عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-04-07, 10:52 رقم المشاركة : 1
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

cour جمالية المكان في رواية عبد الرحمن منيف .



ذ,احمد القنديلي

إذا شئنا التبسيط، يمكن أن نعتبر المكان إطارا للحدث الروائي. غير أنه إذا كان هذا الكلام التبسيطي صحيحا ـ وهو صحيح بالفعل لبداهته الحسية ـ، فإن خطأه القاتل يكمن في عدم إيلائه الاعتبار لطبيعة المكان الفني. ذلك لأن هذا المكان عادة ما يرد محدودا داخل العمل الفني، غير أنه لا يرد إلا ليحاكي مكانا لا محدودا هو العالم في حدوده الفيزيقية الفسيحة والكون في حدوده الفيزيقية المحدودة والميتافيزيقية اللامحدودة. وحتى إذا اعتبرنا المكان الفني مجرد إطار للحدث، فإنه يبقى إطارا غير جامد. إنه حين يحتوي الشخصية الروائية يتمثلها، وتبعا لذلك يحدد شكل ومضمون حركتها فيه. وكذلك الشأن بالنسبة للشخصية الروائية. فحين تتحرك في المكان تتمثله وتستبطنه، وتبعا لذلك تفعل فيه. وإذا كان الفعل متبادلا بين الشخصية والمكان، فهذا معناه أن الشخصية بقدر ما توجد داخل المكان، بقدر ما يوجد المكان داخلها. غير أن المكان الروائي الذي يتحرك بروحه الحية في العمل السردي يتجاوز الفعل في الشخصية إلى الفعل في الكون الروائي المفتوح. ونفس هذا الكلام ينطبق على الحيز الذي يملؤه ملفوظ النص الروائي. إن الجملة الأخيرة في رواية ما لا تشكل نهايتها، فما أن ينتهي كلام الكاتب حتى يشرع كلام القارئ في التبنين؛ الشيء الذي يعني أن الخطاب الروائي ـ مهما كانت طبيعته ـ يستمر بمختلف أشيائه ومكوناته مفتوحا في مكان آخر هو كيان المتلقي، وهو لغته من حيث هي مستودع ذاكرته بمتعها وآلامها وأحلامها وتخيلاتها.
وهذا معناه أن المكان الفني يولد وينمو ويموت، أو يستمر في العمل الفني وفي الحياة بعد انتهاء هذا العمل الفني ذاته . إنه ذو روح خاصة تعج " بالبشر والذكريات والآثار التي محيت ... وتركت وراءها روحا خاصة، روحا قد تظل تحوم في المكان، تجيء دوما إلى المكان ولو بعد حين، ولو بعد غياب " (1).
ولأن المكان الروائي كائن حي وفاعل ومؤثر في من وما يحتويه، فإنه لا يمارس حضوره في عالم الرواية بدون دلالة . إنه كينونة دلالية وتدليلية في ذات الوقت، إذ به تمتلك كل حركة روائية ـ سواء كانت حركة الشخصية، أو الحدث، أو الزمان، أو السرد، أو اللغة ... ـ دلالة تنسج في نهاية المطاف رؤية الرواية للعالم. غير أن هذا الذي يعطي لمختلف مكونات الرواية دلالاتها ليس مجرد مكان روائي، إنه الفضاء الروائي " فالمكان أصله الأرض، وعندما يتجرد يصبح الفضاء " (2) وهذا الفضاء هو مجموع أمكنة الرواية في حركتها المطردة، وفي علاقات هذه الحركة بحركات مجموع مكونات الرواية.
وهذا معناه أن دراسة المكان بصورة مستقلة عن دراسة الزمان وعن دراسة مجموع مكونات الرواية الأخرى تبقى شبه مستحيلة في نهاية المطاف. إن" الشيء في المكان منفصلا، يقابل الحدث متصلا، أو ديموميا في الزمان. بمعنى أنه كما لا يمكن أن يدرك شيء إلا وهو يشغل حيزا في المكان، كذلك لا يمكن لحدث أن يوجد إلا وهو يملأ وقتا " (3). غير أنه لا يمكن ـ في اعتقادنا ـ لأي شيء ـ سواء كان شيئا أو حدثا ـ أن يوجد في حيز دون أن يوجد في وقت. ف " المكان، في مقصوراته المغلقة التي لا حصر لها، يحتوي على الزمن مكثفا(4)" . إن الشيء ـ الذي لا يتحرك كما يبدو ـ يتحرك في ذاته وفي المكان والزمان كما يتحرك الحدث تماما. فإذا كانت الحركة أصل الدلالة، فلا شيء بدون دلالة لأن لا شيء بدون حركة.

يتبع ...





التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
    رد مع اقتباس