الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الثقافة والآداب والعلوم > منتدى الآفاق الأدبية الواسعة



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2020-05-02, 21:16 رقم المشاركة : 6
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: 2- سلسلة حكايات كليلة ودمنة .. التفريغ الحكائي وأنماط التخييل ..


دوال النظم والأنماط التخييلية:

لم يتفق المؤرخون والنقاد العرب، القدماء والمعاصرون، على تحديد دلالة المصطلحات المرتبطة بالحكاية، مثل "الحكاية الشعبية، والحكاية الخرافية، والحكاية السحرية، والحكاية العجيبة، وحكاية الجان... إلخ" فقد استخدموا جميع هذه المصطلحات من دون الدلالة على النمط.
وقديمًا، وتحديدًا في القرن الثاني الهجري حين بدأ السرد يفارق مكونه الدلالي الاعتباري الديني، نشأ قصٌّ من رحمه لا يهتم بالدقة الموضوعية وصحة الخبر وصدقه[74] وبقي الجذر اللغوي لكلمة "خرافة"، يضاف الى ذلك التناول الديني للمصطلح، يحدد ماهية الحكاية عند النقاد المعاصرين. وهذا ما نقرؤه عند بطرس البستاني إذ يقول:
إن الخرافة تدل على اعتقاد أمور منافية للدين الصحيح [وإن كل خرافة] تستلزم فساد التصورات في الأمور الدينية، وإن الخرافة تنشأ من أوهام وتصورات باطلة[75].
ولأن الأوهام والتسلية خارج نطاق الاعتبار، تُنجَز الحكاية في فضاء مظلم، ويكون الليل موطن الخرافة[76]. ولكن ذلك لا يحدد أنواع السرد الحكائي وأنماطه، فتبقى بذلك مفارقة الحكي للقيمة الاعتبارية مجالاً لتحديد فضاءات القص من دون تحديد الأنماط. فنرى تسميات عدة لدلالة واحدة. ومن ذلك أن تحديد النمط القائم على الخارق تتجاذبه مجموعة من التسميات؛ فنبيلة إبراهيم وعز الدين إسماعيل وعبد الملك مرتاض يسمونه بـ"الحكاية الخرافية"[77] ويسميه التكريتي بـ"الحكاية السحرية"[78] ويسميه عبد الحميد يونس بـ"حكاية الجان"[79]. بينما يربط آخرون بين الحكاية الخرافية والحيوان. فابن النديم يختم الفن الأول من كتابه الفهرست بقوله: " كانت الأسمار والخرافات على ألسنة الحيوان وغيره"[80]. فيقرن الخرافاتِ والأسمار بالحيوان، وإن لم يحددها به فقط. في حين نجد محمد رجب النجار يقرنها ويحددها بالاسم، فيقول: "حكايات الحيوان في التراث العربي"[81] في حين يربط صاحب بيان شهرزاد بين الخرافة والحيوان "نقصد بالخرافة [...] حكاية الحيوان"[82].
هذا التباين في تحديد المصطلح لم يطل النقد العربي، بل أيضًا النقد الأجنبي. ففي تمييز فون دير لاين للحكاية الشعبية من الحكاية الخرافية لا يخرج بنتيجة واضحة تحدد النمط، وإنما بآراء انطباعية لا تقوم على تحديد المكونات السردية. يقول: إن الحكاية الخرافية
ذات بعد واحد، وأنها مسطحة، ذات أسلوب تجريدي، وأن الباعث منعزل عنها، كما أنها لا تتضمن أي موضوع نفسي. الحكاية الخرافية لا ترتبط بالآلهة والأرواح العلوية بالطريقة التي ترتبط بها الحكاية الشعبية. إن الحكاية الشعبية تعرف كائنات العالم الآخر من شياطين ومردة وسحرة إلى غير ذلك وباستطاعة الإنسان فيها أن يتصل بشخوص العالم الآخر. في حين أن الأمر في الحكاية الخرافية على خلاف ذلك، فهي، وإن كانت تحكي كذلك عن المردة والسحرة والأقزام فإنها لا تنشئ علاقة مع عالمنا الممكن إدراكه، إذ إنها ذات بعد واحد. وهي كذلك لا تعرف التركيب المنطقي الدقيق، كما أن شخوصها غير منسجمة، وبلا عالم داخلي أو خارجي، بل ينقصها كذلك عالم المشاعر، حتى العنصر الزمني لا تعرفه الحكاية الخرافية. كما أن الحكاية الخرافية لا تتحمل أي تصوير وزخرفة أو تعليق ينتشر في أثنائها، وكلما ازداد سرد الحكاية الخرافية وضوحًا كان ذلك ضمانًا لوصولها الى هدفها وتأكيدًا لأصالتها[83].
لعل سببب ذلك التباين وعدم التحديد الدقيق يعود إلى تداخل الأنماط الحكائية في كثير من الحكايات أولاً، وإلى مفارقتها المنطقي والموضوعي ثانيًا، وإلى تحميل بعض الكائنات الحيوانية الطاقة الرمزية لمقابلها الإنساني ثالثًا، وإلى غياب الدراسات العلمية المتخصصة التي تبحث في المكونات السردية لكل نمط من الأنماط الحكائية رابعًا.
وكان من نتائج ذلك أن الدارسين للحكاية صنفوها وفق ملاحظاتهم الانطباعية؛ فكان من قال بـ " حكاية الحيوان" لهيمنة الشخوص الحيوانية، ومن قال بـ " الحكاية الخرافية" ويقصد حكاية الحيوان لتحميل الحيوان قدرة خارج طبيعته الحيوانية كالحكمة، ومن قال بـ" الحكاية الخرافية" أو " العجيبة" أو " الخارقة" لمفارقتها الممكن والمنطقي... إلخ.
ويمكن الخروج من ذلك، كما نرى، إلى تصنيف ثلاثي:
1. الحكاية الشعبية: وتمثل العنوان العام لكل الأصناف والأنماط الحكائية لارتباطها بالعامة من دون أن تشير إلى نمط محدد، كما جاء في تصنيف شوقي عبد الحكيم[84].
2. الحكاية الشعبية الخرافية: تتكون شخوصها من الإنسان والحيوان، أو من الإنسان والحيوان والجن والعفاريت، وكل الكائنات التي تخرج في نطاق حركتها عن الواقعي والممكن، وضمن إطار النوع.
3. الحكاية الشعبية الواقعية: تتكون شخوصها من الإنسان. وتتشكل دائرة حركتها ضمن حدود الطاقة البشرية، وترتبط بما هو واقعي وممكن. وتهتم بالقضايا اليومية لحياة البشر.
إن الغاية من هذا العرض الموجز لمسألة تصنيف الحكاية الشعبية الدخول إلى تصنيف الحكاية المضمنة في كتاب كليلة ودمنة، باعتبار أن خصوصيتها تتشكل من نموها الداخلي، على مستوى الموضوعات المفارقة لموضوع الحكاية الإطار، وعلى مستوى النمط أيضًا. فالحكاية الإطار تبحث في موضوع ظلم دبشليم لرعيته، وعمل بيدبا على تقديم النصيحة له؛ أي إنها من حيث تصنيفنا السابق حكاية شعبية واقعية؛ شخوصها من البشر، وحركتهم تدور ضمن الواقعي والممكن، ولا توجد فيها مفارقات خارقة. أما الحكاية المضمنة المتناسلة من الحكاية الإطار، فهي، وإن كانت كما ذكرنا تنويعًا وإبدالاً على مستوى المضمون للحكاية الإطار، فإنها مختلفة عنها على مستوى الموضوع والنمط، وسنلاحظ ذلك في هذا التصنيف للحكاية المضمنة في كتاب كليلة ودمنة:
1. حكاية شعبية خرافية. العدد 32 حكاية.
2. حكاية شعبية واقعية. العدد 20 حكاية.
تهيمن الحكاية الشعبية الخرافية على الحكاية المضمنة في كتاب كليلة ودمنة. وهذا التناسل النمطي غير مرتبط بنمط الحكاية الإطار في المستوى السردي الأول، كما أنه غير مرتبط بالحكاية المضمنة الكبرى (الحكاية الإطار في الدرجة الثانية) في المستوى السردي الثاني أيضًا، أو أي مستوى سردي تناسلي آخر.

