الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الثقافة والآداب والعلوم > منتدى الثقافة والفنون والعلوم الإنسانية > الفلسفة العامة والفكر الإسلامي


شجرة الشكر7الشكر
  • 2 Post By فصبر جميل
  • 2 Post By الشريف السلاوي
  • 2 Post By فصبر جميل
  • 1 Post By خادم المنتدى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2012-11-01, 17:32 رقم المشاركة : 1
فصبر جميل
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية فصبر جميل

 

إحصائية العضو







فصبر جميل غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في المسابقة الترفيهية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام التميز لشهر مارس 2012

العضو المميز لشهر يناير

c3 النفس ألذ الأعداد



بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على أشرف المرسلين
سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام



كثير ما نطلق مصطح الروح, أو القلب ،أو الفؤاد، او العقل،أو الضمير،أو النفس أو الروح ،على الجانب الغامض منا، والغير محسوس فينا .محاولين بذلك تقريب هذه المفاهيم وتوضيحها إلى الذهن .
خصوصا وأنها تمثل الجانب الخفي، في الإنسان، والمسؤول عن كل تصرفاته، سواء منها الإرادية :كالتفكير، والتذكر، والفهم ،والتحليل، والتعميم، والتركيب ... أو الغير إرادية كالأمور العاطفية: من كره، وحب، وخوف، وهواجس، ووساوس... هذا الجانب الغير محسوس في الإنسان، هو الجانب المهم ، والمحدد لمصير الإنسان في الدنيا والآخر.
الإنسان ذو طبيعة مزدوجة فهو طين، ونفخة روح {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} (سورة ص آية 71-72) فطبيعة تكونه إذن، تفرض أن تكون له استعدادات خيرة، وأخرى شريرة ،وقدرة فطرية ،غريزية كامنة في ذاته, بواسطتها يميز الهدي من الضلال، والقبيح من الحسن.وهي تلك القوى الواعية المدركة التي تملك زمام الإنسان،والمتمثلة فيما يمكن أن نصطلح على تسميته بالشعور، أو الوعي والتي بإمكانها توجيه النفس البشرية نحو الطهارة والنقاوة، إن هي تشبعت بالإيمان، بخالقها، واتبعت رسالاته. وإلا هبطت بها إلى دركات جهنم ،واقتادتها إلى الويل والثبور، والظلم والظلام ، {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}(سورة الشمس: 7-10 ) { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}( سورة الإنسان: 3) لكن ما هي حقيقة النفس؟ وهل هي واحدة أم متعددة؟ أي هل لكل مخلوق نفسا خاصة به ،لا تصلح لغيره ؟ أم هناك نفس واحدة منتشرة في الكون على غرار النور والهواء، تحل في كل الذوات والأجساد في نفس الوقت. كثيرا ما يقع الخلط بين النفس، والروح.ويبدو لي أنهما مختلفان تماما:فحقيقة الروح غير معروفة، ولا يمكن للإنسان أن يعرف ماهيتها على الإطلاق،ولا سبيل له إلى معرفتها . لأنه لا يملك أصلا الأدوات اللازمة لمعرفتها. وما يملكه من أدوات معرفية، كالعقل والقلب، والحس، والتجربة، والحدس...قد تكون صالحة لإدراك الجانب المادي في الإنسان, وربما حتى الآثار التي تتركها الروح على الجسد. أما معرفة الروح في ذاتها، وكنهها , وعلى حقيقتها , فذاك أمر مستبعد ومستحيل {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} .

الروح نفحة، أو نفخة ربانية, تعمل على ربط جزيئات قبضة الطين، وتجعلها تتفاعل مع بعضها البعض، باعثة فيها الحرارة,و الحياة ،والقدرة على الحركة ،والفعل .
وهي أقدم من الجسد، بدليل قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} (سورة الأعراف: 172، 173) وهي جوهر قائم بذاته ، قد تستغني عن الجسد ،كما هو الشأن في حالة النوم. {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ...} (الأنعام: 60) أو في حالة الموت { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا...} (الزمر: 42) ولكن الجسد لا يستغني عنها بل يفسد ويتحلل بمجرد ما تفارقه الروح بصفة نهائية.

أما النفس في تقديري فهي تلك العلاقة الناتجة، عن تفاعل الروح مع الجسد. فهي شبيهة بالدلالة التي هي عبارة عن علاقة الدال بالمدلول. أي العلاقة التي تربط بين الكلمة، ومعناها، وهي علاقة حتمية وضرورية.
بحيث لا يمكن أن نتصور الكلمة، بدون معنى، ولا المعنى يمكنه أن يستقيم بدون كلمة.وكذلك النفس، لا تستغني عن الجسد ،ولا الجسد بإمكانه الاستغناء عن النفس . فبينهما علاقة جدلية حتمية. إن موضوع النفس، شغل الإنسان منذ أن تحداه الكون بأسراره، وظواهره، وأعجزه لغز أصل العالم، ونشأة الحياة الأولى،و مسألة الموت ،والبعث ...ففكر في محاولة إدراك نفسه أولا, باعتبارها أقرب إليه من الوجود, وظواهره.علها تكون مفتاحا لمعرفة الكون، وخالقه، والإنسان ومصيره.وهذا ما جعل سقراط يدعوا إلى معرفة النفس قائلا (أيها الإنسان أعرف نفسك بنفسك.) محاولا تعريفها بكونها (جوهر الإنسان الحقيقي وروحه، وهي قائمة بذاتها، في موتها خلاصها وحريتها، وما الجسم إلا آلة لها ).أما أفلاطون فكان يرى: أن النفس خالدة غير قابلة للفناء.لأنها لو لم تكن كذلك، لما نال الظالم جزاءه، ولكان الظلم أمرا عاديا .

وفي رأي فلاسفة الإسلام أن النفس: (جوهر روحي لا يفنى بفناء البدن).
فهذا ابن رشد (اعتبر أن النفس جوهر عاقل ،أو عقل فعال ،وأن وظائفها الأخرى، لم تنشأ إلا بسبب اتصالها بالبدن). وهي خاضعة لمدبر أسمى منها هو صاحبها وسيدها.والمسئول عنها، وهو في تقديري العقل المشار إليه في (قد أفلح من زكاها ،وقد خاب من دساها ). إن النفس الفاسدة، الأمارة بالسوء تأمر صاحبها بالمنكر، والمعاصي، والقبائح، وتنهاه عن الطاعات،والمكرمات،وتميل به إلى الضلال، وتخرجه من النور إلى الظلمات ، وتستجيب لنزغات الشيطان وإغراءاته، وللهوى وإملاءاته ، ولقرناء السوء و فسادهم وضلالهم ،وللجهل ،والكبر ،والظلم ، والكفر ،والعلو في الأرض بغير حق ، والتسلط على الآخرين ،والتحكم في رقابهم، ولكل العوامل التي من شأنها أن تزين للنفس الأعمال الشريرة ، وتبغض لها الأعمال الخيرة، وتكره لها الإيمان، وتحبب لها الكفر، والفسوق ،والعصيان...فتجدها تتفانى في طلب الشهوات ،والملذات الدنيوية، خاضعة لإغراءات الشيطان، مستمعة لوسوسته ،عاملة بنصائحه ،مصدقة لوعوده ... { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} ( سورة النساء: 120) غير آبهة، لا بحلال ولا بحرام .همها هو إرضاء طلبات الهو الغريزية ، والرغبات الحسية و محاولة إشباعها.فتجر صاحبها إلى الخزي والعار،والويل والثبور في الدنيا ،والندم والحسرة في الآخرة، وتقذف به في نار جهنم. إن معظم الذنوب التي يقع فيها الإنسان، إذا نحن تفحصناها نجدها من النفس الأمارة بالسوء ،لا من الشيطان، باعتبارها عاملا داخليا، أساسيا.
أما الشيطان، والعوامل الأخرى، التي سبق ذكرها، ما هي إلا عوامل مساعدة، ثانوية، خارجية، تحفز على فعل الشر عن طريق تزيينه، وتدعوا إليه بواسطة الوسوسة، والإيحاء، وزخرفة القول.... {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (الأنعام: 112). لأن كيد الشيطان كان ضعيفا كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم {الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (سورة النساء: 76). وضعفه بالأساس يكمن في أن الله سبحانه وتعالى جرده، من أي سلطة على الذين آمنوا وهذا باعتراف إبليس لعنه الله ،كما يبدو ذلك جليا، واضحا في خطبته المسجلة في قوله تعالى {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(سورة إبراهيم: 22)، { قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} (سورة الحجر: 39ـ 44). إن أكبر سلطة يمكن أن تؤثر في بني آدم في تصوري على الأقل. هي السلطة المادية ، والحجة العقلية. وهذه بحمد الله، ولطفه بنا، ومنته علينا. لا يملكها الشيطان اللعين، فهو مجرد من أي سلاح مادي، أو برهان عقلي، أو سلطان حجة. يمكن استعماله لإخضاع الإنسان لوسوسته، وإجباره على طاعته.ولو كان له ذلك لما عبد الله في هذه الدنيا على الإطلاق ،ولدعى ا لعين الندية لله سبحانه وتعالى .
فالشيطان لا يملك موتا، ولا حياة،ولا بعثا, ولا نشورا. ولا يملك أن يرزق الإنسان المال، ولا البنين ،ولا الطعام ،ولا الشراب ،ولا المرض، ولا الشفاء...كما لا يملك أن يمنعه من ذلك .-- بل لا يملك حتى رزقه الخاص به –{ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ} (سورة العنكبوت: 17). فالله سبحانه وتعالى هو الذي تكفل بتدبير حياة الإنسان المادية ،وقدر في الأرض أقواتها. { وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (الذاريات: 22، 23). {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (هود: 6). { وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} (الشعراء: 79-81) .
بالإضافة إلى افتقاد الشيطان للقوة المادية، والحجة الدامغة، والبرهان القوي، فعلاجه سهل، والقضاء عليه بسيط، ومحاربته مضمونة النصر. لأن الله سبحانه وتعالى مكننا من السلاح الذي يفتك به في زمن قياسي ، والمتمثل في قوله تعالى { وإما وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (فصلت: 36) وقوله: { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} ( الأعراف: 201) وقوله: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} (المؤمنون: 97، 98)... إن عمل الشيطان محدود في الزمان ،فهو يعمل على أن ينسي الإنسان، ذكر ربه، وعبادته، كما ينسيه الأوامر، والنواهي الإلهية ،ويستغفله , حتى إذا استأنس بالدنيا، وغرق في شهواتها .أصبح قرينا له يأمره بالفحشاء ، والعري ،ويمنيه، ويعده غرورا، ويزين له الشر، والقبيح،والباطل ... { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (الزخرف: 36). إن النسيان، سلاح الشيطان الفتاك .وهو نتاج الغفلة عن ذكر الله بالدرجة الأولى. وصدق الله العظيم إذ يقول: { فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} (يوسف: 42 )، {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} (الكهف: 63) وعمل الشيطان ،محدود كذلك في المكان، وهو الصدر { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} (سورة الناس: 1-6). لأن الصدر هو المجال الطبيعي ، للجانب العاطفي، الغريزي ،والشهواني في الإنسان، وهو المنفذ الوحيد، الذي يمكن للشيطان أن يستغله، ليأتي ضحيته عن طريق الوسوسة، والإيحاء. وقد يستعين اللعين، في ذلك بجنوده، من الإنس والجن والنفس الأمارة بالسوء... على خلاف العقل، الذي يملك من الآليات والقدرات المختلفة ، كالتفكير، والإدراك ، والذكاء ، وا لفهم، والاستيعاب ،والتعلم، والنظر، والتأمل ، والتحليل ،والتصنيف، والتجزيء ،والتعميم ، والتجريد، والتركيب، والتجريب ، والقياس، والاستدلال، والاستقراء ،والبرهنة ... ما يجعله قادرا على التمييز بين الخير والشر، وبين الحق والباطل، و ما يبعده عن الشيطان،وما يقربه إليه .

بالإضافة إلى السلاح الإلهي ،الذي مد الله به الإنسان، لينحر به الشيطان اللعين ، والمتمثل في الاستعاذة بالله . { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (النحل: 98، 99). لكننا نلاحظ، أن شهر رمضان، كغيره من الشهور. لا يخلوا ،هو الآخر من الموبقات والشرور. كالعري، والعهر، وسفك الدماء، والربا، والقمار، والاعتداء على حرمة رمضان بالليل والنهار... فما هو مصدر هذه الشرور؟ إن لم تكن الشياطين ؟ التي تكون مصفدة، ومسلسلة ومسجونة في شهر رمضان المبارك.كما أخبر بذلك الرسول الكريم، الصادق الأمين، وهوا لنبي لا كذب. في قوله صلى الله عليه وسلم، في حديث للبخاري ومسلم ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين) (البخاري 1899، ومسلم 1079) .إن مصدرها، وبكل تأكيد، هوا لنفس الأمارة بالسوء.بدليل قوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} (سورة يوسف: 53). و قوله: {قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} (سورة طه: 96) وقوله: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (المائدة: 30).
لقد بين القرآن الكريم، أن النفس تمر بثلاثة مراحل: أولا ها الأمر بارتكاب المعاصي والمنكرات، وكل القبائح، والنهي عن الطاعات، وكل المروءات. - كما سبقت الإشارة إلى ذلك -. لكن كيف يمكن لنا أن نميز بين الشر الصادر منا، والذي نكتسبه بفعل إيحاءات، ووسوسة الشيطان؟ وبين الأعمال الشريرة التي تصدر منا، بفعل هوى النفس، وميلها للغرائز الحيوانية المشبعة بالملذات ،المعنوية والحسية .؟ إن عمل الشيطان مقيدا بالوسوسة أثناء الغفلة والنسيان، للخطيئة وعقابها. فهو يزين ،يوحي ، يوسوس، يغري، يفتن،يعد ، يكذب يغوي، ينزغ... ولكن تنفع معه الاستعاذة بالله. أما النفس فهي تنفر من التكاليف ، وإتيان الطاعات ، وتحب الاشتغال بالباطل ،ولا تشبع من الملذات . تأتي الشر،وتعصي الله ،مستهينة ومستصغرة لذنوبها ، دون نسيان، ولا غفلة، من صاحبها ، وبإسرار منها . مع التقدير الكامل لعظمة الذنب، وللعقاب المترتب عنه، وبعلم وفهم، لشرع الله وشريعته، ولأوامره ونواهيه ...ولا تنفع معها الاستعاذة بالله .وإنما ينفع معها شغلها بطاعة الله، والخوف منه، ونهيها عن الهوى، ومخالفتها وعصيانها. { فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} (سورة النازعات:37ـ 41).
ويقول الإمام البصيري : ( وخالف النفس والشيطان واعصهما // وإن هما محضاك النصح فاتهم ) إن النفس تأمر بالفساد ،ولها من آليات الضغط والإكراه ، ما يمكنها من إرغام صاحبها على تنفيذ أوامرها .أما الشيطان فليس له أي سلطة على قرينه، خارج الوسوسة والإيحاء وما هو في حكمهما . إن التعاون المتين بين النفس الأمارة بالسوء ، والشيطان على الفساد والإفساد ،محدود بحدود الحياة الدنيا، أما في الآخرة ، فيكفر كل منهما بالآخر ، ويلعنه. بل ويومئذ يخطب الشيطان في أتباعه متبرئا منهم جميعا قائلا لهم- كما ذكر ربنا على لسانه-: { إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} (سورة إبراهيم:22)، { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} (الحشر:16، 17) إن النفس الأمارة ، في تصوري ليست شريرة بذاتها، و طبيعتها. بل هي مزدوجة الطبع، خيرة وشريرة في نفس الوقت . تملك من القدرات والإمكانيات، ما يجعلها تميل إلى الفضائل أو إلى الرذائل بنفس النسب. فالنفس تملك قوة غريزية بهيمية، حيوانية يحكمها منطق اللذة أو اللبيدو . كما تملك أيضا قوة العقل والفكر، الذي به تتم معرفة الخير والشر، ويميز بين والحق والباطل.
يقول الدكتور محمد فاروق النبهان : [...ولهذا فإن النفوس تقبل التغيير عن طريق التربية.والنفس التي تملك قوة الغريزة المسيطرة، تملك في نفس الوقت، قوة الفكر والتمييز.وبفضل هذه القوة تنصرف النفوس ،إلى السيطرة على قوة الغرائز، معتمدة في ذلك على القوة العقلية المدركة التي تصارع، قوة الغريزة البهيمية وتسيطر عليها بالإرادة. (أثر التربية الإسلامية في السلوك الاجتماعي- كتاب دعوة الحق العدد 4 ص 38-39-السنة 1999 ) ومن ثم فهي قابلة بكل تأكيد للتوبة والإصلاح . يقول الدكتور محمد فاروق النبهان :[النفس الإنسانية في نظر بن مسكويه جوهر بسيط ،غير محسوس بشيء من الحواس ، وتختلف النفس عن الجسم في قابلية النفس تصور الأشياء المتناقضة والمتعارضة ،ولا تقبل الأجسام ذلك ،إلا بعد زوال صورتها الأولى ، ولهذا فإن النفوس تقبل التربية والتغيير والتبديل والإصلاح والتكوين ، ولا تقبل الأجسام أي تغيير في شكلها. إلا بعد زوال الصورة الأولى لها .] ( مرجع سابق ص 79) . وقد تنتبه هذه النفس إلى غفلتها، وسوء تصرفها، وتتوب إلى ربها، فتعود باللوم على صاحبها لشدة ندمها ، فتحاسبه على عدم فعل الخير، والإكثار منه، وعلى فعل الشر، وعدم الإقلاع عنه {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } {القيامة: 2) .يتبع وهذه النفس ذات طبيعة مزدوجة خيرة وشريرة في نفس الوقت فهي تفعل الحسن والقبيح في نفس الوقت، تحب الأول ،وتكره الثاني ، فهي واقعية ، تعرف في قاموس علم النفس بالأنا.

يرى سيجموند فرويد ، أن الأنا تمثل الجاني الشعوري في الإنسان، وتتكون مما هو واقعي ، وسائد في المجتمع ،كالقوانين ،والتقاليد، والأعراف ، والدين، وكل الإكراهات السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية، والأخلاقية ... وهي المسؤولة عن كل تصرفاتنا، وسلوكاتنا القولية والفعلية .من وظائفها التوفيق التوفيق بين ثلاثة جوانب فينا (1) الجانب الغريزي أو الفطري أي الجانب الحيواني فينا ،(2) الجانب المثالي أو النير فينا، والذي يتكون من الإيمان ،والقيم الدينية والروحية ،والأخلاق الكريمة الفاضلة ، والقيم العليا ...وهو ما يسمى عند فرويد بالأنا العلى(3) الواقع المعيش . الأنا الأعلى وقد ترتقي هذه النفس ويقودها صاحبها إلى درجة الكمال فتؤمن بخالقها ورازقها وبرسالاته ، وتستسلم لأمر ربها وقضائه وقدره .فيحصل لها الاطمئنان، والراحة الأبدية، ويرضى عنها ربها، ويسعد صاحبها، سعادة الدنيا والآخرة. { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي} (الفجر: 27-30) وهذه يمكن أن نطلق عليها مصطلح الأنا الأعلى



عمر حيمري

.






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=597549
التوقيع

لا إلـه إلا الله

بها نحيــــا وبها نمـــوت وبها نلقــى الله
    رد مع اقتباس
قديم 2012-11-01, 18:55 رقم المشاركة : 2
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

افتراضي رد: النفس ألذ الأعداد


استفدت كثيرا من هذا الموضوع القيّم
شكرا جزيلا أختي المقتدرة
و عيد مبارك سعيد





التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
    رد مع اقتباس
قديم 2012-11-02, 19:09 رقم المشاركة : 3
فصبر جميل
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية فصبر جميل

 

إحصائية العضو







فصبر جميل غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في المسابقة الترفيهية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام التميز لشهر مارس 2012

العضو المميز لشهر يناير

افتراضي رد: النفس ألذ الأعداد


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشريف السلاوي مشاهدة المشاركة
استفدت كثيرا من هذا الموضوع القيّم

شكرا جزيلا أختي المقتدرة
و عيد مبارك سعيد


بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على أشرف المرسلين
سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام

بوركت أيها الفاضل وشكرا على المرور العطـــــر
كل عام وانت بألف خير





التوقيع

لا إلـه إلا الله

بها نحيــــا وبها نمـــوت وبها نلقــى الله
    رد مع اقتباس
قديم 2014-07-02, 17:35 رقم المشاركة : 4
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: النفس ألذ الأعداد


**********************
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك...
**************************






    رد مع اقتباس
قديم 2014-07-02, 18:01 رقم المشاركة : 5
أم طه
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم طه

 

إحصائية العضو







أم طه غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

وسام المنظم مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

مسابقة المبشرون بالجنة

الشخصية المتميزة رمضان 2014

وسام المنظم

وسام المنظم

وسام تحدي الصور2

وسام المركز الثالث مسابقات أم علاء

وسام المرتبة الرابعة في المسابقة الرمضانية الكبرى

افتراضي رد: النفس ألذ الأعداد


جزاك الله خيرا






التوقيع








    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 09:57 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd