2013-07-27, 13:11
|
رقم المشاركة : 11 |
إحصائية
العضو | | | رد: الرسول المعلم | رعايتُه صلى الله عليه وسلم الفروقَ الفردية في المتعلمين وكان صلى الله عليه وسلم شديدَ المراعاة للفروقِ الفردية بين المتعلِّمين من المُخاطَبين والسائلين ، فكان يُخاطِبُ كلَّ واحدٍ بقدرِ فَهْمِه وبما يُلائِمُ منزلتَه ، وكان يُحافِظ على قُلوبِ المبتدئين ، فكان لا يُعلِّمُهم ما يُعلِّم المنتهين . وكان يجيب كلَّ سائلٍ عن سؤالِهِ بما يَهُمُّه ويُناسِبُ حالَه . وروى الإمام أحمد: ((كُنّا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء شابٌّ فقال : يا رسول الله ، أُقَبِّلُ وأنا صائم؟ قال : لا ، فجاء شيخٌ فقال : أقبِّل وأنا صائم؟ قال : نعم ، فنَظَر بعضُنا إلى بعضٍ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد علمتُ لِمَ نَظَر بعضُكم إلى بعض ، إن الشيخَ يَملِكُ نفسَه)). ـوروى البخاري ومسلم: ((جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يَستأذِنُه في ال**** ، فقال : أحيٌّ والدك؟ قال : نعم ، قال: ففيهما فجاهِدْ)). ـ وروى مسلمٌ: ((أقبلَ رجلٌ إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أبايعك على الهجرةِ وال****ِ أبتغي الأجرَ من الله ، قال : فهل من والدَيْكَ أحدٌ حيٌّ؟ قال : نعم ، بل كلاهما ، قال : فتَبتَغي الأجرَ من الله؟ قال : نعم ، قال : فارجِعْ إلى والدَيكَ فأحسِنْ صُحبَتَهما)) . هذا مع ما عُرِف عن النبي صلى الله عليه وسلم من الحضِّ على ال****ِ والهجرةِ والترغيبِ فيهما ، ولكنه صلى الله عليه وسلم لاحظَ حالَ هذا السائِل بخصوصِهِ ، فرأى بِرَّ الوالدينِ أهمَّ وأفضلَ في حقه من ال**** . واختلافُ أجوبةِ النبي صلى الله عليه وسلم لاختلاف أحوالِ السائلين وظُروفِهم وقُدْراتِهم : بابٌ واسعٌ له أمثلةٌ كثيرة في كتب السنة المُطهَّرة . ومن ذلك وصايا النبي صلى الله عليه وسلم المختلِفةُ لأناسٍ طَلَبوا منه الوصيةَ ، فأوصى كلَّ واحدٍ بغير ما أوصى به الآخَرَ ، ووجهُ ذلك يرجِع إلى اختلاف أحوالِ الذين سألوه الوصيةَ . ـ روى الإمام أحمد: ((قلتُ : يا رسول الله ، أوصِني ، قال : اتقِ الله حيثما كنتَ ، وأتْبِعْ السيِّئةَ الحسنة تَمْحُها ، وخالِقْ الناسَ بخلُقٍ حسنٍ)) ـ وروى البخاري: ((أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوْصِني بشيءٍ ، ولا تُكْثِر عليَّ لَعَلّي أَعيهِ، قال : لا تَغْضَبْ . فردَّد ذلك مِراراً ، كلُّ ذلك يقول : لا تَغْضَبْ)). ـ وروى البخاري: ((أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، دُلَّني على عَمَلٍ إذا عَمِلتُه دخلتُ الجنةَ ، قال : تَعبُدُ الله لا تُشرِكُ به شيئاً ، وتُقيمُ الصلاةَ المكتوبةَ ، وتؤدّي الزكاةَ المفروضةَ ، وتصوم رمضانَ ، قال : والذي نفسي بيده لا أزيدُ على هذا شيئاً أبداً ولا أنقُصُ منه .فلما وَلّى قال النبي صلى الله عليه وسلم : منْ سرَّه أن يَنظُرَ إلى رجلٍ من اهلِ الجنةِ فليَنْظُرْ إلى هذا)). ـ وروى الترمذي: ((أن رجلاً قال : يا رسول الله ، إن شرائع الإسلام قد كَثُرتْ عليَّ ، فأخبرني بشيءٍ أتَشَبَّثُ به ، قال : لا يَزالُ لسانُك رَطْباً من ذكرِ الله)) ـ وروى مسلم: ((قلتُ يا رسول الله ، قُلْ لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنه أحداً بعدك ، قال : قُلْ : آمنتُ بالله فاستَقِم)). ـ وروى الترمذي: ((قلتُ : يا رسول الله ما النَّجاةُ؟ قال : أَمْلِكْ عليك لِسانَكَ ، ولْيَسَعْكَ بيتُك ، وابْكِ على خَطيئتِك)) ـ فقد روى البخاري ومسلم: ((أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيُّ الإسلامِ خيرٌ؟ قال : تُطْعِمُ الطعامَ ، وتَقرأُ السلامَ على من عرفتَ ومن لم تَعرِفْ)) ـ وروى مسلم: ((أنَّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أيُّ المسلمين خير؟ فقال : من سَلِم المسلمون من لسانِه ويدِه)) ـ وروى البخاري ومسلم: ((سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم : أيُّ الأعمال أفضَلُ؟ قال : إيمان بالله ورسولِه ، قيل : ثم ماذا؟ قال : ****ٌ في سبيل الله ، قيل : ثم ماذا؟ قال : حجٌّ مَبرور(( ـ وروى البخاري ومسلم: ((سألت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم : أيُّ العمل أفضَلُ؟ ـ وفي روايةٍ : أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ ـ قال : الصلاةُ لوقتِها ، قال : قلت : ثم أيٌّ؟ قال : برُّ الوالدين ، قال : قلتُ : ثم أيٌّ؟ قال : ال**** في سبيلِ الله ، فما تركتُ أستزيدُهُ إلا إرْعاءً عليه)( ـ وروى أبو يَعْلى: ((أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في نَفَر من أصحابه . فقلتُ : أنت الذي تَزعُمُ أنك رسولُ الله؟ قال : نعم ، قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال : الإيمانُ بالله ، قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، ثم مَهْ؟ قال : ثم صِلَةُ الرَّحِم ، قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، ثم مَهْ؟ قال : ثم الأمرُ بالمعروف ، والنهيُ عن المنكَرِ . وهناك أحاديثُ أخر من هذا القبيل مما اختَلَفت فيه الأجوبةُ في بيان أفضلِ الأعمال أو أحبِّها ، وإنما يَرجِع الاختلافُ فيها إلى رعايةِ الفروقِ الفردية بين أفرادِ السائلين وجماعاتِهم أو أوقات سُؤالِهم ، فأعلَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم كُلاًّ بما يَحتاجُ إليه ، أو بما لم يُكْمِله بعدُ من دعائمِ الإسلام ولا بَلَغَهُ عِلمُه ، أو بما له فيه رغبةٌ ، أو بما هو لائق به .أو أعلَمَ السائلَ بما كان الأفضَلَ من غيرِه في وقتِ سُؤالِه ، فقد كان ال****ُ في ابتداء الإسلامِ أفضَلَ الاعمال لأنه الوسيلةُ إلى القيامِ بها والتمكُّنِ من أدائها ، وقد تَضافَرَتْ الأدلةُ على أن الصلاةَ أفضَلُ من الصدقة ، ومع ذلك ففي وقت مُؤاساةِ المُضطرِّ تكون الصدقةُ أفضَل.والنبي صلى الله عليه وسلم هو المعلِّم المُرشِد والهادي البَصير ، يُبَصِّرُ كلاًّ بما يحتاج إليه وبما يليق به ، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وبارَك وسلَّم . قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى ((من وظائف المُعلِّم أن يَقتَصِر بالمتعلِّم على قدر فهمِه ، فلا يُلقي إليه ما لا يَبلُغُه عقلُه فيُنفِّرُهُ أو يُخَبِّطُ عليه عقله ، اقتداءً في ذلك بسيِّد البَشر صلى الله عليه وسلم ـ فقد كان يُراعي ذلك في تعليمِه وتحديثِه ووعظه ـ ، فليَبُثَّ إليه الحقيقة إذا عَلِم أنه يَستَقِلُّ بفهمِها .ولا ينبغي أن يُفشيَ العالمُ كلَّ ما يَعلَم إلى كلِّ أحد ، هذا إذا كان يَفهمُه المتعلِّمُ ولم يكن أهلاً للانتفاع به ، فكيف فيما لا يَفهَمُه؟ قال : والمتعلِّم القاصرُ ينبغي أن يُلقيَ إليه الجَليَّ اللائقَ به ، ولا يَذكرَ له أنَّ وراءَ هذا تدقيقاً وهو يَدَّخِرُه عنه ، فإن ذلك يُفتِّر رغبته في الجَليّ ، ويُشوِّشُ عليه قلبَه ، ويوهِمُ إليه البُخلَ به عنه ، إذ يَظُن كلُّ أحدٍ أنه أهلٌ لكلِّ علمٍ دقيقٍ . | |
| |