2018-06-04, 22:00
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | كيف نغرس القيم في أذهان أبنائنا ؟ | كيف نغرس القيم في أذهان أبنائنا ؟ عندما كنا يافعين على مقاعد الدراسة كان طموحنا العلمي والاجتماعي يسير خطواتنا لأن زادنا الذي كنا نأخذه عن آبائنا وأساتذتنا ومجتمعنا عموماً كان غنياً بالقيم والأخلاق والفضيلة والمحبة ما جعلنا قادرين على متابعة مسيرتنا الاجتماعية والعلمية بنجاح , لكننا نجد اليوم ان معظم ابناؤنا ورغم ذكائهم العالي والحداثة التي يعيشون فيها , يحاولون الابتعاد شيئاً فشيئاً عن الكثير من القيم التي نتحلى بها لدرجة ان بعضهم اصبح يعتبرنا جيل هرم بعيد عن الدنيا وما يحدث بها وطبعاً كل ذلك نتيجة لتغير الكثير من مفاهيم المجتمع وسوء الأحوال الاقتصادية التي جعلت من استاذ المدرسة مثلاً , عاملاً وبائعاً ومن الأب وإن كان متعلماً أجيراً وتاجراً , ما أدى لانهيار القدوة التي في أذهانهم وبالتالي محاولة التخلي عن كثير من القيم , ولأننا في مجتمع أصبحنا فيه احوج لتغيير الكثير من مفاهيمه الخاطئة التي أدت لضياع الكثير من أبنائنا , أصبح من واجبنا جميعاً أن نقف وقفة رجل واحد لتصحيح تلك المفاهيم وزرعها من جديد في نفوس أبنائنا لبناء مجتمع صالح وتوريثه للقادمين بالمستقبل , لكن الكثيرين يسألون كيف يمكن فعل ذلك وقد استشرت القيم والمفاهيم البالية في مجتمعنا ؟ وبالتالي كيف يمكننا تربية ابنائنا تربية صالحة وغرس القيم في وجدانهم وعقولهم في ظل المتغيرات الكثيرة بالمجتمع ؟ يقول المؤلف حسن الخميسي في كتابه تربية الأطفال بين البيت والمدرسة الذي صدر حديثاً , في الحقيقة ان وسائط غرس القيم في أذهان أبنائنا كثيرة إلا أن أهمها وأكثرها تأثيرا في الفرد هي : الأسرة والأصدقاء والمدرسة ودور العبادة ووسائل الاعلام وما تخرجه المطابع من كتب ..الخ اللبنة الأولى
فالأسرة هي المسؤولة الاولى عن تربية الابناءعبر محاولتها غرس القيم الايجابية في نفوس افرادها و قلع القيم السلبية - ان وجدت- بأساليب مختلفة كالنصح والارشاد او المناقشة والحوار او القدوة بحيث يقدم الآباء صورا مشرقة من الأفعال والأحوال يتشرب الابناء من خلالها القيم , وان مايقوم به الآباء من سلوك خلقي هو أكبر مشجع للابناء على أن يقتدوا بهم ويغيروا من سلوكهم واتجاههم وبذلك تنمو في نفوسهم القيم النبيلة لاسيما ان الأبناء يقضون في البيت فترة اطول مما يقضونها في المدرسة او مع اصدقائهم , ولقد اوضحت الدراسات ان تبني الطفل قيم ومعايير الوالدين يعتمد على مقدار الدفء والحب الذي يحاط بهما الولد في علاقته بوالديه ولاسيما اثناء سرد القصص التي يقصها الكبار على الصغار وقد ينأى الأبناء عن الآباء مسافرين لطلب علم أو عمل او امر آخر فيحرص الاباء على ارسال الرسائل المتتالية مزودة بهمسات قلوبهم تغذي القيم التي انبتوا شجرتها في قلوب ابنائهم . وللمدرسة دور أيضاً أما المدرسة فهي أهم المؤسسات التربوية عناية بالقيم حيث تهتم المناهج بما فيها من دروس وأنشطة متعددة بايصال القيم وتوصيلها الى التلاميذ ويكون التأثير اقوى كلما كانت الاساليب ناجحة وطرق التدريس قائمة على اسس سليمة وحديثة يقوم بها معلمون حكماء ومربون ناجحون يعرفون كيف ينمون القيم في نفوس الناشئة كما أن تفاهم المعلمين مع المتعلمين واشاعة روح الألفة والمحبة والتعاون بين الجميع يساعد على تثبيت القيم عند التلاميذ في المدرسة , ولاننسى دور المكتبة المدرسية والاذاعة فيها والادارة التربوية الحكيمة والاقران في اكساب الطالب قيما جديدة وخيرة وبناءة , وإذا ارادت المدرسة ان تنجح في غرس القيم فعليها ان تتعاون مع الأسرة فتلتقي مع الاباء في مجالس ولقاءات متكررة تبحث توحيد السبل الكفيلة لبناء هرم من القيم في نفوس الجيل فالتعاون بينهما ضروري حتى لا يعمل كل منهم في واد, ولكي يغدو التلميذ اكثر اكتسابا للقيم ويكون اتجاهات يحولها الى سلوك حياتي عليه ان يحب معلميه واقرانه ويرغب في طلب العلم عندها تتفتح كل نوافذ فؤاده لنسمات المعاني الفاضلة كي تستقر في داخله وترتقي يوما بعد يوم ليصبح مواطنا صالحا مثقفا واعياً . رفاق وأقران ويتابع المؤلف فيقول : الى جانب المدرسة والأسرة هناك جهة مؤثرة في الانسان سواء كان كبيرا او صغيرا هي مجموعة الاقران الذين يألفهم المرء فيحادثهم ويعيش معهم , يبثهم احلامه وآماله ويشكو لهم آلامه ويأخذ منهم ويعطيهم ويبادلهم الود ويتعاون معهم في السراء والضراء وهؤلاء الأصدقاء يثبتون قيما ويغيرون أخرى في نفوس من يصحبهم إذ إن كل قرين صورة مكررة تقريبا من الآخر وبه يقتدي كما قال الشاعر طرفة بن العبد : عن المرء لاتسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي . دورالدين كذلك لدور العبادة دوراً هاماً , فالدين بشكل عام يهتم بطهارة القلب والوجدان وتعميق قيم المحبة والسلام والتعاون والكرم والشجاعة وغيرها من الأخلاق الفاضلة الحميدة التي تبنى على عقيدة تربط بين الايمان والعمل الصالح وتعزز ذلك بثواب عاجل في الدنيا وآجل في الاخرة وتحذر من الضلال والركون الى القيم الفاسدة , ومبادئ الدين لها شأنها في تقويم الاشياء والأعمال والحكم عليها وخطاب الله هو الفيصل في الحكم على الحسن والقبيح وعلى المباح والمحرم فالحسن ماوافق الشرع واستوجب الثواب والقبيح ما خالف الشرع وترتب عليه العقاب في الاخرة , ودور العبادة تغرس من خلال الخطب والمواعظ القيم على هذه الأسس وتبرز ما للتعاليم والوحي السماوي من شأن في الحكم على قيم الاشياء والأعمال مما يجعلها تكبر بشعور مايترتب عليها من ثواب . وللإعلام دور أما وسائل الإعلام فلها تأثيراً كبيراً في المعرفة الاجتماعية والسلوك الاجتماعي ومن ثم ترتيب القيم والاتجاهات والأفعال المرتبطة بها من خلال ماتعرضه من مشاهد ومواقف وفقرات ترفيهية ومحاضرات وندوات الى غير ما هنالك فتقدم بذلك للناس القدوة الحسنة والاقناع العقلي والعاطفي والخبرات الكثيرة المفيدة , ولقد صارت فاعليتها أكثر بعد دخول التلفاز والفيديو معظم البيوت اذ انها تشرك معظم الحواس في عرضها المشوق فيتفاعل معها المشاهد صعودا وهبوطا وتبنى القيم في داخله على اساسها وتتبلور الاتجاهات وتظهر بشكل مواقف ثابتة ومقنعة من قبل الناس , لهذا على معدي البرامج أن يقفوا كثيرا عند كل ماتبثه هذه الوسائل وليفكروا في نتائجها , فإن ماتعرضه مسؤولية كبيرة وبخاصة بعد أن أصبحت تتلقى السيل الجارف من البث التلفازي العالمي ليل نهار , كذلك يشارك المسرح وسائل الاعلام والسينما في المهمة إلا أن المسرح يختلف في طريقته وعرضه زمانا ومكانا وفي مضمون مايقدم فالمشاهد يشعر ان اشخاص المسرحية اقرب إليه من اشخاص التمثيلية المعروضة على الشاشة , وعلينا ألا ننسى دور النشر والطباعة وماتصدره من كتب , فالكلمة المقروءة لاتزال حتى اليوم لها دورها المهم في بذر القيم وترسيخها في الانسان ولايمكنه الاستغناء عن الكتاب رغم تقدم وسائل الخطاب الجماهيري لأنه العمود الفقري للمناهج المدرسية وهو الوسيلة الاساسية لتقديم المعلومات والقيم والأفكار والتجارب وتتكاتف المراكز الثقافية وغيرها من الوسائط مع دور النشر في تقديم زاد ناضج لبناء النسق القيمي لدى أفراد الأمة . وأخيراً ويختم الخميسي كتابه بالقول : إن ارتقاء القيم او تغييرها من قبل الوسائط يتم من خلال التخاطب الذي يشتمل على عدة عناصر هي : المصدر, الرسالة, قناة التوصيل , المستقبل والمتلقي التي لها اثرها في الاتجاه والسلوك , فالمصدر يجب ان يتميز بالمصداقية والجاذبية والقوة ويزيد تأثيره إذا كان خبيرا وموضوعيا ومخلصا ذا سمعة طيبة فالجاذبية تعني ان يكون كامل المظهر والهيئة يتمتع بمركز اجتماعي مرموق واسع الصدر طيب القلب والمعشر أما بالنسبة للحكم والقوة فيجب أن يكون ذا مهارة اجتماعية في اصدار الحكم المتعمق وقدرة على ضبط حالته الانفعالية وتفوق في إثارة مستمعيه وجذب اهتمامهم واثارة حماستهم , فيما ومن الخصائص التي تجعل الرسالة مؤثرة وفعالة الاتسام بالوضوح و تقديم الحجج والبراهين لما تتضمنه من أفكار ومبادئ وان تراعي مستوى الجمهور المرسلة إليه ونوعه , أما قناة التوصيل فإن كل ماتحدثنا عنه من مؤسسات تربوية او وسائط اجتماعية كلها تعد قنوات للتوصيل سواء كانت مواجهة مثل الأسرة والأصدقاء او غير مواجهة مثل وسائل الاعلام والمطبوعات من كتب ومجلات ورسائل , وقد تبين ان تأثير القنوات المواجهة أكفأ من القنوات غير المواجهة وأقدر منها على غرس القيم وتغييرها , وأخيراً تعد شخصية المتلقي وذكاؤه ومستواه التعليمي وعمره وجنسه وحالته النفسية من أهم السمات المؤثرة في عملية الاقناع فقد تبين على سبيل المثال ان الشخص الذي يشعر بالنقص وعدم الثقة يسهل تغيير قيمه واكسابه قيما جديدة , خاصة إذا كان الاخرون الذين يشكلون مصدر الرسالة يتصف كلامهم بالقطع واليقين . | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=959596 التوقيع | أيها المساء ...كم أنت هادئ | |
| |