عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-03-27, 11:37 رقم المشاركة : 1
محسن الاكرمين
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
 
الصورة الرمزية محسن الاكرمين

 

إحصائية العضو







محسن الاكرمين غير متواجد حالياً


وسام المشارك في المطبخ

وسام المشارك

opinion الخطأ وحقِّ الاختلاف في البنية الاجتماعية


الخطأ وحقِّ الاختلاف في البنية الاجتماعية
نمتلك كلنا حق الخطأ ،تلك المتتالية المنطقية لحقِّ الاختلاف. وهو حقٌّ واجب تفرضه ممارسةُ الحرية الفكرية التي تنطوي على إمكانات الإصابة في الاجتهاد أو دون ذلك. فإخلاص المجتهد النية الصادقة لتطويع المعرفة قد ينجح ونثمن ذلك، و قد يخفق في وضع الضوابط الاولية مما يحول دون تحقيق النتائج المستهدفة فلا تثريب على ذلك .
وقد تغيب او تغيب - (بضم الياء )- معلومة او معطيات اساسية على المجتهد فيقبل فيما هو عليه مفترضًا أنه يرتضي السبيل الأمثل والعادل للوصول إلى كنه الحق والفعل الاصح ، لكن وجه الحقِّ لا يميط اللثام عن وجهه لطالبيه في كلِّ المرات؛ وينتهي الامر إلى ما نَصِفُه بالخطأ، الذي لا ينفي حسن المقصد والنية ، وجدية الغايات المسطرة سلفا ....
من تم نقر ان الخطأ في السياق المعرفي عنصر تميُّز، وليس فعل ناقص يستوجب نصب اليات القدح والتنقيص ، خصوصًا أن نتاج المعرفة الانسانية نسبية وتطورها متلاحق وبتجدد دائم ، وأن التقدم في البحث العلمي لا يستوجب تخطيط النتائج عبر نفق ظلمة الاعتباطية والارتجالية ، وإنما ترك الفرضيات - والفرضيات المضادة - تبني لبنات النتائج الغائبة او المغيبة .
وحري بنا في هذا المقام ان نقر بان الخطأ في العلوم التجريبية " الطبيعية "غير الخطأ في الاوساط الاجتماعية " العلوم الانسانية ". فالأول متكرر تكرار التجارب المعملية – المخبرية - التي تنطلق من فرضيات قد تفشل أوتصح في حلٍّ اشكالية قائمة، أو إيجاد بدائل لمعطى من المعطيات الافتراضية الاولية . اما الثاني وهو الاعم تداولا ففيه قول ، فالخطأ المتداول في الطبقة الاجتماعية حده الاول مصدر عفوي وآخر تعمدي قصدي :
فالأول ينشا عن نية غير مبيتة لكنه يلحق الضرر بالآخرين بشكل مباشر او غير ذلك ، مع اعتراف صاحب منشأ الخطأ – الاعتراف بالخطأ وهو المطمح الاجتماعي الذي نرتضي للمغاربة كسلوك مدني – فلا لوم عليه. ولكن الامر يستفحل فيما اذا كانت نتائج اكثر حدة وبسلبية ممتدة ،فاعتقد ان الامر يستحمل وجهين لا محيد عنهما ،الاول وهو المرجعية الدينية فالله غفور رحيم ،والتوبة تشفع خطايا الفعل في حدوده الدنيا ،هذا اذا ما تعلق الامر بعلاقة العبد بربه.و الثاني وهو الخطأ المنعكس على الفرد او الجماعات " حقوق العباد " ، فثمة يبدأ البحث عن منشأ الخطأ ومدى الضرر الذي الحقه ،ثم موقف المتضرر منه (او المتضررين منه ) ومدى قابلية العفو والتصالح مع الاخرين بصدق نية ، او المطالبة بالحساب الدنيوي / الاخروي ...
نرجع الى الخطأ المقصود ان لم نقل عليه الخطأ المتعمد ، نية السوء مبيتة فيه ،نتائجه تقوض اركان البنية الاجتماعية في وحدتها الكبرى وتقاسماتها الصغرى على حد السواء ، اما امتداده فيبقى سرابا لا نتوقع متى يزول وكيف يتم تجاوزه....
اذا والعملية كذلك ، وقبل البحث عن العفو او المساءلة /المحاسبة ،او ترك الامور للسلطة القضاء او للإجرائية القدرية ، فإننا نبحث اولا عن كيفية ابراء - " البراءة بمفهومها القانوني "- المستهدف من الخطأ او المستهدفين منه امام مكونات المجتمع كحق مدني ، ورد الاعتبار الكلي ، والإنصاف بشكل عادل ومرتضى من قبل الجميع ، هذا السبيل يتطلب اولا الشجاعة الكافية للجميع فضلا عن مكاشفة حقيقية تبتغي موضوعيةُ محايدة بدون تحيُّز للانتماء العرقي / الاعتقاد الديني / القناعة السياسية ...
ومن اعتقادي فالعفو والصفح او طلب القصاص مرده للشخص او الجماعة (جمعيات المجتمع المدني) التي مسها الخطأ بشكل مباشر او غير مباشر من حيث :
& مدى حجم اتساع وعمق الخطأ،
& مدى امتداد اوجه الخطأ الاخطبوطي على فئة معينة او فئات اجتماعية اخرى ،
& مدى مقدار تمطط الخطأ معنويا وذاتيا على المستهدف به من حيث المكان والزمان ،
ومن البديهي القول اذا مس الخطأ الثوابت الدينية او الأعراف العامة أو بنية القيم الاجتماعية ، فالخطأ هنا نقيضٌ واضح للصواب بلا برهنة ولا استدلال ولا تبريرات فالحق حق والباطل بين ولو تلون بألوان الحرباء،وهنا يستدعي الامر وقفة واحدة ...
اما مسلك التسامح الذي يجب امتلاكه في أحوال الخطأ فهو تصحيحه بالحجة المقنعة ،والمعلومة الضابطة ،والعلة المنطقية والسببية المتأصلة من السلوكيات المدنية ، ثم العمل على تجفيف مستنقع الخطأ والأخطاء ولو نسبيا ،مع قيمة امتلاك منهج المجادلة بالتي هي أحسن وأخيرا العفو عند المقدرة ....
هذا ما نرتضيه لمغرب المواطنة - (اقول بمغرب المواطنة كمنهج سلوكي قوامه الثوابت الوطنية الكبرى التي تتأسس عليها الوحدة الوطنية ضمن مفهوم الاختلاف لا الخلاف)- الذي لا مناص فيه من الاختلاف في الرأي ،و التقاطع في اليات تشفير و تفكيك الاشكاليات المطروحة للجدال والنقاش فيها ،وكذا تصريف حلولها ،كل هذا في ظل احترام الذات والآخر ،والاشتغال ضمن منظومة اجتماعية كفيلة بإنتاج النقد الذاتي والنقد المضاد. ..
محسن الاكرمين






    رد مع اقتباس