2012-11-20, 21:10
|
رقم المشاركة : 12 |
إحصائية
العضو | | | قصبة كناوة أو قصبة سيدي موسى، معلمة عسكرية إسماعيلية بمدينة سلا | قصبة كناوة أو قصبة سيدي موسى، معلمة عسكرية إسماعيلية بمدينة سلا كثيرة هي المنشآت التي شيدها السلطان مولاي إسماعيل (1672 – 1727)، على امتداد مرحلة حكمه التي فاقت ستين سنة، فبالإضافة إلى إنشاء أول جيش محترف في تاريخ المغرب، أطلق عليه جيش البخاري، زود هذا السلطان البلاد بسلسلة دفاعية متماسكة امتدت عبر نقاط إستراتيجية مهمة من التراب المغربي، من أجل ضبط الأمن والاستقرار، في مرحلة حساسة من تاريخ المغرب، والمتمثلة في خروج البلاد من أزمة خطيرة نتيجة ضعف الدولة السعدية و سقوطها، وظهور تيارات وكيانات سياسية متصارعة، إضافة إلى تربص الدول الأجنبية بالسواحل المغربية وبالمنطقة الشرقية، وقد كان وصول الشرفاء العلويين إلى سدة الحكم، دور بارز في إعادة توحيد البلاد وجمع كلمة المغاربة، وتسخير كل الطاقات والإمكانيات المادية والبشرية، لبناء المغرب الحديث آنذاك. وقد بدل هؤلاء السلاطين جهودا حثيثة لنبد كل ما من شأنه إعادة البلاد إلى مرحلة عدم الاستقرار، فكانت عروشهم على صهوات جيادهم، يتنقلون بين السهول والجبال والهضاب والصحاري، من أجل فرض الأمن والاستقرار واسترجاع ما تم احتلاله من ثغور والدفاع عن بلاد ذات الحضارة الضاربة في أعماق التاريخ، والتي يشهد لها غنى موروثها الحضاري المكتوب والمنقول. وضمن سلسلة معالم وآثار، نخصص هذا العدد من مجلة القوات المسلحة الملكية، لأحد الاستحكامات التي بناها السلطان مولاي إسماعيل، والتي لعبت أدوارا متعددة في المجال العسكري، وهي قصبة سيدي موسى المعروفة بقصبة كناوة. يعد السلطان مولاي إسماعيل موحد المغرب، من أكبر البناة التي عرفهم تاريخ المغرب, حيث يتحدث المؤرخون على أنه شيد وجدد أكثر من ستة وسبعين قصبة وقلعة، على امتداد التراب المغربي، وتمكن بواسطة هذه المنشآت من توحيد المغرب، وضمان أمنه واستقراره . موقع القصبة تقع قصبة كناوة المعروفة بقصبة سيدي موسى، أو قصبة الحريشي كما ورد في تاريخ الضعيف الرباطي، شمال مدينة بمدينة سلا، مقابل المحيط الأطلسي، بجوار الولي الصالح سيدي موسى الدكالي، التي تبتعد عنه بما يقرب من 400 متر، وقد سميت بقصبة كناوة لأن السلطان مولاي إسماعيل عندما أمر بتشييدها عام 1121 هـ الموافق 1709م، وأتم بناءها وضع فيها جنودا من جيش عبيد البخاري رفقة أسرهم، من أجل مراقبة الساحل والأطلسي وحماية مدينة سلا والتحكم في مجرى وادي أبي رقراق والقضاء على كل التحركات التي كانت تقودها بعض القبائل. وفي هذا السياق نورد النص التالي لعبد الرحمان بن زيدان يقول فيه : "وقصبة سيدي موسى خارج باب شعفة بتقديم العين المهملة على الفاء أحد أبواب سلا وذلك عام واحد وعشرين ومائة وألف، وقفت على ظهير أصدره المترجم في شأنها يدل على شدة اهتمامه بها كامل تشوفه لإكمالها ودونك لفظه بعد الحمدلة والصلاة والطابع المنيف خديمنا الأرضى السيد الحاج محمد بن إبراهيم معنينو أعانك الله وسلام عليك ورحمة الله وبعد فاعلم أن خديمنا كاتبه أنهى إلينا جميع ما كتبت به من وقوفكم على ساق الجد في ذلك الأمر المبارك الذي وجهناك له من بناء تلك القصبة المباركة وأخبرنا بما يسر الله عليك فيه من وجود حجر البناء ميسرا مهيئا وسرنا ذلك سرورا كبيرا وانشرحنا به انشراحا كثيرا ودعونا لك بكل خير الله فالله ييسر عليكم ويعينكم بمنه آمين وأنتم شدوا أرواحكم ثم شدوا أرواحكم في ذلك المبارك وما زلتم إن شاء الله تحمدون عاقبة تلك القصبة وتعرفون فائدتها وولله إلا جاءني بعض الناس وقال لي يا سيدي نصرك الله على أي شيء تخرج الوصفان للقصبة فأهل سلا يعطونك حومة العلو وحومة أخرى لسكنى وصفانك وهي أحسن لهم وأولى فأعطيته بلعة مليحة عقوبة له على كلامه فيكم وسترته عنكم وأنتم الحزم والحزم والله يزيد عليكم بمنه آمين والسلام وكتب في سادس شعبان المبارك عام إحدى وعشرين ومائة وألف، قلت تبعد هذه القصبة عن سلا بنحو ثلاثة