2015-06-07, 08:10
|
رقم المشاركة : 5 |
إحصائية
العضو | | | رد: قصة : البدويّة .!!! من تأليفي . | ج 2 قصة البدوية .* وذات يوم حدّثني بأريحيّةٍ ، على غير عادته حينَ يُباشرتدريبي ، فقد كان فرحاً مَسروراً ، وقد ربتَ على كتفي وقال : ـ الآن يُمكنكَ أن تعتمد على نفسك وأن تعتمد عليك أُسرتك .. اليوم نفسي قد اطمأنّتْ بأنّك رجلاً كبيراً لا تقلّ شُموخاً عن الرجال .. !! ولا يزال يربتَ على كتفي ، ويهزّرأسه : ـ نعم ، يُمكنك الآن بكل فخر أن تتقدّم للحصول على رخصةالقيادة بكل أمان ..! ثمّ ابتسم مُستبشراً: ـ اليومَ ، لا خوف عليك ..؟ وفي اليوم التالي، تقدمت للحصول على رخصة في قيادةالسيارات ، وكانتْ المُفاجئة قويّة ، فقد كان معي لم يتركني ولا لحظة ، يرقبني بعينه ، ولم يقتربْ منّي ، وشعرتُ بخذلان ، فلم تُساعدني خطواتي للتقدّم للسلام عليه ، او حتى رفع صوتي ، وأناديه بـ عمي ( ..) فقد كنتُ لحظتئذٍ ، استحضر كلماته وهيَ تشدّ من أزري وابتسامتهتزيد من ثقتي ، وعبارته ماثلة أمامي وحاضرة في ذِهْني ، اقرأها ، أُردّدها ، وأناأنظر في وجه الباسم: ـ اليومَ لا خوف عليك ..! لم أكن اعلم أنّ الرجل الذي دَرّبني ، هو الرجل الذي سوف يقوم بفحص مهارتي في السياقة .. وظننتُ ذلك من حُسن المُصادفة ، ولم أعرف عنه من قبْل أن يجدّ في مهارتي ويشملني بعطفه وإنسانيته ، وبقوته وصلابته ، ان هذا الرجل يعمل في "الفحْص" مركز فحص المركبات وقيادة السيارة ، وع وجه الخصوص رخصة قيادة السيارات ، هكذا قرأت العبارة الكبيرة على واجهة المبنى الذي يضج بالسيارات ويكتضّ بالناس من مختلف الأعمار والجنسيات ، ذكوراً وإناثاً .. لا زُلتُ واقفاً في نفس الطابور الذي سوف يقوم هو بفحصهم او الذين يُشرف على إجازتهم رخصة القيادة ، وحين اقتربت منه وسلمت عليه ، ابتسم ، واستوقفني بقوله : ـ يا مرحبا السّااع .. هيَ مفاجئة أليس كذلك .؟! ـ بلى ، وربّك إنها من أعظم المُفاجئات ..!! لم يدعني اكمل الحديث معه ، أشار إلى رجل آخر ، كي أُسلّمه ، فاستغربتُ فاغراً فاهي : ـ ارقبُ ماذا يأمرني الرجل الآخر ، وتساءلتُ في نفسي ، لماذا أنا ؟! دون غيري من الناس يأمرهم بالتوجه إلى الرجل الآخر .؟ بيدٍ أنه يعلم بقين تام ، أني أقود السيارة بامتهان كبير .؟! أسترق النظر خِلسة ، خائفاً وجِلاً ، مُندهشاً ، مُستغرباً، ولم يزل التساؤل قائماً ، لماذا أمرني بأن أدفع بأوراقي إلى شخص آخر وهو الذي درّبني وعلّمني .؟! ولماذا يُريدني أن أتقدم للفحص وهو الذي أشرف على قيادتي للسيارة ، عن ثقة وجدارة ..؟! وهو الذي باركني قبل نفسي .؟! تردّدتُ في كثير من الأسئلة المُدهشة ولا جواب لها عندي ، غير أن هجْساً واحداً بدا مُتقارب إلى حدّ ما ، فربما، لم اخبره يوم أمس او لم أسلّم عليه قبل وقوفي ف الطابور ..؟! وقد ظنّ أنها حركة مُتعمّدة مني ، أو إجحافاً في حقّه فلم يستقبلني ذلك الاستقبال الذي يليق بي ، كما احتفى بي في نهار يوم أمس الأربعاء ، أم أن الخميس ، هو يوم مخموسٌ بصباحات مَنْحوسة ، وضَللتُ أترقّب ، ساكتُ لا أتحرك وكتمتُ نفسي بقدر ما تمكنتُ من حبْسه ، صامتاً ، لكأني غير موجود في هذا الطابور ، وخلفي جمْع كبير من الناس جاؤوا من كل حَدب وصَوب ، من مناطق بعيدة وقريبة ، طلباً في الفَحص الدوري للمركبات أو تجديدها أو طلباً للحصول على " الليسن" رخصة السياقة بمختلف تصنيفاتها ، الخفيفة والثقيلة والخاصة أو تجديدهها، ففي بلدتنا ، لا يُوجد مكان آخر للفحص ، غير هذا المكان ، هو المكان الوحيد لا غيره للحصول على الرخص ، حتى استخراج أرقام السيارات في نفس المكان ، جميعنا في مكان واحد ، حدثني احدهم ، مُتبادلاً معي سُخريّته من الوضع الحالي : ـ انه قبل عام ، كانت هذه الدائرة الوحيدة المسئولة عن رخص وفحص السيارات في بلدتنا ، تمنحهم رخصة قيادة لمدة عام ، ثم تمنحهم الرخصة الدائمة ل 5 سنوات أخرى ، في مختلف الرخص . قال رجل يربو ع الخمسين من عُمره مؤكداً : ـ قبل عام ـ تحديداً ـ يفحصون كل أحد يتقدّم لتجديد رخصة سياقته ، من جديد ، كأنهم لأول مرة جاؤوا يطلبون الحصول على رخصة سياقه ، كنتُ أفكّر جيئةً وذهاباً ، شارد اللّب ، ذاهل الحسّ ، تجيئني الخواطر ، أتحسس أخطاءاتي ، أوجدها ، أُبررّها ، وأخرى تذهب بغير رجعة ، أغوص في شُرودٍ باهتٍ كأني أُلْقيَ بي في بحرٍ لُجّي ، يتلاطم عُبابه في فكري ، أتوجس خِيْفةً من نهنهة البعض ، من تنحباتهم ومن حشرجات أصواتهم ، وتصطخب الأفكار كأمواج البحر منها كبير ومنها الضعيف ومنها ما ينكسر فوق بعضه .. ترتفع التوجسات وتهبط أخرى ، يتراءى لي ذاك الطابور الممتد ، اُؤلئك الواقفين في الانتظار وحرارة الشمس تلهبهم ، كأنّ بعضهم يُواسي البعض ويُسلّيه من شدة الحرارة ، انظر في وجوههم الشاحبة كأنما نهنهتهم دموعاً تسيل على خُدودهم .. احدهم يُسلّي صاحبه ضاحكاً ، حشا هذا ما حَرّ " هذي نار جهنّم " . أتذكر أنّ أيامئذٍ كانت أيام قيضٍ شديدة الحرارة وفي أمكنة أخرى عالية الرطوبة .. أراهم كأخيلةٍ تتراقص أمامي ، كأشباح تضطرب حولي ، أتطلّع في الوجوه ، أتفرّس فيها ، لا أكاد اعرفها ، غير ذاك الرجل الذي دَرّبني على مهارة قيادة الشاحنة ، أتخايل صُورته ، رغم وجوده بين الجموع المحتشدة لكنّ صُورته الحقيقية لا أكاد أتبيّنها من شِدة الحضور وزحمة الراغبين في اختراق الأجساد المتكدّسة أمام مكتبٍ صغير ضيّق ، لا تهوية له غير نافذة واحدة صَغيرة جداً بمقدار ما يتبين القابع على كرسي صَغير لا مَسند له من جهة الخلف ، وبمقدار ما يُؤكّد لكَ بأنه ذكر لا أُنثى ، وجميعهم مُتلهفين لتسجيل سياراتهم أو الحصول على رخص قيادة ـ قيادة السيارات المختلفة ـ وبالطبعْ ، بينهم من يَستعجل على حساب غيره عَمْداً ..! همس صديق أبي إلى ذاك الرجل ، الذي أرخى رأسه إلى أسفل وجه الرجل وقرّب أذنه إليه ، وكأني تيقّنتُ بأنه يأمره بأن يكون الشخص الذي يفحص مهارتي ، فيأذنَ له بحركة يده ، بأن يركب معي ، ليفحص مَدى قُدرتي على القيادة ، نظر إليّ ذاك الشخص وقال جُملة لن أنساها .. جملة واحدة ، فالكْ طيب .. وابتسم .. وبعد أن اجتزتُ الاختبار ، ونجحت ، بحثتُ عن مُدربي كي اسلّم عليه وأشكره من أعماقي ،وبالتالي فالواجب يُحتّم علي وألزم نفسي به ،أنه أستاذي ومُعلّمي وبفضله أنا حصلتُ ‘لى الاجازة المُعتمدة ( اللّيسنْ) فهو مدربٌ مجتهد كما أنّي أعتبره في مكانة أبي ، ولولاه لما وصلت إلى هذا الشأن الكبير ،في نظري ، وبينما أهمّ بالبحث عنه بين الجموع ، فلا يتبيّن لي جيداً ، فكثرة الناس ، أغيب انا ، وفجأة ، وجدته يحمل بين يديه شيء من قراطيس وأوراق بين أذنه وفروه رأسه القريبة من أُذنه ، يغرز قلمٌ ويحطه ف تساوٍ تقريباً ، عجبتُ لكثير من هاته الحركة ، حين اجدهم يدسُّونها بين الأذُن وشعر الرأس ، وف كثير من الاحوال ، تعلم أن ذاك الشخص ، كثير العمل ومُجتهد ، حتى لو كان عمله في الحرْفنة ، أو كان موظفاً في هذا المكان ، الذي يتطلّب الكثير من الجهد والشغل الدوؤب ، فقسم التراخيص وتسجيل الملكيات ، وحينَ سِرتُ إليه ، وجدته أنه ليس هو إنما شخص شبيهُ به ، وما أكثر الشّبة بين الناس في بلادنا ..لكأنهم اخواناً ..او من ظهر رجلٍ واحدٍ ، واستمرّيتُ جاداً في البحث عنه، وحينما تعبتُ ومَللتُ ،سألتُ أحد العاملين كان يرتدي بزّة عسكرية ، فأجاب بعد التفاتةٍ ، وحكّ ذقنه بأصابعه كأنه يهرشها بأظافره غير المقلّمة بطريقة صحيحة ، اعتقد أن المُلازم محمّد ، غادر المكان من تلك اللحظة التي قُمتَ بتسليم أوراقك إلى العريف ناصر ، وأشار بيده إلى ذات الشخص نفسه الذي سلّمتُه أوراقي ، وبحركة يده ـ أيضاً ـ يأمرني بأن أُسلمها إلى شخص آخر كان قريباً منه ، اندهشت وتعجّبت ، كيف علمَ هذا العسكري بحركة صديق أبي أم هي منطق إشارات عسكرية يتداولونها بينهم .!! على الرغم أني لم ألحظه طوال مُكوثي هنا أن عمد على حركة واضحة ..! ولكن الشاب الشرطي ،قال مُبتسماً: ـ مُبارك عليك النجاح وتستاهل ، وقال بلهجة محلية ـ ضاحكاً ـ عبْ عليك غَدوة ..! * الكاتب : حمد الناصري س عُمان. | التوقيع | لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .! لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!! الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.! | آخر تعديل المرتاح يوم 2015-06-08 في 05:26. |
| |