النمط الواقعي (بلاغة الممكن)

نعرف الحكاية المضمنة في النمط الواقعي بأنها وحدة سردية مستقلة بذاتها، تجسد فعلاً أو حادثًا ما، تنجزه شخصيات تتحرك ضمن الفعل الممكن باختلاف أشكال التنظيم، إن كانت بسيطة أو مركبة، وباختلاف أطوال الوحدات السردية؛ لأنها جميعا تُنجِز وظيفة أو وظائف إبدالية للحكاية الإطار.
ولتحليل تلك الوحدات السردية سوف نستعين بما طورته المدرسة البنيوية للنقد الأدبي في مجال الأبنية السردية[85] من حيث فعل الحكاية، والعمل على فحصها داخليًا ووظيفيًا، لكي نبتعد عن التقديرات الذاتية والمسائل البلاغية والتوصيف الشكلي. ومن أجل الوصول إلى دراسة نسقية نقرأ الحكاية المضمنة بوصفها وحدة مستقلة ووحدة كلية مع مجموع نص كليلة ودمنة في إطار التنويع والإبدال.
ووفقًا لتلك الغاية، علينا القيام باختيار وتكييف الأساليب المنهجية المعاصرة وفقًا لخصوصية الحكاية التي نريد تحليلها ووضعناها تحت بند "النمط الواقعي – بلاغة الممكن" ولكي نطبق تلك المفاهيم المنهجية على النمط الواقعي في حكايات كليلة ودمنة سيكون من الضروري ملاحظة أن حكايات ذلك النمط تعرض مجموعة من الحوادث، ولكنها تتضمن وظيفة واحدة، وفي أقصاها ثلاث وظائف، إلا أن كل وظيفة تأخذ دلالتها من السياق الحكائي الخاص بها.
وقد سمح تماثل الوظائف ومحدوديتها بتصنيف الحكايات في فئتين وظيفيتين كبيرتين، يمكن تشعبهما داخليًا، وهما: حكايات الاعتلال القيمي وحكايات الإيجاب القيمي.

1. حكايات الاعتلال القيمي:
تمثل حكايات الاعتلال القيمي الدال على النقص والاختلال في السلوك الإنساني 10 حكايات من أصل 15 حكاية، أي مايعادل 69% من مجموع حكايات النمط الواقعي. ويمكن إدراجها تحت ثلاث وحدات وظيفية، هي 6 حكايات في السرقة، و3 حكايات في مكر المرأة، وحكاية واحدة في التواكل. وكل حكاية تحكي وظيفة أو أكثر. وسوف نمثل لذلك بحكايتين، هما حكاية الخب[86] والمغفل[87] وحكاية المرأة والمصور والعبد[88].
تقول حكاية الخب والمغفل: وجد المغفل والخب كيسًا من المال وقررا دفنه تحت شجرة في الطريق، ثم يعودان إليه سوية عندما يحتاجان إلى شيء من المال. ولكن الخب عاد وحده فيما بعد وأخذ الدنانير كلها. وجاء المغفل بعد ذلك إلى الخب، وقال له: احتجت إلى نفقة فانطلقْ بنا إلى مكان الدنانير لنأخذ منها حاجتنا، فذهب معه الخب. وحين حفرا تحت الشجرة لم يجدا المال، فاتَّهم الخب المغفل بسرقة المال في غيابه، فأنكر المغفل ذلك وحلف الأيمان، ولكن الخب أصر على اتهامه، ورفع الخلاف إلى القاضي. وكان الخب قد اتفق مع والده على الاختباء في الشجرة لكي يجيب عن سؤال القاضي بدلاً من الشجرة عن سرقة المال. ولكن القاضي حين حضر، وسأل الشجرة شك، وقرر حرقها لقطع الشك باليقيم، فخرج والد الخب مذعورًا واعترف بخديعة ولده وسرقته.
لا تحدد الحكاية سمات شخصية الفاعل بغير السمات العامة لمواصفات الفعل الذي ينجزه. فالخب هو الغشاش والمخادع؛ وهي إبدالات لمظاهر النقص في سلوك الإنسان يقابله المخدوع والمغفل. أي إن الحكاية تُنجَز من خلال حضور قطبين في السلوك، هما الخادع والمخدوع، ولا بد من حضورهما لتحقيق الاعتلال القيمي. غير أن تناقضهما وظيفيًا لا يعني إكسابهما سمتين متناقضتين: سلبية (الخب) وإيجابية (المغفل)؛ لأن صفة الغفلة ليست إيجابية، ولكنها في الوقت نفسه تفتح المجال للخب لمارسة غشه وخداعه. والقطبان يحققان بذلك شرط حضور الاعتلال في السلوك الاجتماعي. إلا أن هذه الوظيفة لا تأخذ أهميتها في صورة السرد الكلي للنمط الواقعي إلا من خلال تكرارها الوظيفي عبر حكايات الاعتلال بصور متباينة ودلالات مختلفة، وضمن السياق الحكائي. وهي في الوقت ذاته تقدم، على مستوى البناء الداخلي، أكثر من وظيفة؛ فالفعل الواقع في الحكاية منجز على ثلاثة مستويات وظيفية:
1. خيانة الشراكة التجارية.
2. خيانة الأمانة.
3. السرقة.
تقول حكاية المرأة والمصور والعبد: كان هناك تاجر لديه خازن مال، وكان بجانب دكان التاجر مصور ماهر هو صديق الخازن. فاتفق المصور والخازن على سرقة التاجر بالحيلة؛ وهي أن يلبس المصور ملاءة امرأة ويمر في الظلام بجانب كوة من المخزن تطل على الطريق، فإذا رآه الخازن رمى له بشيء من البضاعة المخزنة. وهكذا تتكرر السرقة في كل ليلة إلى أن رآهما يومًا صديق خادم المصور، فطلب منه الملاءة، وقام بتجربة ما رآه، فاكتشف السرقة.
كذلك لا نجد في الحكاية سمات نوعية محددة للشخصيات، وإنما سمات مهنية توطئ للوظيفة أو الفعل الذي سينجزه السرد؛ التاجر = المال. الخازن = الأمانة على المال. المصور = الاحتيال. فأركان الفعل تتحقق عبر التوطئة لحدوث الاعتلال القيمي، عبر أكثر من وحدة وظيفية تقدمها الحكاية، ويمكن رصدها في وظيفتين:
1. خيانة الشراكة التجارية.
2. السرقة.
وهما وظيفتان إبداليتان لـ"1" و"2" في الحكاية الأولى. يضاف إلى ذلك حضور وسائل جوهرية واحدة للبناء الوظيفي في الحكايتين، تتكرر في حكايات الاعتلال القيمي بشكل عام، وتتمثل في الحيلة واكتشاف فعل النقيصة (اليقظة).
ففي حكاية الخب والمغفل يلجأ الخب إلى الحيلة مرتين: الأولى حين يرفض اقتسام المال بحجة حرصه على قيم الشراكة، والثانية حين يقنع والده بالتواري داخل الشجرة. وفي الحكاية الثانية المرأة والمصور والعبد تهيمن الحيلة على النص، ولكنها لا تشكل وحدة وظيفية، وإنما تبقى في إطار الوسيلة للبناء الحكائي عبر شخصية المصور بوصفه "المحرك للفعل" وفق تصنيف بريمون[89] ولذلك فهو مصور ماهر لاحظ وجود كوة في جدار المخزن، كما أنه أوجد حيلة "ملاءة" المرأة.
ولأن الانتصار للقيمة وليس لاعتلالها تُكتشَف السرقة في الحكايتين؛ مرة بحضور القاضي اليقظ، ومرة بحضور صديق خادم المصور اليقظ أيضًا. والشخصان يحملان صفة تقع على نقيض الاعتلال القيمي، مما يحيل النص الحكائي بشكل عام، ومرة ثانية، إلى ثنائية تقابلية أخرى تتشكل من طرفين: السارق↔الأمين. أو إبدالهما: الاعتلال↔الإيجاب. أو الخطأ↔الصواب.

