عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-02-02, 21:44 رقم المشاركة : 3
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: نشأة الدواوين في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه



تُصوِّر الروايات أنَّه وُضع دفعةً واحدة، لكنَّ الواضح أنَّه تطوَّر مع تنامي الفتوح واستقرار المسلمين في الأمصار، وهذا يعني أنَّ بدايته في السنة الخامسة عشرة للهجرة كانت تخصُّ المدينة وحدها دون المسلمين في البلاد المفتوحة، لكنَّ فتوح القادسية والمدائن بدَّلت الأوضاع التي انعكست على بناء الديوان ووظيفته[11]؛

إذ إنَّ إعادة تعريف الناس التي تضمَّنت تحديدًا لعطاءات المقاتلة حسب طبقاتهم قد حدثت في السنة السابعة عشرة للهجرة، فيُمكننن أن نستنتج أنَّ تحويل الديوان من إجراءٍ تنظيميٍّ خاصٍّ بتوزيع الخمس القادم على المدينة إلى وسيلةٍ تنظيميَّةٍ مركزيَّة لضبط عملية توزيع غنائم الأمصار المفتوحة على المقاتلة قد حدثت عمليًّا في السنة السادسة عشرة للهجرة، بدليل أنَّ التبدُّل النوعيِّ من الغارة التقليديَّة إلى الفتح المنظَّم قد حدث في هذه السنة كنتيجةٍ لفتوح القادسيَّة والمدائن.

والمعروف أنَّ تدوين الديوان لا يُمكن أن يعتمد على الفيء الذي يرد من الغزو؛ لأنَّه موردٌ غير ثابت، والديوان مصروفٌ سنويٌّ ثابت، لا بُدَّ إذًا أنَّه اعتمد على الجزية والخراج، ولم تبلغ الجزية ولم يبلغ الخراج الذي يسع عطاء المسلمين جميعًا في عام 15هـ[12]، وهذا ما تُشير إليه رواية الطبري التالية: "قالوا:

فرض عمر العطاء حين فرض لأهل الفيء الذين أفاء الله عليهم -وهم أهل المدائن- فصاروا بعد إلى الكوفة، انتقلوا عن المدائن إلى الكوفة والبصرة ودمشق وحمص والأردن وفلسطين ومصر، وقال: الفيء لأهل هؤلاء الأمصار ولمن لحق بهم وأعانهم، وأقام معهم ولم يُفرض لغيرهم، ألا فيهم سُكنت المدائن والقرى، وعليهم جرى الصلح، وإليهم أدى الجزاء، وبهم سُدَّت الفروج وُدِّوخ العدو، ثُمَّ كتب في إعطاء أهل العطاء أعطياتهم إعطاءً واحدًا سنة خمس عشرة"[13].

الواضح أنَّ الطبري ومن نقل عنه، لم يُراعوا الفارق الزمنيَّ البسيط بين وضع الديوان وبين فرض العطاء على المقاتلة في البلاد المفتوحة، مهملين التطورات النوعيَّة المهمَّة التي حدثت في السنتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة للهجرة؛ فالطبريُّ يُرجع تأسيس الديوان إلى السنة الخامسة عشرة للهجرة ويُؤرِّخ للفتوح التي تلت القادسية وفتوح المدائن في أوائل السنة السادسة عشرة للهجرة، ويبدو واضحًا أنَّه يُؤرِّخ لجملة هذه التطورات على أنَّها تغيُّرٌ واحد رمزه وعلاقته ديوان عمر رضي الله عنه[14].

يربط البلاذري فرض العطاء باستقرار فتوح العراق والشام "كما افتتح عمر العراق والشام وجبى الخراج جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنِّي قد رأيت أن أفرض العطاء لأهله، فقالوا: نعم رأيت الرأي يا أمير المؤمنين..."[15]، فعلى خلفيَّة كثرة الفيء وكثرة عدد المسلمين المشاركين في الفتوح جاء ديوان عمر رضي الله عنه ليعطي كلَّ فردٍ مقاتلٍ نصيبه منه، فكان إحصاء الناس وتصنيفهم إلى فئاتٍ متعددةٍ طبقًا لقِدَمهم في الإسلام، وفضلهم في الفتوح، المحتوى الاجتماعي الأساسي لديوان عمر رضي الله عنه.

هكذا فإن القاعدة التي اتُّخذت مقياسًا لتوزيع العطاء كانت لها خلفياتٌ متَّصلةٌ بمبدأ العقيدة التي هي جوهر المجتمع، وتبدو واضحةً في قوله: "ما من الناس أحدٌ إلَّا له في هذا المال حق، أُعْطِيَهُ أو مُنِعَهُ، وما من أحدٍ أحقُّ به من أحد إلَّا عبد مملوك، وما أنا فيه إلَّا كأحدهم، ولكنَّا على منازلنا من كتاب الله وقسمنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالرجل وبلاؤه في الإسلام، والرجل وقِدمه في الإسلام، والرجل وغناؤه في الإسلام، والرجل وحاجته، والله لئن بقيت ليأتينَّ الراعي بجبل صنعاء حظُّه من هذا المال وهو مكانه"[16]. وقد قرَّر الخليفة تقدُّم بني هاشم أسرة النبي صلى الله عليه وسلم على غيرهم في العطاء، ثُمَّ أخذ بمبدأ الأسبقيَّة في الإسلام والمشاركة في أحداثه التاريخيَّة البارزة لا سيما المعارك الأولى كبدرٍ وأُحُد، وبقيَّة المعارك الكبرى في العراق وبلاد الشام.

يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس