عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-05-14, 08:14 رقم المشاركة : 1
عبد الحفيظ كورجيت
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
 
الصورة الرمزية عبد الحفيظ كورجيت

 

إحصائية العضو









عبد الحفيظ كورجيت غير متواجد حالياً


افتراضي ساحات وجدة عاصمة الثقافة العربية. هل تحلّ الثقافة ضَيفة على الساحة ؟(3)


ماذا لو فتحت ساحات وجدة أحضانها للفعل الثقافي كما ألفت فتحها ل"النّشاطْ" الصّيفي؟ أما آن لها أن تحتضن الآداب والرأي كما تحتضن الرّاب والرّاي؟ هل يمكن أن تُبدّل عاصمة الثقافة العربية لهذا العام جلدها وتبذُل جهدها لتخصيص ساحات وجدة لاحتضان الأنشطة الثقافية المتعدّدة؟
ماذا لو أطلّت خارج الأسوار تلك الإبداعات والأفكار بدل أن تنتظر في قاعات شبه فارغة قدوم الزّوار؟ لتخرج المحاضرات والندوات إلى السّاحات حتىّ تصل الأفكار والأصوات إلى مسامع المارّة ومرتادي المقاهي والحانات ومنتظري الحافلات وأصحاب المحلاّت، تماما كما تفعل الأبواق في الأسواق.
ولتكن كل ساحة موضوع النشاط أو موضِعه.

3- ساحة سرت:
يحرُسها باب الغربي , باب سيدي عيسى سابقا, الذي طالما تمترست خلفه المدينة العتيقة أيام السّيبة.
تروي الساحة سيرة تقارب عربي و تؤرخ لاتفاق مغربيّ ليبيّ لم يكتب له النجاح.
حين جاء العقيد القذافي إلى المغرب في صيف 1984 لتوقيع عقد ميلاد الاتحاد العربي الافريقي اختار مدينة وجدة للإقامة. تلك الإقامة اختتمت بتوأمة وُئدت بعد مدّة. لا عجب, فالأمة عاجزة عن توحيد زنقتين أو حتى دارَين فكيف لها بجمع بلدين جارين. لم يتوحّد لا اثنان و لا خمسة بعدها. ألم يبق وهم المغرب الكبير مَهراً في كُنّاش فور انتهاء لقاء مرّاكش؟ والمشكلة الآن أنّ الوطن الواحد يتعرض للتقسيم ومن جاءوا بعد رحيل صاحب الكتاب الأخضر, أتوا على الأخضر واليابس. وما جمعه المختار فرّقه حَفتر...
السّاحة مشرعة على شارع المغرب العربي و طريق الوحدة مع أن الجميع يعلم ألّا وجود لمغرب عربي و لا لوحدة. كل ما في الأمر أنّ العرب كلّما عجزوا عن تحقيق أمر في الواقع عجّلوا بإطلاق اسمه على سوق أو شارع. أو ليس في كل مدننا "وحدة" و"حرية" و" نهضة" و"تحرير"؟ أو ليس عندنا أكثر من قدس و من فلسطين؟ ما لنا دون كلّ البشر نشرب من كأس الفرقة و كأنها القدر؟ لماذا كلما أمعنّا النظر وجدنا القوم من طنجة إلى جكارتا شذَر مذر؟ كم تساوى في الوهم حالم بالوحدة و لامح وجهاً في القمر...
و لِكي لا نُغرق في السّوْداوية وجب أن نُقر بوجود فَلتات وَحدوية لا تقبل الانكار و ليس آخرها إجماع بعض الدّول العربيّة على عزل قطر و إعلان الحصار...
تستريح السّاحة عند أقدام سور المدينة القديمة. يطلّ عليها من علِ نزل أبيض ذو نجمات أربع لامعة. باسم "فندق المسيرة" عرفه في ما مضى الوجديون قبل أن يسمّيه أصحابه الجدد "أوطيل أطلس أورْيُونْ". أيرَونَ أن التطوّر والتغيير مرتبطان بلُغة ليوطي و موليير, أم وسوَس لهم بعض الساّسة أن وراء كلّ نجاح عظيم أسماء مفرنسة, أم يريدون ألّا ننسى أن التعريب يُقرن دوما بكل أمر مَعيب أو بانتكاسة ؟
ما مَنعَ أن يدعى أطلس الشّرق؟ ألأن نُطْقَها يشُقُّ على الشُّقر أم أنّ جلب القِرش أولى من لغة قريش ؟
ما لا يتناطح فيه تيسان هو أن الاستثمار لا يزعجه استعمال لغة الاستعمار. هذا ما سمعناه, ذات اجتماع , من بائعة الماء حين تجاهلت في استعلاء رئيس المجلس الإقليمي للرشيدية لمّا التمس على استحياء استعمال اللغة الرسمية.
مطالب المحافظة على اللغة العربية و استعمالها يعدّ عند بعض النخب إساءة للأدب و من مبطلات الحداثة.ومن تحدث بها أو دعا للإنصات لها فقد لغا ومن لغا فلا اجتماع له . سيدات الأعمال هنا ورجالها أجْنبيّو الهوى , همهم حجم الرصيد و ما حوى. و المستحب أن يكون الرصيد من العملة : الأورو أوالدّولار. أمّا الريال فيأتيهم دوما بلا عدد كلّما دارت كؤوس الطّلا وتمايل جسد...
أن تحدّثهم عن مكانة اللّغة الأم و متانة الرابط بينها و بين الهوية و الأصل فكأنما "تُفرغ مثانتك في الرّمل".
و لن نملّ من طرح السؤال: هل يتصور عاقل أن يخاطب الفرنسي مثلاً, عاديا كان أو مسئولا, مواطنيه بغير لغة زولا؟ و هل يقبل أحفاد فلوبير التّخاطب بلغة شكسبير؟
...و للتذكير فقط فإنّ وظيفة الفنادق, البسيطة أو ذات النّجمات, كانت تؤدّيها الحمّامات. في سالف الأيام, ارتبطت سياحة العوام بالحمّام : كانت الحمّامات تخصص للمبيت مقابل دُريهمات. وفرت للمسافرين في وقت من الأوقات وسائل النّظافة و الرّاحة بعيدا عن أعين وعدّاد وزارة السياحة. أمّا الآن فقد أصبح المبيت فيها في خبر كان. فإمّا نومٌ في النجوم أو نومٌ تحتها.
لم تعد بعض الفنادق تأوي فقط عابري السبيل بل أضافت عُلباً يسيل لها لُعاب المقيمين والعابرين. فهي تعلنها بصراحة: نجاح السياحة يُحتّم توفير الرّاح والراّحة وكلما زادت النّجوم زاد المُجون.







التوقيع

اللهم إنك عفوّ تحب العفو فاعف عنّا


    رد مع اقتباس