3. حكايات الإيجاب القيمي:
تمثل حكايات الإيجاب القيمي في النمط الواقعي خمس حكايات، أي بنسبة 34% من مجموع حكايات النمط. ويمكن تصنيفها في فئتين وظيفيتين:
1. حكايات الحكمة وإبدالاتها في المشورة والتدبر وإعمال العقل والخضوع للمنطق.
2. حكاية القدر عبر إبدالاته الوظيفية في الإيمان به سمةً من سمات العقل.
ونمثل لذلك بحكايتين: حكاية التاجر وبنيه[90] وحكاية إيلاذ وبلاذ وإيراخت[91].
تقول حكاية التاجر وبنيه إنه كان بأرض دستاوند رجل شيخ له ثلاثة بنين، فلما بلغوا أشدهم أسرفوا في مال أبيهم، ولم يكونوا قد احترفوا حرفة يكسبون منها لأنفسهم خيرًا، فلامهم أبوهم ووعظهم على سوء فعلهم. وكان من قوله لهم: يا بنيَّ إن صاحب الدنيا يطلب ثلاثة أمور لن يدركها إلا بأربعة أشياء أما الثلاثة التي يطلب: فالسعة في الرزق، والمنزلة بين الناس، والزاد للآخرة. أما الأربعة التي يحتاج إليها، فهي اكتساب المال من أحسن وجه يكون، ثم حسن القيام على ما اكتسب منه، ثم إنفاقه فيما يصلح المعيشة ويرضي الأهل والإخوان، فيعود عليه نفعه في الآخرة. فاتعظ الأبناء من قول أبيهم وعملوا به.
لا حدود أو سمات تبين شخصيات الحكاية. والعبارة الوصفية في " رجل شيخ" هي سمة توطئ للفعل أو الوظيفة المتمحورة في الحكاية. فالرجل الشيخ يمتلك خبرة الحياة بحكم سنه، وبالتالي فهو يوجز الحكمة في السلوك الإنساني. أما متلقو الحكمة فلا توجد علامة ما تدل على شخصياتهم سوى أنهم أبناء الشيخ الحكيم، مما يبين أن العلاقة بين الطرفين (الحكيم × غير الحكيم، أو الشيخ الكبير الخبير × الابن الصغير المفتقر إلى الخبرة) هي التي ستخلق فضاء الوظيفة-الحكمة، من خلال المساحة التي تباعد بينهما؛ وهي مساحة التجربة التي أدى افتقادها عند الأبناء إلى الإسراف في المال، وأدى حضورها عند الشيخ إلى توليد الحكمة المنجزة نظريًا بوصفها خطابًا مهيمنًا بتفصيلاته على النص الحكائي.
تقول حكاية إيلاذ وبلاذ وإيراخت كان في قديم الزمان ملك يدعى بلاذ وله وزير يدعى إيلاذ كان متعبدًا ناسكًا. نام ذات ليلة فرأى في منامه ثمانية أحلام أفزعته، هي: 1. سمكتان حمراوان قائمتان على ذنبيهما. 2. وزتان طائرتان من خلف ظهره. 3. حية تدب على رجله اليسرى. 4. دم خُضِّب به جسدُه. 5. غسل جسده بالماء. 6. وقف على جبل أبيض.7. على رأسه شيء شبيه بالنار. 8. طائر ضرب رأسه بمنقاره. استيقظ الملك فزعًا، فجمع نسَّاك البراهمة ليفسروا له رؤياه. وكان البراهمة يكرهونه. فطلبوا منه التخلص من أصدقائه وزوجته وابنه لكي ينجو بنفسه، كما تقول الرؤيا، حسب تفسيرهم. فاغتمَّ الملك لذلك، ولكن زوجته نصحته بسؤال كباريون الحكيم. فامتثل لرأيها، وجاء له كباريون بتفسير مخالف يحمل في طياته الخير والاطمئنان وبعد سبعة أيام جاءت البشائر بقدوم رسل الملوك محملين بالهدايا مؤكدين صحة تفسير كباريون.
على الرغم من أنها حكاية "حلمية"[92] وفيها العبارة الموطئة للحلم: "نام الملك ذات ليلة فرأى في منامه" ثم حضور الحلم وتفسيره، إلا أن الحُلُم ليس هو الوظيفة التي تريد الحكاية إنجازها، وإنما "الحِلْم" بكسر الحاء وتسكين اللام؛ أي الحكمة في التصرف، فلولاها لقضى الملك على المخلصين له، وتغلب عليه أعداؤه. غير أن صبره وتدبره وتفكيره في العاقبة أهدوه إلى شاطئ النجاة على يد الحكيم المخلص ذي العلم الواسع.
تنجز الحكايتان، إذًا، وظيفة واحدة عبر أحداث مختلفة، ولكن بحضور الرجل الحكيم في كلتيهما. "الرجل الشيخ" في الأولى، و"كباريون" في الثانية. في الأولى هيمنت خبرة الشيخ على الحكاية وفي الثانية هيمنت أيضًا خبرة كباريون الحكيم، فأصبح العنصر المشترك هو الحكمة بإبدالاتها وتنوعاتها (الخبرة، العلم، العقل... إلخ).
بقي أن نشير إلى أن حكايات "النمط الواقعي – بلاغة الممكن" تنجز بلاغتها من واقع الحياة اليومية وتفاصيلها في السلوك الإنساني بذلك تشكل حكايات الإيجاب القيمي في النمط الواقعي الطرف الآخر في ثنائية التقابل للصورة الإيجابية في الحكاية الإطار، بعد أن أنجزت حكايات الاعتلال القيمي الطرف لأول؛ فتكون الصورة على الشكل الآتي:
الاعتلال القيمي ↔ الإيجاب القيمي
يمثل الطرف الأول السلوك الإنساني الناقص بصوره وإبدالاته المتنوعة، ويتجسد في المستوى السردي الأول بخطاب الملك دبشليم المتسلط والمفارق للشرعية، ويتجسد في الحكاية المضمنة بصور النقص والخلل في السلوك الإنساني، عبر خيانة الأمانة والصداقة وعبر السرقة ومكر النساء وسوء التصرف... إلخ.
ويمثل الطرفَ الثاني العقلُ وإبدالاتُه وصوره المتجلية، في المستوى السردي الأول، بخطاب بيدبا الفيلسوف، وفي الحكاية المضمنة بصور العقل والتجربة والحكمة، بوصفها المعادل النقيض للخلل؛ أي لا مجال فيها للخرافي والمفارق، بل تقترب من تفصيلات المألوف والاعتيادي. فهي استبطان للجوهر الإنساني، ولما يمثله من طبائع وعواطف وأفكار. وتعتني بإبراز منطق الاختلال وصور النقص والتشوُّه، ولاتهتم بالشخصيات إلا بوصفهم أفرادًا يمثلون نمطًا في "ذاكرة النوع"[93] بغض النظر عن أسمائهم وسماتهم الشخصية. فهم تجليات للاعتلال، ولذلك نراهم يقدَّمون بصفاتهم الدلالية الموطِّئة للوظيفة، مثل السارق والناسك والتاجر... إلخ.
إن الاهتمام بالتفاصيل اليومية للحياة في النمط الواقعي نقيض للرمز والكلي والعام[94] الذي سنراه في النمط المفارق؛ فالخيانة والسرقة والمكر مثلاً، موضوعات تتناولها الحكاية الشعبية من الحياة، وتستند إلى شخصيات يحكمها منطق الإمكان، وتعبر عن تجارب إنسانية ملموسة.

النمط المفارق (بلاغة الخرافي)

تهيمن في النمط المفارق الرمزية الحيوانية على النصوص الحكائية، وذلك عبر تنوع الشخصيات، إن كانت حيوانية فقط، مثل حكاية الغراب والثعبان وابن آوى[95] أو كانت حيوانية و إنسانية، مثل حكاية الملك والطير فنزة[96] أو كانت حيوانية وجمادًا، مثل حكاية الثعلب والطبل[97]. وما ذلك إلا لأن الشخصيات في النمط المفارق لا تهتم بحدود الشخصيات وملامحها، وإنما تقدمها بوصفها تجسيدًا للنوع، مثل الأسد والثعلب وابن آوى والثعبان... إلخ. أي إن الشخصيات تقدَّم بوصفها أصنافًا وطبائع مكثَّفة ومجردة، رسبها في الذاكرة اللقاء المرجعي المتكرر مع صورها؛ فالأسد كائن لحمي، قوي، مفترس. والثعلب حيوان ماكر، مخادع. إن هذا التكثيف يفضي بالكائنات الحيوانية إلى تشخيص حكمة أو مثل في نهاية الحكاية، مثل القول في نهاية حكاية ابن آوى والأسد والحمار[98]هذا مثل الرجل الذي "يطلب الحاجة فإذا ظفر بها أضاعها".
وتسعى القصدية في تجليات الرمزية الحيوانية إلى تمثُّل المواقف والصفات والعواطف والصراعات الإنسانية عبر تمثيلها في الشخصيات الحيوانية. يقول كيليطو:
إن الحكمة في الخرافة توضع على ألسنة الحيوان... الخرافة تحاكي القيمة الرمزية التي يجسدها كل حيوان ضمن مجموع الحيوانات. وكل خطاب ينطق به حيوان يكون مطابقًا للموقع الذي يمثله هذا الأخير في مجمع الحيوان والدور الذي يلعبه فيه. يختلف دور الأسد عن دور ابن آوى، والثعلب والتمساح... وتستهدف المحاكاة الطريقة التي يجب أن يتصرف بها ويعبر بها [كل حيوان] والنتيجة هي استنتاج نمط قد حددت سماته بصورة نهائية[99].
إن الفعالية الرمزية في الحكاية المفارقة (حكاية الحيوان) تتخطى نطاق الشخصية الحيوانية المفردة وأوصافها إلى وظيفتها الرمزية من خلال علاقاتها التقابلية مع المعنى المجازي الذي يستحضره المتلقي ليفسر به المعنى الوظيفي في الحكاية عبر التأويل.
إن هذا التعالق بين القطبين: المعنى المباشر والمعنى المجازي يكسب النص الحكائي المفارق جوهره التخييلي عبر الاستبدال والتخفي في تمثيل الخبرة والسلوك الإنساني، مما يمنح الدوال القدرة على كشف التقاطبات الكبرى، عبر مدلول حيواني ينتهي في السياق التخييلي إلى تغليب طبع على طبع، والانتصار لسلوك على سلوك، وفق ما يشترطه العقل والمثال الإنساني[100].

يتبع ...





    رد مع اقتباس
قديم 2020-05-02, 21:20 رقم المشاركة : 7
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: 2- سلسلة حكايات كليلة ودمنة .. التفريغ الحكائي وأنماط التخييل ..


ثنائية التقابل في النمط

توزع الناقدة العراقية فريال غزول صور التخييل في قصص الحيوان إلى نمطين تخييليين، هما: النمط "التأرجحي" والنمط "التغريبي". في الأول تتحول الشخصيات الحيوانية وأوضاعها السردية من حال إلى حال نقيض، تَنْتُج عنه تقابلات بلاغية عريضة في السياق بين الرمزيات الحيوانية والقيم الإنسانية التي تترجمها. أما النمط التغريبي، فلا تحضُر فيه الشخصيات الحيوانية لإثبات القيم التي ترمز إليها فقط، ولا لبيان غلبة صنف على آخر، وإنما توظف لإثبات فكرة أو موقف إنساني عام ومحايد عبر تحولات الأحداث التي تشارك فيها الرموز الحيوانية المتعارضة. والنتيجة هي تحصيل صورة حلمية متعالية، تشكل المثال الخلقي الأعلى.
وترى الجبوري، في النمط الأول "التأرجحي"، أن المحور ثابت ومنزلة الشخصيات متحولة. وفي الثاني "التغريبي" الشخصيات ثابتة والمحور متحول. ويفرض النمط التأرجحي – الكلام ما زال للجبوري – النظرة المحيطة بمجموع العلاقات الداخلية في القص بينما يفرض النمط التغريبي ازدواجية المنظور، وبالتالي يخلق توترًا إدراكيًا يحلُّ لصالح فكرة ما... وينبع النمط التأرجحي من متابعة ما يجري، أما الثاني من مقارنة ما يجري[101].
يعود مصدر التوزيع النمطي عند غزول إلى قلق الشخصيات الحيوانية وانتقالها بين الأعلى والأدنى، في صيغة تقابلية، أو ثباتها لخلق ثنائية تقابلية بين مجموع الحيوان والمتخيل الإنساني. ولذلك يسمي صاحب بيان شهرزاد النمط الأول عند جبوري بالنمط "الطباقي" استنادًا إلى البلاغة العربية الكلاسيكية، ويسمي النمط الثاني بالنمط "التراسلي"[102] لظهور التقابل المرجعي في ذاكرة النوع بين أصناف الحيوان، مما يستدعي ظهور تقابلات متعددة جزئية متراسلة تكوِّن بمجموعها الطرف الأول في صيغة التقابل في النمط التغريبي عند غزول جبوري.
ولأن قصص الحيوان لا تتشكل بنيتها وفق الصيغتين في النصوص جميعها، فإننا نرى أن هذا التوزيع قاصر عن إدراك الصورة الاستقرائية الشاملة، والأجدى من ذلك توزيع قصص الحيوان على نمطين مرتبطين بالوظيفة التي تقدمها حكاية الحيوان، مما يدعو إلى تصنيفها بنوعين: داخلي وخارجي.
النمط الأول (داخلي) يقابله، في التصنيفين السابقين، التغريبي أو التراسلي. وتتوجه فيه القصدية الدلالية إلى داخل النص، عبر السرد الذي يهتم بما يجري من أحداث ومتابعتها من قبل المتلقي، من دون الاهتمام بالعالم الخارجي أو مقابله الإنساني في لحظة المتابعة الجزئية للسرد.
إلا أنه، وبعد انتهاء السرد، تتوالد من عملية التلقي المقارنة بين عالمين، عالم الحيوان وعالم الإنسان، للحصول على الرمزية الحيوانية والتقابلات الرمزية التي تنتج لنا الحكمة المقصودة من الحكاية. أي إن العامل الخارجي ينجزه فعل التأويل المنجَز من قبل القارئ الحكيم أو الفيلسوف، كما أراد كتَّاب مقدمات كتاب كليلة ودمنة. يقول علي بن الشاه الفارسي
وجعله [أي مؤلف الكتاب] على ألسن البهائم والطير صيانة لغرضه الأقصى فيه من العوام، وضنًّا بما ضمنه عن الطغام[103] وتنزيهًا للحكمة وفنونها ومحاسنها وعيونها إذ هي للفيلسوف مندوحة[104].[105]
ونمثل لهذا النمط بحكاية الغراب والذئب وابن آوى والجمل[106]:
تقول الحكاية إن الأسد التقى فيلاً ضخمًا، فتصارع معه وخرج من الصراع مثخنًا بالجراح، فقعد عن الصيد وكان بصحبته جمل كان قد أمَّنه على روحه بالإضافة إلى الذئب وابن آوى والغراب، وهؤلاء كانوا يأكلون من بقايا فريسة الأسد. وحين طال قعود الأسد طلب من أصدقائه أن يذهبوا لاصطياد حيوان يأكله فلم يفلحوا. بل اجتمع رأيهم على إقناع الأسد بالغدر بصاحبه الجمل وذلك بعد أن دبروا مؤامرة يقدم في سياقها الجمل نفسه للأسد لافتراسه. حيث يعرض الغراب والذئب وابن آوى – كل بدوره – نفسه على الأسد ليأكله، فيهمُّ الآخران إلى تقبيح الرأي لعدم فائدته أو لضرره. وحين يعرض الجمل نفسه على الأسد – ظانًا أن بقية الحيوانات سوف تتفه رأيه كما فعلت مع بعضها فينجو بنفسه ويظهر في الوقت ذاته حبه لصديقه – تمدح الحيوانات رأيه وتقدر تضحيته بنفسه ثم تنقض عليه.
النمط الأول: غائب عن العنوان ويمثله الأسد والفيل، والحيوانان يمثلان عالمين متناقضين من حيث الطبيعة:
- الأسد: وحشي، مفترس، قوي، لحمي.
- الفيل: ضخم، قوي، عشبي.
الحيوانان يتكافآن في الصراع، ولا يستطيع أحدهما أن يطرد الآخر. وتُنجِز البلاغة الأسلوبية ذلك التوازي عبر اللغة السردية الملحمية إذ يقول الراوي:
إن الأسد مضى في بعض الأيام لطلب الصيد فلقي فيلاً عظيمًا، فقاتله قتالاً شديدًا وفلت منه مثخنًا بالجراح، يسيل منه الدم.
النمط الثاني: (الحاضر الأول ويمثله الذئب والغراب وابن آوى) مجموعة من أصناف الحيوان، مشتركة في ذاكرة النوع المتراكمة بصفات المكر والخديعة والعيش على بقايا الطعام الذي تتركه الوحوش القوية، كالأسد، ولذلك تعيش في الحكاية على ما يرميه لها الأسد من فريسته. وحين يمرض الأسد لا تستطيع أن تصطاد له ما يكفي جوعها، فتلجأ إلى الصفة المشتركة فيما بينها، وهي المكر؛ ولكنه ليس المكر الصادر من فرد واحد و إنما من مجموع ما يُستحَضَر لانتصار الشر من المكر والكثرة في العدد. وهذا يستدعي مقابله (البراءة والمفرد) الممثَّل في التقابلات الرمزية في الحكاية في النمط الثالث.
النمط الثالث: (الحاضر-الجمل) وهو حيوان يستدعي في ذاكرة النوع صور السذاجة ويساوي البراءة في الرمزية الحيوانية المترجمة للقيمة الإنسانية. فهو حيوان ضخم الجثة، عشبي، أليف.
بتلك الصور التقابلية تقدم الصورة الذهنية الأولية للعنوان الصيغ التقابلية الآتية:
- الأسد: 1. قوي. 2. مفترس. 3. لحمي.
- الجمل: 1. قوي. 2. غير مفترس. 3. عشبي.

*

- الأسد: 1. قوي. 2. مفترس. 3. صياد. 4. لحمي.
- الذئب، الغراب، ابن آوى: 1. ضعيف (قياسًا بالأسد). 2. ماكر. 3. طفيلي. 4. لحمي.

*

- الذئب، الغراب، ابن آوى: 1. لحمي. 2. ماكر. 3. عنصر الكثرة.
- الجمل: 1. عشبي. 1. ساذج. 3. الإفراد.

*

إن حضور الأسد والفيل في السرد هو بمثابة التهيئة للفعل الدرامي المنتِج للحكمة المُنجَزة من خلال صور التقابل بين المكر والكثرة من جهة، والبراءة والضعف (بسبب الإفراد) من جهة أخرى. لأن ظهور الفيل هو سبب نشوء الصراع بينه وبين الأسد، وتكون نتيجته مرض الأسد وقعوده عن الصيد، مما يتيح المجال لبروز دور المجموع الماكر (الذئب والغراب وابن آوى).
يضاف إلى ذلك أن الأسد والفيل لا يوسمان في ذاكرة النوع بسمة المكر؛ ولأن هذه السمة مع مقابلها في القيم الإنسانية البراءة، تشكل الصورة المهيمنة في الحكي المنتِج للحكمة، فإنه لا مبرر لذكر الأسد والفيل في العنون، ولذلك تم ذكر المجموع الماكر بالتتابع ثم أتْبِعَ المجموع المفرد المناقض (الجمل = البراءة) مما يعني أن التقابل الرمزي المهيمن ليس بين الأسد والفيل، وليس بين الأسد (اللحمي) والجمل (العشبي)، وليس بين الأسد والمجموع الماكر، وإنما بين المجموع الماكر والمفرد البريء. وهذا ما برر التوازي في الصراع بين اللحمي (الأسد) والعشبي (الفيل). ولولا ذلك لانتصر الأسد (اللحمي-المفترس) على الفيل (العشبي-غير المفترس). ولكن السرد لا يخرج الأحداث عن الطبيعة الحيوانية للشخصيات، فيتابع المتلقي الأحداث إلى نهايتها، ولا يفاجأ بما يخالف تلك الطبيعة؛ فقانون الغاب الذي يحكم مسار العلاقة بين الحيوانات يقود إلى انسحاب الفيل والأسد من الصراع المتكافئ، ويحشر الذئب والغراب وابن آوى في مرتبة التبعية للأسد لأكل بقايا طعامه، ويؤدي إلى افترس الجمل من قبل الأسد أيضًا. أي إن منزلة الشخصيات لم تتغير في الرتبة.
وفق ذلك تنغلق دائرة الحكي على افتراس الجمل، وتنتهي متابعة المتلقي للأحداث. وبعد انغلاق الدائرة يمكن أن نتحدث عن متلقيَيْن: يأخذ الأول الجانب الهزْلي للتسلية، كما يقول ابن المقفع: "وأما الكتاب فجمع حكمة ولهوًا، فاختاره الحكماء لحكمته والأغرار للهوه"[107]. ويأخذ الثاني بالتأويل، لصياغة الحكمة، وذلك عبر المقارنة بين قصدية السرد وتأويلها في القيم الإنسانية؛ أي إنه ينقل النص من عالم السرد الداخلي للشخصيات الحيوانية إلى عالم القيم الإنسانية الخارجي المسقط على دلالة الأحداث.
النمط الثاني (الخارجي) يقابله في التصنيفين السابقين النمط الترجيحي/التطابقي، وتتوجه فيه القصدية الدلالية إلى العالم الخارجي، ولا تنغلق فيه دائرة السرد على ما تفرضه الطبيعة الحيوانية للشخصيات وتصنيفها النمطي. وتنتقل فيه الشخصيات من منزلة إلى منزلة، فما هو فوق في الطبيعة الحيوانية يصير في رتبة التحت، والعكس صحيح. وتصبح فيه القراءة التأويلية فعلاً منجزًا داخل السرد وليس متممًا له بعد انتهائه. وبذلك يكون فيه النص أكثر مفارقة للطبيعة الحيوانية من النمط الداخلي وأقل تسلية وهزلية؛ لأن الخطاب فيه يرقى مباشرة إلى استحضار القيمة الإنسانية لفهم ما يجري من أحداث، على عكس النمط الداخلي حيث يمكن أن يفهم المتلقي ما يجري وهو داخل نسق الخطاب الحيواني، ثم بعد ذلك يلجأ إلى التأويل. أي إننا في النمط الخارجي نلتقي مباشرة بنتائج التأويل، لأن السرد لا يسير في الأحداث وفق الطبيعة الحيوانية للشخصيات، وإنما وفق مدلولها وترجمتها للفعل الإنساني. أما في النمط الداخلي فإننا أمام مستويين للخطاب: الأول داخلي يرتبط بالطبيعة الحيوانية، وينجز ضمن سياق منغلق على القانون الذي يحكم العلاقة بين الحيوانات. والثاني خارجي يرتبط بفعل المقارنة بين ما جاء في السرد عبر الشخصيات الحيوانية، وما يمكن أن يجري في الحياة الإنسانية. أي إننا نلجأ في النمط الداخلي إلى المقارنة والتفسير لانتقال الخطاب من المجال الحيواني إلى المجال الإنساني، أما في النمط الخارجي فإن التفسير ينجز مع السرد في كل جزئية أو متوالية. ونمثل للنمط الخارجي بحكاية الأرنب والأسد[108].
تقول الحكاية: إن الأسد الذي كان يهاجم الوحوش ليفترسها قد وافق على ألا يهاجمها فيفزعها مقابل أن تقدم هي له كل يوم حيوانًا يأكله وهو في عرينه. وعندما وقع الاختيار مرة على الأرنب تأخر هذا في القدوم إلى الأسد، قائلاً له: التقيت في طريقي إليك أسدًا ضخمًا أخذ مني الأرنب الذي وقع اختيار الوحوش عليه هذا اليوم لغدائك. وحين قلت له هذا غداء ملك الغابة شتمك وقال لا ملك غيري وهذه الغابة ملكي. فقال الأسد للأرنب غاضبًا خذني إليه. فأخذه الأرنب إلى بئر ماء وقال: انظر إنه هناك ومعه الأرنب غداؤك. نظر الأسد وصدق ما رآه فقفز في البئر لمصارعة غريمه.
