عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-12-20, 18:45 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي القيم تكتسب وتعاش، ولا تلقن


ينبغي التوقف طويلا عند نتائج دراسة سابقة حول غياب النزاهة، توصل أصحابها إلى أن المغرب يحتل الرتبة ما قبل الأخيرة من بين 159 دولة موضوع الدراسة.

أهم ما يجب أن نستنتجه نحن كتربويين، هو أن الدراسة أكدت حقيقة ساطعة، وهي أن القيم لا تلقن، بل تعاش وتكتسب بشكل ضمني. فقد جاء في الدراسة أن الدول التي تنعدم أو تقل فيها النزاهة هي تلك التي تتميز بغياب الحقوق والحريات والحكامة، ويسود فيها الغش والرشوة والتهرب من الضرائب، هذا على المستوى مؤسسات الدولة، وينسحب هذا على الأفراد في علاقاتهم وسلوكاتهم.

وهذا بالضبط ما يعكسه الواقع المجتمعي والتربوي على السواء، والذي يريد المسؤولون القفز عليه باستنبات القيم التي لا تتوفر أرضيتها إطلاقا. أما الكتب المدرسية، فتعطينا أوضح الأمثلة على فشل مقاربة تلقين القيم. فكم من درس أو وحدة أو مكون أو محور تتضمنه المقررات الدراسية حول القيم الثقافية كالتسامح والتعايش والتضامن واحترام البيئة والمواطنة، واللائحة تزداد طولا مع كل مناسبة.

الصفعة التي تتلقاها مقاربة التلقين السطحية هاته تتلقاها من المدرسة نفسها، حيث صارت ـ أي المدرسة ـ مجالا لكل السلوكات اللامواطنة.

يقال أن الإنسان ابن لبيئته، وهو ابن وفي، لا يمكن أن يكون عاقا لها إلا استثناء، وهو يتطبع بالمناخ الذي يعيش فيه ويكتسب الأنماط السلوكية والأحكام والقيم مما يحتك به في سياقات متعددة، ثقافية واجتماعية وغير ذلك. وكل سلوك مختلف هو نشاز لا يلبث أن يتلاشى.

بالعودة إلى الحالة المغربية كما جاء في الدراسة أعلاه، لا يمكن أن نتخيل سلوك اجتماعيا من قبل المواطن في ظل اختلال السلوك القانوني والسياسي لدى من يملكون زمام الأمر.

هذا يفسر لماذا لم ولن تنجح المدرسة في ترسيخ القيم الإيجابية إذا بقيت الدولة ترزح تحت القيم السلبية. لن تنجح المدرسة ولا الإعلام ودعايته في ترسيخ القيم الإيجابية حتى تصير (أي القيم الإيجابية) ما يشبه المعتقد، متمكنة من النفس، وغير خاضعة للتساؤل، ويمتثل لها الجميع.

بقلم: روبن هود





    رد مع اقتباس