الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الثقافة والآداب والعلوم > منتدى الآفاق الأدبية الواسعة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2020-05-02, 19:45 رقم المشاركة : 6
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: الصعاليك في المجتمع الجاهلي



  • الصعاليك في المجتمع الجاهلي (3

    وقد استتبعت هذه الحياة الواقفة في وجه المجتمع، المتمردة عليه، الخارجة على نظمه، أن فقد المجتمع اطمئنانه إلى أصحابها، كما فقد أصحابها طمأنينتهم فيه، فانقطعت الصلة بينهما، وانفصمت تلك الرابطة الاجتماعية التي تربط بين الفرد ومجتمعه، وانحل ذلك العقد الاجتماعي الذي يجعل من الفرد عضوًا عاملًا لمجتمعه، متوافقًا معه، دائرًا في فلكه، ورأى المجتمع في هؤلاء الصعاليك "شُذَّاذا" خارجين عليه، غير متوافقين معه، فتنكر لهم، وتخلى عنهم، وتركهم يواجهون الحياة دون أيَّة حماية منه أو ضمان اجتماعي، ورأوا هم في مجتمعهم مجتمعًا مختلًا، يسيطر عليه ظلم اجتماعي، وتسوده أنانية اقتصادية جائرة، وتنقصه عدالة اجتماعية تسَوي بين جميع أفراده، وتكافؤ في فرص العيش يهيئ لكل فرد فيه أن يأخذ بنصيبه من الحياة كما يأخذ سائر الأفراد.

    وكانت النتيجة الطبيعية لهذا كلِّه أن فرَّ هؤلاء الصعاليك من مجتمعهم النظامي ليقيموا لأنفسهم بأنفسهم مجتمعًا فوضويًّا، شريعته القوة، ووسيلته الغزو والإغارة، وهدفه السلب والنَّهب، ووجدوا في الصحراء الفسيحة الواسعة التي لا تقيدها قيود، ولا تحد من حريتها حدود، ولا يستطيع قانون أن يخترق نطاقها ليفرض سلطانه عليها، مجالًا لا حدود له يمارسون فيه نشاطهم الإرهابي، ويقيمون دولتهم الفوضوية، "دولة الصعاليك" حيث يحيون حياة حرَّة متمرِّدة، تسودها العدالة الاجتماعية، وتتكافأ فيها فرص العيش أمام الجميع.

    وأخبار هؤلاءِ الصعاليك وأشعارهم تحفل بأحاديث هذا التَّشرُّدِ في أنحاء الصحراء الموحشة، ووديانها الرهيبة، حيث يحيا الوحش بعيدًا عن البشر، وحيث يكمن الموت في كلِّ رجءٍ من أرجائها.

    ولعل أقوى ما صُور به هذا التشرد في شعر الصعاليك هاتان الصورتان المتشابهتان اللتان نجد إحداهما عند تأبَّط شرًّا، والأخرى في لامية العرب، فكلا الصعلوكين مفارقٌ مجتمعه النظامي حيث يعيش البشر، إلى أعماق الصحراء البعيدة حيث يعيش الوحش، أما تأبَّط شرًّا فقد ألفته الوحش لطول ما عاش بينها مسالما لها، حتى أنِسَتْ به، واطمأنَّتْ إليه، وأمّا صعلوك اللامية فقد وجد في ضواري الصحراء أهلا له، يستعيض بها عن أهله من البشر، ويجد بينها الأمن والطمأنينة. يقول تأبط شرا متحدِّثًا عن نفسه:
    يبيت بمغني الوَحش حتّى ألفْنَه
    ويصبحَ لا يحْمِي لها الدَّهرُ مرْتعَا
    رأيْنَ فتًى لا صيدَ وَحْشٍ يهُمُّه
    فلو صافَحتْ إنْسًا لصافحنهُ معا[1]


    ويقول صاحبُ اللاميّة مخاطبًا أهله:
    ولي دونكمْ أهلونَ: سِيدٌ عَمَلَّسٌ
    وأَرْقطُ زهلولٌ، وعرْفاءُ جَيْأَلُ
    همُ الأهل، لا مسْتوْدَعُ السّرِ ذائعٌ
    لديهم، ولا الجاني بما جَرَّ يُخذلُ[2]


    ومن الطبيعي أنَّ هذا التشرد جعل الصعاليك على صلة قريبة بحيوان الصحراء، استطاعوا عن طريقها أن يعرفوا طباعه وعاداتِه، وأن يتحدَّثوا عنه وعنها حديث الخبير المطَّلع. وفي شعرهم صور كثيرة لحيوان الصحراء ووحشها وطيرها وحشراتها وما يخيَّل للساري فيها من أشباحٍ، كذلك الوصف الدقيق للضباع وحياتها وطباعها في شعر الأعلم الهذلي[3]، وكتلك الصورة الرائعة للذئاب الجائعة في لامية العرب[4]، وكتلك الصور المتعددة للغيلان وما يجري للإنسان معها في شعر تأبَّط شرًّا[5].

    وكان من نتيجة هذا التشرد البعيد في أعماق الصحراء أن أصبح الصعاليك على علم واسع بأسرارها، ومعرفة دقيقة بشعابها ودروبها ومسالكها ومياهها، ومقدرة فائقة على الاهتداء في مجاهلها، واختراق متاهاتها المضلة دون دليل. ورواة الأدب العربي يصفون السُّليك "البعيد الغارة" بأنه كان أدل من قطاة[6]، بل إنَّهم يصفون الصعاليك بأنهم أهدى من القطا[7].

    وفي شعر الصعاليك أحاديث كثيرةٌ عن الصحراء، وفخر عريض بمعرفة أسرارها، والاهتداء في مجاهلها، كما ترى في تلك الأبيات الرائية التي يرويها الأصمعي لتأبَّط شرًّا، والتي يتحدث فيها عن اهتدائه إلى شعب في أعماق الصحراء المجهولة بصعاليكه دون أن يهديه إليه دليل أو يصفه له خبير[8]، وكما نرى في هذه الأبيات القوية من لامية العرب:
    وخِرْق كظهر الترْس قفر قطعته
    بعاملتين، ظهره ليس يُعْملُ
    وأَلحقتُ أُولاه بأُخراه موفيًا
    على قنة أُقْعِي مرارًا وأَمْثُلُ
    ترُودُ الأَرَاوِي الصُّحْمُ حولي كأَنَّها
    عذارَى عليهنَّ الملاء المذيَّلُ
    ويرْكُدْنَ بالآصال حولي كأنَّني
    من العُصْم أَدْفى يَنْتحي الكِيحَ أعقَلُ[9]


    فالشَّاعر في هذه الأبيات يصف الصعلوك بأنَّه يخترق الصحراء النائية الخالية التي لا يطرقها أحد، معتمدًا في اختراقها على رجليه القويَّتين السريعتين، حتى يصلَ إلى منازل الوعول البعيدة التي لم تعد تنكره، لكثرة ما خالطها، حتّى كأنَّه واحد منها.

    والناظر في أخبار هؤلاء الصعاليك، المتتبع لظروف نشأتهم وحياتهم، يستطيع أن يلاحظ في وضوحٍ ثلاث طوائف مختلفة تتألف منها عصاباتهم:
    طائفة "الخلعاء والشذاذ" الذين أنكرتهم قبائلهم، وتبرأت منهم، وطردتهم من حماها، وقطعت ما بينها وبينهم من صلةٍ، وتحلَّلت بهذا من العقد الاجتماعي الذي يربط بينها وبينهم، والذي يصوره المثل العربي القديم "في الجريرة تشترك العشيرة"[10]، فأصبحت لا تحتمل لهم جريرة، ولا تطالب بجريرة يجرها أحد عليهم، مثل حاجز الأزدي[11]، وقيس بن الحدَّادية[12]، وأبي الطَّمَحان القيني[13].

    وطائفة "الأغربة" السود الذين سرى إليهم السواد من أمهاتهم الإماء، فلم يعترف بهم آباؤهم العرب، ولم ينسبوهم إليهم؛ لأن دماءهم ليست عربية خالصة، وإنما خالطتها دماء أجنبية سوداء لا تصل من درجة نقائها إلى درجة الدم العربي، مثل تأبَّط شرًّا[14]، والشَّنْفرَى[15]، والسُّليْك بن السُّلكة[16].

    ثم طائفةُ الفقراء المتمردين الذين تصعلكوا نتيجة لتلك الظروف الاقتصادية المختلة التي كانت تسود المجتمع الجاهلي، ويمثلهم عروةُ بن الوَرْد ومن كان يلتفُّ حوله من فقراء العرب، وكذلك تلك المجموعة الكبيرة من صعاليكِ هُذيلٍ.

    من هذه الطوائف الثلاث تألفت عصابات الصعاليك، وهي عصابات قطعت ما بينها وبين قبائلها من صلات، وانطلقت إلى الصحراء، كما تنطلق الذئاب الجائعة، لتشقَّ لنفسها طريقًا في الحياة، وقد جمع بينها - على اختلاف قبائلها - الفقر، والتَّشرُّدُ، والتَّمرُّدُ، والكفر بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يؤمن بها المجتمع الذي خرجت عليه، والإيمان بأنَّ الحقَّ للقوة، وأن الضعيف ضائعٌ حقه في هذا المجتمع.

    والظاهرة الواضحة في حياة هؤلاء الصعاليك - على اختلاف الدوافع التي دفعتْهم إلى حياة التصعلك- هي أنهم جميعًا فقدوا توافقهم الاجتماعي. وظاهرة "التوافق الاجتماعي"[17] هي الظاهرة التي يقرر علماء الاجتماعي أنها الأساس الذي تقوم عليه الصلة بين الفرد والمجتمع، بحيث يكون عمل الفرد من أجل صالح المجموع، كما يكون عمل المجموع لصالح الفرد. وفقدان هذا "التوافق الاجتماعي" ينتهي بالفرد عادة إلى أن تكون صلته بمجتمعه قائمة على أساس "السلوك الصراعي"[18]، وذلك لأنَّ في كل مجتمع تيارين متضادين: أحدهما يتصل بالفرد، والآخر يتصل بالمجتمع، ووجود هذين التيارين يستدعي وجود نوعين من الصلة بين الفرد والمجتمع، فإمَّا أن يكون بينهما "وفاق"، وإما أن يكون بينهما "صراع"، وهذان النوعان من الصلة بين الفرد والمجتمع هما ما اصطلح علماء الاجتماع على تسميتهما "بالسلوك التعاوني"[19]، "والسلوك الصراعي"[20].

    ومن الطبيعي أن تكون الأسباب التي جعلت هذه الطوائف المختلفة من الصعاليك تفقد توافقها الاجتماعي أسبابًا مختلفة، وذلك لاختلاف "المشكلة النفسية" التي تواجهها طائفة منها عن المشكلة التي تواجهها طائفة أخرى.

    ولكن هذه المشكلات -على اختلافها- كانت تنتهي بطوائف الصعاليك جميعًا إلى هذا "اللاتوافق الاجتماعي" الذي كان يدفعها إلى أن يكون سلوكها الاجتماعي "سلوكًا صراعيًّا".

    والآن، بعد هذه الجولة الواسعة خلف أخبار "صعاليك العرب" وأشعارهم، في كتب اللغة، وفي مصادر الأدب العربي، نقف لنسجل النتيجة التالية:
    تدور كلمة "الصعلكة" في دائرتين: دائرة لغوية، ودائرة اجتماعية. وتبدأ الدائرتان من نقطة واحدة هي الفقر، فأما الدائرة اللغوية فتنتهي حيث بدأت، يبدأ الصعلوك فيها فقيرًا، ويظلُّ في نطاقها فقيرًا، يخدم الأغنياء أو يستجديهم فضل مالهم، ثم يموت فقيرًا، وأمَّا الدائرة الاجتماعية فتتسع وتبعد عن نقطة البدء لتنتهي، أو لتحاول أن تنتهي، بعيدًا عنها، يبدأ الصعلوك فيها فقيرًا، ثم يحاول أن يتغلَّب على الفقر الذي فرضته عليه أوضاع اجتماعية أو ظروف اقتصادية. وأن يخرج من نطاقه ليتساوى مع سائر أفراد مجتمعه، ولكنه -من أجل هذه الغاية- لا يسلك السبيل التعاوني. وإنما يدفعه "لا توافقه الاجتماعي" إلى سلوك السبيل الصراعي، فيتخذ من "الغزو والإغارة للسلب والنهب" وسيلة يشقُّ بها طريقه في الحياة، فيصطدم بمجتمعه الذي يرى في هذه الفوضوية الفردية مظهرًا من مظاهر التمرد. وتنقطع الصلة بين المجتمع والصعلوك، فيتخلى المجتمع عنه، ويحرمه حمايته، ويعيش الصعلوك خليعًا مشرّدًا، أو طريدًا متمرِّدًا، حتى يلقى مصرعه، فأمَّا أعداؤه فقد استراحوا من هذا الفزع الذي كانوا يترقبونه في كل حينٍ، كما يترقب غائبًا مُتنتظَّرًا أهلُه -على حد تعبير عروة - وأمّا أصدقاؤه فقد سقط أحدهم في سبيل فكرته بعد أن أدَّى رسالته في هذه الحياة.

    وإذا كنَّا قد وصلنا إلى هذه النتيجة عن طريق استعراض هذه الظاهرة في مصدرها الأول، وهو المجتمع الجاهلي، فإنَّ في صنيع اللغويين ما يؤيدنا فيما وصلنا إليه، حيث أشاروا إلى جانب خاص من المادة اللغوية عبروا عنه بصعاليك العرب، ولنا إذن أن نقول: إن ما عبر عنه اللغويون "بصعاليك العرب" هو ما نعبِّر عنه "بصعاليك الدائرة الاجتماعية".

    وإذ نلاحظ أن المتصلين بمشكلة الفقر والغنى وتوزيع الثروة في المجتمع الجاهلي قد أشاروا على ألسنة شعرائهم إلى طائفتين من الصعاليك، فمدحوا إحداهما "لله هي"، وذموا الأخرى "لحاها الله"[21]، نستطيع أن نقول في ضوء هذه النتيجة التي وصلنا إليها إن هناك نوعين من الصعاليك:
    الصعلوك العامل وهو الذي يمثل صعاليك الدائرة الاجتماعية.
    والصعلوك الخامل وهو الذي يمثل صعاليك الدائرة اللغوية.

    فالمسألة إذن ليست مسألة لغوية فحسب، يرجع فيها إلى كتب اللغة، وإنما هي -إلى جانب هذا- ظاهرة اجتماعية يرجع فيها إلى المجتمع الجاهلي، وما كان ينطوي عليه من عوامل عملت على ظهورها، والاتجاه بها إلى تلك الاتجاهات التي اتجهت إليها.

    ولكن ما هذه العوامل؟ وما هذه الاتجاهات؟
    هذا ما سنحاول دراسته في الفصول التالية من هذا الباب.

    المصدر: «الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي» (ص 54 - 61)





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 14:16 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd