السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته .
قبل الخوض في القليل من القول الخاص بالقصيدة الفائزة ، أو أن أشير لملاحظتين :
الملاحظة الأولى : بدءا أود أن أشير ، أنه من المحتمل جدا أن نقرأ مقدمة عمل إبداعي بين أعمدة الصحف أو صفحات المجلات دون أن يُفسد أو ينقص ذلك من قيمة العمل ، لأن الأهم لازال في الرحم ، ولم ير النور بعد !
الأمر نفسه حصل مع قصيدة أبي العز ، فقد استهل إبداعها في وقت من الأوقات بعدد قليل جدا من المقاطع و الأبيات ... ثم عاد بعد حيز طويل من الزمن ليبدع القصيدة كاملة و منقحة ، وتحوي عددا لا يُستهان به من المقاطع الزجلية . وكلجنة تحكيم لم نعتبر ذلك " موضوعا سبق نشره " كما تبادر لبعض الأذهان .
الملاحظة الثانية : حين يقول نزيه – ولجنة التحكيم - أنه اشتغل وفق شفافية عالية جدا ، فذلك لا يدعو للشك أو الهمز أو الغمز ..وإن كانت نفس الإنسان من طبيعتها الشك ، ففي هذه النازلة أطمئن الجميع ، ولا داعي للحلف و القسم لأبرر براءة ذمتي ...فلم يخطر ببالنا – أنا وسعيدة - تبادل المعلومات في شأن المسابقة ، ولم أكلف نفسي عناء محاولة التعرف على أصحاب المشاركات ... وربما من العجب إذا قلت : والله لحد الآن و اللحظة ، أجهل تماما كلمة مرور الدخول للمنتدى، والخاصة بسعيدة .
ومن كواليس اللحظات الأخيرة لفرز الفائز ، تغيير النتيجة بسبب اكتشافنا أن صاحب المرتبة الأولى ، سبق له النشر في منتدى آخر وبعنوان مغاير ..فتم حذف المشاركة الجيدة جدا .
أعود للقصيدة الزجلية الفائزة .
فدان الحروف قصيدة زجلية جسدت الأحاسيس الجياشة للمبدع ، وأظهرت براعته الفائقة في نسج الخيال المنبعث من الواقع .. فعبرت عن الوجدان الجماعي للمبدعين الزجليين المناصرين للكلمة الملتزمة ..بل قد جعل منها الشاعر الزجال وعاء للآمال و التطلعات ، كما جعلها فضاء للتعبير عن الألم و الانكسار ...إنه المضمون الذي ينطلق من الذات في صورتها الممزوجة بالجماعة وبالواقع الإجتماعي وهموم الإبداع و الوطن .
شكلا ، حافظ المبدع على الجرس الموسيقي المطلوب في الإبداع الزجلي ، مع التزام قافية تخلق الموسيقى والإيقاع و دندنة الحرف ...شعرية نقية بذاتها ، مع الإبتعاد عن المعاجم الغليظة والقديمة جدا ، وذلك كفعل لإنزال الزجل من سماء الغرابة والتغني بألفاظ الأجداد ، إلى أرض القرن الحالي مع ما يرفد ذلك كله من تلاقح و انسجام خلاق .
لم يسقط صديقنا المبدع في الخلط الجارف الذي يمزج بين ألفاظ اللغة العربية الفصيحة و الزجل الشعبي البسيط في لفظه ، و المغمور في معناه .. فالمبدع الزجال يحمل فلسفة واضحة في شأن الإنشاء الشعري الزجلي ، وله قدرات تستطيع التحكم في الوشائج الرابطة بين الواقع و الشعر ...وهذا مايميز المبدع عن باقي الزجالين في المسابقة .
وأنبهه من هنا لضرورة المزيد من التدريب على الكتابة الخطية الزجلية ، حتى يسهل نطقها :
فمثلا : في " وفموسم الحصاد " قام المبدع بحذف الياء من حرف الجر ..جميل جدا.
ولكن في مقطع " ونطلعوا الماء من الجُّوف " تم الحفاظ على الهمزة رغم زيادتها خطا و نطقا ....والأمثلة في هذا الشأن كثيرة بالقصيدة .
الأستاذ المبدع اهتم كثيرا بالرمز و المجاز ، والإيحاء لكي يظل للنص إشعاعا متجددا، إنه السهل الممتنع كما يعبر الكثير ..كما نجح في إنجاز تناص رائع حين استمد عمق قول الأغنية الغيوانية ، ليثمر بفضلها نهاية واعدة للقصيدة .
صراحة القصيدة الزجلية تحتاج لقراءة مطولة عميقة ، وتستحق ذلك ، لولا ضيق الوقت و الإحساس بشيء من الإرهاق .
إذا يسر الكريم سنعود جميعا للتعليق على فحواها و شكلها بعد عرضها ضمن مجال المنتدى الأدبي الحصري .
أجمل التماني أطلبها لكل المبدعين و المبدعات .