2011-12-31, 18:32
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | أهداف الحوار التربوي في السنة النبوية: | أهداف الحوار التربوي في السنة النبوية: : أهداف الحوار التربوي في السنة النبوية: د. أحمد محمد عقلة الزبون جامعة البلقاء التطبيقية / كلية عجلون الجامعية استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب الحوار والمناقشة في العديد من المواقف التعليمية مع صحابته الكرام رضوان الله عليهم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يختار الأسلوب التربوي الذي يناسب المقام التعليمي ؛ لهذا فقد تنوعت الحوارات النبوية تنوعاً يتلاءم أيضاً مع الهدف المقصود المراد تحقيقه من الحوار، فمن أهم أهداف الحوار التربوي في السنة النبوية ما يلي: أ – الأهداف الوجدانية أو العاطفية: من أهم أهداف الحوار التربوي في السنة النبوية الشريفة إثارة عواطف المتعلمين وانفعالاتهم الوجدانية، لما يترتب عليها من آثار تربوية طيبة، تتمثل في انقياد المتعلم للسلوك الحسن والعمل الصالح ؛ لهذا فقد دأب الرسول صلى الله عليه وسلم في العديد من المواقف التعليمية على استخدام الحوار بهدف إثارة عواطف المتعلمين وتوجيه انفعالاتهم نحو الصالح من الأعمال. ففي غزوة حنين استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم الحوار لإثارة عواطف الأنصار وتوجيهها التوجيه الصحيح، وذلك عندما خطب الرسول صلى الله عليه وسلم بهم بعد غزوة حنين قائلاً: " يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم، وموجدة وجدتموها في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله ؛ وعالة فأغناكم الله ؛ وأعداء فألف بين قلوبكم! " قالوا: بلى، لله ولرسوله المن، والفضل. فقال: " ألا تجيبوني يا معشر الأنصار! " قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ولرسوله المن والفضل! قال: " أما والله لو شئتم لقلتم، فصدقتم ولصدقتم: اتيتنا مكذباً فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسيناك. وجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم! أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم! فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار! اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار " قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسماً وحظاً. ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا (الطبري، د. ت). إن هذه التربية النبوية العظيمة وهذا الحوار النبوي العاطفي يدلان من الناحية التربوية على أمور عديدة، من أهمها: - الاعتماد على العواطف والانفعالات في المواقف الخطيرة يجب أن يسبقه تربية صحيحة وعميقة لهذه العواطف ؛ فقد ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه العواطف في نفوس الأنصار حتى أصبح الله ورسوله أحب إليهم من المال والولد والناس أجمعين (النحلاوي، 1979). - مراعاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأنصار بشر وليسوا ملائكة، وأرادهم أن يدافعوا عن أنفسهم بشيء من القول، فلما استحيوا منه دافع عنهم بالنيابة عن أنفسهم لئلا يترك في نفوسهم شيئاً من الوجد فقال: " أما والله لو شئتم لقلتم فصدقتم ولصدقتم: اتيتنا مكذباً فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك....... ". وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول للمربين: يجب عليكم ألا تصدروا حكماً في المواقف الحرجة قبل أن تسمعوا ممن تتولوا تربيتهم (النحلاوي، 1979). ب: الأهداف المعرفية التوضيحية: استخدم الرسول الكريم أسلوب الحوار التربوي لتوضيح الكثير من الأمور التي أشكلت على الصحابة الكرام، وتعريفهم بالعديد من الحقائق المعرفية التي عجزوا عن فهمها والوقوف على معانيها، وذلك من خلال التركيز على أسلوب طرح السؤال للكشف عن مدى فهم المتعلمين ومعرفتهم، ثم يتولى بعد ذلك صلى الله عليه وسلم مهمة الإجابة عن الأمور التي سأل عنها. لقد ظهر هذا الأسلوب التربوي الفريد في عدة أحاديث للرسول الكريم، لعل من أبرزها الحديث الذي يرويه أبو هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سأل أصحابه قائلا: " أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته (مسلم، 2000). ففي هذا الحديث نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم اتخذ من هذا الأسلوب الحواري طريقة تربوية لتوضيح الفرق بين الغيبة والبهتان، وهي من الأمور التي لا يستطيع الصحابة فهم معناها وإدراك حقيقتها لولا أن بينها الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو من أوتي القرآن ومثله معه فالمتأمل في آي الذكر الحكيم يجد أن الله سبحانه وتعالى استخدم هذا الأسلوب الحواري في تربية المؤمنين وتنقية سرائرهم من الغيبة، وذلك من خلال قوله تعالى: " ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم " (الحجرات: الآية 12). كما حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على تعريف المؤمنين بأمور دينهم من خلال أسلوب الحوار التربوي، ذلك الحوار الذي يبدؤه المسلمون بالسؤال بهدف إثارة تفكيرهم وتعويدهم السؤال عن الأمور التي يجهلونها، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بارزاً يوماً للناس، وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سلوني " فهابوه أن يسألوه، فجاء رجل فجلس عند ركبتيه فقال: يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال: " لا تشرك بالله شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان ". قال: صدقت. ثم سأله عن الإيمان والإحسان وموعد قيام الساعة. قال أبو هريرة: ثم قام الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا جبريل أراد أن تعلموا إذ لم تسألوا " وفي لفظ للبخاري " هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم " (البخاري، د. ت) نستنتج من هذا الأسلوب الحواري النبوي توجيهاً نبوياً كريماً لمعلمي هذا الزمان ومربيه بضرورة