منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   الإمتحانات الوطنية و الجهوية والتجريبية (https://www.profvb.com/vb/f101.html)
-   -   من أجل باكلوريا بلا ارتباك (https://www.profvb.com/vb/t167271.html)

صانعة النهضة 2016-06-01 19:57

من أجل باكلوريا بلا ارتباك
 
من أجل باكلوريا بلا ارتباك









حسن بوعجب



مع اقتراب موعد امتحانات الباكلوريا تدخل العائلات المعنية بهذا الرهان حالة استنفار غير عادية ، يضع الأباء أيديهم على قلوبهم ، و ينصب كل التركيز على الابن الممتحن ، يراقبون كل حركاته و سكناته و هو على بعد أيام قليلة من يوم الحسم ، ينظرون إليه و هو مستغرق في مراجعته بعطف دافق يرافقه تخوف و توجس من نتائج الامتحان ، ودوا لو ساعدوه و أدخلوا كل ركام الدفاتر و الكتب إلى رأسه الصغير في دقيقة واحدة ليحفظها كل الحفظ ، ودوا لو يضربون الخط فيعرفون موضوع الاختبار فيدلوه و يوفروا عليه عناء التخبط بين هذه الفقرة و تلك ، ودوا لو ينجح ينجح بأية طريقة . يزداد توترهم و يهولون الأمر و كأننا أمام نهاية العالم ، كلما رأوه ضاحكا لاهيا بعض الوقت صرخوا في وجهه :



"خذ كتبك وراجع لا تنس أن الضياع وراءك و الامتحان أمامك ..." ، يقترب اليوم الموعود و تصل حالة الاستنفار درجتها القصوى ، ترتفع الأصوات بالدعاء المتكرر للابن ، و ترتفع درجة حرارته إلى مستوياتها القياسية و يبدأ بالشعور بحموضة غير عادية في معدته و كأنها مياه ساخنة تسري في أمعائه ... تتبعثر المعلومات في ذهنه و تختلط الجغرافيا بالتاريخ و الفزياء بالكمياء ، و تتداخل أشياء و أشياء...



و كم من مادة قال أنه ضبطها لكن ما أن يرفع حاجبيه ليتفقدها حتى يجدها "ابنة الحرام" قد تبخرت من عقله الصغير في آخر لحظة ... وتصير في هذه الحالة كل وسائل الدفاع عن النفس و انتزاع الباك مشروعة ، ينطلق إلى قاعة الامتحان في حالة حرب إما النجاح و إما الاستشهاد في ساحة المعركة ...



على هذا المنوال للأسف نجد عائلات كثيرة تخطئ التصرف في التعامل مع أبنائها الممتحنين ، فالمبالغة في الاهتمام بموضوع امتحانهم و حرصهم على تتبع استعدادهم للامتحان غالبا ما قد يأتي بنتائج عكسية ، تتمثل أساسا في رفع درجة الارتباك لدى التلميذ و دفعه إلى محاولة سلك أية طريقة من أجل انتزاع شهادة الباك ، حتى أننا نرى بعض التلاميذ المجتهدين يرتضون الغش وسيلة في آخر لحظة ، بل من التلاميذ من يصير مستعدا للتقاتل بكل الوسائل مع أطر الحراسة من أجل إنقاذ نفسه من جحيم التكرار ، لهذا فعلى الآباء أن يدركوا جيدا أن تتبعهم المبالغ فيه لابنهم في اللحظات الأخيرة قبيل الامتحان إن لم يضر فهو لا ينفع أبدا ، و هو أمر بسذاجته هذه أشبه ما يكون بمن يحاول تسمين خروف في الخمسة أيام الأخيرة المتبقية ليوم العيد ، إذ لا ينفع حينها شمندر ولا شعير ، فالمفروض المفروض أن يظل الآباء على اهتمام متواصل بدراسة الأبناء مراقبة و تشجيعا طيلة السنة ، أما أن يطالبوهم بغتة بالنجاح في آخر المشوار فذلك يهول عليهم الأمر و يخلق فيهم مزيدا من التوتر و القلق ، إلى درجة أن هناك من التلاميذ من يدخل في حالة رهاب حقيقية ، بخشيته ردود فعل أسرته في حالة رسوبه أكثر مما يخشى من الرسوب في حد ذاته ، و كأنه إن نجح ينجح لأسرته و إن رسب فإنه يرسب لأسرته ، مما ينزع من لاوعيه بشكل غير مباشر الشعور بالمسؤولية عن ذاته متعودا دائما انتظار المنبهات و الموجهات الخارجية التي قد تحضر أحيانا و تغيب أحيانا أخرى ، و إن كان من المفيد فعلا مثل هذا التنبيه ليحفز التلميذ فيتعلم العيش لغيره لا لذاته فقط ، لكن شريطة أن يكون ذلك عن اختيار واع يعبر عن نضجه و إنسانيته الحقيقية الحرة .



إن الابن لا ينبغي أن نحسسه أبدا بأنه موضوع استثمار مادي بالنسبة لنا ، فيكفي أننا حاولنا تربيته تربية حسنة تكون لنا صدقة جارية في المستقبل ، ثم أنه لا ينبغي من جهة أخرى أن نزيد من تكريس عقدة الباكلوريا في نفوس الأبناء ، بجعلنا الابن يعتقد يقينا بأن دراسة المعارف النظرية هي كل شيء في هذه الحياة و بأنها هي الوسيلة الوحيدة المشرفة للارتقاء الاجتماعي ، فليس بالضرورة أن يتوظف الفرد بدبلوم من الدولة حتى يكون محظوظا اجتماعيا ، فكم من منقطع عن الدراسة حصل من النفوذ و النقود ما لم يحصله ذلك التلميذ المجتهد الثاقب الذكاء ، و كم من مكرر في مستوى الباك لعدة مرات استطاع أن يشق لنفسه فيما بعد طريقا علميا و مهنيا أفضل مما تأتى لذلك التلميذ المتفوق السريع الخطوات ... ، نعم هي أقدار سجلها التاريخ و يسجلها ،و ينبغي للتلميذ أن يكون على علم بها و على وعي سليم بها ، حتى يذهب إلى قاعة الامتحان و كله اطمئنان ، يقدر على رؤية أسئلة الاختبارات و يتعامل معها بشكل علمي رصين بعيدا عن منطق ثنائية النجاح أو الخسران المبين إلى أبد الآبدين ...


و هكذا فليس علينا في الأيام الأخيرة قبيل الامتحان إلا أن نغلب المشاعر الايجابية و ندعو بصمت لأبنائنا أو إخواننا الممتحنين ، و نتجنب كل ما قد يوحي بأنهم ماثلون فعلا أمام المقولة الشهيرة : "يوم الامتحان يعز المرء أو يهان"، لنجعله يوما متميزا فقط لا يوم حياة أو موت ، لنعتبره معركة واحدة لا كل الرهان ، معركة واحدة فقط يمكن أن تكسب كما يمكن أن تخسر ، ليبقى الرهان الحقيقي كل الرهان هو كسب الحرب ضد عقبات الحياة بسلاح العلم و مكارم الأخلاق.



إذن لنكن ما أمكن إيجابيين و لفرص النجاح موسعين ، و ليكن اليوم الأخير قبل الامتحان يوم سكون و هدوء تختمر فيه المعرفة و تفتح فيه نوافذ الأمل على الآفاق الرحبة البعيدة ...


خادم المنتدى 2016-06-29 16:27

رد: من أجل باكلوريا بلا ارتباك
 
-***************************-
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك
-******************************-


الساعة الآن 18:59

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd