هل تصدق ؟ / قصة / أحمد القاطي |
هل تصدق ؟
بعـد يـوم مـشهـود قضاه في الفـصل ، عــاد المدرس الجديد إدريس ، المفعـم حيوية ونشاطًا إلى بيته مكْـدودًا مُـنهكًا . استلقى على بطـنه ملتمسا قسْطـا من الراحة استعدادًا ليوم الغــد الذي سوف يزوره فـيه المؤطر قصد البث في مسألة أهْـليـته . لقد أتعَـب إدريس نفسه بسبب المجهودات الإضافية التي بدلها وهـو يهيئ التلاميذ لليوم
الموعـود الذي كان يعْـلمه ، والذي ينبغي أن يكونوا فيه جاهـزيـن : صحّح دفاتـرهم بعد
مراقـبتها ، ودوّن ملاحظاته فيها ، وحثهم على عـدم نسيانها في المنـزل ، مع ضرورة المشاركة المكثـفة أثـناء الـدرس . في يـوم الغـد ، ونظرا لعلمه بمستوى تلاميذه ، أحضر إدريس بعض حـبّات من الجِزر ووضعها فوق مكـتبه . المؤطر في آخر الصفّ ، ظـنّ أنها وسيلة من وسائل الإيضاح .
دوّن المعلم على السبورة تاريخ اليوم ، ومـوضوع الدرس الجديد : المفعـول به . وطـلب إلى التلامـيذ إخراج دفاتـرهـم ، وفـتْـح كُـتـبهم . لما انتهى واستدار ، رأى كل الأصابع مرفـوعة . اندهـش وسـرتْ في جسده قشعـريـرة .
بعـد تـردّدٍ طـلب إلى أحـد التلاميذ أن يتكلم ، والكل يصيح : أستـاذ أنا ، أستـاذ أنا ، أستـاذ أنا .... تكلم الأول وقال : أستاذ ، نسيتُ المراجعة َ .
كـتـمَ إدريس غـيْـظه متجاهلا إياه ، وبسرعة انتـقـل إلى تلميذ ثـان فقال : أستاذ ، نسيتُ المـقلمة َ . وضع إدريس يده على حبّة جِزر ، وأذن للثالث بالكلام فقال : أستاذ نسيتُ الدفـتـر. وضع إدريس حبّة الجزر في فمه وقـضمها ومضغها بعـنـفٍ ، وأذن للرابع بالكلام فـقال : أستاذ ، نسيتُ المحفـظـة َ . التـفـت إدريس إلى المؤطر فـوجده ، قـد حمل محفظته ، ووقف وهـو ينظـر إلى التلاميذ مطأطئـًا رأسه . توجه نحـو إدريس ، سلم عـليه بحـرارة وانصرف . بعـد شهـر ، استدعي إدريس إلى مكتب المديـر لاستلام تـقـريـر المؤطر وتوقـيعه . لما ألقى نظرة عليه ، لم يصدق عينيه ، لقد منحه نقطة الامتياز .
أحمد القاطي : تازة في 09 / 4 / 3 | آخر تعديل أحمد القاطي يوم 2010-11-23 في 16:37. |