عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-06-29, 18:19 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي مجازفة السيد بينيدكت



بلغ الهوس بعالم الغرائب حدا لا يطاق عند السيد بينيدكت. وذلك ما جعله يعتكف داخل بيته، وفي مختبره.

كان أكثر ما يثيره هو اللحظة الأخيرة من الحياة، حيث تختلط الأحاسيس وتتغير المشاعر. أمنيته التي خصص لها كل نهاره، وجزءا من ليله هي رؤيته لما تراه العين أثناء الاحتضار. طبعا حتى لو رأى ذلك فلن يستطيع تبليغه. لكن فكرته كانت أن يصمم آلة تصوير بالغة التعقيد تلتقط كل ما لا تراه العين المجردة ليعرفه الآخرون. هذا ما أسر به إلي.

لم أكن أسأله أين وصلت أعماله الغرائبية، فأنا لم أكن أثق كثيرا في إمكانية بلوغه ما كان يرجوه.
مع مرور الزمن، أخذ يسرع في إنجاز عمله حتى بدى عليه الوهن. أما مرضه، فكان أكبر حافز له لإتمام المهمة التي ندر حياته لأجلها بعد أن ماتت زوجته وهي تحدق في سقف الغرفة. تحديقها ذاك هو ما أثار فضوله لمعرفة ما الذي يراه الإنسان لحظة الاحتضار.

لم يكد ينهي تصميمه لآلة التصوير حتى صار عاجزا عن الخروج من البيت، إذ تمكن منه المرض.. هناك دعاني إليه يوما وقال:
"أعرف أنني لن أعيش أطول. المشروع الذي عملت عليه في الفترة الماضية اكتمل، ولن أطلب منك سوى نشر ما سألتقطه من صور لحظة وداعي. أريد أن يعرف العالم".

على الساعة التاسعة من صباح اليوم الموالي، أتى خادم السيد بينيدكت يطلبني.. لقد ساءت حالة سيده فرغب في حضوري لكي نقوم معا بما تم الاتفاق حوله.

كم استغربت لضآلة جسد السيد بينيدكت، وتساءلت هل هو المرض، أم أن الاقتراب من الموت يأخذ منك جزءا من الجسد أيضا قبل أن يأخذ الروح.

أمضيت ست ساعات قاعدا على كرسي بجانبه وهو يستعد إلى الانتقال إلى العالم الآخر. وبينما أنا في تلك اللحظات الحالمة، انتبهت إلى أن السيد بينيدكت كان ممسكا بألة التصوير، وواضعا سبابته على الزر، مستعدا للتصوير. فجأة فتح عينين جاحظتين ونظر إلى سقف الغرفة. أي وجه ذاك الذي كان أمامي ممددا على فراش الموت، وكم أعجز عن وصفة تلك النظرة التي امتزج فيها الرعب والدهشة.
في تلك اللحظة بالذات، فارقت روحه جسده.. دون أن يضغط على الزر.

بقلم: روبن هود





    رد مع اقتباس