مرة ثانية ينجز العنوان صورًا ذهنية للتقابل، ولكن بآلية مختلفة ودلالات متباينة. فـ"الأرنب والأسد" صيغة لمفردين من الحيوانات "الأرنب" و"الأسد"؛ أي لا وجود للكثرة والتعدد مقابل الإفراد. يضاف إلى ذلك الحضور المهيمن لسمتين في ذاكرة النوع: الضعف (الأرنب) والقوة (الأسد). الأول ضعيف، عشبي. والثاني قوي، لحمي. وقانون الغاب الذي يحكم العلاقات الحيوانية يقضي بافتراس الأسد للأرنب بسهولة ويسر لتنغلق دائرة الحكي على ذلك. ولكن الافتراس لا يقع ولا تنغلق دائرة الحكي على ما يقضي به قانون الغاب، وإنما على عكس ذلك؛ فالأرنب الضعيف يقضي على الأسد القوي. ولذلك بدأ العنوان بذكر الأرنب، أي الضعيف أولاً وأتبعه بذكر الأسد. ولكن السؤال يبقى مغلقًا على كيفية انتصار الضعف على القوة. والجواب تنجزه الجمل المتوالية في السرد ولكن عبر الإشارة وليس العبارة؛ فالأرنب الذي جاء دوره ليفترسه الأسد، يعمل الحيلة، ويستدرج الأسد القوي إلى البئر ويوقع به، فينجو الأرنب ومعه الحيوانات الأضعف من الأسد.
إذًا، تنجز الحكاية تقابلين عريضين: في الأول طرف غائب عن السرد، يحضر ذهنيًا بحضور السمة (الضعف) و(القوة) فقط. ولكن هذا التقابل معطل عن العمل في السرد وغير فاعل إلا من خلال تأكيد بطلانه في الحكي. بينما ينهض التقابل الثاني، السياقي العريض، الحاضر بقوة الفعل السردي، وهو التأكيد على دور العقل والحيلة مقابل القوة والغطرسة. أي إننا أمام تقابل سياقي في مدلوله الإنساني مباشرة، ولا يمكن لنا أن ننجز قراءة الأحداث أو أن نتابعها من دون حضور ذلك التقابل وذلك المدلول، وكأننا أمام قراءة ثنائية: الأولى غير متماسكة أو متجانسة أو متسقة مع الضعف والطبيعة الحيوانية والقانون الذي يحكمها، وتدل عليها أفعال الحيوانات في النص. والثانية قراءة متسقة على مستوى النسق الإنساني على الرغم من غياب الشخصيات الإنسانية في الحكاية فاعلاً سرديًا؛ ولكنها حاضرة فعلاً رمزيًا من خلال حضور سمات الإنسان (العقل، الحيلة... إلخ) في مقابل القوة والغطرسة. فالحكاية تلتقي بالعالم الخارجي مباشرة، وتلتصق به، ولا تُفهم إلا على أساس حضوره، ولا تنغلق دائرة الحكي إلا على إنجازه، وليس على نهاية الأحداث في الفعل السردي.
وتبقى النتيجة في النمطين التخييليين، وإن اختلفا في طريقة التخييل، واحدة في الانتقال إلى العالم الخارجي لاستكمال النص السردي، أي إن القصدية الإنسانية في القص، أو إنجاز الحكي، هي البنية الدلالية القارة. فالنمط الداخلي يكتمل مع التأويل الذي ينقله إلى العالم الإنساني (الخارجي) والنمط الخارجي يكتمل سرده عبر تأويله المباشر وربطه بالعالم الإنساني (الخارجي).
ويختلف النمطان من حيث السمات الآتية:
1. الشخصيات في النمط الداخلي ثابتة في منزلتها في التصنيف الحيواني، فما هو فوق كالأسد يبقى في مرتبته، وما هو تحت، كالجمل، يبقى أيضًا في مرتبته؛ ولذلك افترس الأسد الجمل. أما في النمط الخارجي فمنزلة الحيوانات متحولة؛ ولذلك قضى الأرنب (التحت) على الأسد (الفوق) وتحولت منزلة كل منهما.
2. يبقى التقابل في النمط الداخلي في نطاق الصنف الحيواني (لحمي × عشبي) والانتصار للأول ضمن إطار العلاقة الحيوانية. وفي النمط الخارجي يتغير التقابل لصالح العبرة، ولا يستطيع القوي أن يأكل الضعيف، لأن الضعيف قوي بعقله، بينما الأول قوي بجسده. وتكون الثنائية التقابلية (قوة × العقل) تنويعًا لبيان بيدبا الكلي.
3. الفاعل في السرد في النمط الداخلي هو المنتصر والأقوى ضمن نطاق العلاقات الحيوانية، مثل (الذئب والغراب وابن آوى). والجمل متلق للفعل، ولا يقوم برد الفعل إلا بما يوافق غاية المنتصر. أما الفعل في السرد في النمط الخارجي فهو للأضعف في الصنف الحيواني أو معادله في القيمة الإنسانية (العقل) ويكون رد الفعل للأقوى في الصنف الحيواني (الأسد)، ويكون رد فعله تحقيقًا لمطلب الأضعف جسديًا والأقوى دلاليًا في رمزية القيم الإنسانية.
4. يهيمن التأويل المباشر على الأحداث لفهمها في النمط الخارجي، بينما تهيمن المقارنة، في النمط الداخلي، بين عالمين: عالم الحيوان وعالم الإنسان لإتمام دلالة النص الحكائي.





    رد مع اقتباس
قديم 2020-05-02, 21:22 رقم المشاركة : 8
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: 2- سلسلة حكايات كليلة ودمنة .. التفريغ الحكائي وأنماط التخييل ..


هوامش

٭ د. يوسف أحمد إسماعيل: مدرس الأدب العربي القديم في جامعة حلب – كلية الآداب، باحث في السرد العربي القديم، عضو اتحاد الكتاب العرب بدمشق. من كتبه:
بنية الإيقاع في الخطاب الشعري، وزارة الثقافة، دمشق، 2004.
الرؤيا الشعبية في الخطاب الملحمي عند العرب، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2004.
المقامات: مقاربة في التحولات والتبني والتجاوز، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2007.
محكيات السرد العربي القديم، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2008.
بناء القصيدة العربية في العصر المملوكي (البنية الإحالية)، مجلس النشر العلمي، حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، الكويت، 2004.
بناء القصيدة العربية في العصر المملوكي (البنية التركيبية)، مجلس النشر العلمي، حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، الكويت، 2007.


[1] في استعراض موجز ومكثف لطبيعة كتاب كليلة ودمنة يلاحظ محمد رجب النجار وجود بنيتين في البناء الهيكلي للكتاب يسميهما: البنية الكبرى، ويقصد الحكاية الإطار، والبنية الصغرى ويقصد الحكاية المضمَّنة. راجع: النثر العربي من الشفاهية إلى الكتابة، دار الكتاب الجامعي، الكويت، ط1، 1996، ص 259.
[2] مفهوم الأدب، تودوروف، ترجمة منذر عياشي، حمص، دار الذاكرة، 1991، ص 122.
[3] بيان شهرزاد، التشكلات النوعية لصور الليالي، شرف الدين ماجدولين، ط 1، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، 2001، ص 110.
[4] عن السردية العربية، عبد الله إبراهيم، ط1، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، 1992، ص 93.
[5] المرجع السابق، ص 39.
[6] البنية والدلالة في ألف ليلة وليلة، فريال غزول جبوري، مجلة فصول، المجلد 12، العدد 4، سنة 1994، ص 103.
[7] بيان شهرزاد، ص 103.
[8] بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي، حميد لحميداني، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط 2، بيروت 1993، ص 97.
[9] بيان شهرزاد، ص 103.
[10] العين والإبرة: دراسة في ألف ليلة وليلة، عبد الفتاح كيليطو، ترجمة: مصطفى النحال، مراجعة: محمد برادة، مطبعة النجاح الجديدة، نشر الفنك للترجمة العربية، الدار البيضاء، ص 19.
[11] كليلة ودمنة، ابن المقفع، مراجعة وتعليق: عرفان مطرجي، ط 1، بيروت، 2002.
[12] يعد ارتقاء كسرى الأول أنوشروان العرش افتتاحًا لأزهى عصور الدولة الساسانية، فقد قضى على البدع التي أتت بها جماعة مزدك، وساد في حكمه الأمن. راجع: إيران في عهد الساسانيين، آرثر كريستنس، ترجمة: يحيى الخشاب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1998، ص 348.
[13] دائرة المعارف، بطرس البستاني، دار المعرفة، بيروت، 1878، ج 3، ص 545.
[14] كليلة ودمنة، ص 17.
[15] البراهمة: يعد بَرْهم المعبود الأول عند الهنود، وأصل الموجودات، واحدًا غير متغير وغير مدرك، أزليًا مطلقًا، سابقًا لكل مخلوق، خلق العالم كله. أما عبدته فيقال لهم البراهمة. راجع: دائرة المعارف، ج 5، ص 374.
[16] كليلة ودمنة، ص 18.
[17] المرجع السابق، ص 18 - 26.
[18] المرجع السابق، ص 30.
[19] المرجع السابق، ص 30.
[20] المرجع السابق، ص 18.
[21] المرجع السابق، ص 20.
[22] الوضيعة: الحطيطة. وهو ما يحط من جملة الحساب فينقص منه، والبعض يسميه الحسم. لسان العرب، ابن منظور، دار صادر، بيروت م7، مادة "حطط".
[23] الوكس: النقص. لسان العرب، م 6، مادة "وكس".
[24] كليلة ودمنة، ص 29.
[25] المرجع السابق، ص 22.
[26] المرجع السابق، ص 18.
[27] المرجع السابق، ص 9.
[28] المرجع السابق، ص 19.
[29] المرجع السابق، ص 20.
[30] المرجع السابق، ص 20.
[31] المرجع السابق، ص 21
[32] المرجع السابق، ص 21.
[33] المرجع السابق، ص 21.
[34] المرجع السابق، ص 21.
[35] المرجع السابق، ص 23.
[36] المرجع السابق، ص 22.
[37] المرجع السابق، ص 22.
[38] الكراع: الخيل. لسان العرب، م 8، مادة "كرع".
[39] كليلة ودمنة، ص 24.
[40] المرجع السابق، ص 24.
[41] يعد محمد رجب النجار أحد الكتاب القلائل الذين لاحظوا فكرة التماثل بين بيدبا ودبشليم في نص كليلة ودمنة. راجع: النثر العربي من الشفاهية إلى الكتابة، ص 259
[42] المرجع السابق، ص 21.
[43] كليلة ودمنة، ص 26.
[44] المرجع السابق، ص26 - 28.
[42] أكدت ذلك الدراسات المقارنة بين نص كليلة ودمنة وكتاب البنشاتنترا الهندي. راجع: عبد الله بن المقفع، محمد غفران الخراساني، القومية للطباعة والنشر والتوزيع، 1963. وكليلة ودمنة في الأدب العربي، دراسة مقارنة، ليلى سعدالدين، دار المعارف، دمشق.
[46] كليلة ودمنة، ص 19.
[47] كليلة ودمنة، ص 15.
[48] المرجع السابق، ص 15.
[49] المرجع السابق، ص 16 – 17.
[50] المرجع السابق، ص 21.
[51] القوة والضعف. وهو من الأضداد، تعني هنا القوة. لسان العرب، م 13، مادة "منن".
[52] كليلة ودمنة، ص 20.
[53] المرجع السابق، ص 21.
[54] المرجع السابق، ص 26.
[55] المرجع السابق، ص 26.
[56] مفهوم الأدب، تودوروف، ترجمة منذر عياشي، حمص، دار الذاكرة، 1991، ص 142.
[57] المرجع السابق، ص 153.
[58] كليلة ودمنة، ص 128.
[59] المرجع السابق، ص 128.
[60] المرجع السابق، ص 132.
