عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-02-12, 18:27 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: كيف كان يحكم الملك الحكيم حمورابي؟



كان البابليون ساميين في مظهرهم سود الشعر سمر البشرة ، رجالهم ملتحون ، ويضعون على رؤوسهم أحياناً شعراً مستعاراً وكانوا رجالاً ونساء على السواء يطيلون شعر رؤوسهم ، وحتى الرجال كانوا أحيانا يرسلون شعرهم في ضفائر تتدلى على أكتافهم، وكثيراً ما كان رجالهم ونساؤهم يتعطرون . وكان ثياب الجنسين المألوف مئزراً من نسيج الكتان الأبيض يغطي الجسم حتى القدمين ، ويترك إحدى كتفي المرأة عارياً ، ويزيد عليه الرجال دثاراً وعباءة ، ولما زادت ثروة السكان تذوقوا حب الألوان ، فصبغوا أثوابهم باللون الأزرق فوق الأحمر أو بالأحمر فوق الأزرق ، في صورة خطوط أو دوائر أو مربعات أو نقط . ولم يكونوا كالسومريين حفاة الأقدام بل اتخذوا لهم أخفافاً ذات أشكال حسنة ، وكان الذكور في عصر حمورابي يتعممون ، وكانت النساء يتزين بالقلائد والأساور والتمائم ، ويزينن شعرهن المصفف بعقود من الخرز . وكان الرجال يمسكون في أيديهم عصياً ذوات رؤوس منحوتة منقوشة ، ويحملون في مناطقهم الأختام الجميلة الشكل التي كانوا يبصمون بها رسائلهم ووثائقهم . وكان كهنتهم يلبسون فوق رؤوسهم قلانس طويلة مخروطية الشكل ليخفوا بها صفتهم الآدمية .

وزادت الثروة فأنتجت في بابل ما تنتجه في سائر بلاد العالم . ذلك أن من السنن التاريخية التي تكاد تنطبق على جميع العصور أن الثراء الذي يخلق المدنية هو نفسه الذي ينذر بانحلالها وسقوطها . فالثراء يبعث الفن كما يبعث الخمول ؛ وهو يرقق أجسام الناس وطباعهم ، ويمهد لهم طريق الدعة والنعيم والترف ، ويغري أصحاب السواعد القوية والبطون الجائعة بغزو البلاد ذات الثراء . وكان على الحدود الشرقية لهذه الدولة الجديدة قبيلة قوية من أهل الجبال هي قبيلة الكيشين تحسد البابليين على ما أوتوا من ثروة ونعيم . فلم يمض على موت حمورابي إلا ثمان سنين حتى اجتاحت رجالها دولته ، وعاثوا في أرضها فساداً يسلبون وينهبون ، ثم ارتدوا عنها ، ثم شنوا عليها الغارة تلو الغارة ، واستقروا آخر الأمر فيها فاتحين حاكمين ، وهذه هي الطريقة التي تنشأ بها عادة طبقة السراة( بعض الملاّك من الاسياد والطبقة الوسطى) في البلاد . ولم يكن هؤلاء الفاتحون من نسل الساميين ولعلهم كانوا من نسل جماعة المهاجرين الأوربيين جاءوا إلى موطنهم الأول في العصر الحجري الحديث ، ولم تكن غلبتهم على أهل بابل الساميين إلا حركة أخرى من حركات الهجوم والارتداد التي طالما حدثت في غرب آسيا. وظلت بلاد بابل بعد هذا الغزو عدة قرون مسرحاً للاضطراب العنصري والفوضى السياسية اللذين وقفا في سبيل كل تقدم في العلوم والفنون .

ولدينا صورة واضحة من هذا الاضطراب الخانق في رسائل (تل العمارنة )التي يستغيث فيها اشراف بابل وسوريا بمصر التي كانوا يؤدون إليها خراجا متواضعاً بعد انتصارات تحتمس الثالث، ويتوسلون إليها أن تمد إليهم يدها لتعينهم على الثوار والغزاة . وفيها أيضاً يتجادلون في قيمة ما يتبادلونه من الهدايا مع أمنحوتب الثالث الذي يترفع عليهم ، ومع إخناتون الذي أهملهم وانهمك في غير شؤون الحكم .


أُخرج الكيشيون من أرض بابل بعد أن حكموها ما يقرب من ستة قرون اضطربت فيها أحوال البلاد وتمزقت ، كما اضطربت أحوال مصر وتمزقت في عهد الهكسوس . ودام الاضطراب بعد خروجهم أربعمائة عام أخرى حكم بابل في أثنائها حكام خاملون فاسدون ليس في أسمائهم الطويلة اسم واحد جدير بالذكر . ودام عهدهم حتى قامت دولة أشور في الشمال فبسطت سيادتها على بابل وأخضعتها لملوك نينوى . ولما ثارت بابل على هذا الحكم دمرها سنحاريب تدميراً لم يكد يبقى منها على شيء . ولكن عصر ,,هدون,, ، المستبد الرحيم أعاد إليها رخائها وثقافتها . ولما قامت دولة الميديين وضعف الآشوريون استعان نبوبولصر بالدولة الناشئة على تحرير بابل من حكم الآشوريين ، وأقام فيها أسرة حاكمة مستقلة . ولما مات خلفه في حكم الدولة البابلية الثانية ابنه نبوخد نصر الثاني الذي يسميه بعض المؤرخين بـ (الرجل الوغد )حقداً عليه وانتقاماً منه . وفي وسع المرء أن يستشف من خطبة نبوخد نصر الافتتاحية لمردوك كبير آلهة بابل مرامي الملك الشرقي وأخلاقه :
(( إني أحب طلعتك السامية كما أحب حياتي الثمينة! إني لم أختر لنفسي بيتا في المواطن كلها الواقعة خارج مدينة بابل . . . ليت البيت الذي شيدته يدوم إلى الأبد بأمرك أيها الإله الرحيم . ولعلي أشبع ببهائه وجلاله ، وأبلغ فيه الشيخوخة ، ويكبر ولدي ، وتأتي إليَّ فيه الجزية من ملوك الأرض كلها ومن بني الإنسان أجمعين))

.وعاش هذا الملك حتى كاد يبلغ السن التي يطمع فيها ؛ وكان أقوى ملوك الشرق الأدنى في زمانه وأعظم المحاربين والبنائين والحكام السياسيين من ملوك بابل كلهم لا نستثني منهم إلا حمورابي نفسه . هذا مع أنه كان أمياً ، ولما تآمرت مصر مع أشور لكي تخضع الثانية بابل إلى حكمها مرة أخرى ، التقى نبوخد نصر بالجيوش المصرية عند قرقميش على نهر الفرات الأعلى وكاد يبيدها عن آخرها . وسرعان ما وقعت فلسطين وسوريا في قبضته ، وسيطر التجار البابليون على جميع مسالك التجارة التي كانت تعبر غرب آسيا من الخليج إلى البحر الأبيض المتوسط ...

المصادر
ــــــــــــــــــــــــــــــ
مارك فان دي ميرووب ـــ الملك حمورابي من بابل ـــ بلاكويل للنشرـــ 2005.
ث جاكوبسن ـــ الديمقراطية البدائية ـــ مجلة دراسات الشرق الادنى ـــ 1952.
سهيل قاشا ـــ شريعةحمورابي ـــ لندن ـــ 2007.
ابراهام . م . ليفنون ، الشعوب القديمة والقانون ـــ لندن ـــ 1992






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس