عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-08-23, 10:17 رقم المشاركة : 1
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي نشأة أدب الطفل العربي وتطوّره


نشأة أدب الطفل العربي وتطوّره

وفاء الشامسية

حينما بدأتُ تتبع أدب الطفل ونشأته كي أقف عليه من الناحيتين العلمية والفنية، وجدت في مجمل الدراسات البحثية الإشارة إلى توجّهين: الأول يرى أن أدب الطفل العربي تعود جذوره إلى التاريخ القديم منذ أيام الفراعنة، وهذا ما أشير إليه في كتاب (الطفل والتراث: مدخل لدراسة أدب الأطفال في الأدب العربي القديم، 1993)، في حين أن التوجه الثاني يرى أنه نشأ في الوطن العربي عن طريق الترجمة والاقتباس والصحافة والاتصال بالغرب، وهذا ما يؤكده كتاب (التنمية الثقافية للطفل العربي، 2001).
بينما يشير الأديب بيان الصفدي في كتابه (شعر الأطفال في الوطن العربي) المنشور عام 2008م إلى أنه “لا يمكن لأحد أن يزعم أن في تراثنا شعرا ً مكتوبا ً للطفل، لكن هذا التراث يحتوي على ما سُمِّي بشعر ترقيص الأطفال، وهو ليس مكتوبا ًمن أجل أن ينشده أو يحفظه الأطفال، بل هو شعر مكتوب بإيقاع راقص يناسب من يرقـِّص الطفل، فيعبّر عن عاطفته من ناحية، ويؤثر في الطفل بالصوت والحركة المرافقة للغناء”.
والمتأمل في الخط الزمني لنشأة أدب الطفل يجد أن (أورنيل أوفك) قد قسّم تطور أدب الأطفال إلى خمسة أطوار. هي: طور العصور القديمة حيث وجدت النصوص على أوراق البردي. وطور العصور الوسطى التي قام فيها رهبان الأديرة بجمع القصص القديمة التي ضمّت قصصا للأطفال وحافظوا عليها. وطور عصر الطباعة، حيث صدر في سنة 1550 في إنجلترا أول مطبوعة مخصصة للأطفال سميت “Horn Book”، ثم توالت الإصدارات في القرنين السابع عشر، والثامن عشر. وطور العصر التعليمي الذي يبدأ مع صدور كتاب “إميل” لجان جاك روسّو عام 1762، وتتميز هذه الفترة بإصدار مواد علمية وتثقيفية وموسوعات خاصة بالطفل. وأخيرا طور العصر الحديث الذي بدأ في منتصف القرن التاسع عشر، ويعتبر الطور الذهبي الذي انطلق مع صدور كتاب أليس في بلاد العجائب لمؤلفه لويس كارول.
ومن خلال اطلاعي على دراسة تحليلية قامت بها الدكتورة جيهان محمود، بعنوان (كتب الأطفال في مصر في القرن التاسع العشر)، ونشرت في عام 2007م، وجدتُ أنها تشير إلى خمسة مصادر أسهمت في نشأة وتطوّر أدب الأطفال العربي، وقد رتبتّها على النحو التالي:
أولا: القرآن الكريم والحديث الشريف، والسنة النبوية. والأمثلة في القرآن الكريم كثيرة ومتنوعة، منها ما نراه في قصص الأنبياء: كآدم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام… وقصة أصحاب الأخدود، وقصة الفيل، وقصة أصحاب الكهف. وقد تأتي القصص منفتحة على المستقبل البعيد كما في قصة آدم عليه السلام: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ ءَايَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾(طه:124-126). أو كما في قصة ذي القرنين: ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا﴾(الكهف:98-99).
أما القص في الحديث الشريف فنجده متمثلا في خمسة أنواع، أولها القصة التاريخية كقصة موسى والخضر عليهما السلام، وقصة إبراهيم وهاجر وإسماعيل عليهم السلام. وثانيها القصة الغيبيّة، مثل قصة رؤية الله في الآخرة، والصراط، والشفاعة. وثالثها القصة التمثيلية، أما رابعها فهي القصة القصيرة التي تتناول حدثا من الأحداث فتعرضه في صورة سريعة ذات تعبيرات مركّزة، كقصة المرأة التي حبست الهرّة. وخامسها القصة الطويلة كقصة الأقرع، والأعمى والأبرص.
ثانيا: التراث الشعبي، الذي يعتبر زاخرا بكثير من الأمثلة كحكايات عنترة بن شدّاد، وعلاء الدين، وأصحاب الكهف… إلخ.
ثالثا: الترجمة. مثل قصة سندريلاّ، والأقزام السبعة، وأليس في بلاد العجائب، وعقلة الإصبع… وغيرها.
رابعا: التاريخ العام، ويقصد به الأحداث الهامة في ذاكرة الأمة. مثل: قصص الفتوحات الإسلامية والمعارك والانتصارات.
خامسا: البيئة المحيطة. وهنا نستطيع القول بأن البيئة العمانية ثريّة بالحكايات والقصص، وإن كان أغلبها مرتبطا بعالم الخوارق والجن. إلا أنني أجزم أن كثيرا منّا قد نشأ على حكايات جده أو جدته له في طفولته.
ويشير هادي نعمان الهيتي في كتابه) ثقافة الطفل العربي، 1988) إلى أن أدب الأطفال العربي قد تأخر في الظهور رغم ثراء الأدب العربي. وما حكايات (ألف ليلة وليلة)، و(كليلة ودمنة) وغيرهما من الأدب الشعبي إلا أقاصيص وحكايات خاصة بالكبار تناقلها الناس لما فيها من أخيلة جامحة. وبرغم اهتمام العرب بالشعر واحترامهم وتقديرهم للشعراء لم يكتبوا شعرا خاصا بالأطفال يُراعى فيه حاجاتهم النفسية، ومراحل نموّهم رغم ما مجد من أشعارٍ تتحدّث عنهم أو عن مشاعر الآباء أو رسائل لهم، وهذا ما سنورد عليه أمثلة في المقال القادم.

-****************************-





    رد مع اقتباس