كيلومتر وتعرف لدا العامة بقصبة جناوة وقد كان الخراب قد استولى عليها وكاد يصحبها في خبر كان لولا أن الله هيأ لصيانتها وتدارك البقية الباقية منها بالترميم والإصلاح وكنس أكداس الأزبال التي استعمرتها أعواما الشاب المهذب الأخلاقي البشوش في الأعمال كرسى هنري قنصل فرنسا ورئيس مصلحة عموم التجارة والصنائع بالمملكة المغربية فقد اعتنى بصيانتها اعتناء زائدا وصيرها بعد البلا روضا أريضا " (المنزع اللطيف في مفاخر المولى إسماعيل بن الشريف ص. 334- 335). وقد ذكر الضعيف في تاريخه، أن مدينة الرباط قد نزل بها ثلج عظيم، حيث : "نزل برباط الفتح ثلج عظيم حتى كادت السقف [الأسقف] تسقط. وفي موضع صهريج ماء اعتيق [عين اعتيق] إلى بير أكدال إلى حسان إلى المدينة وفي المحروسة سلا إلى قصبة الحريشي [قصبة كناوة] إلى مطانة" الضعيف الرباطي، تاريخ الضعيف، ص, 230)، وقد تعددت مرافق هذه القصبة التي تبلغ مساحتها 1225 متر مربع بطول يبلغ 140 م، حيث تظم حماما وسكنى الجنود وأفراد أسرهم، ومسجدا بوسطها، وقد حبس عليه أملاك أولاد بوقاع، وقد أثبت ذلك بظهير شريف جاء فيه : "حبسناها على مسجد قصبتنا السعيدة التي أحدثناها بجوار الولي الصالح سيدي موسى الدكالي المسماة الحريشة، يصرف ما يتحصل من مستفاد الأملاك المذكورة [أملاك أبي قاع] وغلتها في مصالح المسجد المذكور... حبسا مؤبدا، ووقفا مخلدا، والله حسيب من بدل أو غير، وولي الانتقام منه وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والسلام، وفي أوائل ربيع النبوي الأنور عام أربعة وعشرين ومائة وألف" (محمد بن علي الدكالي، الإتحاف الوجيز، تاريخ العدوتين"، ص. 62، الهامش 79). وحسب هذا المؤرخ، فإن قصبة كناوة هذه ظلت تضم هؤلاء الجنود وأسرهم لمدة ثلاثين سنة، إلى حدود مبايعة مولاي المستضيء بن إسماعيل عام 1151 هـ / 1738م، حيث ستتعرض للتخريب من قبل عبد الحق فنيش، ولم يبقى منها إلا سورها ومسجدها، بالمقابل تم بناء برجين داخل مدينة سلا واحد بباب سبتة والآخر جدد به برج سيدي بنعاشر، المعروف ببرج القائد، خوفا من العقاب الذي قد يطاله من مولاي المستضيء، جراء هدم أجزاء من قصبة كناوة الإسماعيلية. ونظرا للموقع الإستراتيجي الذي تقع فيه هذه القصبة، والذي يشكل صمام أمان للمنطقة بكاملها سواء من جهة البحر أو البر خاصة ضفتي وادي أبي رقراق، فإنها عرفت هذه تجديدا على عهد السلطان مولاي عبد الرحمان بن هشام، الذي أمر عامله على مدينة سلا أبو عمر فنيش، وأعطى تعليماته بتزويدها بالمدافع وتحصينها، لكن لم يم ذلك نظرا للظروف غير المواتية، والمتمثلة في إلقاء القبض على عامل مدينة سلا أبو عمرو فنيش. تمتد هذه القصبة على شكل مربع، تتخللها أبراج متوسطة العلو، فضلا عن باب عادي، لا تتخلله أي أشكال أو نقوش، وهذا يدل على طابعها العسكري المحض، بحيث تقول بعض الروايات أن هذه القصبة شكلت تجمعا للجنود المغاربة، الذي شاركوا في الحرب العالمية الأولى، إذ انطلقوا منها نحو بور ليوطي (مدينة القنيطرة حاليا) نحو وهران ومنها إلى ميناء مدينة بوردو الفرنسية. بيبليوغرافيا محمد بن علي الدكالي، الإتحاف الوجيز، تاريخ العدوتين، منشورات الخزانة العلمية الصبيحية، سلا، 1986. عبد الرحمان بن زيدان، المنزع اللطيف في مفاخر المولى إسماعيل بن الشريف، مطبعة إديال، 1991، الدار البيضاء. محمد بن عبد السلام بن أحمد بن محمد الرباطي، الملقب بالضعيف، تاريخ الضعيف الرباطي، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1988. Barrucand, M., « Remarques sur l’architecture militaires alaouite auMaroc », in Revue des Etudes islamiques, 2, 1980. Marçais, G., L’architecturemusulmane d’Occident, Paris, Arts et Métiers Graphiques, 1954, p. 407.Morsy, M., La relation de Thomas Pellow. Une lecture du Maroc au XVIIe siècle, Paris, Éd. Recherche sur les civilisations, 1983. | التوقيع | محمد الزاكي ( tagnaouite) | آخر تعديل tagnaouite يوم 2012-11-28 في 22:27. |
| |