منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - "صنــاعة" الديـــكتـــاتـــــور السحب و الغيوم ترسم صورة "السيسي" في سماء مصر الثـورة!!؟؟

"صنــاعة" الديـــكتـــاتـــــور السحب و الغيوم ترسم صورة "السيسي" في سماء مصر الثـورة!!؟؟

http://static.hibapress.com/upload/23112013-cbb45.jpg

عبد الهادي العزيز

أبدعت كل الشعوب في العالم، وعبر التاريخ،في صناعة الأحداث و الثورات التي أسست لمبادئ وقيم إنسانية عالمية،اعتُبرت بمثابة المعايير الحقيقية التي يقاس بها تحضر الأمم و الشعوب،أو تخلفها.

غير أن المتأمل في تاريخ الشعوب العربية، يلاحظ أنها تتميز عن باقي شعوب العالم بقدرتها الاستثنائية، في "صناعة الديكتاتور"، لدرجة تجعل المرء يعتقد أنها "ماركة عربية مسجلة"،خاصة فيما يتعلق بالمدة الزمنية، القياسية لهذا الإنتاج!!.

مناسبة هذا الحديث، هو ما تعرفه الساحة المصرية من تطورات متسارعة،تهدف إلى الإعلان الرسمي عن ميلاد ديكتاتور، وفرعون مصر"الجديد".

فكل ما يحدث في مصر منذ الانقلاب عن الديمقراطية،في يونيو الماضي، يدل على أن الشعب المصري يعيش تحت حكم ديكتاتوري عسكري حقيقي،بمباركة من بعض النخب والأحزاب " التحررية"،التي انقلبت على كل المبادئ والقيم الديمقراطية، ولم تتردد في التحالف مع "الشيطان، في سبيل الإطاحة بحكم "الإخوان".

فقد أسكت الديكتاتور "الجديد"،كل الأصوات المعارضة له،من خلال إغلاق كل قنواتها الفضائية ،بحجة دعوتها للإرهاب والعنف،ولم يتردد لحظة في قتل المتظاهرين السلميين ،وفتح السجون لكل المخالفين والمنددين بالانقلاب،والترويج ،من خلال إعلامه الكاذب، لصورة "الزعيم" المنقذ للبلاد من الكارثة المحققة،و المآمرة الكونية،التي يحيك خيوطها" التيار العالمي للإخوان"....

كل هذا ليس غريبا في تاريخ الديكتاتوريات، لكن الغريب في هذه "الصناعة" المصرية،أنها تأتي بعد ثورة شعبية ضد ديكتاتور،حكم البلاد لأربعين سنة،ولم تجن معه مصر غير التخلف والانحطاط،على كل المستويات ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية..

والأغرب من هذا وذاك، أن تجد جزء كبيرا من الشعب المصري،والعديد من نخبه "التحررية"،تبدع في مساهماتها الفاعلة، لميلاد هذا الديكتاتور؛"فرعون" مصر الثورة..!!!

فقد أصبحت صور الديكتاتور تزين معظم شوارع مصر، وأغلب محلاتها التجارية، وذهب المبدعون في هذه "الصناعة"، إلى تزيين قلائد النساء؛ الذهبية طبعا!!؛ ،وحلويات أعياد الميلاد بصور الزعيم السيسي ،وأطلق "مرتزفة" الفن العنان "لإبداعاتهم" التي تبشر بعهد "النبي" الجديد،الذي سيحول مصر، إلى دولة الرفاه الاقتصادي والاجتماعي.. !!ولم يستحي "صناع" الديكتاتور،من الإعلان عن نيتهم النزول لشوارع مصر للاحتفال بعيد ميلاد "الزعيم الملهم"،في مهزلة تستحق أن تكون ضمن طرائف نهاية السنة..!!!بل وصل الأمر ببعضهم ،إلى حد الخرافة والجنون؛فقد نشرت جريدة"الرأي المصرية"،في سابقة من نوعها؛أن صورة السيسي رسمتها الغيوم والسحاب في السماء...!!!ونشر" التقدميون" و" الحداثيون" القائمون على إدارة الجريدة"التحررية"،"الصورة" الخرافية،التي "تؤكد" أن السيسي "إله"في الأرض و"إله" في السماء!!!، وأن شعب مصر لن يعيش إلا تحت رحمته، فإذا غاب عن سمائه حلت بهم لعنة الآلهة...!!!

لقد أبدع هؤلاء،في "صناعة" ديكتاتور "مصر الثورة"،وقدموا له كل الوسائل والمبررات،التي تسمح له بقمع معارضيه و قتلهم والتنكيل بهم،مهما اختلفت مشاربهم وانتماأتهم السياسية؛ و لا أعتقد أن الدكتور البرادعي كان يوما ما،أو فكر للحظة،أن يكون "إخوانيا"،ليُشيطَن بالصورة والشكل المستهجن،الذي تابعناه في الإعلام و الصحافة المصرية؛ ــ التي أصبحت بوقا وآلة لتدجين الشعب المصري وخداعه ـــ؛بعد "اكتشافه" للحقيقة..،وإعلانه تخليه عن الديكتاتور؛فهو الذي أعطى الشرعية للانقلاب، ودافع عليه ــ في البدايةــ باسم الحداثة و محاربة الرجعية و التطرف،و بمباركة من قطبي السلطة الدينية في البلاد،(الأزهر و الكنيسة..! )؛ ليصبح في نظر "إعلام" الاسترزاق والتضليل، خائنا لله والوطن و الناس أجمعين...!!!بل و تجب محاكمته أمام "محكمة الثورة"....!!!

إن "صناع" الديكتاتور في "مصر الثورة" ؛والذين يسمون أنفسهم"القوى التحررية"؛وهم يبدعون في إخراج "منتوجهم" للوجود؛يرتكبون جريمة تاريخية في حق شهداء ثورة يناير،ويرهنون مصير و مستقبل الشعب المصري بأكمله،لحفنة من العسكريين،الذين تتناقض عقيدتهم العسكرية،مع عقيدة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان... التي استرخص شهداء الثورة دماءهم من أجلها...و لا يحق لهؤلاء، مستقبلا، أن يتباكوا على الحرية والديمقراطية...لأنهم، هم الذين "صنعوا" الديكتاتور، وأخرجوه للوجود، بشكل فاق كل الخيال..!! .."فاستخف قومَه فأطاعوه.."

وكل ثورة وأنتم بديكتاتور جديد..!!