الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي > القران الكريم



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2016-08-05, 09:24 رقم المشاركة : 11
a.khouya
مراقب عام
 
الصورة الرمزية a.khouya

 

إحصائية العضو








a.khouya غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك مميز

مشارك(ة)

وسام العضو المميز

مشارك(ة)

وسام المرتبة الأولى من مسابقة السيرة النبوية العطر

افتراضي رد: سورة الاعراف


موضوع قيم جدا
بارك الله فيك سيدتي الزواوية





التوقيع

يبقى الصمت أفضل
حين يغيب الرد

    رد مع اقتباس
قديم 2016-08-05, 21:13 رقم المشاركة : 12
elqorachi zouaouia
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية elqorachi zouaouia

 

إحصائية العضو







elqorachi zouaouia غير متواجد حالياً


مسابقة السيرة 4

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام المرتبة الثالثة

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المشارك في المطبخ

وسام المشارك

افتراضي رد: سورة الاعراف


حفظك الله اخي وبارك فيك اكتشفت ان التحليل والتفسير لايات الله من خلال ما جاء عند الدكتور العلامة النابلسي منطقي وعلمي ميسر ومقنع جدا ...
شكرا على التواجد والمتابعة .






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2016-08-30, 00:09 رقم المشاركة : 13
elqorachi zouaouia
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية elqorachi zouaouia

 

إحصائية العضو







elqorachi zouaouia غير متواجد حالياً


مسابقة السيرة 4

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام المرتبة الثالثة

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المشارك في المطبخ

وسام المشارك

افتراضي رد: سورة الاعراف


التفسير المطول - سورة الأعراف 007 - الدرس(07-60): تفسير الآيات 11 – 13 ، تسلسل الإيمان بالله
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-01-19


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه

اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس السابع من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الثانية عشرة ، وهي قوله تعالى :
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾
تذكير للفائدة والتقرير :
1 – مسألة الخَلق :
وفي الدرس السابق بينت لكم قصة الخلق بفضل الله عز وجل ، وكيف أن الإنسان خُلق في عالم الذر ، بل خُلقت جميع المخلوقات في عالم الذر ، قبل أن تكون صوراً .
2 – حملُ الإنسان للأمانة :

حملُ الإنسان للأمانة
وعُرضت عليها الأمانة ، حيث قال الله عز وجل :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
( سورة الأحزاب الآية : 72 )
3 – العبادة أصل خلق الإنسان وثمن للجنة :

العبادة أصل خلق الإنسان
ولما حمل الإنسان الأمانة كُلف أن يزكي نفسه عن طريق تعريفها بالله ، وحملها على طاعته ، والتقرب إليه من أجل أن تكون هذه المعرفة ، وهذه الطاعة ، وهذا التقرب ثمناً لجنة عرضها السماوات والأرض ، فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، إلى أبد الآبدين ، فنحن في الأصل مخلوقون للجنة .
الناس قسمان : عامل للجنة وعامل للنار :

وقد انقسم البشر قسمين في ضوء هذه الحقيقة ، فقال الله تعالى :
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾
( سورة النازعات )
المؤمن منضبط ومطيع لله أما الكافر استغنى عن طاعة الله
أي أن الجنة ثمنها الانضباط ، أن تعرف الله ، وأن تنضبط بمنهجه ، وعلى هذا قال تعالى :
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى *(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾
( سورة الليل )
صدق أنه مخلوق للجنة ، والحسنى هي الجنة ، بني على هذا التصديق أنه اتقى أن يعصي الله ، وبنى حياته على العطاء .
﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾
( سورة الليل )
إذاً كل شؤون حياته في اتجاه سعادته الأبدية .
﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى﴾
( سورة الليل )
الصنف الثاني كذب بالجنة ، وآمن أنه مخلوق للدنيا ، بُني على هذا التكذيب أنه استغنى عن طاعة الله ، وبنى حياته على الأخذ وكل شؤون حياته باتجاه شقائه .
﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾
( سورة الليل )
قصة الخلق حينما قال الله تعالى :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
( سورة الأحزاب )
لم يكن ظلوماً جهولاً حينما قبِل حمل الأمانة ، ولكن حينما خان الأمانة ولم يؤدِ الأمانة ،
﴿ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾
4 – مقوّمات حملِ الأمانة :
وذكرت في الدرس الماضي أن الإنسان حينما قبل حمل الأمانة سخر الله له :

﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
( سورة الجاثية الآية : 13 )
الكــون :
الله سخر لنا الكون وهذا التسخير تسخير تعريف وتكريم
وأعطاه مقومات التكليف ، وذكرت أن أبرز مقومات التكليف هذا الكون الذي سخر له ، وكان التسخير تسخير تعريف وتكريم .
لذلك رد فعل التعريف أن تؤمن ، ورد فعل التكريم أن تشكر ، وأنت حينما تؤمن وتشكر حققت الهدف من وجودك ، قال تعالى :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ ﴾
( سورة النساء الآية : 147 )



العـقـل :

العقل هو أداة لمعرفة الله وهو مناط المسؤولية والمحاسبة
ثم أعطاه العقل ، كأداة لمعرفة الله وهو مناط المسؤولية والمحاسبة ، وهو ميزان :
﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾
( سورة الرحمن )
والعقل مهمته التأكد من صحة النقل ، ثم فهم النقل ، ولن يكون العقل حكماً على النقل .
الفـطرة :
ثم أعطاه فطرة سليمة تكشف له خطأه ذاتياً .
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾
( سورة الشمس )
الاختيـار :
ثم أعطاه اختياراً ليثمن عمله :
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾
( سورة الإنسان )
الشهــوة :
ثم أعطاه شهوة كقوة دافعة ، وهي حيادية ، يمكن أن تكون قوة نافعة ودافعة ، ويمكن أن تكون قوة مدمرة .
الشــرع :
ثم أعطاه الشرع ، وأنزل الله على أنبيائه الكتب ليكون الشرع ميزاناً على ميزاني العقل والفطرة .
ذكرت هذا في درس سابق ، وأنتقل اليوم إلى تسلسل الإيمان بالله .
تسلسل الإيمان وثوابته :
الثابت الأول : الكون :

الكون هو الثابت الأول في الإيمان
أيها الإخوة ، هناك الكون يعد الثابت الأول ، لا يختلف عليه اثنان في الأرض ستة آلاف مليون إنسان هذا الكون بين أيديهم ، وتحت سمعهم وبصرهم ، فيه شمس ، وقمر ونجوم ، ومجرات ، وأرض ، وجبال ، وسهول ، وينابيع ، وأنهار ، وبحار ، وبحيرات ، ونبات ، مليون نبع من النبات ، وأطيار ، وأسماك ، وحيوانات ، ومعادن ، وأشباه معادن ، هذا الكون هو الثابت الأول في الإيمان ، كل أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى يمكن أن يشفَّ الكون عنها .


1 – كل أسماء الله وصفاته يشفّ عنها الكون :

يمكن أن نرى في الكون لطف الله وقوته
كل أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى ، يمكن أن تراها في الكون ، يمكن أن ترى في الكون علمَه ، يمكن أن ترى في الكون حكمته ، يمكن أن ترى في الكون لطفه ، يمكن أن ترى في الكون رحمته ، يمكن أن ترى في الكون عدله ، يمكن أن ترى في الكون قوته ، يمكن أن ترى في الكون بطشه ، كل أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى يمكن أن يشف الكون عنها ، وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد .



2 – مبادئ العقل : السببية ـ الغائية ـ عدم التناقض :

التناقض لا وجود له في الكون
وعقلك بني على مبادئ ثلاث مبدأ السببية ، مبدأ الغائية ، مبدأ عدم التناقض والكون أنظمته الأساسية لكل شيء سبب ، ولكل شيء غاية ، والتناقض لا وجود له في الكون ، مبادئ عقلك مطابقة تطابقاً تاماً مع مبادئ الخلق .
لذلك هذا العقل إذا أعملته في الكون يمكن أن تتعرف إلى الله من خلاله ، إذاً : العقل أداة معرفة الله .
3 – الكون لغةٌ عالمية :

أيها الإخوة ، ثم أن هذا الكون لغته عالمية ، العربي يقرأ ما فيه ، والأعجمي يقرأ ما فيه ، وأهل أوربا يقرؤوا ما فيه ، هذا قاسم مشترك الكون قرآن صامت والقرآن كون ناطق
لذلك قال بعضهم : الكون قرآن صامت ، والقرآن كون ناطق ، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي ، فأكبر ثابت من ثوابت الإيمان هذا الكون الذي يشف عن وجود الله ، وعن كماله ، وعن وحدانيته ، وعن أسماءه الحسنى وصفاته الفضلى ، لكن العقل سأوضح لكم مهمته :
أنت دخلت إلى جامعة ، عقلك وحده ، تجد منشآت تتناسب تناسباً رائعاً مع حقيقة الجامعة ، مدرجات ، فيها عزل صوت ، فيها تدفئة ، فيها شاشات عارضة ، فيها تهوية ، فيها مقاعد مريحة ، فيها مكتبة ، وحدائق ، وسكن للطلاب ، وسكن للأساتذة ، وإدارة جامعة ، ومخابر ، أنت بعقلك يمكن أن تكتشف أن وراء هذا البناء تخطيطا ، وأدمغة ، ونظاما ، وخبرات متراكمة ، لكن مهما كنت ذكياً ، مهما كنت حصيفاً فلا يمكن أن تعرف ما اسم رئيس الجامعة ، لا يمكن أن تعرف ما اسم عمداء الكليات ، لا يمكن أن تعرف ما الكليات التي في الجامعة ، لا يمكن أن تعرف نظام القبول ، أو نظام النجاح والرسوب ، هذه المعلومات لا يمكن أن تكتشفها بعقلك ، لا بد من كتيب ، هذا الكتيب يتكامل مع عقلك ، هذا تمهيد .
ما عجز عقلك عن إدراكه أخبرك الله به بالقرآن

الله عز وجل جعل هذا الكون ينطق بوجوده ، بعلمه ، بقوته ، برحمته ، بعدله بلطفه ، بجماله ، لكن لماذا خلقك الله ؟ أنزل كتاباً هو القرآن الكريم ، قال لك فيه :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾
( سورة الذاريات )
لماذا الحياة القصيرة ؟ لماذا الحياة أربعون عاما ، خمسون ، ستون ؟ قال لك في كتابه :
﴿ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾
( سورة الضحى )
لماذا يأتي الأنبياء ؟ يأتي الأنبياء ليبينوا للناس علة وجودنا ، وطريق سلامتنا وسعادتنا .
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾
( سورة الأنبياء )
فصار الكتاب يكمل العقل ، ما عجز عقلك عن إدراكه أخبرك الله به ، هذا الكتاب لعل قائلاً يقول : إنه كلام إنسان عبقري بليغ في اللغة ، أعطاك مع الكتاب شهادة الإله العظيم على أنه كلامه ، أكبر دليل على أن هذا الكتاب كلام الله إعجازه ، يعني قبل 1400 عام نزل هذا الكتاب .
صور من حقائق كونية :
1 – ظاهرة تناثر الضوء :

وقبل عشرين عام تقريباً صعد الإنسان إلى القمر تناثر الضوء هو وجود الضياء من دون أشعة
وفي أثناء الصعود تجاوز طبقة الهواء ، وهي تزيد عن 65 ألف كم ، فلما تجاوز رواد الفضاء طبقة الهواء صاح أحدهم بأعلى صوته : لقد أصبحنا عميا ، التفسير العلمي أن الهواء مع الشمس يشكل ظاهرة ضوئية اسمها التناثر ، أي أن أشعة الشمس إذا سلطت على طبقات الهواء عكست هذه الذرات أشعة الشمس على ذرات أخرى لم تصلها أشعة الشمس ، فصار في الأرض مكان فيه أشعة شمس ومكان فيه ضياء الشمس ، وجود الضياء من دون أشعة هذه ظاهرة اسمها تناثر الضوء ، فلما تجاوزنا طبقة الهواء ألغي التناثر ، فصار الفضاء ظلاماً دامساً كالليل الأليل ، فصاح رائد الفضاء : لقد أصبحنا عمياً ، افتح القرآن :
﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾
( سورة الحجر )
لا يمكن أن يكون هذا الكلام كلام بشر ، مستحيل ، لأن الحقيقة التي كشفت بعد 1400 عام ذكرها القرآن قبل 1400 عام .
2 – الوردة الجورية :

انشقت السماء فكانت وردة كالدهان
أكبر وكالة فضاء ( ناسا ) تعرض صورة لوردة جورية ، وردة جورية ، أوراق حمراء داكنة ، حولها وريقات خضراء زاهية ، في الوسط كاس أزرق ، كتب تحته صورة لانفجار نجم اسمه عين القط ، يبعد عنا ثلاثة آلاف سنة ضوئية ، تفتح القرآن :
﴿ انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
( سورة الرحمن )
3 – الحاجز بين البحرين :

يكتشف رواد الفضاء من سفينة الفضاء أن بين كل بحرين خطا ، والخط تباين لونين مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان
هذا المنظر يثير الفضول عند علماء البحار ، يتابعون هذه الظاهرة ، فإذا بعد التحقيق والبحث ، والدرس ، والتجريب تبين لكل واحد ماءه ، لكل بحر كثافته ، لكل بحر ملوحته ولا يمكن أن تختلط مياه البحار مع بعضها بعضا ، حتى في بعض الصور لمكان التقاء البحار كباب المندب ، أو كقناة السويس ، أو كمضيق جبل طارق ، أو كمضيق بنما ، أو بمضيق البوسفور هناك جدار بين البحرين ، تفتح القرآن الكريم :
﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
( سورة الرحمن )
4 – النطفة هي التي تحدد جنس المولود وليس البويضة :

النطفة هي التي تحدد جنس المولود وليس البويضة
بعد تطور علم الأجنة إلى أعلى مستوى تبين أن الذي يحدد كون المولود ذكراً أو أنثى هي النطفة وليس البويضة ، تفتح القرآن الكريم :
﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾
( سورة النجم )
5 – كل شيء في الكون يدور :
بعد اكتشاف علم الذرة أن كل شيء في الكون يدور حتى الخشب ، حتى الصخر أي شيء في الكون مؤلف من ذرات ، والذرة من نواة ، وكهارب ، ومسارات .
﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾
( سورة يس )
6 – أدنى الأرض : غور فلسطين :

إن أعمق نقطة في الأرض هي غور فلسطين
بعد اكتشاف أشعة الليزر تبين أن أعمق نقطة في الأرض هي غور فلسطين والآية الكريمة :
﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾
( سورة الروم )
في أدنى الأرض باكتشاف أشعة الليزر تبين أن أعمق نقطة في الأرض غور فلسطين ، وتؤكد روايات التاريخ أن المعركة التي تمت بين الفرس والروم كانت في غور فلسطين .


7 – وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ :

تركب طائرة أحدث طائرة 777 ، وأنت على مقعد وثير ، والجو لطيف ، ومكيف ، وشراب متنوع ، وأطعمة فاخرة ، ومجلات ، وصحف ، وقنوات ويخلق ما لا تعلمون
تفتح القرآن الكريم فتقرأ قوله تعالى :
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا﴾
( سورة النحل الآية : 8 )
كم هي المسافة بين الحمار والطائرة ؟
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾
( سورة النحل الآية : 8 )
لأنه كلام خالق الأكوان :
﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾
( سورة النحل )
الطائرة ، والباخرة ، والقطار ، والسيارة .
﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾
8 – الحكمة من تذكية الحيوان وعدم قطع رأسه :

النبي عليه الصلاة والسلام يعطي أمراً تشريعياً بعدم جواز قطع رأس الدابة حينما تذبح ، قال : اقطعوا أوداجها فقط تذكية الذبيحة تكون بعدم قطع الرأس كاملا
هذا التوجيه لا يمكن أن يفسر في مكان في العالم ، ما الفرق بين قطع رأسها وقطع أوعيتها الدموية ؟ لا أحد يعلم ، لا في عهد النبي ، ولا بعد مئة عام ، ولا بعد مئتي عام ، ولا بعد 500 عام ، ولا بعد ألف عام ، ولا بعد 1400 عام هناك جهة في الأرض تفسر ما سر هذا التوجيه ، الآن انكشفت الحقيقة ، لأن القلب أخطر عضو في الجسم ، ولأن القلب عليه مدار الحياة ، لا يمكن أن يكون تحت رحمة الشبكة العامة الكهربائية ، لا بد له من مولد ذاتي في مركز كهربائي ذاتي ، وهذا المركز إذا تعطل في مركز ثان ، وإذا تعطل الثاني في مركز ثالث ، احتياطيان ، وأن هذا المركز الكهربائي يعطي أمر بالنبض النظامي 80 نبضة بالدقيقة فقط ، والإنسان بحاجة أحياناً إذا هاجمه عدو أن يسرع ، أو إذا واجه حيواناً مخيفاً ، أو ثعباناً في بستان بحاجة إلى جهد أعلى من 80 نبضة ، لكن العين بإدراك الخطر تنقل صورة الخطر إلى الدماغ ، والدماغ عنده مفهومات الثعبان ، مفهومات الثعبان تنبئ الدماغ أن هذا لدغته قاتلة ، فالدماغ ملك الجهاز العصبي يعطي التماسا لملكة الجهاز الهرموني ، الغدة النخامية ، تعطي أمر لوزير داخليتها ....... فيعطي أمرا إلى القلب ليرفع النبض إلى 180 نبضة ، وأمرا إلى الرئتين ليزداد الوجيب ، فالخائف قلبه ينبض سريعاً ، ورئتاه تخفقان سريعاً ، وأمرا إلى الأوعية المحيطية بتضييق اللمعة فيصفر الخائف ، وأمرا إلى الكبد بإطلاق كمية سكر استثنائية ، فالخائف سكره عالٍ ، وأمرًا إلى هرمون التجلط بإطلاق كمية إضافية فدم الخائف لزج .
اللحم الذي ذُبح وفق الطريقة الإسلامية نجده زهري شهي المنظر

هذه الدابة إذا ذبحنها ، وقطعنا رأسها يبقى القلب يعمل 80 نبضة ، الثمانون نبضة تخرج ربع الدم فقط ، أما إذا أبقينا الرأس موصولا بالجسم يعمل الجهاز الاستثنائي ، فالخروف أدرك الخطر ، ارتفع النبض 180 نبضة حيث يخرج الدم كله من جسم الدابة ، تجد اللحم الذي ذُبح وفق الطريقة الإسلامية أزهر اللون ، شهي المنظر ، طيب الطعم ، أما إذا ذُبح بقطع رأس الدابة يبقى أربعة أخماس الدم في الدابة ، يصبح لون اللحم أزرق ، ومؤذيًا ، واللحم بؤرة جراثيم ، ليس هذا من علم النبي ، ولا من تجربة النبي ، ولا من ثقافة النبي ، ولا من معطيات بيئة النبي :
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾
( سورة النجم )
فالكون أكبر ثابت من ثوابت الإيمان .
الثابت الثاني : القرآن :
يليه في المصداقية القرآن الكريم ، كلام الله ، الكون خلقه ، والقرآن كلامه ، ولكن هذا القرآن معه شهادة من الله أنه كلامه .
لكل نبيٍّ معجزة :

إخواننا الكرام ، كل نبي معه معجزة ، والمعجزة في حقيقتها شهادة الله للبشر أن هذا الإنسان رسول رب البشر ، علامة ، إلا أن الأنبياء السابقين كانوا لأقوامهم ، فالمعجزة حسية ، سيدنا موسى ألقى عصاه :
﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾
( سورة الأعراف )
المعجزة الحسية تتألق ثم تنطفئ أما إعجاز القرآن شهادة الله المستمرة
سيدنا عيسى أحيى الميت ، وهذا شيء فوق طاقة البشر ، سيدنا إبراهيم أُلقي في النار فلم تحرقه ، هذه معجزات ، لكن هؤلاء الأنبياء لأقوامهم فقط ، أما النبي عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء والمرسلين ، هو لكل البشر أجمعين ، هو رحمة للعالمين ، هو إلى نهاية الدوران ، هو حتى قيام الساعة ، إذاً كتابه خاتم الكتب ، لا بد من أن تكون شهادة الله للخلق من أن هذا القرآن كلامه مستمرة ، المعجزة الحسية كتألق عود الثقاب يتألق مرة ، ثم ينطفئ فتصبح خبراً تصدقه أو لا تصدقه ، بينما إعجاز القرآن شهادة الله المستمرة .
في القرآن 1300 آية كونية ، سدس القرآن شهادة على خمسة أسداسه أنه كلام الله ، السدس شهادة من الله .
﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾
( سورة يس الآية : 38 )
الآن ثبت أن الشمس تجري ، يعني حقائق لا تنتهي ، والإعجاز يحتاج إلى سنوات ، والآن المادة الأولى في الدعوة إلى الله الإعجاز العلمي في القرآن والسنة .
الثابت الثالث : السُّنة :

القرآن كلي وتأتي السنة لتفسره لنا
لكن القرآن كلي ، يحتاج إلى من يفسره لنا ، فيأتي النبي الكريم ليبين للناس ما نزل إليهم ، فبيان النبي الكريم هو شرح ، وتوضيح لمجمل القرآن الكريم ، وكأن سنة النبي هي تفسير لكلام الله ، فعندنا كون الثابت الأول في الإيمان ، وكتاب فيه كل شيء ، وإنسان سيشرح هذا الكتاب ، دليل أن الله موجود ، وواحد ، وكامل الكون ، ودليل أن هذا القرآن كلام الله إعجازه ، ودليل أن النبي رسول الله هو القرآن .
لا زلنا في العقل ، لكن بعد هذه المرحلة يأتي دور النقل ، أي شيء عجز العقل عن إدراكه أخبر الله به ، صار عندنا في ديننا معقولات ، ومسموعات ، وعندنا تفكر ، ونقل ، وعندنا عقل ونقل ، وعندنا أبحاث يتولاها العقل ، وعندنا أخبار تتلقفها الأذن .
1 – إخبار الله بوجود الملائكة والجن والنار والجنة :

الآن القسم الآخر من الدين الله أخبرنا أن هناك ملائكة . أخبرنا الله أن هناك حياة بعد الموت فيها جنة وفيها نار
﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾
( سورة التحريم )
ما الدليل ؟ ليس عندنا دليل حسي ، بل هناك دليل إخباري ، هو إخبار الله لك .
أنت دخلت إلى بيت ، صاحب البيت كل ذرة في دمك ، وكل خلية في جسمك تؤمن أنه صادق ، وهناك خزانة مغلقة ، سألته : ما في هذه الخزانة ؟ قال لك : كتب قديمة ، الدليل الخبر فقط ، لكن لو فتحت الخزانة ترى بعينك ، وتدرك بعقلك أن هذه كتب قديمة ، أما هو فما فتحها لك ، لكنه أخبرك .
فأخبرنا الله عن وجود الملائكة ، وعن وجود الجن ، وأن هناك حياة بعد الموت فيها جنة وفيها نار ، فيها نار لا ينفذ عذابها ، وفيها جنة يدوم نعيمها إلى أبد الآبدين .
2 – إخبار الله بالماضي السحيق :

أخبرنا الله عن قصص الأقوام السابقة
أخبرنا عن الماضي السحيق ، كيف خُلق الإنسان ، آدم وحواء ، وكيف كانا في الجنة ، فالشيطان أخرجهما من الجنة ، وأخبرنا عن الأقوام السابقة عن عاد وثمود وأصحاب الأيكة ، وقوم موسى وهارون ، ففي ماضي سحيق ، في مستقبل بعيد ، في حديث عن الذات الإلهية .
﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾
( سورة البقرة الآية : 255 )
هذا الدين العظيم فيه معقولات ، ومخبرات ، عقل ، و نقل ، الذي عجز عقلك عن إدراكه أخبرك الله به .
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَم

أيها الإخوة الكرام ،
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَم ﴾
لأن الإنسان قبِل حمل الأمانة كان أعلى المخلوقات
لأن الإنسان قبِل حمل الأمانة كان أعلى المخلوقات ، لأنه قبِل حمل الأمانة صار أعلى المخلوقات على الإطلاق ، فالملائكة دونه ، هنا السجود يعني خذوا أمري من آدم ، المعنى الدقيق للسجود أن نأخذ الأمر أمر الله عز وجل من آدم ، السجود هو الخضوع ، أنت حينما يأتيك أحياناً إنسان عادي معه أمر من الملك ، فإذا أطعت هذا الإنسان العادي هي في الحقيقة ليست طاعة له ، ولكنها طاعة للملِك ، فهنا السجود الخضوع يعني أيها الملائكة أنتم أشفقتم من حمل الأمانة ، لكن آدم قبِلها ، وحملها ، فكان أعلى المخلوقات ، وسوف أُنفذ له أمري ، وأنتم عليكم أن تأخذوا أمرني من خلاله :
﴿ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ ﴾
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
معصية إبليس بعدم السجود معصية كبرياء وعظمة :

قال الله عز وجل :
﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾
( سورة الحجر )
المعاصي نوعان معصية كبر ومعصية غلبة
لكن إبليس رفض أن يسجد ، قال :
﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾
( سورة الأعراف الآية : 12 )
الآن بدأت معصية الكِبْر ، المعاصي نوعان : معصية كبر ، ومعصية غلبة ، وأفضل ألف مَرة أن تقع في الغلبة من أن تقع في الكبر ، لأن الكبر يتناقض مع العبودية لله ، لذلك الذي يعصي الله غلبة ترجى له التوبة ، وهو قريب من التوبة ، وربما معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً .
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾
أي عصى :
﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾
( سورة الكهف الآية : 50 )
لم يسجد ، هو طبعاً ليس من الملائكة ، لكن قبل أن يؤمر كان متفوقاً ، حتى ظُن أنه فوق الملائكة ، لكنه أبت نفسه أن يسجد استكباراً ، وعلواً في الأرض :
﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ ﴾
﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾
الآن أيها الإخوة ، قال الله عز وجل :
﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾
( سورة الأعراف )
إبليس أوَّل مَن سن قاعدة : أَنَا خَيْرٌ :

أنت أمام قضيب مستقيم ، وأمام خطاف يستخدم للحمل ، خطاف منحني هكذا أيهما أفضل ؟ كلام ليس له معنى لا نقارن بين الطين والنار فكل صفة تؤدي مهمتها
حينما تحتاج إلى قضيب مستقيم القضيب المستقيم أفضل ، وحينما تحتاج إلى خطاف تحمل به الأشياء فالانحناء أفضل ، فأن تقول : أيهما أفضل الطين أم النار هذا كلام لا معنى له ، كل صفة تؤدي مهمتها ، أيهما أفضل سيارة سياحية أم سيارة شاحنة ؟ كلام مضحك ، ماذا تريد أن تستخدم هذه السيارة ، لنقل الركاب ؟ السياحية أفضل ، لنقل البضاعة ؟ الشاحنة أفضل ، فكل صفة لا يمكن أن تكون مفضلة إلا بحسب مهمتها ، لكن أنا أفاضل بين شاحنتين ، أو بين سيارتين لنقل الركاب ، أما أنا أفاضل بين مركبة مهمتها نقل الركاب ، ومركبة مهمتها نقل البضائع فهذا غير مقبول .
قال :
﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ﴾
لا ، الجن لهم مهمات تخطي المسافات ، والحدود ، والسدود ، وسرعة الحركة ، والإنس لهم مهمة ، أعطي كل مخلوق الصفات التي تؤهله لتحقيق هدفه .
طبعاً قال القرآن على لسان إبليس :
﴿ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً﴾
( سورة الإسراء )
إذاً : جاء التوضيح :
﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ﴾
( سورة ص الآية : 74)
بين المنعِ والامتناع :
الله عز وجل يقول :
﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾
ما الذي منعك أن تسجد ؟
هناك فرق بين المنع و الامتناع

والحقيقة هنا نحتاج إلى وقفة متأنية ، عندنا :

﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾
و:
﴿ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ ﴾
هذا يتوضح في الفرق بين المنع و الامتناع .
أحياناً تريد أن تأكل تأتي قوة قاهرة تشهر عليك سلاحاً ، فلا تأكل ، أنت الآن مُنعت أن تأكل ، لكن الأكل أمامك ، وهممت أن تأكل ، فجاء طبيب تثق بعلمه ، وأخبرك أن هذا الطعام يؤذي مرضك ، ويؤخر شفاءك ، الآن لم تمنع من أن تأكل ، ولكنك أُقنعت ألا تأكل ، فامتنعت ، الفرق كبير بين أن تُمنع بالقوة ، وبين أن تمتنع اختياراً .
دقة القرآن الكريم شيء عجيب :

﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾
ابليس كان مقتنعا أن خلقه من نار خير من الطين
هل هناك قوة قاهرة منعتك أن تسجد ؟ وهناك آية ثانية توضح هذا المعنى :
﴿ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ﴾
من الذي أقنعك ألا تسجد ؟
الفرق بين :
﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾
و :
﴿ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ﴾
هو الفرق بين أن تقهر ، وبين أن تقتنع ، فيبدو أن إبليس اقتنع أن النار خير من الطين ، فقال :
﴿ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ﴾
( سورة الحجر الآية : 33 )
﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾
هذا ما ترتب عن المعصية :
1 – الهبوط من الجنة :
أيها الإخوة ، لما رفض إبليس أن يسجد :
﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾
( سورة الأعراف )
2 – معنى الهبوط :

الهبوط له معنيان ، هبوط مكاني ، الطائرة هبطت على المطار الفلاني ، هذا هبوط مكاني ، وإنسان كان مديرًا عاما بمؤسسة ، وباعتبار المؤسسة فخمة جداً مكتبه الفخم في الطابق الأول ، فهبطت مكانته ، ووظفوه رئيس دائرة في الطابق العاشر الهبوط أن تهبط مكانة الشخص وسلطته
نقول : هبطت مكانته ، لكن كان هو تحت ، فصار فوق ، لا ، مكانته هبطت هنا ، كان مكتبه في الطابق الأول ، لأنه مدير عام ، أصبح رئيس فرع في الطابق العاشر ، هو لم يصعد تحت ولكنه هبط ، هبطت مكانته ، هبطت سلطته ، هبط دخله .
لذلك :
﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا ﴾
كنت مرشحاً أن تكون من أهل الجنة حيث فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، لكنك الآن تكبرت ، وأبيت أن تطيع الله ، وتوهمت أن النار خير من الطين ، فتستحق الآن أن تهبط منها
﴿ فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ ﴾
من يأبى أن يطيع ويسجد لله فهو صغير عند الله
قيسوا على هذه الآية أوضاع البشر ، هذا الذي يأبى أن يطيع الله ، يتكبر أن يصلي ، يتكبر أن يسجد لله ، ترون أنتم في المناسبات الدينية المسئولون كلهم يسجدون ، هذا وسام شرف لهم ، أليس كذلك ؟ للأرض .
قال :
﴿ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ ﴾

أما الذي يأبى أن يسجد لله فهو صغير عند الله ، تتكبر على من ؟ على خالق السماوات والأرض ، مع أن العلاقة مع الله كلما ازددت تواضعاً له وخضوعاً له أعزك الله ، أنا لا أتصور على وجه الأرض إنسان أعز الله كسيدنا محمد .
هل من المعقول لإنسان ليس مسلماً يؤلف كتابا ، يدرس تاريخ البشرية ، ويبحث من هؤلاء البشر على عظماء البشر ، عظماء البشر في كل القرون ، وفي كل القارات ، وفي كل الثقافات ، ويختار من بين هؤلاء العظام القادة العباقرة ألف إنسان ، ثم يصطفي من هذه الألف مئة ، ثم يجعل محمد بن عبد الله على رأس هذه المئة .
مرة ذكرت أقوالا لمفكري الغرب في هذا النبي الكريم ، رفعه الله عند المسلمين وعند غير المسلمين .
أيها الإخوة الكرام ، قال تعالى :
﴿ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ ﴾
لأنك استنكفت أن تسجد تنفيذاً لأمر الله .
والحمد لله رب العالمين






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2016-08-31, 23:22 رقم المشاركة : 14
elqorachi zouaouia
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية elqorachi zouaouia

 

إحصائية العضو







elqorachi zouaouia غير متواجد حالياً


مسابقة السيرة 4

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام المرتبة الثالثة

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المشارك في المطبخ

وسام المشارك

افتراضي رد: سورة الاعراف


التفسير المطول - سورة الأعراف 007 - الدرس(08-60): تفسير الآيات 14 - 19 ، لماذا حقد إبليس على آدم ؟
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-02-02


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس الثامن من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الرابعة عشرة ، وهي قوله تعالى :
﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
( سورة الأعراف )
أمنيةُ الشيطانِ : التأخيرُ إلى يومِ القيامة :
1 – هذا ما يفعله الحقد :
حينما عصى إبليس ربه ، وأبى أن يسجد لآدم ، وكان عند الله من الصاغرين ، كفعل أي مشرك حقد على آدم حقداً شديداً .
لذلك تمنى على الله أن يؤخر أجله إلى يوم القيامة ، حتى ينتقم من آدم وذريته من بعده ، فعلة أنه طلب من الله عز وجل أي يؤخر أجله إلى يوم القيامة كي ينتقم من آدم ، ومن ذريته جميعاً .
2 – المؤمنُ لا يحقد :
وهذا الموضوع يوقفنا عند نقطة : أن المؤمن موحد يرى أن الله عز وجل هو الفعال ، لذلك لا يحقد على بني البشر ، ذلك أن الله عز وجل يقول :
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾
( سورة لقمان )
الصبر يحتاج إلى إيمان ، وإلى إرادة ، لكن آية أخرى تلفت النظر :
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾
( سورة الشورى )
فائدة جليلة :
اللام لام التوكيل ، وهناك لام المزحلقة ، وهما توكيدان ، فما الفرق بين الآيتين ؟ سأوضح لكم بمثل :
لو أن أباً عنده ابن يحبه حباً جماً ، وقع من الشرفة فنزل ميتاً ، ليس هناك في بني البشر من يحقد عليه ، هذا قضاء وقدر من الله مباشرة ، أما حينما ـ لا سمح الله ولا قدر ـ يدهس سائق ابنه فهناك إنسان يمكن أن يصب جام غضبه عليه ، يمكن أن يحقد عليه ، لذلك جاء الصبر .
إذا كان قضاء الله وقدره على يد إنسان يحتاج إلى صبر أشد ، وإلى إيمان أشد ، وإلى إرادة اشد ، لذلك قال :
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ ﴾
يعني على قضاء الله وقدره ،
﴿ وَغَفَرَ ﴾
لمن أجري القضاء على يديه ،
﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
فإبليس حينما كان عند الله من الصاغرين ، وكان كما تروي بعض الكتب متفوقاً قبل أن يؤمر بالسجود ، فحينما طرده الله من رحمته حقد على آدم ، لذلك قال :
﴿ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾
( سورة الحجر )
والله عز وجل قال له :
﴿ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾
( سورة الأعراف )
3 – الغاية من طلب إبليس التأخير شفاءُ الغليل من ذرية آدم :
هو طلب الإمهال ليشفي غليله من بني آدم ، لأن آدم حينما توهم إبليس جاء له بالصغار والذلة .
لذلك دققوا الآن ، الفاسد يتمنى أن يكون جميع الناس فاسدين ، والمنحرف يتمنى أن يكون جميع الناس منحرفين ، والضال يتمنى أن يكون جميع الناس ضالين .
فلذلك قد ينتقل الإنسان من حالة الضلال إلى الإضلال ، من حالة الفساد إلى حالة الإفساد ، من حالة الانحراف إلى الدعوة إلى الانحراف ، من حالة التكذيب إلى الدعوة إلى التكذيب ، هذا شأن المنحرف ، المنحرف الذي خرج عن منهج الله ، وعصى الله اختل توازنه النفسي ، وضعه غير طبيعي ، وضعه النفسي غير سوي ، مريض ، المرض الأكبر أن توازنه اختل ، وأيّ إنسان يعصي الواحد الديان يختل توازنه ، لأن فطرة الإنسان مطبقة انطباقاً تاماً على منهج الرحمن ، الفطرة كالمنهج ، فالمجرد أن تعصي الله خرجت عن منهج الله ، أو خرجت عن فطرتك ، اختل التوازن ، وحينما يختل توازن الإنسان يحاول أن يستعيده ، فكيف يستعيده ؟ دعك من إبليس ، الله عز وجل قال :
﴿ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾
( سورة الأنعام الآية : 112 )
هناك شيطان من الإنس ، فلما ينحرف الإنسان ، يقصر ، يترك الصلاة ، يكذب ، يحلف يميناً كاذباً ، يأكل مالاً حراماً ، يقبل دخلاً مشبوهاً ، يقصر في واجباته ، يقصر في عباداته ، يبني مجده على أنقاض الآخرين ، يبني حياته على موتهم ، يبني غناه على فقرهم يبني أمنه على خوفهم ، يبني عزه على ذلهم ، اختل توازنه ، كيف يستعيد هذا التوازن ؟
كيف يستعيد الإنسانُ توازنه بعد اختلاله بالانحراف ؟
هناك طريق واحدة سليمة وصحيحة ورائعة وبطولية ، أن يتوب إلى الله ، يستعيد توازنه فوراً ، أن يصطلح مع الله ، أن يقبل على الله ، أن يفتح مع الله صفحة جديدة ، هذا الطريق السليم ، الرجعة الرائعة ، لكن الذي خرج عن منهج الله ، وضل ضلالاً مبيناً ، وقصر في واجباته ، وأساء لخلقه ، وبنى مجده على أنقاض الآخرين ، هذا إنسان اختل توازنه ، وقد يحاول أن يستعيد هذا التوازن بمعاصٍ جديدة ، ماذا يفعل ؟ يطعن بالصالحين .
كل إنسان عاصٍ لا يصدق إنساناً نظيفاً ، يقول لك : له أهداف ، أنت تعرف الظاهر ، لأنه لما يتهم الناس جميعاً يرتاح ، يقول لك : قضية عامة ، لذلك العقل الباطل للإنسان حينما يرى إنساناً صالحاً ، منضبطاً ، سعيداً لا يصدقه ، له دخل آخر لا نعرف ، الله أعلم ، رأساً يتهمه ، بلا دليل ، بلا شيء مؤشر ، فالطعن بالصالحين من صفات الذين اختل توازنهم ، حتى الأنبياء المعصومون قيل لهم : تريد أن تتفضل علينا ، تريد أن تكون عالياً في الأرض تريد أن تستغلنا ، حتى الأنبياء ما نجو من اتهام المنحرفين .
لذلك تروي بعض القصص للعبرة فقط : أن سيدنا موسى قال في المناجاة : يا رب ، لا تبقِ لي عدواً ، قال : يا موسى هذه ليست لي ، هناك أعداء لله عز وجل .
فأنت اطمئن ، حينما تستقيم على أمر الله ، حينما تسعد بالله ، حينما تفتح مع الله صفحة جديدة ، حينما يكون باطنك كظاهرك ، وعلانيتك كسريرتك ، وخلوتك كجلوتك ، وحينما تقول : أنا أسعد الناس فهناك من يشكك فيما تقول ، هناك في من يطعن ، هناك في من يقلل أهميتك ، هذا شيء طبيعي ، حتى قيل : لا بد للمؤمن من كافر يقاتله ، ومنافق يبغضه ، ومؤمن يحسده ، ونفس ترديه ، وشيطان يغويه .
إذاً : الطريق غير الصحيح لاستعادة التوازن الطعن بالصالحين ، لذلك في أي جلسة ، المتكلمون ، المقصرون ، الذين لا يعبدون الله يَدعون كل الشرائح ، وكل الأطياف ، ويركزون على الدعاة إلى الله ، بلا سبب ، وبلا ذنب ، وبلا دليل ، لكنهم إذا طعنوا فيهم يرتاحون .
مرة سألت طالبا : أين وظيفتك ؟ فقال لي : لسنا كاتبين لها يا أستاذ ، قلت له : أنت كم طالبا ؟ .
أحياناً تكون امرأة مصابة بالإيدز فتغوي 37 شابا ، كي يتوسع هذا المرض .
المنحرف يريد أن يكون الناس جميعاً منحرفين ، والمقصر يتمنى أن يكون الناس جميعاً مقصرين ، والذي يغش المسلمين يقول : الكل يغش ، ولا أستثني أحداً ، لكن حكمة الله جل جلاله يجعل الله في كل مكان ، في كل دائرة ، في كل مؤسسة ، في كل مستشفى ، في كل معمل ، في كل جامعة ، في كل مدرسة ، في كل سلك إنسان مستقيم ، هذا المستقيم هو حجة على غير المستقيم .
والله خلال تجربة مديدة ما رأيت مكاناً ، ولا مؤسسة ، ولا عملاً ، ولا دائرة إلا وفيها إنسان مستقيم يعد شاهداً وحجة على غير المسلم .
إذاً : إما أن تستعيد هذا التوازن بالتوبة إلى الله ، والصلح معه ، وإما أن تستعيد هذا التوازن بأن تطعن بالصالحين ، وإما أن تستعيد هذا التوازن بإفساد الصالحين ، وأن تجر الناس إلى معصية الله ، تجرهم إلى الفساد ، تزين لهم الدنيا ، تزين لهم المعاصي والآثام ، أو أن تتعلق بعقيدة زائغة ، أن النبي الكريم يشفع لنا ، إذاً : افعلوا ما تشاءون ، يتعلق الإنسان بعقيدة زائغة غير صحيحة ، الشفاعة حق ، لكن لمن مات موحداً ، لا لمن ارتكب كل المعاصي والآثام .
(( يا فاطمة بنت محمد ، يا عباس عمر رسول الله ، أنقذا نفسيكما من النار أنا لا أغني عنكما من الله شيئا ، لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم ، من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه ))
[ ورد في الأثر]
﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾
( سورة الزمر )
أيها الإخوة الكرام ، إذاً : حينما يعصي الإنسان يختل توازنه ، فيبحث عن استعادة هذا التوازن إما أن يتوب إلى الله ، وهذا أسلم طريق ، أو أن يطعن بالصالحين ، أو أن يتعلق بعقيدة زائغة ، أو أن يفسد الصالحين .
ذهب إنسان إلى بيت الله الحرام ، وتاب هناك ، وكان يشرب الخمر قبل الحج ، له أصدقاء ، عاد من الحج تائباً ، يقول لي : مرة قال له صديق غني : كم كلفتك هذه الحجة ؟ قال له : مثلاً قصة قديمة كلفتني خمسين ألفا ، قال له : خذ هذه الخمسين واشرب الخمر ، ثم حج ثانية وتب ، لماذا ؟ الفاسد يحب أن يفسد ، العاصي يحب أن يدعو الناس إلى المعصية .
إذاً : إما أن تفسد ، وإما أن تطعن بالصالحين ، وإما أن تتعلق بعقيدة زائغة ، وإما أن تتوب إلى الله ، أما كل إنسان يعصي الله يختل توازنه .
مِن سننِ الله في خَلقه : الموت :
لكن إبليس حينما قال :
﴿ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
نسي أن لله في خلقه سننا ومن أبرز هذه السنن :
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾
( سورة آل عمران الآية : 185 ـ الأنبياء : 35 )
إذاً طلبه الذي طلبه ، وتمنياته الذي حلم بها ، أن يبقى إلى يوم القيامة لم تحقق لكن الله عز وجل في سورة الحجر قال له :
﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾
يعني هذا الوقت لا تعلمه أنت ، نعلمه نحن ، وهناك حكمة بالغةٌ بالغة من أنّ أجلَ الإنسان لا يعرفه ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :
(( أكثروا ذكر هادم اللذات ، مفرق الأحباب ، مشتت الجماعات ))
[ورواه الديلمي عن أنس ]
(( عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ))
[ أخرجه الشيرازي والحاكم و البيهقي عن سهل بن سعد ]
(( من عد غدا من أجله فقد أساء صحبة الموت ))
[ أخرجه البيهقي ، عن أنس ]
الذي يقول مثلاً : أنا غداً أفعل كذا ، إذاً أنت أيها الإنسان لا تعرف ما الموت يأتي بغتة .
حدثني إنسان والله عن عشرين سنة قادمة ، خططه ، وسفره ، وعودته ، وإحالته على المعاش ، وإنشاء محل تجاري ، وقد كبر أبناءه ، ونوع البضاعة ، ولماذا اختار هذه البضاعة ، ثم رأيت نعيه في اليوم نفسه .
لذلك قال له :
﴿ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَ ﴾
وفي سورة أخرى :
﴿ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾
عندنا ، لا عندك إبليس .
أيها الإخوة ، كلكم يعلم أن هناك نفختين ، لذلك قال تعالى :
﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾
( سورة الزمر )
حينما يبعث الناس الذين هم في القبور ، لذلك قال الله عز وجل :
﴿ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾
قال :
﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾
( سورة الأعراف )
الإنسان مخيَّرٌ :
أيها الإخوة ، الإغواء الإغراء بالمعصية ، لمن نسب إبليس معصيته ؟ إلى الله هؤلاء الجبريون الذين يتوهمون أن الله أجبرهم على المعصية ، ولو أن الله أجبر عباده على المعصية لبطل الثواب ، وبطل العقاب ، وانتهى الوعد والوعيد .
يا أمير المؤمنين ، أكان مسيرنا إلى الشام بقضاء من الله وقدر ؟ قال : << ويحك ، لو كان قضاءاً لازماً وقدراً حاتماً إذاً لبطل الوعد والوعيد ، ولانتفى الثواب والعقاب ، إن الله أمر عباده تخييراً ، ونهاهم تحذيراً ، وكلف يسيراً ، ولم يكلف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً >> .
﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾
( سورة الكهف الآية : 29 )
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾
( سورة الإنسان )
﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾
( سورة البقرة الآية : 148 )
القرآن ينطق بأن الإنسان مخير ، بل :
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾
( سورة الأنعام )
هذه الآية أصل في أن الإنسان مخير ، ولا يقول إنسان : إنه مقهور على معصية الله إلا مشرك :
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾
ودائماً المنحرف والمقصر والعاصي يميل إلى أن يعزو خطأه ومعصيته إلى الله ، يقول : الله ما هداني ، الله كتب علي الشقاء ، ما بيدي ، من قال الأمر ليس بيدك ؟ النبي عليه الصلاة والسلام يبين أن الإنسان مخير ، والقرآن الكريم يبين ذلك .
لذلك سيدنا عمر جيء له بشارب خمر ، فقال : أقيموا عليه الحد ، قال : والله يا أمير المؤمنين إن الله قدر علي ذلك ، فقال : أقيموا عليه الحد مرتين ، مرة لأنه شرب الخمر ، ومرة لأنه افترى على الله ، قال : ويحك يا هذا ، إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار .
إبليس قال :
﴿ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي ﴾
وكل كلمة تسمعها أن الله أضل فلاناً يجب أن تقف عندها ، يعني إذا في بالقرآن آيات ـ دققوا ـ إذا في بالقرآن آيات يُعزى فيها الإضلال إلى الله :
﴿ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾
( سورة فاطر الآية : 8 ـ النحل : 93 )
الإضلال الجزائي والإضلال الحكمي والإضلال عن الشركاء :
يجب أن تقف عندها وقفة متأنية :
1 – الإضلال الجزائي :
إذا عُزي الإضلال إلى الله ـ دققوا ـ فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري ، يؤكد هذا المعنى قوله تعالى :
﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾
( سورة الصف الآية : 5 )
يؤكد هذا المعنى هذا المثل :
طالب في الجامعة لم يداوم ، ولم يقتنِ الكتب ، ولم يقدم الامتحان ، جاءه إنذار وثان ، وثالث ، ورابع ، وخامس ، لم يستجب ، صدر قرار بترقين قيده من الجامعة ، هل هذا القرار قهر له ؟ لا ، إنه تجسيد لرغبته .
إذا عُزي الإضلال إلى الله فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري.
2 – الإضلال الحكمي :
وقد يُعزى الإضلال إلى الله ، ونقصد به الإضلال الحكمي .
إنسان رفض الدين كلياً ، إذاً رفض معه كل توجيهات الخالق ، رفض معه كل أسباب سلامته ، كل أسباب سعادته ، كل أسباب رزقه ، كل أسباب نجاحه ، كل أسباب توفيقه .
﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾
( سورة الإسراء الآية : 9 )
أنت حينما ترفض منهج الله معنى ذلك أنك رفضت كل ما عند الله ، هذا اسمه الإضلال الحكمي .
إنسان في طريقه إلى حمص ، وليس هناك لوحة بيانية للطريق ، وهناك طريقان ، ما عرف أين طريق حمص ، رأى رجلا واقفا قال له : بالله عليك من أين حمص ؟ قال له : من هذا الطريق ، قال له : بارك الله بك ، لما قبِل هذه النصيحة قال له : بعد فترة في تحويلة انتبه لها ، وجسر ضيق ... حكى له عشرة تفصيلات دقيقة جداً ، لما قبلت هذا التوجيه استفدت من مئات التوصيات ، والنصائح ، والتعليمات .
لو سأل هذا الإنسانَ رجلٌ آخر : من أين حمص ؟ قال له : من هنا ، قال له : أنت كذاب ، هل يقدر هذا الإنسان أن يذكر له التفصيلات ، هذا المسافر ضل ، ما الذي جعله يضل ؟ أنه رفض مشورة هذا الإنسان ونصيحته .
حينما يرفض الإنسان الدين يخسر كل توجيهات الخالق ، يخسر كل تعليمات الصانع ، يخسر كل أسباب سلامته ، يخسر كل أسباب سعادته إذا رفض الدين ، هذا الإضلال إذا عُزي إلى الله يعني الإضلال الحكمي ، الأول الإضلال الجزائي .
3 – الإضلال عن الشركاء :
لكن هناك إضلال ثالث ، شيء رائع جداً ، الله عز وجل لأنه يحب عباده يضلهم عن شركائه ، واحد اعتمد على ماله ، من اعتمد على ماله قلّ ، اعتمد على ماله وقال : الدراهم مراهم ، والله وضعه بمأزق ، المال لا يفعل شيئاً ، أعطاه درسا في التوحيد ، أبعده عن الشرك ، أضله عن أن يتوهم أن المال تحل به كل المشكلات ، هذا الإضلال عن الشركاء .
إنسان اعتمد على عقله ، قال : من اعتمد على عقله ضل ، نسي المنهج ، نسي الوحي ، نسي الكتاب ، نسي السنة ، جمع طرح ، قال لك : الاختلاط ضرورة ، يهذب المشاعر ، إذا كان في المدرسة بنات وذكور تجد الذكور يتنعمون كثير ، مثلاً ، يحسنون صورتهم أمام الفتيات ، خرج بفكرة خلاف القرآن والسنة ، اعتمد على عقله فضل ، الأول اعتمد على ماله قل .
فهذا إضلال عن الشركاء ، فالصحابة الكرام هم قمم البشر ، كانوا في حنين اثني عشر ألفا ،
(( ولا يُغلَبُ اثنا عشَرَ ألفاً مِنْ قِلة ))
[ أخرجه البيهقي من رواية الربيع بن أنس ]
ومع ذلك لما قالوا في حنين :
﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾
( سورة التوبة )
إذاً : حينما ترى آية في القرآن تعزى فيها الضلالة إلى الله فهي من نوع الإضلال الجزائي ، أو الإضلال الحكمي ، أن من معنى الإضلال عن الشركاء ، لذلك قالوا : في القرآن آيات محكمة هن أم الكتاب ، وآيات متشابهة ، الآيات المتشابهات مهما كثرت تحمل على الآيات المحكمات مهما قلت .
مثلاً : أنا أقول : القمح مادة خطيرة في حياتنا ، خطيرة ؟ يعني قنبلة هو متفجرات ؟ وقد يكون مادة أساسية ، لكن كلمة
( خطيرة )
تحتمل أنه مادة متفجرة أو مادة أساسية ، بعد حين قلت : القمح مادة أساسية ، ما معنى خطيرة إذاً ؟ أساسية .
فالآيات المتشابهات مهما كثرت تحمل على الآيات المحكمات مهما قلَّت ، فأية آية فيها إضلال :
﴿ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾
معنى ذلك أنه إضلال جزائي ، أو إضلال حكمي .
فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ
قال :
﴿ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ ﴾
1 – بين الوقوف والقعود والاضطجاع :
الإنسان يقف ، وإذا كان واقفا حمل كل وزنه ، لأن الوقوف متعب ، أما إذا جلس فيحمل نصف وزنه ، ما دام ظهره قائما ، أما إذا اضطجع ارتاح من حمل وزنه ، الجاذبية تجذبه ، وهو مضطجع جميعاً ، وهذه أكثر الحالات راحة ، حالة أن يكون مضطجعاً ، وأصعب حالة أن يكون واقفاً ، أما حالة القعود فحالة وسط .
عندنا في الآلات استعداد ، أحيانا الآلة واقفة ، لكنها في حالة استعداد ، أو مغلقة تعمل ، فالوقوف يعمل الإنسان ، الاضطجاع مغلق ، أما القعود فهو استعداد ، لأن الوقوف من القعود سهل جداً ، أما الوقوف من الاضطجاع فصعب .
لذلك الشيطان إبليس اللعين قال له :
﴿ لَأَقْعُدَنَّ ﴾
قال الله :
﴿ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ﴾
( سورة التوبة الآية : 5 )
لا تناموا ، إذا كان عدوك نملة فلا تنام له ، لا تنام له ، أي كن يقظاً ، هذا الشيطان قال :
﴿ لَأَقْعُدَنَّ ﴾
أنا مستعد ، أنا قاعد ، و في أية لحظة أكون واقفاً .
﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ ﴾
لذرية آدم .
﴿ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾
لما يختار إنسان الضلال يكون الشيطان بعيدا عنه ، لأنه حقق هدف الشيطان .
يروى من باب الطرفة أن رجلاً سأل الشيطان : ماذا أفعل ؟ عنده مشكلة ، قال له : افعل كذا ، قال له : فعلته ، افعل كذا قال : فعلته ، عرض عليه عشر حالات ، كلها فعلها ، قال له : لم يعد عندي ، بعد هذا قال له : ماذا تريد أن تفعل ؟ قال له : كذا وكذا ، قال له : اتقِ الله يا رجل .
الشيطان جاهز بكل الطرق والتلبيسات :
﴿ لَأَقْعُدَنَّ ﴾
الشيطان جاهز ، أولاً : يغريك بالكفر ، فإن لم يستطع أغراك بالشرك ، إن وجدك على توحيد أغراك بالكبائر ، إن وجدك على طاعة أغراك بالصغائر ، إن وجدك على ورع أغراك بالشبهات ، إن وجدك على يقين الآن يغريك بالتحرش بين المؤمنين ، فإن لم يستطع فآخر ورقة رابحة يغريك بالمباحات .
﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾
أما المنحرف ، العاصي ، الفاجر ، شارب الخمر ، المجرم ، الشيطان لا يحتاجه ، لأنه يحقق كل أهدافه من دون جهد ، يقول لك الفاسق : أنا مرتاح ، يقول لك المؤمن : بعدما تبت إلى الله عندي وساوس صعبة ، شيء طبيعي جداً .
﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾

الشيطان قاعد على الطريق المستقيم إلى الرحمن ، أما طريق الغواية ما في شياطين .
مرة سألني رجل أن هؤلاء الأجانب ما عندهم صحون ، الصحون فيها مضمون إباحي ، هم إباحيون ، حياتهم اليومية مضمون الصحون .
﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾
﴿ ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾
( سورة الأعراف )
الجهات التي يأتي منها الشيطان :
1 ـ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ
﴿ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾
الآخرة ، الشيطان هدفه الأول أن يشكك بالآخرة ، التشكيك بالآخرة ، أو أن تأتي بمفهوم للشفاعة ساذج ، هذا اليوم يوم الدين يوم عصيب .
﴿ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾
( سورة المدثر )
الشيطان عنده أقوال ، يقول لك : من هنا إلى يوم الله يفرجها الله ، عنده أساليب كثيرة كي يشكك من هذا اليوم الخطير
﴿ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾
أو إذا كانت أنماط الحياة المعاصرة فيها اختلاط ، فيها فجور ، فيها غناء ، فيها مسلسلات ، فيها أفلام إباحية ، فيها نوادٍ ليلية هذه الحياة حياة راقية ، هذا مجتمع مخملي ، راق ، هو مجتمع الجنفيص وليس المخملي ، يزين لك الحياة الدنيا الفسق ، والفجور ، وأماكن اللهو ، السياحة ، السفر ، الانغماس في الملذات ، يقول لك روح رياضية ، والآن هناك كلمة مشهورة ( الأمر عادي) تجلس مع صديق زوجها على انفراد في البيت ،( عادي ) ، عادي ، يعني أنه حلال ؟! ما معنى كلمة عادي ؟ ما لها معنى ، ترتكب جميع المعاصي والوضع عادي ، طبيعي ، تظهر كل مفاتنها والطبيعي عادي ، كله عادي .
لذلك الشيطان يقول :
﴿ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾
بين أيديهم الآخرة ، يظن :
﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا ﴾
( سورة المؤمنين الآية : 37 )
والجنة هي في الدنيا ، الغني في جنة ، والفقير في جهنم ، أو الأشياء المستحدثة التي فيها فسق وفجور يرحب بها كثيراً ، مهرجانات الأعمال الفنية الساقطة يهتم بها كثيراً ، كل المعاصي والآثام المعاصرة يحفل بها ويعتني بها ، ويبين أنها حضارة ورقي ، ورقص الباليه شيء راق جداً مثلاً ، أو الفنون الجميلة حيث الصور عارية تماماً ، فن جميل ، يا أخي ، إن الله جميل يحب الجمال ، فكل شيء بين أيدي الحياة المعاصرة لو صادم الشريعة والحقيقة يحفل به .
﴿ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾
2 – وَمِنْ خَلْفِهِمْ
خلفه ذرية ، يرتكب المعاصي من أجل ذريته .
يا أهلي يا ولدي ، لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال مما حل وحرم ، فأنفقته في حله وفي غير حله ، فالهناء لكم والتبعة علي .
أندم الناس غني دخل ورثته بماله الجنة ، ودخل هو بماله النار ، ترك لهم مالاً يرثونه حلالاً ، هم أنفقوه في طاعة الله ، فدخل ورثته بمال أبيهم الجنة ، ودخل الأب بماله الغير مشروع النار .
لذلك مرة قرأت أربعة أدعية مؤثرة جداً :
اللهم إني أعوذ بك أي يكون أحد أسعد بما علمتني مني .
أنت تشرح حديثا شرحا دقيقا مع الأدلة ، مع التحليلات العميقة ، مع اللغة الناصعة ، لكنك لست مطبقاً له ، فيأتي إنسان بسيط أخذ المعنى ، وطبقه ، وسعد به ، اللهم إني أعوذ بك أي يكون أحد أسعد بما علمتني مني .
اللهم إني أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك .
يوم الجمعة ثياب بيضاء بالصيف ، أو بالشتاء ألوان مرتبة تمام ، ومعطر بالمسك ، هذا عطر العود غال ، وذاهب إلى الجامع ، لكن أين كان الخميس في الليل ؟ لا نعرف ، اللهم إني أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك .
اللهم إني أعوذ بك أن أقول قولاً فيه رضاك ألتمس به أحد سواك .
كلمة حق قيلت بالباطل ، كلمة حق أريد بها باطل .
وآخر دعاء :
اللهم إني أعوذ بك أن أكون عبرة لأحد من خلقك .
أي أكون قصة .
للتقريب : يمكن أن يكون في مسرحية ، خشبة مسرح ، فيها مقاعد للمشاهدين ، فالإنسان إذا كان له مقعد مع المشاهدين يرى ما على المسرح ، أما إن لم يكن مستقيماً سيجر إلى خشبة المسرح ، وسيعاقب أشد العقاب ، ثم يكون قصة للمشاهدين قال الله تعالى :
﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾
( سورة المؤمنون الآية : 44 )
إذاً :
﴿ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ﴾
﴿ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾
الآخرة والمستجدات التي تتصادم مع الدين .
﴿ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾
الأولاد من أجل أولاده يكسب المال الحرام يطعمهم الطعام الحرام ، أو ما قبل الإسلام ، نعتني كثيراً بالفراعنة ، بالذين جاءوا قبل الإسلام بكثير نراهم هم التاريخ .
3 – وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ
﴿ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ ﴾
يأتيك من باب الطاعات ، فيقول لك : الصلاة غير صحيحة ، إذاً لا تصلي ، يقول لك : هذه ليست صلاة ، الصلاة بكاء ولا تبكي ، لا تصلي ، أنت لست مطبقا لكلام الشيخ ، فلا تذهب ، ناصحك ، كمثل مريض ، قال له : أنت مريض ، لا تستحي أن تذهب إلى الطبيب ، أنا أذهب إليه كي أشفى ، دائماً يمنعك عن مجلس علم ، ويقول لك : يأخذون اسمك ، مثلاً ، يمنعك عن مجلس علم ، يمنعك عن طاعة ، عن أداء عبادة ، عن عمل صالح عن دفع صدقة ، يخوفك دائماً ، هذه :
﴿ َعَنْ أَيْمَانِهِمْ ﴾
أو يدخلك بالوسواس ، الوضوء ما صح ، توضأ مرة ثانية ، مرة ثالثة ، مرة رابعة ، تشعر ببلل خفيف فالوضوء ما صح ، يدخلك بالوساوس المتسلطة ، هذه :
﴿ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ ﴾
4 – وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ
﴿ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ﴾
المعاصي والآثام ، وأكبر شيء من صفات المنحرفين :
وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ
دائماً يتبرم ، دائماً يشكو ، دائماً يسخط ، كل شيء لا يعجبه ، يكون عنده بيت ، وعنده مركبة ، وعنده زوجة ، وعنده أولاد ، وله دخل ، السخط ، والتأفف والنقد من صفات التائهين عن الله عز وجل .
كان عليه الصلاة والسلام تعظم عنده النعمة مهما دقت ،
﴿ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾
أيها الإخوة ، النبي عليه الصلاة والسلام كانت تعظم عنده النعمة مهما دقت .
الآن الله عز وجل يقول :
﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾
( سورة إبراهيم الآية : 34 )
قال رجل لإنسان : خذ هذه الليرة وعدّها ، لا تُعَد ، المعنى أن النعمة الواحدة لو أمضيت كل حياتك في سبيل إحصاء بركاتها لا تستطيع ، ودائماً الإنسان عاجز عن شكر النعمة ، فلأن يكون عاجزاً عن شكرها من باب أولى .
بربك لو أنجبت مولوداً مباركاً ، وجاءتك مئة هدية ، إحصاء هذه الهدايا يتم في ربع ساعة ، أمّا تأدية ما يقابلها فتحتاج إلى وقت ، وإلى مال ، ونفقات كبيرة .
نحن عاجزون عن إحصاء النعمة الواحدة ، فلأن نكون عاجزين عن شكر النعم كلها من باب أولى .
﴿ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾
ثم إن الله سبحانه وتعالى يقول :
﴿ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾
( سورة الأعراف )
والتي بعدها :
﴿ وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾
( سورة الأعراف )
والحمد لله رب العالمين






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2016-09-01, 14:56 رقم المشاركة : 15
elqorachi zouaouia
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية elqorachi zouaouia

 

إحصائية العضو







elqorachi zouaouia غير متواجد حالياً


مسابقة السيرة 4

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام المرتبة الثالثة

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المشارك في المطبخ

وسام المشارك

افتراضي رد: سورة الاعراف


8240
التفسير المطول - سورة الأعراف 007 - الدرس(09-60): تفسير الآيات 18- 23
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-02-09


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس التاسع من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الثامنة عشرة ، وهي قوله تعالى :
﴿ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾
( سورة الأعراف )
وقبلها :
﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾
( سورة الأعراف )
خطة الشيطان :
1 – إن ربك لبالمرصاد :

أيها الإخوة ، بلغ الغرور للشيطان أنه رسم خطة ، وظن أن هذه الخطة ستنجح ، وهذا يذكرنا بقوله :
﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا ﴾
( سورة الأنفال الآية : 59 )
مجرد أن تتوهم أنك تستطيع أن تفعل ما تشاء فأنت لا تملك من الإيمان شيئاً
أي أن الذين كفروا حسبوا أن يفعلوا شيئاً ما أراده الله ، أو أن يتفلتوا من عقاب الله .
أيها الإخوة ، لمجرد أن تتوهم أنك تستطيع أن تفعل ما تشاء فأنت لا تملك من الإيمان شيئاً ، إبليس توهم أنه سيرسم خطة ينتقم بها من آدم الذي أبى أن يسجد له ، وصار من الصاغرين ، وينبغي أن ينتقم منه ومن ذريته إلى يوم القيامة ، فلذلك قال الله له :
﴿ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ﴾
ماذا تذكرنا كلمة :
﴿ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا ﴾
المؤمن محمود عند الله ، وعند الخلق ، وعند نفسه ، وغير المؤمن مذموم عند الله ، وعند الخلق ، وعند نفسه .
2 – إياكم وانهيار الإنسان الداخلي :

من يبني مجده على أنقاض الآخرين تنهار نفسه ويحتقر ذاته
وقد لا ننتبه من انهيار الإنسان من داخله ، لأن فطرة الإنسان متطابقة مع الشرع تاماً تطابقا ، فإذا بنى مجده على أنقاض الآخرين يختل توازنه ، وتنهار نفسه ، ويحتقر ذاته ، وقد يكون عند الناس ، لكن الأعمال السيئة تدرك بالفطرة ، والفطرة تعذب صاحبها ، فهؤلاء الذين اصطلحوا مع فطرهم ، واصطلحوا مع ربهم ، بمعنويات عالية جداً ، لأنهم انتصروا مع أنفسهم ، لكن هؤلاء الذين بنوا مجدهم على أنقاض الآخرين ، وبنوا حياتهم على موتهم ، وأمنهم على خوفهم ، هؤلاء سقطوا من الداخل ، هذا اسمه انهيار داخلي ، أو اختلال توازن داخلي ، أو احتقار الذات ، قد يكون عند الناس عظيماً مبجلاً محترماً ، لكنه في الحقيقة يحتقر ذاته .
قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا
أيها الإخوة ،
﴿ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ﴾
الاحترام والسمعة الطيبة من صفات المسلم :

يقابل هذا المعنى أن النبي عليه الصلاة والسلام من أسمائه محمود ، أي محمود عند الله ، ومحمود عند الناس ، ومحمود بين أهله ، ومحمود عند نفسه الاحترام والسمعة الطيبة من صفات المسلم
احترام المرء لذاته لا يقدر بثمن ، أن تكون مستقيماً وصادقاً ووفياً ، ومنصفاً ، وعزيز النفس ، ولو كنت في المرتبة الدنيا من المجتمع ، ولو كنت مستخدماً ، الذي يطيع الله عز وجل يشعر بعزة .
يروى أن سيدنا الحسن مشى مشية فيها زهو ، فقيل له : يا ابن رسول الله ، ما هذا ؟ قال : هذا عز الطاعة .
المؤمن عزيز ، فإبليس لأنه كاد لآدم ولبنيه من بعده ، وقرر أن يغويهم أجمعين انتقاماً من آدم الذي لا علاقة له بصغاره ، هو أبى أن يسجد ، فكان عند الله من الصاغرين ، أراد أن ينتقم من آدم ومن ذريته أجمعين فقال :
﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾
والآية شرحت في اللقاء السابق .
تمهيد للآية :
1 – بين العقل والذكاء :

أن تكون ذكيا شيء وأن تكون عاقلا تدرك سر وجودك شيء آخر
أيها الإخوة ، هذا يقودنا إلى موضوع دقيق ، هو أن الإنسان عنده ذكاء ، وعنده عقل ، والعقل شيء ، وقد يظن الناس أنهما شيء واحد ، لأنه قيل : ما كل ذكي بعاقل ، فقد تملك دماغ بمستوى عالٍ جداً ، وهذا المستوى يقاس الآن في علم النفس بعلامات ، معظم الناس يحتلون درجة مئة ، والعباقرة 140 ، والأغبياء في الثمانين ، بالحد الوسط مئة ، هناك عباقرة ، هناك قادة ، هناك نجوم ، هناك متفوقون ، هؤلاء ذكاؤهم بأعلى مستوى ، لكن ما كل ذكي بعاقل ، قد تتقن عملاً ، قد تبرع في كشف شيء ، قد تخترع شيئاً ، قد تملك ذاكرة قوية جداً ، قد تملك ملاحظة قوية جداً ، قد تملك قوة محاكمة كبيرة جداً ، لكن لأنك لم تعرف ربك ، ولم تعرف سر وجودك ، ولم تعرف غاية وجودك ، ولم تستقم على أمر ربك ، ولم تتقرب إليه ، ولم تضع الآخرة نصب عينيك ، ولم تعمل للجنة ، فأنت لست عاقلاً ، الإنسان يكون عاقلاً إذا عرف سر وجوده ، وغاية وجوده ، يكون عاقلاً إذا عرف ربه .
2 – ذكاءٌ إبليسيٌّ :

من اخترع سلاحا فتاكا لتدمير البشر فله ذكاء ابليسي وليس بعاقل
فإبليس في أكثر الكتب تشهد له بالذكاء ، بمعنى أنه بارع جداً في إضلال البشر ، هذا الذي يخترع سلاحا فتاكا ، وليكن سلاحا جرثوميا ، أو سلاحا كيماويا ، وآثار السلاح مخيفة ، لا شك أنه ذكي جداً ، لكنه ليس عاقلاً ، لأنه كان أداة لهدم المجتمعات ، وإنزال المصائب ببني البشر ، هذه كلمة دقيقة : ما كل ذكي بعاقل ، العاقل من عرف الله .
ولما مشى النبي عليه الصلاة والسلام ، ورأى مع أصحابه مجنوناً ، وسأل من هذا ؟ طبعاً سألهم سؤال العارف ، قالوا : مجنون ، قال : لا ، هذا مبتلى ، المجنون من عصى الله .

3 – إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا

أيها الإخوة ،
﴿ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ﴾
ثم قال لنا في سورة أخرى :
﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً﴾
( سورة النساء )
إن كيد الشيطان كان ضعيفا
صحيح هو الشيطان يتمنى إغواء بني آدم ، لكن الله طمئننا .
﴿ ِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾
( سورة الإسراء الآية : 65 )
اطمئنوا .
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ﴾
( سورة إبراهيم الآية : 22 )
الشيطان ليس له علينا سلطان ، والشيطان ليس له على عباد الله سلطان ، والشيطان يحترق بكلمة واحدة ،
( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )
﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا ﴾
( سورة الأعراف )
تملك أن تقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فينتهي دور الشيطان ، لذلك قال الله تعالى :
﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾
كائن قوي ، ومعك سلاح فتاك ، ولا يملك مثل هذا السلاح ، عن بُعد شديد تصوب نحوه فتقتله ، انتهى الأمر ، هكذا الشيطان .
أيها الإخوة ، لكن حينما قال :
﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾
( سورة يوسف الآية : 28 )
4 – إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ

الشيطان كيده ضعيف ، والمرأة كيدها عظيم ، لأنك بحاجة إليها ، ولأن جزء من كيانك متعلق بها ، لذلك تعرف كيف تُضعف من تعلق بها ، ولا يكون المؤمن مؤمناً إلا إذا كان حراً من كل الشهوات ، لا أقول : أن لا يقبل عليها بالحلال ، لا ، ليس هذا هو المعنى ، لكن : المرأة كيدها عظيم لأنك بحاجة إليها
(( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ ))
[ أخرجه البخاري عن أبي هريرة ]
تعس عبد الفرج ، وبالمقابل سعد عبد الله ، عبد الله حر ، يتزوج ، ويُكرم بزوجة ، تسره إن نظر إليها ، وتطيعه إن أمرها ، وتحفظه إن عاب عنها ، ولكن ليس عبداً لها .
صحابية ضغطت على زوجها من أجل حاجة دنيوية ، فقال زوجها الصحابي الجليل : << اعلمِ أيتها المرأة أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداها على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر ، فلأن أضحي بك من أجلهن أهون من أن أضحي بهم من أجلك >> .
فلذلك :
﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾
وبالمقابل :
﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾
وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ
ثم يقول الله عز وجل :
﴿ وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾
( سورة الأعراف )
1 – ما هي الجنة المقصودة في هذه الآية ؟

أية جنة هذه ؟ هناك من يظن أنها جنة الآخرة ، جنة الآخرة من خصائصها أن من دخلها لا يخرج منها ، والدليل :
﴿ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾
( سورة الحجر )
وجنة الآخرة تأتي بعد التكليف ، لا قبل التكليف ، وكلمة جنة يعني مكان محجوب عن الآخرين ، منها المِجنّ .
﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ﴾
( سورة الأنعام الآية : 76 )
ما كان آدم في الجنة إلا ليتلقى درساً بليغاً هو وذريته أن الشيطان عدو
والمجن هو الترس ، والجنة لا يطلع من كان خارجها على ما فيها ، فأي مكان جميل محاط بأسوار هو جنة ، على كلٍ أكثر المفسرين على أن الجنة التي كان فيها آدم عليه السلام هي جنة في الأرض ، والذي يتوهم أن البلاء كله من حواء التي أغرته بأكل التفاحة من الشجرة فاستحق هو وزوجته أن يخرجا هذا كلام مضحك ، لأن الله عز وجل يقول :
﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾
( سورة البقرة الآية : 30 )
أنت أيها الإنسان مخلوق في الأرض ، وما كان آدم في الجنة إلا ليتلقى درساً بليغاً له ولذريته من بعده ، الدرس البليغ :
﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً﴾
( سورة فاطر الآية : 6 )
درس بليغ ، قد يكون في الأرض كذب ، لأن الشيطان قاسمهما :
﴿ وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾
( سورة الأعراف )
كان كاذباً بهذا القسم ، فدرس كبير أن الشيطان عدو للإنسان ، ودرس آخر أن هناك شيء اسمه الكذب ، وكذب الشيطان عليهم .
2 – الأرض موطن الامتحان :

على كلٍ أيها الإخوة ، أريد أن أبين أن الله سبحانه وتعالى جاء بآدم إلى الأرض ليمتحن فيها ، ومعه أوامر ونواهٍ ، افعل ولا تفعل الأرض موطن الامتحان
مهمة الشيطان أن يوسوس لك ، وأن يغريك بالذي أمرت أن تفعله ألا تفعله ، ومهمة الشيطان أن يوسوس لك ، وأن يغريك بالذي نهيت على فعله أن تفعله ، هذه بشكل دقيق وموجز مهمة الشيطان أن يبعدك عن طاعة الله وأن يقربك من معصية الله ، أن يغريك بالدنيا ، وأن يزهدك بالآخرة ، أن تسير بعكس منهج الله ، أن تتفلت من منظومة القيم التي أرادها الله لك ، وقد يقول بعضهم ما معنى قوله :
﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾
( سورة ق )
قال بعض المفسرين : إن الجنة تتسع لبني البشر جميعاً لو أنهم جميعاً آمنوا ، وأن النار تتسع لبني البشر جميعاً لو أنهم كفروا .
أحيانا يدعو إنسان مئة شخص ، ويهيئ مكانا لتسعين ، متوقعاً أن البعض لا يأتي ، لو أنهم جاءوا جميعاً ، وفاجئوه لم يكن مستعدا .
لكن الله سبحانه وتعالى يطمئننا أن الجنة تتسع لكل الخلق ، لو أنهم عرفوه ، وأن النار تستوعب كل الخلق لو كفروا .
أمرٌ ونهي لآدم وحواء :
1 – الأمر : فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا
أيها الإخوة ، الذي يلفت النظر ، قال تعالى : * فَكُلَا مِنْ * ـ من الجنة ـ * حَيْثُ شِئْتُمَا * ، يعني يا آدم ويا حواء كلا من الجنة
﴿ حَيْثُ شِئْتُمَا ﴾
هناك مئة نوع ، ألف نوع ، عشرة آلاف نوع ، مليون نوع ،
﴿ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا ﴾
2 – النهي : وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ

نسبة الحلال إلى الحرام أضعاف الأضعاف
أما المحرم :
﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ﴾
ونسبة الحلال إلى الحرام ملايين الأضعاف ، أو نسبة الحرام إلى الحلال واحد بالمليون ، كم نوعا من الشراب المباح في حياتنا ؟ والله أكثر من مئة نوع تقريباً ، وهناك أكثر مئة نوع من الشراب محرم الخمر ، كم نوعًا من اللحم أبيح لنا ؟ والله مئات الأنواع ، المحرم لحم الخنزير ، ودائماً نسبة الحلال إلى الحرام أضعاف ، مئات الأضعاف ، ألوف الأضعاف ، بل ملايين الأضعاف ، الحرام في الأرض هو امتحان من الله .

وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ
الآن :
﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ ﴾
1 – هامش الأمان :

قد يُظن أنه أمِرا أن يأكلا من حيث شاءا ، ولا يأكلا من هذه الشجرة ، الآية ليست كذلك :
﴿ وَلَا تَقْرَبَا ﴾
أيْ يجب أن تدع بينك وبين المعصية هامش أمان ،
﴿ وَلَا تَقْرَبَا ﴾
﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾
( سورة الإسراء الآية : 32 )
يجب أن تدع بينك وبين المعصية هامش أمان
في الدنيا ، الزنا محرم ، لكن مقدماته محرمة أيضاً ، أن تتنزه في طرقات فيها غاديات ورائحات ، كما أن الزنا محرم أسبابه محرمة ، إطلاق البصر محرم ، التنزه في الطرقات ، فيها ملاحظة شديدة ، الحديث عن النساء ، صحبة الأراذل ، إطلاق البصر ، عدم التفريق بين الأولاد في المضاجع ، الاختلاط ، أن تقرأ قصة ماجنة ، أن تشاهد عملاً إباحياً ، كل المقدمات التي تقود إلى الزنا محرمة ، لأنه ما لا يكون الحرام إلا به فهو حرام ، ما يتوصل به إلى معصية فهو معصية ، من هنا جاءت الآية دقيقة :
﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى ﴾
فالله عز وجل نهى آدم عن أن يقترب من الشجرة .
تماماً لو كتب وزير الكهرباء على بُعدٍ كافٍ من تيار التوتر العالي لوحة : " ممنوع الاقتراب " ، والتيار له مسافة معينة إذا دخل فيها الإنسان جذبه ، وأصبح فحمة ، فالإعلان الحكيم لا يكون : ممنوع مس التيار ، الإعلان الحكيم : " ممنوع الاقتراب من التيار " .
2 – الشريف من يفرّ من أسباب المعصية :

﴿ وَلَا تَقْرَبَا ﴾
الشريف من يفرّ من أسباب المعصية
لذلك من هو الشريف ؟ لا الذي يهرب من الخطيئة ، لكنه الذي يهرب من أسباب الخطيئة ، كجلسة لا تليق أن يكون فيها ، أو مكان لا يجوز أن يكون فيه نزهة ليست منضبطة ، حفل ليس منضبطاً ، لقاء مختلط ليس منضبطاً ، لا الحديث منضبط ، ولا الثياب منضبطة ، تجارة فيها شبهات كثيرة ، فإذا شاركت تاجراً لا يقدم عنده الأمر ولا يؤخر لا ينبغي أن تكون معه .
﴿ وَلَا تَقْرَبَا ﴾
أعطاك الاحتياط ، لذلك قال تعالى :
﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ﴾
( سورة البقرة الآية : 187 )
يجب أن تبقي بينك وبين كل معصية هامش أمان ، كأن المعصية نهر عميق وله شاطئان ، شاطئ زلق مائل ، وشاطئ مستوٍ جاف ، فالمشي على الشاطئ المستوي الجاف فيه أمان واطمئنان ، بينما المشي على الشاطئ المائل الزلق هناك احتمال كبير جداً أن يسقط الإنسان في النهر .
لذلك :
﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ ﴾
﴿ وَلَا تَقْرَبَا ﴾
إذاً : المؤمن يهرب من أسباب الخطيئة ، المؤمن يدع بينه وبين الخطيئة هامش أمان .
3 – وجوب الابتعاد عن الشبهات :

المؤمن يبتعد عن الشبهات .
(( الحَلالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ ))
[ متفق عليه عن النعمان بن بشير]
إياك أن تجلس مع أناس عقائدهم زائفة
فمن ترك الشبهات فقد حصن نفسه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام .
أيها الإخوة ،
﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ ﴾
أيضاً قال تعالى :
﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ ﴾
( سورة الحج الآية : 30 )
الشبهات عقدية والشهوات سلوكية

حتى في العقائد تجلس مع أناس عقائدهم زائغة ، ولا تستطيع أن تقنعهم ، ولا تملك الحجج القوية على ذلك ، فزينوا لك الباطل ، والانحراف ، والتفلت ، وإنكار الوجود الإلهي أن إن لم تكن قوياً تستطيع أن تدحض افتراءاتهم ينبغي أن تبتعد عنهم ، والمقياس في ذلك لعبة شد الحبل ، إن جلست معهم ومعك من القوة النفسية ، والحجة العقلية ، والأدلة الشرعية ما تشدهم إليك اجلس معهم لا مانع ، أما إذا كنت أضعف ممن تقنعهم بل أقنعوك ، إذا كنت أضعف ممن أن تجرهم إليك فجروك إليهم ، إذا كنت أضعف من أن تأتيهم بالأدلة فجاءوك بأدلة مضادة ، إذاً ولا تقربهم .
المؤمن يحتاج إلى حمية ، فقد يخاف على عقيدته من الشبهات ، وقد يخاف على سلوكه من الشهوات ، الشهوات لها مشكلة ، والشبهات لها مشكلة ، الشبهات عقدية والشهوات سلوكية .
﴿ وَلَا تَقْرَبَا ﴾
نحن أمام درس بليغ يتلقاه سيدنا آدم من ربه ، أولاً الحلال لا يعد ولا يحصى ، والحرام محدود .
ثانياً : العقائد أخطر شيء في حياة الإنسان ، فإن لم تكن متمكناً بأدلة عقلية ونصّيّة ، وإن لم تملك قوة نفسية فابتعد إلى أن تقوى .
فلذلك كما قلت قبل قليل : لعبة شد الحبل ميزان في أن تلتقي مع الآخرين ، وأن لا تلتقي ، إن شددتهم إليك فالتقي معهم ، وإن شدوك إليهم ابتعد عنهم .
ليست هذه الجنة بجنة الآخرة :

أيها الإخوة ،
﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴾
يعني الجنة التي في الأرض ، لكن كان لهما طبيعة خاصة ، وقد يكون الإنسان له جسم وله نفس ، فإن كانت نفسه غلافاً لجسمه تستمتع بكل شيء من دون عبء .
إن كانت النفس غلافاً للجسم فإنك تستمتع بكل شيء من دون عبء
للتقريب : إذا نظرت إلى تفاحة وصلتك لذتها ، أنت في الدنيا تأكل تفاحة ، تشتريها ، تغسلها ، تقشرها ، تقطعها ، تأكلها ، تعضها أولاً ، تمضغها قبل أن تبلع اللقمة يضغط اللسان على اللقمة إلى سقف الحلق ، هناك أعصاب الذوق تشعر بطعمها ، لكنها دخلت إلى جوفك أصبحت عبئًا عليك .
أحيانا يأكل الإنسان أكثر من حاجته ، وهناك طعام غير جيد ، لكن هذا تحليل ظني .
لكن في الجنة كيف أن شعلة الشمعة محيطة بالفتيل ، في الجنة النفس محيطة بالجسد ، يمكن أن تأكل مليون تفاحة ، وأن تأكل في مليون وليمة دون أن تحس بالتخمة ، لأن النفس خارجية ، والنفس اتصلت اتصالا مباشرا مع هذه الأشياء الطيبة ، فاستمتعت بها دون أن يكون هناك جهاز هضم ، وفضلات ، وخروج ، وبول ، كل هذه المتاعب ليست في الجنة .
فالشيطان جاء دوره ، وعندنا دليل آخر ، إذا كانت هذه جنة الآخرة فكيف يكون الشيطان فيها ؟ أيضاً مستحيل ، جنة الآخرة تأتي بعد التكليف ، جنة الآخرة من دخلها لا يخرج منها ، أو لا يُخرج منا ، جنة الآخرة ليس فيها مكان للشياطين .
﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾
( سورة الأعراف )
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ
1 – معنى الوسوسة :

الوسوسة يعني الهمس سراً مغريا بالمعصية
أيها الإخوة ، وسوس أي همس سراً ، مزيناً أو مغوياً ، الواحد لو فرضنا اقترب من شخص قريباً جداً ، وشده إليه ، وأمسكه من ذقنه ، وأدار أذنه إلى فمه ، وقال له : اجتهد ، هذا كلام مضحك ، الاجتهاد لا يحتاج إلى همس ، قل هذه الكلمة بصوت مرتفع ، لماذا الهمس ؟ للمعصية ، لاختلاس الأموال ، لتلقي الأموال الباطلة ، بالإشارات درج مفتوح فقط ، الشيء الحرام لا يتم علانية ، يتم سراً ، هذا معنى وسوس ، والوسوسة فعل ثانئي مضعف ،( وس وسَ )( زل زلَ )( قل قلَ )( عس عسَ )
وسوس يعني ألقى في أذنه همساً مغرياً إياه بالمعصية الوسوسة لا تكون إلا بالشر .
2 – بين إلهام الملَك ووسوسة الشيطان :

لذلك كمصطلح الملَك يُلهم ، والشيطان يوسوس ، والحقيقة أنك مخير ، وأحياناً تأخذ وضعاً سكونياً ، يقال لك : تحرك ، إما أن تستجيب للملَك فتأتي إلى المسجد ، وإما أن تستجيب إلى الشيطان فتذهب إلى الملهى ، تحرك فقط ، ليس هناك إسلام سكوني ، وكأن إلهام الملك ووسوسة الشيطان من أجل أن تتحرك .
أنت مخير بين إلهام الملَك ووسوسة الشيطان
الطالب في الامتحان لا يكتب ، يقول له المراقب : انتهينا ، إما أن تكتب أو اخرج ، وضع صعب جداً ، أصعب وضع أنه لا يكتب ولا يخرج ، لا حرب ، ولا سلم ، هذا من أصعب الأوضاع .
﴿ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا﴾
( سورة طه )
فالشيطان وسوس ، همس مغرياً إياه بالمعصية ، والوسوسة بالشر ، إذاً أمُّنا حواء لم تكن السبب إخراجنا من الجنة لئلا تتهم ظلماً ، البشر في الأرض كلهم يتهمون أمنا حواء بأنها السبب ، الآية :
﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ﴾
هي ضحية أيضاً
﴿ فَوَسْوَسَ ﴾
لا وسوست له :
﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ﴾
هذه الآية واضحة ، فأمّنا حواء بريئة من هذه التهمة .
﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا ﴾
3 – تبعات الوقوع في المعصية :

﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ﴾
( كان آدم وحواء يستمتعان بالجنة من دون أعباء إلى أن أكلا من الشجرة
أن يدخلا التفاحة إلى جوفهما ، إذا دخلت صارت في المريء ، وفي المعدة ، حيث الهضم ، والمرارة ، والبنكرياس ، والأمعاء الدقيقة ، والأمعاء الغليظة ، والفضلات ، والخروج ، والروائح ، والحمامات ، هنا اختلف الوضع ، كان آدم وزوجته حواء يستمتعان بالجنة من دون أعباء ، من دون متاعب إطلاقاً ، فلما أكلا من هذه الشجرة انعكست خصائص فأصبحت النفس في الداخل ، والجسم في الخارج .



الإنسان بين طبيعة الحياة الأرضية وطبيعة الحياة الأخروية :
مثلاً : الإنسان في الجنة ، لو فرضنا الأرض كلها جنة ، ابنه في أمريكا ، خطر في باله ابنه ، فاطلع فرآه أين هو جالس ، أما لما تكون النفس داخل الجسم يحتاج أن يأخذ الفيزا ، وقد تستغرق شهرا أو شهرين ، ويركب طائرة عشرين ساعة ، وهناك وقفة في المطارات ، أصبح جسمه هو الأصل ، في الجنة النفس هي الأصل ، قال :
﴿ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ﴾
( سورة الصافات )
﴿ فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾
( سورة الصافات )
في الجنة النفس هي الأصل

نظرة ، بالجنة أنت كلك أعين ، كلك آذان ، كلك مشاعر ، كلك أحاسيس ، أنت بالجنة تأكل ما تشاء ، وبأكبر كمية تشاء ، دون أن يكون الأكل عبئاً عليك .
﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ ﴾
لما وسوس لهما ، وأقنعهما بأكل التفاحة دخلت التفاحة إلى الجوف ، والنفس أصبحت في الداخل ، والجسم بالخارج ، وصار الطعام عبئًا ، وصار يحتاج إلى سعي ، أنت في الجنة لا تجوع فيها :
﴿ وَلَا تَضْحَى﴾
( سورة طه )
في الدنيا جوع ، ويريد الإنسان أن يأكل ، إذاً : ينبغي أن يعمل ، ينبغي أن يخرج من البيت الساعة الخامسة صباحاً ، هناك عمل ، هناك جهد ، هناك مؤسسات ، هناك شركات ، هناك دوام ، هناك تأخر ، هناك عقاب ، هناك عمل ثماني ساعات ، من أجل أن تأكل ، وأن تسكن في بيت ، وأن تتزوج ، أما نظام الجنة فنظام آخر ، نظام :
﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا ﴾
( سورة ق الآية : 35 )
﴿ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا ﴾
( سورة الإنسان الآية : 14 )
في الدنيا أنت بحاجة للعمل والجهد لتحصل على ما تريد
نظام الجنة كل شيء بين يديك ، بل أغرب من ذلك على الخاطر ، كل شيء خطر في بالك تجده أمامك .
﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا ﴾
أما في الدنيا :

﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ﴾
( سورة الانشقاق )
لا تستطيع أن تدخل بيت ، مفتاحه معك ، وهناك زوجة في البيت ، وعندك ولدان إلا بعد أربعين سنة من العمل ، والدراسة ، والتأسيس ، واشتريت بيتًا خمسين مترا ، شماليا ، لأن الحياة معقدة ، لذلك في الدنيا الكدح ، والجهد ، والمجاهد ، والتكليف .
لما أكل سيدنا آدم من التفاحة انعكست المقاييس ، كان الإنسان كما سيكون في الجنة ، كان الإنسان في جنة الأرض كما سيكون في جنة الآخرة ، فلما أكل التفاحة هو مخلوق للدنيا ، لا خطأ أبداً ، لكن الدرس أن الله علّم الإنسان أن الشيطان عدو له .
لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا
أيها الإخوة ، ليس في الجنة عورات ، لأنه لا خلاف لمنهج الله ، وفي الدنيا عورات ، العورة فتحة ، المشكلة لا في الفتحة بل بما يخرج من الفتحة ، هذه عورة أساسها نظام الدنيا الذي يختلف عن نظام الآخرة .
ذكاء الشيطان في الوسوسة :

إن الشيطان حينما يغوي بني آدم يغويه بذكاء فيوسوس له
دائماً هناك نقطة دقيقة ؛ أن الشيطان حينما يغوي بني آدم يغويه بذكاء ، فالشيطان وسوس لهما
﴿ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ ﴾
إن أردت أن تكون ملَكاً ، وأن تكون خالداً في هذه الجنة فكُلْ من هذه الشجرة ، وليس هناك تجربة سابقة لآدم بالكذب ، آدم ما صدق أن مخلوقاً من مخلوقات الله يقسم كذباً ، أول يمين كذب في تاريخ البشر يمين إبليس

وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ
﴿ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾
( سورة الأعراف )
وقاسمهما إني لكما لمن الصالحين

أقسم لهما أنكما إذا أردتما أن تخلدا في الجنة فكلا من هذه الشجرة .
﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ ﴾
أحياناً يقول لك : أخوك ناصحك ، افعل هذه المعصية ، استمتع بالحياة ، الدنيا مؤقتة .
فإن كنت لا تسطيع دفع منيتي فدعني أبادرها بما ملكت يدي
***
ناصحك بقوله :
﴿ إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ ﴾
﴿ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾
( سورة الأعراف )
فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ
1 – معنى : دلاّهُما :

فدلاهما بغرور أي أنزلهما بالمعصية
يعني دليت الشيء ؛ أنزلته ، دلاّهما ؛ أي أسقطهما في المعصية ، واسأل كل إنسان تورط في معصية ، تأتيه موجة كآبة بعد المعصية لا يحتملها ، لأن الإنسان حينما يعصي الله يحس بكآبة ، بجفاء ، ببعد .
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾
( سورة طه )
﴿ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ﴾
إذاً : دلاّهما أنزلهما بالمعصية .

2 – بغرور :
بغرور يعني مرة تلوى المرة ، إلى أن استجاب هذا الإنسان ، وكل المعاصي والآثام تبدأ بالوسوسة ، والإلحاح ، والتزيين ، والإغراء ، والتحميس .
فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا
﴿ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا ﴾
كما قلت : لقد اختلف الوضع ، كانا بنظام فأصبحا بنظام آخر ، كانا بنظام يشبه نظام الجنة ، فلما أكلا من هذه الشجرة انعكست هذه الآية فأصبحا بنظام يشبه نظام الدنيا .
1 – ما هي السوءة ؟
﴿ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا ﴾
والسوءة سميت سوءة لأن منظرها يسيء لصاحبها ، لو أن الإنسان كُشفت سوأته يتألم أشد الألم ، لذلك من بعض أنواع العقاب الذي لا يحتمل أن يجرد الإنسان من ثيابه ، كما فعل من جاءوا إلى العراق من أجل الديمقراطية ، في سجن( أبو غريب ) من أشد أنواع العقوبات أن يُعرى الإنسان من ثيابه .
2 ـ الأصل في المؤمن السترُ وفي الكافر التعرّي :

الأصل في المؤمن السترُ
لذلك دائماً أهل الإيمان يدعون لمزيد من الستر ، وأهل الكفران يدعون إلى التعري ، التعري يرافق الفسقة والفجار ، والتستر يرافق المؤمنين الأطهار .
لما
﴿ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا ﴾
أصبحا مضطرين أن يخصفا ، أن يأخذا شيئاً ، أن يقطعان شيئاً ليسترا بهما شيئاً لا يليق أن يظهر .
﴿ وَطَفِقَا ﴾
بدآ
﴿ يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ﴾
وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ
وجاء النداء الإلهي :
﴿ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾
الدرس الخالد والقاعدة المطّردة : إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ
الدرس الخالد للبشرية أنت بين وسوسة الشيطان وإلهام الملك

هذا هو الدرس الخالد للبشرية إلى يوم القيامة ، أنت بين وسوسة الشيطان ، وإلهام الملك ، الملَك يقول لك : لما أُمرت أن تفعله افعل ، ولما نُهيت ألا تفعله لا تفعل ، ويقول لك الشيطان : لما أُمرت أن تفعله لا تفعل ، لا تصلي ، لا تحضر الدرس ، إنه كلام مُعاد ، اجلس ، اجلس ، تابع المسلسل الفلاني ، لما أُمرت أن تفعله يقول لك : لا تفعل ، ولما نُهيت أن تفعله يقول لك : افعل ، هذه مهمة الشيطان .
فالله عز وجل عاتبهما وقال :
﴿ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾
﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾
( سورة الأعراف )
والحمد لله رب العالمين






التوقيع

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 15:37 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd