منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   أدب الطفل (https://www.profvb.com/vb/f432.html)
-   -   شتلة الليمون (https://www.profvb.com/vb/t25315.html)

سعيدة سعد 2010-04-06 15:22

شتلة الليمون
 
تعودت أمي على الرمي بالمياه التي تغسل فيها الخضر والفواكه ، فوق الأغراس بالحافة اليمنى من الممر المؤدي إلى حظيرة المواشي .
نبتت في المكان عينه أنواع مختلفة من شتلات الخضر ، غير أن شتلة تختلف عن الأخريات ، أثارت انتباهي . فهي مشتدة العود ولونها الأخضر لا يشبه باقي تدرجات الأخضر في باقي النبتات .
كنت أعمد إلى إلقاء نظرة عليها كل صباح قبل التوجه إلى المدرسة وبعد العودة منها .وفي كل مرة تبدو لي قد ازدادت ارتفاعاً ، وكثر بها عدد الوريقات .
ذات زوال ، وأنا ألقي النظرة المعتادة على النبتة الخضراء ، اكتشفت أن ماعزتي المتهورة قد داست بحافرها جزءاً من التربة المحيطة بها ، وتسبب في تقشير جزء من ساقها .غضبت كثيراً لما أصاب النتبة ، وودت لو جررت الماعزة من أذنيها جراً ، لترى ما أقدمت عليها جراء رعونتها.
لم أجد غير الصراخ و الدموع ، أفرج بها عن غيظي وحنقي . ركضت نحو البيت ، أشكو مابي لأمي .سمعتْ أختي شكواي ،خلصتني من محفظتي الثقيلة ورغبة منها في مواساتي والتخفيف من غضبي ،أمسكتْ بمعصمي وقالت : " تعال ، لنر ما يمكننا فعله ، فالماعزة لن تصلح ما أفسده حافرها ."
جرتني خلفها وأنا أمسح دموعي وسيول أنفي ، وهي تسألني : " أرني أين هي نبتتك يا إبراهيم ؟ "
-" إنها هناك يبن شتلات الطماطم . هاهي ذي ."
- " يالجمالها ! إنها شتلة الليمون .وهي
لا تبدو في حال سيئة.لا تقلق ،سنتعاون على حمايتها ومعالجة ما لحقها من إتلاف.
انبسطت أسارير وجهي ، ومسحت دمعي بسرعة ، ثم سألت أختي : " هل حقاً ما تقولين يا شيماء ؟ هل نستطيع تضميد جرحها ؟؟"
ضحكت شيماء وأجابتني :" نعم سنضمد جراحها ، وسنعتني بها كما نعتني بجروحنا . لكن علينا أولاً أن نجد لها مكاناً مناسباً ، فمكانها هنا ضيق وسيعرضها مرات ومرات لدهس حوافرالدواب والماشية . "
-" حقا ؟؟ أيمكننا تغير مكانها ؟؟"
- "بكل تأكيد . تعال فقط نختر لها مكاناً مناسباً وآمناً . "
مارأيك أن نضعها هناك قرب البئر ؟؟ هكذا يسهل علينا ريها ، وتكون بعيدة عن الممر ."
- " ألن تتأذى بالمياه التي تملأ جوانب البئر عندما نجلب الماء منها ؟"
- " وهل تظننا سنغرسها على حافة البئر ؟؟؟"
ضحكتُ من جواب أختي ، وأجبت : " طبعاً لا ، معك حق فلنبادر إذن بنقلها إلى هناك ."
انحنيت على النبتة لأقتلعها ، فصرخت أختي : " ماذا تفعل يا إبراهيم ؟؟؟ "
- " مابك ياشيماء تصرخين ؟ أقتلع النبتة لننقلها إلى مكانها الجديد ."
- " وهل هكذا نقوم بنقل الشتلات إلى مكان آخر " أجابتني أختي والغضب يتطاير من عينيها .
- " كيف ذلك إذن ؟"
- " أحضر المعول والمجرفة !! سأجلب دلو ماء من البئر ."
- حسناً ، سنقوم الآن بحفر حفرة لنضع فيها جذور الشتلة . ثم باستعمال المجرفة بحذر ، نقتلع الشتلة دون الإضرار بها .هيا خذ المعول واحفر ، وإياك أن تؤذي نفسك!"
- وقفت أختي تراقب ضرباتي الخرقاء بالمعول على سطح التربة . ضحكتْ من جهلي ، فأمسكتِ المعول ثم قالت : " تنح جانباً وانظر كيف أفعل !!"
ذهلت من إتقان أختي لاستعمالها للمعول ، وقررت أن أتعلم وأتقن الحفر به أنا أيضاً منذ اليوم .
-" أرجوك يا شيماء ، دعي المعول لي سأتقن العمل به هذه المرة !"
حاولت جاهداً ، وفي كل مرة تكون الضربة أحسن من سابقتها . انتهينا من حفر المكان الجديد لشتلتي ، قمنا بنقلها من مكانها السابق ، لفننا حول ساقها خيطاً وقطعة خشب . رويناها ، ثم وضعنا حولها بعض أغصان الشوك كي لا تصل إليها مناقير الدجاج أو ألسنة الخراف النهمة ولا حوافر الماعزات المتهورة .
- " متى ستثمر يا شيماء شجرتنا هاته ؟ "
- " بعد أربع سنوات من الآن ، مع طلائع الربيع . آه ما أعطر رائحة ياسمينها ، وما أجمل براعمها وهي تتفتح !!"
سعدت بما قمنا به أنا وأختي ، ودهشت من كم المعلومات التي تمتلكها أختي رغم أنها لا تكبرني إلا بسنتين !لم أتوان في سؤالها : كيف تعرفين كل هذا يا شيماء ؟؟ "
- " أستفيد من الأوقات التي أقضيها أمام شاشة الحاسوب ، ولا أضيع كل الوقت في الألعاب الالكترونية !!!"
خجلت من جواب أختي ووعدت نفسي ألا أضيع كل الوقت بعد الآن في غير الأشياء المفيدة .

hamid011 2010-04-09 21:45

رد: شتلة الليمون
 
قصة تربوية رائعة، تمزج بين المتعة و الفائدة..

سعيدة سعد 2010-04-09 21:58

رد: شتلة الليمون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hamid011 (المشاركة 107198)
قصة تربوية رائعة، تمزج بين المتعة و الفائدة..

شكراً لك لأخي hamid011 .
شرفتني قراءتك القصة والتعليق عليها .
بارك الله فيك.

نزيه لحسن 2010-04-14 23:08

رد: شتلة الليمون
 
كما عهدناها دائما ،مبدعتنا سعيدة سعد لا تألو جهدا ، وهي تبحث عن همسات حرف يُمتع قولا و معنى ..
محاولات جادة لإغناء منتدانا الأغر الشامخ ، ومحاولات خاصة في إثراء صفحات الإبداع الأدبي ، شعرا و خاطرة و قصة قصيرة .. بل وانطلاقا من حب المسؤولية ، تبحث جادة عن أعذب الحكايات الطفولية التربوية لتحقيق الإمتاع الطفولي الأروع..
صراحة حكاية الطفل إبراهيم رفقة الشجيرة اليانعة أثارت إعجابي الشديد ..فكرة و خطابا قصصيا ورؤية فنية .
اتخاذها حكاية للأطفال ، أمر يفي بتحقيق تطلعات تربوية مهمة ، خاصة ونحن اليوم نعيش لحظات الإحتفاء بالبيئة وتنمية الوعي بالوسط الأخضر النظيف ..
سيدتي ، لك عظيم التقدير على مجهوداتك المتواصلة ..
ننتظر المزيد من نبع خيالك المتوهج .
مودتي.

جيجي امين 2010-04-15 23:46

رد: شتلة الليمون
 
عندما أستفيق ........ ربما تدركنى المقدرة على الرد
هههههههههههههه

فقد جاوز إبداعك حدود إدراكى سيدتى
دمت بهذا التميز المبدع معنى ولفظاً
أيااا صرخه طالت حدود الزمان
وحركت كل المشاعر والوجدان

بارك الله في بوحك في كل آآآن
كانت هذه التفاتة جميلة بمناسبة الذكرى الأربعين للأرض والبيئة

لك كل الحب والمنى سعيدة سعد





الساعة الآن 11:13

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd