عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-04-07, 11:02 رقم المشاركة : 4
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

cour رد: جمالية المكان في رواية عبد الرحمن منيف .


تابع...



إن العلاقة بين الحكي والمحكي وفعل الحكي في رواية " الآن.. هنا ...أو شرق المتوسط مرة أخرى" تصل إلى درجة الصفر. إن كل ما حكي في هذا الرواية ينطلق من الهنا ومن الآن. وعلى الرغم من أن مجمل ما تم حكيه ذو تبئير داخلي متعدد (19)، فإن العلاقة بين حكي الراوي الأول/ عادل وحكي الراوي الثاني/ طالع العريفي علاقة يقظة بسهو، فما يسهو عنه عادل يسترجعه طالع، والعكس صحيح. أما ما لا ينساه الطرفان معا فهو التعذيب المتنوع الأشكال. وعلى سبيل المثال فإذا كنا نعرف كيف اعتقل طالع من سوق الأغنام، فنحن لا نعرف كيف اعتقل عادل، وإذا كنا نعرف المصير المأساوي الذي آل إليه طالع، فنحن لانعرف المصير النهائي لعادل... غير أننا حين نتأمل الشخصيتين معا نجدهما شخصية واحدة. لقد قطعتا نفس المسار إلى درجة أن كل شخصية كانت ترى ذاتها في مرآة الأخرى.
جمالية المكان في رواية " الآن ... هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى"
1 ـ المكان في العنوان:
عنوان الرواية هو: " الآن .. هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى ". ولقد ارتكب عبد الرحمان منيف خطأ في علامات الترقيم حين فصل بين "الآن" و "هنا" بنقط الحذف. ففي هذا القسم من العنوان يحضر الزمان والمكان مترابطين ترابطا عضويا. فإذا كانت "الآن" ظرف زمان يعني الوقت الذي نحن فيه، وإذا كانت "هنا" اسم إشارة يشير إلى المكان الذي نحن فيه، فهذا معناه أن الآن لا يمكن أن يكون إلا هنا، وهنا لا يمكن أن تكون إلا الآن، فبقدر ما يزمّن الآن هنا تمكّن هنا الآن. وعليه فالآن زمانا هي هنا مكانا، والآن مكانا هي هنا زمانا. ولهذا الاعتبار لا معنى للفصل بينهما.
أما القسم الثاني من العنوان والذي ورد بعد "أو" الذي يفيد التسوية هنا، فقد أحال به المؤلف على روايته السابقة " شرق المتوسط " التي قال فيها السرد ما قاله دون أن يتمكن من إشفاء غليل السارد وغليل القارئ. فحين اختار المؤلف " الآن .. هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى " فرض على العنوان وظيفة مرجعية على المستويين النصي والمادي. فهو يحيل من جهة على رواية عبد الرحمان منيف السابقة، ومن جهة على أحوال الشعوب العربية شرق وجنوب المتوسط حيث الاستبداد الأسود الذي لا يسمح للكائن بالحركة أو التكلم.
وإذا كان العنوان أبا للنص كما يرى رولان بارت، فإن رفض الرواية للإحالة المرجعية المباشرة فرض عليها اختيار أمكنة رمزية لا وجود لها في الواقع من قبيل دولة "موران" و"عمورية"... غير أن الأمر هنا لا يتعلق بتورية أو إخفاء خوفا من قمع ما، بل يتعلق باشمئزاز عام من مختلف أنظمة الاستبداد، وبتعميم متعمد يمثل للشيء بكل الأشياء ليس هنا والآن فقط، ولكن في كل زمان ومكان أسودين. غير أن الوظيفة التحفيزية هنا تبقى مرتبطة صميميا ب "الآن" و"هنا" من أجل حمل القارئ الآن وهنا على بلورة موقف حاسم تجاه ما حوله هنا والآن وليس هناك وبعد فوات الأوان.
2 ـ المكان المغلق والمكان المفتوح:
لا يكاد يوجد مكان مفتوح في رواية " الآن .. هنا ... أو شرق المتوسط مرة أخرى". إن مجمل الأمكنة التي يتحرك فيها طالع العريفي مثلا مغلقة، ولأنها مغلقة فإنها تمتلكه عوض أن يمتلكها، ولأنها كذلك فهي التي استمرت تحركه بمحض إرادتها وخارج إرادته. غير أن قوة مقاومة طالع للسجن وللجلادين، ولأشكال التعذيب المختلفة هي التي أجلت سقوطه إلى حين خروجه من السجن، وإلى حين كتابته لمذكراته وهو في حالة احتضار بالمستشفى.
وإذا ما أعدنا قراءة الرواية، سنجد حركة طالع داخل المحكي حركة تنازلية. لقد كان يهبط من دركة إلى دركة: من مكان سيئ إلى مكان اسوأ منه وصولا إلى المكان الأسوأ الذي هو ثلاجة المستشفى ، ثم إلى المكان الأسوأ منه، والذي هو الوطن حيث دفن في قبر ما في نقطة ما من ترابه، ولكن " دون عنوان ودون أن يعرف أحد" 20).


يتبع...






التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
    رد مع اقتباس