[61] حكاية الجرذ والناسك. قال الجرذ: "كان منزلي أول أمري بمدينة ماروت في بيت رجل مسن، وكان خاليًا من الأهل والعيال، وكان يؤتى في كل يوم بجونة [سلة من الطعام]، فيأكل منها حاجته ويعلق الباقي. كنت أرصد الناسك حتى يخرج، وأثب إلى الجونة، فلا أدع فيها طعامًا إلا أكلته ورميت منه إلى الجرذان. فجهد الناسك مرارًا أن يعلق الجونة في مكان لا أناله، فلم يقدر على ذلك، حتى نزل به ذات ليلة ضيف فأكلا جميعًا؛ ثم أخذا في الحديث، فقال الناسك للضيف: من أي أرض أقبلت؟ وأين تريد الآن؟ وكان الرجل قد جاب الآفاق ورأى عجائب، فأنشأ يحدث الناسك عما وطيء من البلاد ورأى من العجائب، وجعل الناسك خلال هذا يصفق بيديه لينفرني عن الجونة، فغضب الضيف وقال: أنا أحدثك وأنت تهزأ بحديثي، فما حملك على أن سألتني؟ فاعتذر إليه الناسك وقال: إنما أصفق بيدي لأنفِّر جرذًا قد تحيرت في أمره، ولست أضع في البيت شيئًا إلا أكله. فقال: جرذ واحد يفعل ذلك أم جرذان كثيرة؟ فقال الناسك: جرذان البيت كثيرة، لكن فيها جرذًا واحدًا هو الذي غلبني، فما أستطيع له حيلة. قال الضيف: لقد ذكرتني قول الذي قال: لأمر ما باعت هذه المرأة سمسمًا مقشورًا بغير مقشور. قال الناسك: وكيف كان ذلك؟"
[62] كليلة ودمنة، ص 132.
[63] حكاية المرأة والسمسم. "قال الضيف: نزلت مرة على رجل بمكان كذا فتعشينا، ثم فرش وانقلب على فراشه. فسمعته يقول في آخر الليل لامرأته: إني أريد أن أدعو غدًا رهْطًا ليأكلوا عندنا، فاصنعي لهم طعامًا. فقالت المرأة: كيف تدعو الناس إلى طعامك وليس في بيتك فضل عن عيالك، وأنت رجل لا تبقي شيئًا ولا تدخره؟ قال الرجل: لا تندمي على شيء أطعمناه وانفقناه، فإن الجمع والادخار ربما كانت عاقبته كعاقبة الذئب. قالت المرأة: وكيف كان ذلك؟"
[64] كليلة ودمنة، ص 133.
[65] حكاية الذئب ووتر القوس. "قال الرجل: زعموا أنه خرج ذات يوم رجل قانص ومعه قوسه ونشيبه، فلم يجاوز غير بعيد حتى رمى ظبيًا، فحمله ورجع طالبًا منزله، فاعترضه خنزير بريٌّ، فرماه بنشاب نفذت فيه، فأدركه الخنزير وضربه بأنيابه ضربة أطارت من يده القوس ووقعا ميتين. فأتى عليهم ذئب فقال: هذا الرجل والظبي والخنزير يكفيني أكلهم مدة، ولكن أبدأ بهذا الوتر فآكله فيكون قوت يومي وأدخر الباقي الى غد فما وراءه، فعالج الوتر حتى قطعه. فلما انقطع طارت سيَّة القوس [ما يعطف من طرفيها] فضربت حلقه فمات."
[66] لسان العرب، م 3، مادة "حدث".
[67] بيان شهرزاد، ص 110 الهامش.
[68] إن الوظائف التي تم استخدامها للتفرع الحكائي تتمثل في أربع هي: التسلية والعبرة وقضاء حاجة ما ودفع مكروه. انظر: الحكاية الخرافية، فريدريش فون دير لاين، ترجمة نبيلة إبراهيم، سلسلة الألف كتاب، العدد 561، القاهرة، ص 96. وانظر: الهيكل التنظيمي لحكايات الليالي، داود سليمان الشويلي، بغداد، مجلة التراث الشعبي، العدد 1، سنة 1989، ص 270.
[69] كليلة ودمنة، ص 215.
[70] مفهوم الشر في الأدب العربي، أحمد مرسي، مجلة عالم الفكر، الكويت، وزارة الإعلام، المجلد 17، العدد 1، سنة 1986، ص 79.
[71] بيان شهرزاد، ص 112.
[72] راجع كتاب: حكايات الشطار والعيارين في التراث العربي، محمد رجب النجار، الكويت، وزارة الإعلام، سنة 1981، سلسلة عالم المعرفة، العدد 45.
[73] بيان شهرزاد، ص 169.
[74] السردية العربية، ص 16 وما بعدها.
[75] دائرة المعارف، 7/355.
[76] الغائب، دراسة في مقامات الحريري، عبد الفتاح كيليطو، الدار البيضاء، دار توبقال، ط 1، 1987، ص 11.
[77] راجع: قصصنا الشعبي: من الرومانسية الى الواقعية، نبيلة إبراهيم، بيروت، دار الوحدة، 1974. و: القصص الشعبي في السودان، عز الدين إسماعيل، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، 1986. و: ألف ليلة وليلة، دراسة سيميائية تفكيكية لحكاية حمال بغداد، عبد الملك مرتاض، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، 1989.
[78] بيان شهرزاد، ص 64.
[79] الحكاية الشعبية، عبد الحميد يونس، القاهرة، المؤسسة المصرية العامة، دار الكتاب العربي، 1968.
[80] الفهرست، محمد بن النديم، تحقيق: رضا تجدد، طهران، 1971، ص 367.
[81] حكاية الحيوان في التراث العربي، محمد رجب النجار، مجلة عالم الفكر، الكويت، وزارة الإعلام، سنة 1995، المجلد 24، العدد 1 - 2. وانظر: التراث القصصي في الأدب العربي: مقاربات سوسيوسردية، محمد رجب النجار، الكويت، 1990، ص 111.
[82] بيان شهرزاد، ص 160.
[83] الحكاية الخرافية، ص 65 - 66.
[84] الحكاية الشعبية العربية، شوقي عبد الحكيم، بيروت، دار ابن خلدون، 1980.
[85] قام بروب بتطوير مفهوم الوظيفة في ضوء أهميتها بالنسبة إلى الكشف عن السرد الحكائي. وقد لاحظ بروب أن الوظائف لا تتغير على الرغم من تعدد الشخصيات. لذلك قام بفصل الفعل عن الشخصية التي تقوم به. وأصبحت بذلك الوظيفة وحدة مستقلة تمثل الفعل والمغزى. وطبقًا لملاحظته فإن الأفعال المتماثلة قد تكون لها دلالات متماثلة أو العكس. وعليه يمكن النظر إلى النص الحكائي على أنه سلسلة من الوظائف. راجع: مورفولوجية الخرافة، فلاديمير بروب، ترجمة إبراهيم الخطيب، الدار البيضاء، 1986.
[86] الخب: المخادع. لسان العرب، م 1، مادة "خبب".
[87] كليلة ودمنة، ص 10.
[88] المرجع السابق، ص 114.
[89] عن بنية النص السردي، ص 34.
[90] كليلة ودمنة، ص 68.
[91] المرجع السابق، ص 192.
[92] بناء النص التراثي، فدوى مالطي دوكلاس، بغداد، دار الشؤون الثقافية، ص 161.
[93] بيان شهرزاد، ص 266.
[94] المرجع السابق، ص 82.
[95] كليلة ودمنة، ص 84.
[96] المرجع السابق، ص 176.
[97] المرجع السابق، ص 77.
[98] المرجع السابق، ص 167.
[99] المقامات: السرد والأنساق الثقافية، عبد الفتاح كيليطو، ترجمة عبد الكبير الشرقاوي، الدار البيضاء، دار توبقال، 1993، ص 33.
[100] بيان شهرزاد، ص 160.
[101] قصص الحيوان بين موروثنا الشعبي وتراثنا الفلسفي، فريال غزول جبوري، القاهرة، مجلة فصول، سنة 1993، المجلد 13، العدد 3، ص 138.
[102] بيان شهرزاد، ص 162.
[103] أراد الطير والحيوان وأوغاد الناس. يقال: هذا طغامة من الطغام للذكر والأنثى وللواحد وللجمع. ولا ينطق له بفعل. ولا يعرف له اشتقاق. لسان العرب، م 12، مادة "طغم".
[104] متسعة. لسان العرب، م 2، مادة "ندح".
[105] كليلة ودمنة، ص 13.
[106] المرجع السابق، ص 98.
[107] المرجع السابق، ص 57.
[108] المرجع السابق، ص 78.





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التخييم , التفريغ , الحكائي , حكايات , سلسلة , وأنماط , وحلوة , كليلة

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 22:02 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd