عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-02-11, 17:14 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: ملف عن فن العيش السليم من أجل صحة جيدة


ملف عن فن العيش السليم من أجل صحة جيدة





إخوتي ...أخواتي آل الأستاذ الكرام ، نعلم أن الإسلام منهج حياة متكامل لجميع شؤون الإنسان: الاجتماعية، والأخلاقية، والاقتصادية، والسياسية، والعلمية، والفكرية، وغيرها.

وإذا كان الإنسان جسدا وروحا، فبالتأكيد سيكون لكل واحد منهما غذاؤه الذي يحافظ به على حياته، ونموّه، وبقائه.

لذا يهمني اليوم أن أخصص ملفا عن فن العيش السليم من خلال التعرف على قواعد العناية بالصحة مستفيدة من نظام الطعام في الإسلام علما أن القليل من علمائنا القدماء- رحمهم الله- من تناول جانب العناية بالجسد، وما يفيده وما يضره من الأغذية والأطعمة، وكيفية الأكل، وأوقاته، وكميته... إلخ، إلا النزر اليسير، كما في كتاب "الطب النبوي" ؛ لابن قيم الجوزية- رحمه الله- ذلك الكتاب القيم المستوعِب لكثير من الأمور الطبية؛ في صحة الجسم، وسلامته، وعلاجه من الأمراض والأسقام، يجمع أكثر ما ورد في ذلك من الأحاديث النبوية الشريفة، مع الحكم عليها بالصحة، أو الحسن، أو الضعف، أو الوضع، وشرحها، وبيان معانيها في كثير من الأحيان، وذكر ما ورد عن الصحابة، والتابعين، والعلماء، والأطباء، والحكماء، وغيرهم، وهو كتاب نفيس في موضوعه، لم يؤلَّف مثلُه في فنه- بحسب اطلاعي المتواضع-

وكذلك كتاب "الطب النبوي"؛ لعبد الملك بن حبيب الأندلسي الألبيري

وكتاب "الأربعين الطبية"؛ لعبداللطيف بن يوسف البغدادي، الذي شرح فيه أربعين حديثًا من "سنن ابن ماجه" عن الطب، وهو كتاب لطيف جيد، فيه علمٌ مفيدٌ ونافعٌ ،

وكتاب "الرحمة في الطب والحكمة"؛ للحافظ السيوطي ، الذي قسَّمه على أبواب كثيرة تعدَّت المائة والتسعين بابًا، أغلبُها في علاج الأمراض، والأسقام، و العاهات، هذا كله في القديم.

وأما في عصرنا فقد أُلِّفَت كتبٌ كثيرةٌ جدًّا، أكثرها لم يأتِ بجديدٍ ذي فائدة، ومن أحسن، وأتقن، وأنفع، وأوسع هذه الكتب كتاب:

"الموسوعة الطبية الفقهية، الجامعة للأحكام الفقهية، في الصحة، والمرض، والممارسات الطبية"
من تأليف الدكتور أحمد محمد كنعان .

إذن إخوتي سيكون الملف بحول الله ملخصا لأهم القواعد الصحية التي تحفظ للإنسان صحته وجسمه من خلال نمط عيش سليم على اعتبار أن شؤون الصحة والمرض هي من أَمس أحوال الإنسان به، وألصقها بحياته اليومية، وأكثرها مواجهة له في جميع حالاته؛ وقد صح عنه- عليه الصلاة والسلام- قوله: ((المؤمن القوي خيرٌ من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير)) جزءٌ من حديث أخرجه الإمام مسلم في: "صحيحه" (1/ 2052/ كتاب القدر/ حديث رقم 2664)، وابن ماجه (1/ 31/ المقدمة/ رقم الحديث 194)، وأبو يعلي في مسنده (11/ 124/ رقم 6251)، كلهم عن أبي هريرة- رضي الله عنه.

ولما كانت الصحة والعافية من أجلِّ نِعَم الله على عباده، وأجزل عطاياه، وأوفر مِنَحِه، بل العافية المطلقة من أجلِّ النعم على الإطلاق، فحقيقٌ على من رُزِقَ حظًّا من التوفيق مراعاتها، وحفظها، وحمايتها مما يضادها؛

وقد صح عن النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- من حديث ابن عباس قوله: ((نعمتان مغبونٌ فيها كثيرٌ من الناس: الصحة، والفراغ)) أخرجه البخاري (11/ رقاق/ 233/ رقم 6412)، والترمذي (4/ زهد/ 550/ رقم 2304)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (2/ زهد/ 1396/ رقم 4170)، كلهم عن ابن عباس- رضي الله عنه.

وقال- صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((من أصبح معافًى في جسده، آمنًا في سربه، عنده قوتُ يومه، فكأنما حِيزَت له الدنيا))أخرجه الترمذي (4/ كتاب الزهد/ رقم 2346)، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه (2/ كتاب الزهد/ 1347/ رقم 4141)، وابن حبان (2/ كتاب الرقاق/ 445- 446/ رقم 671)، والهيثمي في المجمع (10/ 292)، وأبو نعيم في: "الحلية" (5/ 249)، والخطيب في "تاريخه" (3/ 346)، في ترحمة محمد بن الهيثم أبو عيسى المخرمي، (رقم 1475)، والبخاري في: "الأدب المفرد" ص91؛ بعضهم عن سلمة بن عبيدالله بن محصن الأنصاري عن أبيه، وبعضهم عن أبي الدرداء- رضي الله عنهم. .

هكذا إذن إخوتي سنبدأ من أهم القواعد للعناية بالصحة ،فكونوا متتبعين ،ومتفاعلين
جعلها الله في موازين حسنات الجميع .





يتبع مع القاعدة الأولى :
تجنب الإسراف في الطعام





6- وقال أحد الأطباء يوصِي أحدَ الملوك: لا تأكلْ من اللحم إلا فتيا، ولا تشرب الدواء إلا من علة، ولا تأكل الفاكهة إلا في نضجها، وأجد مضغ الطعام، وإذا أكلتَ نهارًا فلا بأسَ أن تنام، وإذا أكلت ليلاً، فلا تنم حتى تمشي ولو خمسين خطوة، ولا تأكلن حتى تجوع، ولا تأكلن طعامًا وفي معدتك طعامٌ، وإياك أن تأكل ما تعجز أسنانك عن مضغه، فتعجز معدتك عن هضمه.



7- وقال الإمام الشافعي- رحمه الله تعالى-: "أربعةٌ تُقَوِّي البدنَ، فذكر منها: أكل اللحم، وأربعةٌ توهن البدن، وذكر منها: الحامض، وكثرة شرب الماء على الرِّيق".



8- وقال طبيب المأمون أحد الخلفاء العباسيين المشاهير."عليك بخصالٍ من حفظها فهو جدير ألا يعتل إلا علة الموت: لا تأكل طعامًا تتعب أضراسُك في مضغه، فتعجز معدتك عن هضمه".

9- ومن جوامع كلمات أبقراط: "كل كثيرٍ فهو معادٍ للطبيعة".

10- قيل لجالينوس: مالَكَ لا تمرض؟ فقال: لأني لم أجمع بين طعامين رديئين، ولم أدخل طعامًا على طعامٍ، ولم أحبس في المعدة طعامًا تأذيتُ منه.

11- أربعةُ أشياءٍ تُمرِضُ الجسم ذكر منها: الأكل الكثير؛ لأنه يفسد المعدة، ويضعف الجسم، ويُولِّد الرياحَ الغليظة، والدواء العسرة.

يتبع






القاعدة الأولى: تجنُّب الإسراف في الطعام:









قال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ سورةالأعراف الآية31.
قال أهل العلم في تفسير هذه الآية الكريمة: عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: "أحل الله الأكلَ، والشربَ، ما لم يكن سرفًا، أو مخيلة"تفسير الطبري .
قال أبو الليث السمرقندي في معنى الإسراف: "هو أن يأكل مما يحل له أكله فوق القصد، ومقدارِ الحاجة"تفسير السمرقندي بحرالعلوم ، وهو كذلك في اللغة: مجاوزة الحد والقصد،



وقال الإمام الماوردي في تفسير الآية: "لا تسرفوا في أكل ما زاد على الشبع؛ فإنه مُضِرٌّ؛ وقد جاء في حديث: ((أصل كل داء البردة))"كتاب النكت والعيون .
والبردة التخمة وهي: ثقل الطعام على المعدة ، قال الإمام القرطبي في "تفسيره": "الإسراف: الأكل بعد الشبع

وقال العلامة الطاهر بن عاشور في "تفسيره": "هو تجاوزُ الحد المتعارَف في الشيء

وقال الأستاذ رشيد رضا في "تفسير المنار": "الأصل في الإسراف تجاوز الحد في كل شيء بحسبه، والحدود منها طبيعي؛ كالجوع، والشبع، والظمأ، والرِّي، فلو لم يأكل الإنسان إلا إذا أحس بالجوع، ومتى شعر بالشبع كف، وإن كان يستلذُّ الاستزادة، ولو لم يشرب إلا إذا شعر بالظمأ، واكتفى بما يزيله ريًّا، فلم يزد عليه لاستلذاذ بَرَدِ الشراب، أو حلاوته- لم يكن مسرفًا في أكله وشربه، وكان طعامه وشرابه نافعًا له" "تفسير المنار" (8/ 384).،

وقال ابن عطية في "تفسيره": "مَنْ تلبَّس بفعلٍ مباح فإن مشى فيه على القصد، وأواسط الأمور فحسنٌ، وإن أفرط حتى دخل الضررُ حصل أيضًا من المسرفين وتوجَّه النهي عليه""تفسير ابن عطية" (2/ 393)
، وقال الإمام الرازي في "تفسيره" أيضًا في معنى: ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا ﴾: "أن يأكل ويشرب، ولا يتعدى إلى الحرام، ولا يُكثِر الإنفاق المستقبح، ولا يتناول مقدارًا كثيرًا يضره، ولا يحتاج إليه""تفسير الرازي" (7/ 14/ 66).،
وقال الإمام الزجاج في "معاني القرآن": "الإسراف أن يأكل مما لا يحل أكلُه مما حرَّم الله تعالى أن يؤكل شيءٌ منه، أو تأكل مما أحل لك فوق القصد، ومقدار الحاجة، فأعلمَ اللهُ- عز وجل- أنه لا يحب من أسرف"

، وقال الإمام البقاعي في "نظم الدرر": "من جملة السرف الأكل في جميع البطن

وقال الإمام الشوكاني في تفسيره "فتح القدير": "ومن الإسراف الأكل لا لحاجة، وفي وقت شبع،



فتحصَّل من كلامهم- رحمهم الله تعالى- أن النهي في الآية يتناوَل الزيادةَ على قدر الحاجة، من الطعام، مما يلحق الضرر بالبدن، وإن كان المأكولُ مباحًا، فالوعيد في الآية يشمله، واللهُ- جل وعلا- لا ينهى عن شيء إلا وفيه الضررُ المحقق للإنسان، إما عاجلاً في الدنيا، أو آجلاً في أخراه.
فكلُّ شيءٍ جاوَزَ حدَّه انقلب ضده.
وهذه الآية الكريمة- آية الأعراف- على قلة كلماتها إلا أنها قاعدةٌ وأصلٌ في حفظ الصحة لجسم الإنسان، فقد ذكرت كثيرٌ من كتب التفسير، وغيرها: أن الخليفة العباسي هارون الرشيد كان له طبيبٌ نصراني حاذق(ماهر)، فقال لعلي بن الحسين بن واقد



: "ليس في كتابكم من علم الطب شيء، والعلم علمان: علم الأديان، وعلم الأبدان، فقال علي بن الحسين: قد جمع الله الطبَّ كلَّه في نصف آية من كتابنا، فقال النصراني: وما هي؟ فقال علي بن الحسين: قوله تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾، فقال النصراني: ولا يؤثَر عن رسولكم شيءٌ في الطب، فقال علي: جمع رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- في ألفاظٍ يسيرةٍ، فقال النصراني: وما هي؟ فقال علي بن الحسين: قوله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((المعِدة بيت الداء، والحمية رأس كل دواء، وأَعْطِ كلَّ بدن ما عودته))،

فقال النصراني: ما ترك كتابُكم، ولا رسولُكم لجالينوس طِبًّا[37]،



وقد ذكر ابن العربي في "أحكام القرآن" للعلماء قولين في حكم الأكل بما يزيد على قدر الحاجة، الأول: الحرمة، والثاني: الكراهة، وقال: هو الأصح لأن قدر الشبع يختلف باختلاف البلدان، والأزمان، والأسنان، والطعمان[38].
وأما الأضرارُ الناجمةُ عن الإسراف في الطعام، ومجاوزة حد الشبع، والاعتدال فيه- فكثيرةٌ جدًّا، ذكر منها حُجَّةُ الإسلام الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين" الكثير، كما أورد الإمامُ ابن رجب الحنبلي طرفًا منها في كتابه القَيِّم "جامع العلوم والحكم"، وهي منحصرةٌ في ثلاثة أنواع من الأضرار.
الأول: ضررٌ شرعيٌّ: وهو الوقوع فيما نهى الله ورسوله عنه، على قول من يقول بالحرمة فيمن أكل زيادةً على حاجته، وجاوز حد الشبع.
الثاني: ضررٌ يلحَقُ بالبدن، أو يؤثر فيه سلبًا، أو عضو من أعضائه.
الثالث: ضرر يلحَق بالقلب والعقل، أو يؤثر فيه سلبًا؛ فيعوقه عن بعض مهامِّه، أو عن القيام بها على الوجه الأكمل.


وإليك تفصيل ذلك:


النوع الأول من الأضرار:



الضرر الشرعي، وهو أن المجاوِز في أكله درجةَ الشبع، داخلٌ فيما نهى الله عنه، كما ورد ذلك في آية الأعراف؛ وأما نهي رسوله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فقد روي عنه- عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((كلوا، واشربوا، وتصدقوا، والبسوا في غير مخيلة، ولا سرف؛ فإن الله- سبحانه- يحب أن يرى أثر نعمته على عبده))خرجه النسائي في "سننه" (5/ 79/ 2559)، وابن ماجه (2/ 1192/ رقم 3605)، والبيهقي في "الشعب" (4/ 136/ رقم 4571)
.
وروي عنه- عليه الصلاة والسلام- أن رجلاً تجشَّأ (صوت مع ريح يخرج من الفم )عنده: فقال له- عليه الصلاة والسلام-:



((كُفَّ عنا جشاءك، فإن أكثرهم شبعًا في الدنيا، أطولُهم جوعًا يوم القيامة))أخرجه الترمذي في "سننه" (4/ 649/ رقم 2478)،


وروي عنه- عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((إن من السرف أن تأكل كلَّ ما اشتهيت))نفس المرجع.


النوع الثاني من الأضرار:





الضرر الذي يلحق بالبدن، أو يؤثِّر فيه سلبًا، أو في عضو من أعضائه: وهذا أحد أهم مقاصد هذا البحث.
إن كثرة الطعام وتجاوز الحد إلى درجة الشبع يُفضِي إلى فساد الجسم، ويورثه الأسقام، ويكسل عن الصلاة؛ فقد روي عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ذلك، حيث قال: "إياكم والبطنة في الطعام والشراب؛ فإنها مفسدة للجسم، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما؛ فإنه أصلح للجسد، وأبعد عن السرف، وإن الله تعالى ليبغض العبد السمين، وأن الرجل لن يهلك حتى يؤْثر شهوته على دينه"نسبه السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 445) إلى أبي نعيم.


، وقال الإمام الغزالي في "الإحياء": "إن في قلة الأكل صحةَ البدن، ودفعَ الأمراض؛ فإن سببها كثرة الأكل، وحصول فضلة الأخلاط في المعدة والعروق"



وقال الدكتور: أحمد محمد كنعان في كتابه القيم الجليل "الموسوعة الطبية الفقهية"، قد ثبت علميًّا أن السمنة الناتجة عن الإفراط في الطعام، تسبِّب مضاعفاتٍ خطيرةً: في القلبِ، والأوعية الدموية، وجهاز التنفس، وجهاز الهضم، وتزيد معدل الوفيات، وبما أن بعض الناس أكثرُ قابليةً من غيرهم للسمنة؛ فإنه يحسن بهم الالتزام بنظام غذائي محدد؛ للمحافظة على أوزانهم من أخطار السمنة" "الموسوعة الطبية الفقهية"؛ ص 664- 665، و"الطب الإسلامي: العقلي، والنفسي، والجسمي"؛ للدكتور محي الدين الحلبي، ص 191- 194.
.
وقد ذكر الإمامُ ابن القيم في كتابه القيم "الطب النبوي" في أنواع الأمراض الأكثر انتشارًا بين الناس هي مادية؛ سببها الرئيس الزيادة على القدر الذي يحتاج إليه البدن، مما يلحق الضرر به، وعن سفيان الثوري قال: "إن أردت أن يصح جسمُك، ويقل نومك؛ فأقل من الأكل" "جامع العلوم والحكم"؛ لابن رجب الحنبلي (2/ 472)
.
النوع الثالث من الأضرار التي تلحق بالبدن بسبب الإسراف في الطعام:
ما يلحق بالقلب، والعقل، أو يؤثر فيهما سلبًا فيعوقهما عن بعض مهامِّهما، أو عن القيام بهذه المهام على الوجه الأكمل.
اعلم أن القلب والبدن هما أشرف أعضاء البدن؛ إذ بهما يكون التمييز، والإدراك، ومعرفة الحق والباطل، والصواب والخطأ في الأشياء والمحسوسات، وأخطر الأمراض ما يصيب أحدهما مما يؤثر في البدن تأثيرًا بليغًا بيِّنًا، وإليك بعض ما ذكر أهلُ العلم من هذه الأضرار:


جاء في وصايا لقمان لابنه: "يا بني، إذا امتلأتِ المعدة؛ نامتِ الفكرة، وخرستِ الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة"الإحياء للغزالي .
وقال الغزاليُّ في بيان فوائد الجوعِ، وآفات الشبع، وهي عشر فوائد قيمة، ذكر في الفائدة الأولى منها: "أن الشبع يورث البلادة، ويعمي القلب، ويكثر البخار في الدماغ؛ فيثقل القلب بسببه عن الجريان في الأفكار، وعن سرعة الإدراك"



، وذكر في الفائدة الثانية: "أن الشبع يفسد رقَّة القلب وصفاءَه، الذي به يتهيَّأ لإدراك لذَّة المثابرة، والتأثُّر بالذكر"، وأورد عن أبي سليمان الداراني قوله: "إذا جاع القلب وعطش، صفا ورَقَّ، وإذا شبع عمي وغلظ



وقال- رحمه الله- في الفائدة الخامسة: "إن الإفراط في الشبع يزيدُ في قوة الشهوات، وهي منشأ المعاصي"، ونقل عن ذي النون المصريِّ قوله: ما شبعتُ قطُّ إلا عصَيتُ، أو هممتُ بمعصية".
ونقل عن أبي سليمان الداراني- مرةً أخرى- قوله: "إن الشبعَ يُدخِلُ على البدن ستَّ آفاتٍ، فذكر منها: فقد حلاوة المناجاة، وتعذر حفظ الحكمة، وثقل العبادة، وزيادة الشهوات".
وقال ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم": "إنَّ قلَّة الغذاء تُوجِبُ رقَّة القلب، وقوة الفَهم، وانكسار النفْس، وضعف الهوى والغضب، وكثرة الغذاء توجب ضد ذلك"



ونقل عن محمد بن واسع قوله: "من قلَّ طعمه فهم وأفهم، وصفا ورق، وإن كثرة الطعام ليثقل صاحبه عن كثير مما يريد"جامع العلوم والحكم"؛ لابن رجب الحنبلي


، ونقل عن عمرو بن قيس قوله: "إياكم والبطنةَ؛ فإنها تقسِّي القلب"

، وعن الحسن البصري أنه قال: "لا تسكن الحكمة معدةً ملأى



وعن أبي عمران الجوني أنه قال: "من أحب أن ينور له قلبه، فليُقِلَّ طعمَه"

، وعن إبراهيم بن أدهم قال: "من ضبط بطنه، ضبط دينه، ومن ملك جوعه، ملك الأخلاق الصالحة، وإن معصية الله بعيدةٌ من الجائع، قريبةٌ من الشبعان، والشبع يميت القلب، ومنه يكون الفرح، والمرح والضحك".
وقال الإمام القرطبي في "تفسيره": "إن في قلة الطعام منافعَ كثيرةً، منها: أن يكون الرجل أصح جسمًا، وأجود حفظًا، وأزكى فهمًا، وأقل نومًا، وأخف نفسًا، وفي كثرة الأكل كظُّ المعدة، ونتن التخمة، ويتولد منه الأمراض المختلفة"تفسير القرطبي" (7/ 192)..


هذا عن الهدي النبوي ...
فماذا يقول الطب الحديث عن الإسراف ؟
يتبع







التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

آخر تعديل خادم المنتدى يوم 2020-04-13 في 20:28.
    رد مع اقتباس