تشجيع المتعلمين في أن يكونوا المبادرين في طرح السؤال، لما في ذلك من أثر تربوي كبير يتمثل في اختيار المتعلمين الموضوعات التعليمية التي يرغبونها، الأمر الذي يكون أشد أثراً ووقعاً في نفوسهم. ج: الأهداف المعرفية العقلية: قال تعالى مخاطباً معلم البشرية الأول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين (النحل: الآية 125) فامتثل الرسول الكريم لهذا الأمر الإلهي، وذلك من خلال محاورة غير المسلمين بالتي هي أحسن بهدف إقناعهم بالإسلام، وتأليف قلوبهم بنعمة الإيمان. من ذلك مثلا محاورة الرسول صلى الله عليه وسلم للفتى الذي أراد أن يدخل في الإسلام شريطة أن يأذن له بارتكاب فاحشة الزنا، فحاوره الرسول صلى الله عليه وسلم محاورة قائمة على الرفق والإقناع العقلي، نتج عنها دخوله في دين الله بدون إكراه أو إجبار، فقد روى أبو أمامة أن فتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال صلى الله عليه وسلم: " أدنه فدنا منه قريباً قال فجلس. قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ". قال: " أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه لبناتهم ". قال أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فدائك. قال: " ولا الناس يحبونه لأخواتهم ". قال: " افتحبه لعمتك " قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه لعماتهم " قال: " أفتحبه لخالتك " قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: " ولا الناس يحبونه لخالاتهم ". قال: فوضع يده عليه وقال: " اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه ". فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء (ابن حنبل، د. ت). وحاور الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بهدف إقناعهم بهوان الدنيا وقلة شأنها عند الله يوم القيامة، وذلك عندما أقسم بأن مكانة الدنيا وقلة شأنها عند الله عز وجل كحال الجدي الميت قليل الشأن عند أهل الدنيا، فعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما -: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق داخلاً من بعض العالية، والناس على كنفتيه، فمر بجدي أسك ميت فأخذ بأذنه، ثم قال: " أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ " فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء. وما نصنع به؟ قال: " أتحبون أنه لكم " قالوا: والله لو كان حياً كان عيباً فيه لأنه أسك فكيف وهو ميت؟ فقال: " فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم (مسلم، 2000). واستخدم الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب الحوار التربوي القائم على الإقناع وإقامة الحجج والبراهين العقلية مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فقد أورد الإمام أحمد والترمذي عن عدي بن حاتم – رضي الله عنه – أنه لما بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فر إلى الشام وكان قد تنصر في الجاهلية فأسرت أخته وجماعة من قومه، ثم من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أخته وأعطاها، فرجعت إلى أخيها فرغبته في الإسلام وفي القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم عدي إلى المدينة، وكان رئيساً في قومه طيئ وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم، فتحدث الناس بقدومه، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنق عدي صليب من فضة، وهو يقرأ هذه الآية " اتخذوا أحبارهم ورهباهم أرباباً من دون الله " قال، فقلت: إنهم لم يعبدوهم، فقال: " بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم ". وقال رسول الله صلى عليه وسلم: " يا عدي ما تقول؟ أيضرك أن يقال الله أكبر؟ فهل تعلم شيئاً أكبر من الله؟ أيضرك أن يقال: لا إله إلى الله، فهل تعلم إلهاً غير الله؟ ثم دعاه إلى الإسلام فأسلم وشهد شهادة الحق، قال: فلقد رأيت وجهه مستبشراً، ثم قال: " إن اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون " (ابن كثير، د. ت). د: الأهداف النفس حركية (المهارية) استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب الحوار التربوي بهدف تعليم الصحابة كيفية أداء بعض الأعمال التي تحتاج إلى تطبيق عملي من الرسول صلى الله عليه وسلم كالصلاة والحج وغيرهما من العبادات الإسلامية، فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: " صلوا كما رأيتموني أصلي " وحج وقال: " لتأخذوا عني مناسككم ". ومن الشواهد العملية على هذا النوع من الحوار التربوي ما دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد الصحابة من حوار بهدف تعليمه مهارة أداء الصلاة الصحيحة، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على رسول الله، فرد رسول الله السلام فقال: " ارجع فصل فإنك لم تصل " فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسلم عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام ثم قال: " ارجع فصل فإنك لم تصل " حتى فعل ذلك ثلاث مرات. فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا. علمني. قال: " إذا قمت إلى الصلاة فكبر. ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً. ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " (مسلم، 2000). إن في هذا الحديث لفتة تربوية تشير إلى منح المتعلم فرصة استعمال قدراته العقلية وتجربته الشخصية في معرفة الأخطاء التي وقع فيها للقيام بمعالجتها وعدم العودة إليها من خلال تكرار الرسول صلى الله عليه وسلم قوله للصحابي: " ارجع فصل فإنك لم تصل "، وفيه إثارة حوافزه لطلب التعليم والتوجيه من المعلم والمربي، وضرورة نصح المتعلمين وإرشادهم من خلال بيان الأخطاء التي يقعون بها، وتوجيههم إلى الصواب من تلك الأفعال بالممارسة العملية . | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=483517 التوقيع | الوفاء أن تراعي وداد لحظة ولا تنس جميل من أفادك لفظة" | |
| |