مرة أخرى يجد المتلقي الأستاذي ذاته رفقة تجربة كتابية جديدة للمبدع و الأخ الكبير " أبو العز "..تجربة بتجليات عميقة ، رؤية و بناء ، دلالة و حبكة سردية . أول الدهشة تحصل مع الاختيار المدهش للعنوان : " قفص الحرية " ، فالدلالة الحرفية للإ شارتين المكونتين للعنوان يؤديان - ودون تأويل يُذكر - إلى سياقين و مدلولين متناقضين و غير متوازيين .. وبهذا فهو ليس عنوانا جاهزا ، وإنما هو تعبير عن دلالة ذاتية محضة ، و قد اختير بدقة فائقة ، كونه البوابة الرئيسية لولوج النص الممتع . اختار الكاتب / السارد أن يعتمد على الصوت السردي القوي ، صوت الراوي المتحكم في تموجات السرد و المؤسس لوجودية الشخصية الأساسية و المحورية ، شخصية العصفور .. وبذلك تمّ للمتلقي التعرف إلى الشخصية المذكورة دون عناء يُذكر ، والفضل كل الفضل يعود إلى تمكن الكاتب / السارد من ضبط ايقاعات الوصف ، وكدا حسن الإنتقال بين المقاطع السردية و المشاهد الإنسانية المُثيرة . ظلت اللحظات الزمانية تمتد بشكل تصاعدي ، من الماضي إلى الماضي ، ثم نحو المستقبل ، ودائما بصورة بعيدة عن الحشو و الاطناب .. فكل الإحالات تمتاح من الواقع ، ألِفها المتلقي ،كونها ترفع الحاجة إلى التأويل و التفسير . حكاية العصفور في علاقته بالقفص و الانسان ، قصة ممتعة جدا ، كسّرت رتابة المحبة الروتينة بشر / بشر لتسموَ بنا إلى مراتب المودة و المحبة الخالصة ، مودة نابعة من فطرة طائر صغير اتجاه انسان عرف كيف يصنع المعروف . والجميل الأكبر يعود لقلم العز .