عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-06-19, 15:35 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي الإرهاب المسيحي في أمريكا: المسكوت عنه


حادث قتل رجل أمريكي لحوالي خمسين رجلا من الشواذ أفرز صورة تستوجب قدرا من الملاحظة والتفكير في الآثار التي خلفها الحادث، وكذا في الأشياء غير المعلنة الكامنة بين ثنايا ردود الفعل.


من جهة أولى، برز مرة أخرى إلى الوجود الإحساس الأبدي بالذنب وعقدة البحث عن البراءة الأصلية اللذين يلازمان المسلمين، وقامت الجالية والمسلمة بالتنديد بما وقع لأن القاتل من أصول أفغانية، ومليار و300 مليون مسلم "يتحملون" المسؤولية.. لكن يهمنا كذلك ما وقع على الهامش الإعلامي.


من جهة ثانية، حدث أن طوائف مسيحية لم تستنكر الحادث وأيدت قتل الشواذ، كما وصرح أحد قساوسة الكنيسة المعمدانية أنه كان يود لو أن عدد القتلى كان أكبر. وهذان الموقفان مفاجئان فقط لمن لا يعلم الكثير حول التدين والطوائف الدينية في الولايات المتحدة. عدا ذلك، فهما موقفان طبيعيان ويعكسان جزءا كبيرا مما يعتقده جزء من الأمريكيين. فالساحة الأمريكية تعرف تعدد الطوائف والتنظيمات المسيحية، خصوصا التابعة للكنيسة البروتستانية، كما تعرف وجود مجموعات نشطة، تحت اسم (لجن العمل السياسي) تهتم بقضايا محددة، من بينها مناهضة الشذوذ الجنسي ومناهضة الإجهاض وغير ذلك.


والتاريخ الأمريكي غير خال تماما من لحظات تجسد فكر تلك الطوائف في شكل بالغ العنف، كما حدث في سنة 1978 بمقتل أتباع القس جيم جونس في عملية انتحار جماعي، ثم أحداث واكو بولاية تكساس في تسعينات القرن العشرين، ومقتل دافيد كورش وعدد من أتباع طائفته في مواجهة مع الأمن. وتلك الطائفة لا تعترف بالدستور الأمريكي ولا بالقوانين الأمريكية وتمارس تعدد الزوجات. وكان دافيد كورش متزوجا من عدد كبير من النساء، وكان يجمع بين البنت وأمها، وبين المرأة وخالتها...

في كلتا الحالتين، كان للقتل دوافع عقدية إرادية، لكن الأمن والقانون الأمريكي والإعلام تبعا لهما وصف الحدثين بالقتل الطقوسي ولم يسمها بوسم الإرهاب.

في مرة سابقة أيضا، وقع تفجير في مبنى التجارة في ولاية أوكلاهوما، فاتجهت الظنون صوب المسلمين، ليتبين فيما بعد أن الجاني أمريكي اسمه وينتمي إلى اليمين. ومعروف أن اليمين محافظ ويغلب عليه النفس الديني المتشدد. لكن ما لوحظ هو أن القضية هي الأخرى لم تثر من ردود الفعل ما كانت ستثيره لو كان الجاني ذا أصول إسلامية أو عربية.


في خضم البحث عن الرزانة والموضوعية والعمق في التحليل، يدفع بعض المسؤولين الأمريكيين بالقول أن الإرهاب لا ملة له، ويحاولون إقناع غيرهم بأنهم يميزون بين المسلمين المعتدلين والمسلمين المتشددين. لكن الواقع الذي لا يرتفع هو أن في الضمير الأمريكي قابلية لاتهام المسلمين، واستعدادا لتبرئة المسيحيين منذ البدأ بعدم ربطهم بالإرهاب وعدم التمييز بين المسيحيين المتشددين والمعتدلين مثلا. إلا أن المحدد الرئيس في مواقف الطبقة السياسية والعسكرية والأمنية هو أن ما يقترفه من ينتمي إلى الإسلام ينبغي تقبله واستيعابه كعمل إرهابي، انسجاما مع البنيات الثقافية والفكرية، حتى يتم إقناع المواطنين الأمريكيين بصحة نظرية الصراع بين الحضارة الإسلامية من جهة، والحضارة اليهودية المسيحية من جهة أخرى.


الخلاصة التي يمكن الوصول إليها هي أن أصحاب القرار الأمريكي لا يقلقهم وقوع ضحايا، ولو أن الضحية ضحية كيفما كان الحال، بقدر ما يقلقهم انتماء وهوية الذي يوقع الضحايا.


بقلم: روبن هود





    رد مع اقتباس