وعشنا نفس الأفراح و الأحزان.
نستخلص من هذه التعاريف الأولى للوطن أن التربية الوطنية تهم كل مواطن على حدة بغض النظر عن أي اعتبار سوى اعتبار انتمائه للأرض. وفي هذه الحالة فإن التربية الوطنية هي ربط الصلة بين الإنسان/المواطن والأرض والانطلاق منه كأساس أول وغاية إنسانية.
إن التفكير بالوطن في التربية يتنافى و مفهوم الأمة لعدة اعتبارات منها أن الأمة كما نقرأ في معجم 'لاروس' الصغير مشتقة من الكلمة اللاتينية natus التي تفيد الولادة، وهي مجموعة إنسانية تعيش في الغالب في إقليم تتمتع ببعض الوحدة التاريخية واللغوية والدينية و ربما الاقتصادية ولها إرادة العيش المشترك'. كما يفيد لفظ الأمة مجموعة من الناس لهم نفس اللغة و التقاليد وإرادة العيش المشترك، وليسوا بالضرورة على نفس التراب.
ويشير هذا التحديد الأخير إلى أن لفظ الأمة في لغة السياسيين هو مجموعة من الأفراد لم يتشكلوا طبيعيا وإنما بفضل الأحداث السياسية. كما نجد من بين الخصائص المحددة للأمة اللغة و الدين و الأصل العرقي و الميراج و التاريخ و الثقافة والأخلاق و الجغرافيا..إلخ. ويرى أحد الدبلوماسيين الفرنسيين من القرن التاسع عشر أن لفظيnation و nationalité يرتبطان بشيء روحي بالتحديد.
إذن ما الذي يميز التفكير في التربية بالوطن عن الأمة في حالة المغرب أو لماذا ينبغي التفكير في التربية بالوطن تحديدا؟
المصدر:
كتاب، كراسات تربوية، الصادقي العماري الصديق وأخرون، مطبعة بنلفقيه الرشيدية 2013، ص 10.






    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 03:21 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd