عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-12-14, 11:27 رقم المشاركة : 1
مصطفى بتي
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







مصطفى بتي غير متواجد حالياً


c2 المدرسة المغربية وسؤال الهوية.


* مصطفى بتي، تربوي*
ساهمت المبادئ الأربعة " التعميم، التوحيد، التعريب والمغربة" التي رفعت كشعار إبان الاستقلال، في توحيد المغاربة قاطبة حول مدرسة مغربية موحدة، وفي تعزيز المشترك بينهم، عبر منهاج دراسي يتم تصريفه في جميع المؤسسات التعليمية بالبلاد، الأمر الذي ساهم في ترسيخ مبدإ تكافؤ الفرص بين جميع المغاربة باختلاف طبقاتهم الاجتماعية إلى حدود سلك الثانوي على الأقل.
صحيح أن المدرسة المغربية حينها، كانت تعتمد مقاربات بيداغوجية قد تنعت اليوم بالتقليدية، بارتكازها على الطريقة التلقينية المتمركزة حول المدرس والمحتوى، إذ لم يكن "التلميذ" يساهم بفاعلية في بناء معارفه، بل يتلقاها جاهزة من لدن "الأستاذ"، وكانت هذه الطرق تنبني على الحفظ والذاكرة. إلا أن النتائج الدراسية للمتعلمات والمتعلمين كانت في المستوى المطلوب. فحظيت المدرسة المغربية وقتها بمكانة متميزة داخل المجتمع، فبالإضافة إلى دورها الأساسي المتمثل في التربية والتعليم فقد كانت وسيلة للارتقاء الاجتماعي لفئات عريضة من أفراد الشعب المغربي.
إن المتتبع لحال المدرسة المغربية اليوم، يمكنه إدراك الأشواط المهمة التي قطعها نظامنا التعليمي في ظل الإصلاحات المتعددة التي شهدتها المنظومة التربوية والتي ناهزت الثلاثة عشر إصلاحا، كان آخرها صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ثم البرنامج الاستعجالي الذي جاء لتدارك تعثرات عشرية الميثاق. إصلاحات انعكست بالطبع على واقع المدرسة المغربية.
لقد حدد الميثاق في القسم المخصص للمرتكزات الثابتة لنظام التربيةوالتكوين، المعالم الكبرى للمدرسة المغربية، والمتمثلة في جعل المتعلم محورالإصلاح والتغيير، عن طريق رفع مستواه التحصيلي والمعرفي والمهاري، والعمل على تكوين أطر مستقبلية مؤهلة ومؤطرةكفأة قادرة على الإبداع والتجديد وتنمية البلاد. إلا أن راهن المدرسة المغربية يحتم علينا ملامسة ثنائية المدرسة العمومية والمدرسة الخصوصية.
فالمدرسة العمومية تضم نوعين على الأقل من المدارس؛ مدارس حضرية وأخرى قروية، المدارس المتواجدة بالعالم الحضري ليست متجانسة، إذ أن المدارس المتمركزة بالأحياء الراقية لاتشبه إلى حد كبير تلك المنتشرة في الأحياء الهامشية. أما العالم القروي فيشتمل بدوره على مدارس شبه حضرية، وأخرى قروية نائية، ثم مدارس المناطق الجبلية. ولكل نوع من هذه المدارس خصوصياته التي تميزه عن المدارس الأخرى، إن على مستوى الظروف المناخية، أو الجغرافية أو السوسيو- اقتصادية أو حتى البيداغوجية. وبالتالي لايمكن الحديث عن مدرسة عمومية واحدة وموحدة بين جميع المغاربة.
أما بخصوص المدرسة الخصوصية، فصحيح أن غالبية مدارس التعليم الخصوصي تتموقع في المدن، إلا أن حالها لايختلف كثيرا عن المدرسة العمومية، إذ أن هناك تباينا وتمايزا بين هذا النوع من المدارس، سواء تعلق الأمر ببنيات الاستقبال أو ظروف وجودة التعلمات.
فبنيات الاستقبال تختلف من مؤسسة تعليمية إلى أخرى، حيث توجد مدارس خصوصية لاتتوفر على فضاءات مدرسية ملائمة، بل هي عبارة عن سكنيات رخص لها لتفتح أبوابها أمام المتعلمات والمتعلمين. في المقابل، هناك مدارس خصوصية تستجيب للمعايير اللازم وتوفرها في مؤسسة تعليمية.
أما فيما يتعلق بالكتب المدرسية المقررة بهذه المدارس، فتكاد تختلف من مدرسة خصوصية إلى أخرى، ففي ظل فوضى هذا الواقع، فإن بعض الكتب المعتمدة تشتمل بعض النصوص التي تتعارض مع المنظومة القيمية للمجتمع المغربي.
أمام هدذا الوضع، وبالنظر إلى تعددية المدارس بالمغرب بشقيها العمومي والخصوصي، فقد انعكس ذلك على مخرجات النظام التعليمي، فيكفي الوقوف على المستوى المتباين بين المتعلمات والمتعلمين الحاصلين على الباكالوريا، ليستنتج المرء بسهولة اختلاف مساراتهم الدراسية منذ التعليم الأولي إلى الابتدائي فالإعدادي ثم الثانوي. وبالتالي اختلاف المدارس التي ولجوها وتعلموا بين أحضانها.
مما سبق، تظهر جلية "إشكالية الهوية" بالنسبة للمدرسة المغربية، إلى درجة يمكن من خلالها الحديث عن مدارس مغربية بصيغة المتعدد وليس عن المدرسة المغربية الموحدة.

@مصطفى بتي
تربوي





    رد مع اقتباس