منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى الأخبار العامة (https://www.profvb.com/vb/f30.html)
-   -   الأمازيغية ومنطق الاستعجال (https://www.profvb.com/vb/t98186.html)

عمر أبو صهيب 2012-05-27 10:06

الأمازيغية ومنطق الاستعجال
 
الأمازيغية ومنطق الاستعجال


فؤاد بوعلي هسبريس : 27 - 05 - 2012



عندما انتقد الأستاذ محمد مستاوي، خلال تكريمه في برنامج "مسار" الذي قدمته دوزيم، اختيار المغنية فاطمة تباعمرانت ولوج عالم السياسة من خلال الانتخابات البرلمانية، كان يتصور أن هذا الاختيار شخصي ونابع من قناعة ذاتية. لكن تبين فيما بعد أن السيدة التي غدت نائبة برلمانية هي جزء من مسار طويل من الخيارات المطلوبة. لذا فطرحها لسؤال شفوي بالسوسية بعد استشارتها لحزبها المنتمي لفيلق المعارضة البرلمانية يفهم في سياق التجاذبات السياسية التي تحاول في أكثر من مناسبة محاصرة مد القطب الهوياتي. وفي هذا الإطار يمكن استيعاب النقاش الدائر والمثار حاليا حول موقع الأمازيغية الفعلي هل هو المركز أو الهامش، وعلاقة ذلك بالاصطفافات الجديدة والحروب المتعددة المعلنة على حكومة المصباح.
إن فتح هذا الملف بعد أشهر قليلة على تولي الحكومة الحالية لا يمكن إلا قراءته في مسار من المحاولات الرامية إلى مواجهة قادة القرار السياسي الجدد وعرقلة مدهم الجماهيري الذي أذهلهم هم قبل الخصوم. فمن المعلوم أن النص الدستوري المعدل قد وجه النقاش اللغوي وطرح صيغة توافقية يمكنها أن تليق مقدمة لطرح تصور إجرائي للمسألة اللغوية دون فرض خيارات معينة أو إجبار المجتمع على مسار تنزيلي معين. كما أنه لا الدستور ولا أي نص قانوني آخر يمكنه الحسم في النقاش اللغوي الهوياتي الذي ينبغي بلورته في إطار مجتمعي تعاقدي تقوم الدولة فيه بدور المنسق والمشرف وليس المقرر والمتحكم. فمن خلال قراءة صيغة النص الدستوري، التي يتم تجاهلها، يبدو أن المشرع قد تحدث عن لغة رسمية أولى وأساسية وأخرى تحتاج إلى قانون تنظيمي لأجرأتها. لكنه في نفس الفصل (الخامس) تحدث عن هيئة عليا تؤطر النقاش وتطرح تصورا إجرائيا للمسألة اللغوية على الصعيد الوطني بعد أن فشلت جل المؤسسات التربوية والعلمية المختلفة التي نظمت ندوات وملتقيات ونشرت كراسات ودوريات في بلورة تصور واضح للمسألة يمكن نقله نحو التطبيق الفعلي. فهل كان سؤال تبعمرانت استعجالا للحل؟ أم أن الأمر لا يعدو جزءا من نقاش سياسي اتخذ لبوسا إيديولوجيا؟
1. المتأمل في سيمياء السائلة (اللباس والحروف المنقوشة عليه، وطريقة الكلام...) قد يصل إلى جملة من الملامح التي تبرز أن السؤال قد قصد به ليس الدفاع عن الأمازيغية بقدر ما يقصد به استدراج الهيئات السياسية نحو تبني خيارات مستعجلة في ظروف غير طبيعية. فالموقف الشعبي الذي سيد القطب الهوياتي وملكه القرار السياسي قد دفع الخصوم الإيديولوجيين والسياسيين إلى محاولة عرقلة هذا الاختيار. وفي كل مرة تثار قضية يراد منها المزايدة على قيادة المصباح وزملائه تارة دفاعا عن تمثيلية النساء وأخرى عن الأطفال وأخرى عن الفرنسية والحداثة... والآن دفاعا عن الأمازيغية. والبقية تأتي.....ومسيرة الأحد جزءا من هذا المسار.
2. إن الاستعجال الذي جعل السائلة المنتمية لحزب حسب دوما على السلطة والإدارة تطرح سؤالها يفسر الخوف الذي يرعب خصوم الإدارة الحالية من النجاح في إدارة المسألة اللغوية بشكل لا يتوقف عند الحلول الترقيعية أو المفروضة قسرا بل ينحو نحو تقديم حلول استراتيجية تحفظ للأمة انتماءها وتعدديتها الثقافية. فقد تعودت هذه العناصر النخبوية أن تختبئ وراء آلية السلطة لتفرض آراءها دون العودة إلى رأي المجتمع الذي ظل على الدوام مخبرا للتجارب المتكررة والفاشلة ، وحين حانت الفرصة لتقديم البديل المؤسس خشيت على مكانها الذي سيغيب حين التوافق على سياسة لغوية.
3. إن أي إجراء تنظيمي يضبط واقع الأمازيغية ومسطرة تداولها لا يمكن أن يتم دون وجود استراتيجية وطنية للمسألة اللغوية تعمل بمبدأ الجدولة الوظيفية للغات الوطنية والأجنبية والتعبيرات الثقافية المختلفة. ولعل التسرع في المطالبة بالقانون ومحاولة استعجاله يدل على أن الأمر لا يرام منه القطع مع ماضي الفوضى اللغوية بقدر ما هي محاولة لفرض نموذج فوضوي آخر. وفي الحالتين ستضيع الهوية اللغوية للمغاربة من أجل رؤى فئوية ضيقة أثبتت الأحداث أن المقصود الوجود الوطني قبل اللغوي.
إن الحسم في المسألة اللغوية على الصعيد الوطني يفترض أمرين متلازمين:
• وضع خطة استراتيجية وشمولية للمسألة برمتها يشارك فيها أهل الاختصاص وليس أهل المزايدات الإيديولوجية،
• وعدم تكرار النماذج السابقة التي بنت مقترحاتها على سياسات ترقيعية وجزئية.
فصحيح أن المزايدات السياسية والإيديولوجية التي غلفت النقاش اللغوي منذ بدايته تجعل من الصعب الخلوص إلى نمذجة مقبولة، لكن جرأة سادة القرار الجدد بحكم شرعيتهم التاريخية والشعبية يتيح لهم إمكانات كبرى للقفز على كل المزايدات الظرفية التي تريد محاصرة الإنجاز.


الساعة الآن 13:43

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd